أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-4-2016
3824
التاريخ: 5-4-2016
3231
التاريخ: 7-4-2016
2938
التاريخ: 5-4-2016
3435
|
قال بعض المؤرّخين : وفي سنة ثلاثين غزا سعيد بن العاص « طبرستان » ، وكان أهلها في خلافة عمر قد صالحوا سويد بن مقرن على مال بذلوه ، ثم نقضوا فغزاهم سعيد بن العاص ومعه الحسن والحسين وابن عبّاس ! .
ولمّا أراد المسلمون فتح أفريقية فإنّ عثمان جهّز العساكر من المدينة ، وفيهم جماعة من الصحابة ، منهم ابن عبّاس وابن عمر وابن عمرو بن العاص وابن جعفر والحسن والحسين وابن الزبير ، وساروا مع عبد اللّه ابن أبي سرح سنة ستّ وعشرين[1].
وقد نوقش هذا الزعم - وهو اشتراك الحسنين ( عليهما السّلام ) في الفتوحات - بما يلي :
أ - إنّ تلك الفتوحات لم تكن عموما من أجل مصالح الإسلام العليا ، حيث إنّ الحكام كانوا يستفيدون من تلك الفتوحات في مجال إرضاء طموحاتهم وإشباع غرورهم ، فقد أسالت الفتوحات لعابهم بما فيها من غنائم وبسط نفوذ ، فصاروا يهتمّون بتقوية أمرهم وتثبيت سلطانهم ، وهناك من الحكّام من كان الدين والإسلام بنظرهم مجرد شعار يخدم ملكهم ويقوّيه .
ونستطيع أن نورد كثيرا من الشواهد والأدلة على مدى اهتمام الحكام وأعوانهم وكلّ من ينتسب إليهم بجمع الأموال والحصول على الغنائم بحقّ أو بغير حقّ ، ويكفي أن نذكر : أنّ زيادا بعث الحكم بن عمر الغفاري على خراسان ، فأصابوا غنائم كثيرة فكتب اليه زياد : أما بعد ، فإنّ أمير المؤمنين كتب أن يصطفي له البيضاء والصفراء ، ولا يقسّم بين المسلمين ذهبا ولا فضّة ، فرفض الحكم ذلك ، وقسّمه بين المسلمين ، فوجّه إليه معاوية من قيّده وحبسه فمات في قيوده ، ودفن فيها ، وقال : إنّي مخاصم[2].
وقد بدأ التعذيب بالجزية في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطّاب[3] ، بل لقد رأيناهم يوجبون الجزية حتى على من أسلم من أهل الذمة ، وذلك بحجة أنّ الجزية بمنزلة الضريبة على العبد فلا يسقط إسلام العبد ضريبته ، لكن عمر ابن عبد العزيز شذّ عن هذه السياسة وأسقطها عنهم ، كما يذكرون[4].
كما أنّ عمر بن الخطاب حاول أخذ الجزية من رجل أسلم على اعتبار أنّه : إنّما أسلم متعوّذا ، فقال له ذلك الشخص : إنّ في الإسلام لمعاذا ، فقال عمر : صدقت ، إنّ في الإسلام لمعاذا[5].
وأمّا مضاعفته الجزية على نصارى تغلب فهي معروفة ومشهورة[6].
وقال خالد بن الوليد يخاطب جنوده ويرغّبهم بأرض السواد : ألا ترون إلى الطعام كرفغ[7] التراب ؟ وباللّه لو لم يلزمنا الجهاد في اللّه ، والدعاء إلى اللّه عز وجل ، ولم يكن إلّا المعاش ؛ لكان الرأي أن نقارع على هذا الريف ، حتى نكون أولى به ، ونولي الجوع والإقلال من تولّى ، ممن اثّاقل عمّا أنتم عليه[8].
وفي فتح « شاهرتا » يعطي بعض عبيد المسلمين أمانا لأهل المدينة ، فلا يرضى المسلمون ، وينتهي بهم الأمر إلى أن يرفعوا ذلك إلى عمر بن الخطّاب ، فكتب : « إنّ العبد المسلم من المسلمين أمانه أمانهم ، قال : ففاتنا ما كنّا أشرفنا عليه من غنائمهم . . . »[9].
ولكن ما ذكره خالد بن الوليد آنفا ليس هو كلّ الحقيقة ، وذلك لأنّ ما كان يصل الطبقة المستضعفة من الجند لم يكن إلّا أقلّ القليل ، ممّا لا يكفي لسدّ خلّتهم ورفع خصاصتهم ، بل كان محدودا جدا ، لا يلبث أن ينتهي ويتلاشى ، مع أنّهم كانوا هم وقود تلك الحروب .
إذن فالحرب من أجل الغنائم والأموال كانت هي الصفة المميّزة لأكثر تلك الفتوحات .
ب - إنّ الحكام كانوا يستفيدون من تلك الفتوحات في مجال إرضاء طموحات الشباب وإشباع غرورهم ، إذ كانوا بصدد تأهيلهم لمناصب عالية وإظهار شخصياتهم ، فقد كان معاوية يجبر ولده يزيد على قيادة جيش غازيا لبعض المناطق[10].
ج - كان الحكام يستفيدون من الفتوحات في إبعاد المعترضين على سياساتهم ، والناقمين على أعمالهم وتصرفاتهم ، وكشاهد على ذلك نذكر : أنّه لمّا تفاقت النقمة على عثمان ؛ استدعى بعض عماله ومستشاريه ، وهم :
معاوية وعمرو بن العاص وعبد اللّه بن عامر[11].
واستشارهم فيما ينبغي له عمله لمواجهة نقمة الناس على سياساته ومطالبتهم له بعزل عمّاله[12]، واستبدالهم بمن هم خير منهم ، فأشار عليه عبد اللّه بن عامر بقوله : « رأيي لك يا أمير المؤمنين أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك ، وأن تجمرهم في المغازي ، حتى يذلّوا لك ، فلا يكون همة أحدهم إلّا نفسه ، وما هو فيه منه دبرة دابته ، وقمل فروه » .
وأضاف في نصّ آخر قوله : « فردّ عثمان عمّاله على أعمالهم ، وأمرهم بالتضييق على من قبلهم ، وأمرهم بتجمير[13] الناس في البعوث ، وعزم على تحريم أعطياتهم ، ليطيعوه ويحتاجوا إليه . . . »[14].
د - إنّ الجهاد الابتدائي يحتاج إلى إذن الإمام العادل[15]، وإنّ أئمة الحقّ كانوا لا يرون في الاشتراك في هذه الحروب مصلحة ، بل لا يرون تلك الحروب خيرا ، فقد روي : أنّ أبا عبد اللّه الصادق ( عليه السّلام ) قال لعبد الملك بن عمرو : يا عبد الملك ! مالي لا أراك تخرج إلى هذه المواضع التي يخرج إليها أهل بلادك ؟ قال : قلت : وأين ؟ قال : حدة ، وعبادان ، والمصيصة ، وقزوين ، فقلت : انتظارا لأمركم ، والاقتداء بكم ؟ فقال : إي واللّه ، لو كان خيرا ما سبقونا إليه[16] .
وثمّة عدّة روايات تدلّ على أنّهم ( عليهم السّلام ) كانوا لا يشجعون شيعتهم ، بل ويمنعونهم من الاشتراك في تلك الحروب ، ولا يوافقون حتى على المرابطة في الثغور أيضا ، ولا يقبلون منهم حتى ببذل المال في هذا السبيل حتى ولو نذروا ذلك[17].
أمّا لو دهم العدو أرض الإسلام فإنّ عليهم أن يقاتلوا دفاعا عن بيضة الإسلام ، لا عن أولئك الحكّام[18].
بل نجد رواية عن عليّ ( عليه السّلام ) تقول : « لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا يؤمن على الحكم ، ولا ينفذ في الفيء أمر اللّه عزّ وجل »[19].
ويؤيّد ذلك : أنّ عثمان جمع يوما أكابر الصحابة - وكان بينهم الإمام عليّ ( عليه السّلام ) - في مسجد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) واستشارهم في غزوة أفريقية ، فرأوا في الأكثر أنّ المصلحة في أن لا تقع بأيدي أصحاب الأغراض والأهواء والمنحرفين[20].
فالأئمة ( عليهم السّلام ) وإن كانوا - ولا شك - يرغبون في توسعة رقعة الإسلام ونشره ليشمل الدنيا بأسرها ولكنّ الطريقة والأسلوب الذي كان يتم به الفتح كان خطأ ومضرّا ولا يحقق الأهداف المطلوبة[21].
وعلى كلّ حال فإنّ جميع ما تقدّم ليكفي في أن يلقي ظلالا ثقيلة من الشك والريب فيما ينسب إلى الإمامين الهمامين الحسن والحسين ( عليهما السّلام ) من الاشتراك في فتح جرجان أو في فتح أفريقية ، مع أنّ عددا من كتب التاريخ التي عدّدت أسماء كثيرة من الشخصيات المشتركة في فتح أفريقية لم تذكرهما ، علما بأنّهما من الشخصيات التي كان يهم السياسة الزمنية للخلفاء التأكيد على ذكرها في مقامات كهذه .
ه - ويؤيّد ذلك أيضا : أنّ الإمام عليّا ( عليه السّلام ) منع ولديه في صفين والجمل من الخوض في المعركة ، وقال - وقد رأى الحسن يتسرّع إلى الحرب - :
« أملكوا عنّي هذا الغلام لا يهدّني ، فإنّني أنفّس بهذين الغلامين - يعني الحسنين ( عليهما السّلام ) - على الموت ، لئلّا ينقطع بهما نسل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) »[22].
وقد كان هذا منه ( عليه السّلام ) في وقت كان له كثير من الأولاد ، فكيف يسمح بخروجهما مع أمير أموي أو غير أموي ، ولم يكن قد ولد له غيرهما من الأولاد بعد ، أو كان ولكنّهم قليلون ؟ ! .
إنّ جميع ما تقدم يجعلنا نطمئنّ إلى عدم صحة ما ينسب إلى الحسنين ( عليهما السّلام ) من الاشتراك في الغزوات آنئذ .
[1] العبر ( تاريخ ابن خلدون ) : 1 / 128 .
[2] مستدرك الحاكم : 3 / 442 - 443 .
[3] المصنف لعبد الرزاق : 11 / 245 فما بعدها .
[4] تاريخ الدولة العربية : 235 ، وتاريخ التمدن الإسلامي : 1 / 273 - 274 .
[5] المصنف : 6 / 94 .
[6] سنن البيهقي : 9 / 216 .
[7] الرفغ : الأرض الكثيرة التراب .
[8] العراق في العصر الأموي 11 عن الطبري : 4 / 9 .
[9] المصنف : 5 / 222 و 223 .
[10] المحاسن والمساوي : 2 / 222 .
[11] يلاحظ أنّ هؤلاء قد كانوا عمّاله باستثناء عمرو بن العاص ، فإنّه كان معزولا آنئذ .
[12] ) من الطريف أن يستشير عثمان نفس أولئك الذين يطالب الناس بعزلهم في أمر الغزو.
[13] التجمير : حبس الجيش في أرض العدو .
[14] تاريخ الطبري : 3 / 373 - 374 .
[15] الوسائل 11 : 32 فصاعدا ، والكافي : 5 / 20 .
[16] التهذيب : 6 / 127 ، والكافي : 5 / 19 ، والوسائل : 11 / 32 .
[17] الوسائل : 11 / 21 - 22 عن قرب الإسناد ص 150 ، والتهذيب : 6 / 134 ، والكافي : 5 / 21 .
[18] الوسائل : 11 / 22 ، والكافي : 5 / 21 ، والتهذيب : 6 / 125 .
[19] الوسائل : 11 / 34 .
[20] الفتوح لابن أعثم ، الترجمة الفارسية : 126 .
[21] والبحث يحتاج إلى تحقيق أعمق وأوسع لا يتناسب مع هذا الكتاب .
[22] نهج البلاغة بشرح محمد عبده : 2 / 212 ، وتاريخ الطبري : حوادث سنة 37 : 4 / 44 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|