أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-6-2022
3523
التاريخ: 28-5-2022
1184
التاريخ: 27-6-2022
2079
التاريخ: 30-5-2022
1126
|
ان تدوين القانون في الحضارة الغربية هو مرحلة لاحقة لتدوينه في الحضارة الشرقية بعدة قرون، وعلى الرغم من أن هنالك العديد من القوانين الغربية القديمة إلا أننا سنبحث في بعض تلك القوانين على الشكل الآتي:
الفرع الاول : القانون الإغريقي.
يمثل القانون الإغريقي بما يحتويه من نصوص تتعلق بالمسكن حماية بنائه المادي في المرحلة الأولى، أي أن المصلحة القانونية هي محل الاعتداء، وأما في المرحلة الثانية أصبحت هذه الجريمة وسيلة لارتكاب جريمة أخرى كما هي الحال في عقوبة جريمة السرقة من منزل فتكون العقوبة أشد مما لو ارتكبت هذه الجريمة في مكان آخر(1) يتضح أن كلتا المرحلتين تمثلاًن حماية غير مباشرة للمسكن، فبدأ الاهتمام تلقائيا بحماية هذا الحق إلى أن أصبحت الأمور المعنوية محل اعتبار تلك الشعوب. ومن المظاهر الأخرى لحماية هذا الحق عند الإغريق حماية اسرار المهن كما ورد في سفر التاريخ(2) من خلال ما أكدته الوثائق التاريخية من المحافظة على سر مهنة الطب كما ورد في قسم ايبوقراط آنذاك(3) إلا أن التزام الطبيب بهذا القسم كان التزاما أخلاقيا، وفي حالة الإخلال به فإنه لم يكن أمام المريض (المتضرر) غير اللجوء بالدعاء إلى الله لمعاقبة من أفشى سره، علاوة على حقه في رفع دعوى يستطيع من خلالها الحصول على تعويض عما أصابه من ضرر، وكان القضاء الإغريقي يستند في تقدير قيمة الضرر للحكم بالتعويض عنه إلى مبادئ العدالة(4). يتبين مما تقدم أن الإغريق لم يعرفوا حرمة هذا الحق بهذه اللفظة الخصوصية، أي بالمعنى الحديث لها، وذلك لعدم وجود نصوص صريحة ومبادئ في ذلك القانون تؤكد حرمة هذا الحق، وبصورة أكثر وضوحا لم يعرف المشرع الإغريقي أن الاعتداء على أحد صور هذا الحق يعد جريمة إذا توافرت أركانها، كما لو تم الاعتداء على المسكن فلم يكن يوصف هذا الاعتداء بأنه جريمة انتهاك حرمة المسكن، وكذا الحال في حالة الاعتداء على السر بإفشائه فلم يكن يعرف إفشاء السر بأنه جريمة كما في الوقت الحاضر. ومن أوجه حماية سر المهنة هو ما عرف عند الإغريق من كتمان للنشاط المصرفي بعد انفصاله عن النطاق الديني(5) فقد كان الصيارفة يحرصون كل الحرص على كتمان سر مهنتهم بوصفه أمرا تفرضه قواعد الأخلاق وإعمالا للثقة التي يوليها العملاء إياهم، يلجأون إليهم لاستشارتهم في الأمور التجارية وحفظ ما لديهم من مجوهرات(6).
الفرع الثاني : القانون الروماني.
احتل القانون الروماني مكانة سامية بين التشريعات الغربية القديمة(7)، فالقانون الروماني كفل الحماية لحق خصوصية الإنسان ، إذ أنه عد انتهاك حرمة المسكن مثلاً صورة من صور الاعتداء على الشخص ذاته(8)، فقد كان الرومان يصفون المسكن بالمكان المقدس ويضعونه تحت حماية الآلهة، يتضح أن حماية حرمة المسكن عند الرومان كانت ذات طابع ديني، ثم تبلورت بعد ذلك حتى اتخذت طابعا اجتماعيا. بعد البحث في جزئيات هذا الحق تبين أن هناك بعض النصوص في قانون كور نيليا تشير إلى حماية المسكن، كما جاء في نصوص الديجست(9)، حول تشديد عقوبة جريمة السرقة إذا وقع الفعل انتهاكا لحرمة مسكن الغير، ومنه يبدو أن القانون الروماني كان يحمي المسكن من دخول الغير فيه بصورة غير مشروعة، بوصفه ذلك جريمة من الجرائم ضد الشخص، بمعنى أنه حمى إرادة صاحب السكن داخل مسكنه(10). مما يدعونا هذا للتساؤل، هل كان المقصود من حماية المسكن هو حماية حق الفرد من ممارسة خصوصيته داخل مسكنه؟ ، نعتقد أنه كان يهدف بالفعل إلى حماية حق ممارسة إرادة صاحب المسكن داخل مسكنه لينصرف ذلك إلى ما يوصف بالمفهوم الحديث بحق الخصوصية. ومما يؤكد احترام الرومان لبعض صور حماية هذا الحق هو ما جاء في مؤلفات سيشرون التي ألزمت الأطباء والمحامين(11)بوجوب المحافظة على ما يعهد إليهم من اسرار كما جاء النص على قسم ايبوقراط بخصوص مزاولة مهنة الطب، ذلك القسم الذي تضمن أبرز المبادئ والأسس لإرساء قواعد سر هذه المهنة(12). وعلى غرار نشاط الصيارفة الإغريق، فقد عرف الرومان السرية المصرفية، فكان الصيرفي يلتزم بمسك دفتر يقيد فيه الإيرادات والمصروفات وهو يشبه دفتر الخزينة الذي يعد أصلا للنظم المحاسبية الحديثة، وكان الصيرفي يتخذ الحيطة اللازمة لحفظ هذا الدفتر في مكان مغلق ولم يكن يلزم بالإفصاح عما ورد فيه من قيود وبيانات إلا في حالة تصلح دليل إثبات عند وقوع نزاع قضائي بين الصيرفي وعميله شريطة أن يلتزم عند طلب الاطلاع على البيان اتباع أوضاع معينة ضمانا لعدم التعسف في استعمال هذا الطلب وأن يكون ذلك بعد حلف يمين معينة ويمتنع عن ذلك إذا كان هناك دليل آخر يصلح دليلاً للإثبات(13). وفي أواخر عهد الإمبراطورية الرومانية ابتدأ التنظيم المهني للصيارفة يبرز إلى حيز الوجود، وكان يتعين عليهم مراعاة آداب المهنة وفي مقدمتها الحفاظ على السر الذي يتصل بمباشرتها، وكان هذا الالتزام تقتضيه مصلحة المهنة وتسوغه الاعتبارات الدينية(14). وأما فيما يتعلق بسرية المراسلات، فكان يشترط في سعاة البريد أن يتصفوا بقوة الذاكرة ولكن مع تطور الكتابة أصبح هؤلاء يتسلمون رسائل مكتوبة لحملها إلى أماكن مختلفة مع جهلهم بما تتضمنه من اسرار(15).
____________
1- فقد نص هذا القانون على عقوبة أصلية لمن كان يضبط وهو يقوم بعمل فتحة في جدار حائط منزل من أجل دخوله من خلالها . ينظر : حامد راشد، مصدر سابق، ص20.
2- ينظر: د. ضياء نوري حسن، الطب القضائي وآداب المهنة الطبية، بغداد، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، 1980م، ص400 وما بعدها.
3- فلقد كان النص المتفق عليه بصدد المحافظة على سر هذه المهنة هو (وسوف احتفظ بكل ما أراه أو أسمعه من أسرار الناس التي ينبغي ألا أكشف ما لا يجب ذكره مما تتصل معرفتي إليه في حدود مهنتي أو خارجها أو في مخالطتي اليومية مع الناس بل أكتمه سرا) وهناك نصوص أخرى تتعلق بحماية سر هذه المهنة . ينظر : راجي عباس التكريتي، السلوك المهني للأطباء، ط(3) دار التربية، بغداد، 1987م، ص105 وما بعدها.
4- ينظر : احمد كامل سلامة، مصدر سابق، ص9 وما بعدها.
5- لقد كانت المعابد الإغريقية (أبلون Apollon واكرا Acra وارتيموس Arthimes) تباشر نشاطا مماثلا كما كان الحال عند السومريين والبابليين فتتلقى الودائع النقدية وتتولى إقراضها بفائدة للأفراد، فلم يبرز حينها هذا النشاط بوصفه مهنة لعدم =وجود قواعد تشريعية تنظيمية تتضمن قسما بالالتزام بمبادئ الأخلاق والحفاظ على الأسرار التي تعهد إلى من يباشر هذه المهنة . ينظر : د. حسين نوري، مصدر سابق، ص7.
6- المصدر نفسه، ص9.
7- إن من أهم القوانين الرومانية هو قانون جستينان نسبة إلى الإمبراطور جستينان الذي تولى الحكم في الإمبراطورية الشرقية في عام 527م، واستطاع خلال فترة حكمه أن ينجز عملا تشريعيا ضخما لم يستطع أن ينجزه أحد من قبل، ويعد هذا القانون المصدر التاريخي للقانون الفرنسي، والذي عنه أخذت معظم التقنينات الحديثة في أوربا والدول العربية ومنها مصر. ينظر د. صوفي أبو طالب، مصدر سابق، ص295، وما بعدها. وينظر كذلك د. علي محمد جعفر، تاريخ القوانين والشرائع، ط(1) المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1982م، ص111.
8- Manzini, Trattato di diritto penale, quara edinzione, 1981 Vol.V.111, P.801.
9- الديجست هي تصريحات لحاكم روماني يسمى مرسيانوس، ينظر : احمد كامل سلامة، مصدر سابق، ص10.
10- ينظر : حامد راشد، مصدر سابق، ص26.
11- لم تعرف المحاماة في العصر الروماني بمعناها الحديث، فلقد كان ما يسمى بالمحلفين الذين يقتصر عملهم على إعطاء آرائهم فقط في القضايا المعروضة عليهم دون الاهتمام بما إذا كانت تتفق مع الحقيقة، أما في الوقت الحاضر بعد تدخل الدولة نظمت إدارة العدالة بطريقة سليمة، وهي اللجوء إلى طائفة متخصصة من الأشخاص يعهد إليهم في إدارة مصالحنا وحقوقنا إذا ما تعرضت للاعتداء وفي الوقت نفسه تقع عليهم عقوبة في حالة إفشائهم لأسرار هذه المهنة . ينظر : احمد كامل سلامة، مصدر سابق، ص12 ، هامش رقمه (1).
12- وما زالت تلك المبادئ تردد قسما ولكن وفق الشريعة الإسلامية في كليات الطب عند منحهم الخريجين شهادة مزاولة هذه المهنة في الكثير من الدول العربية مثل مصر والعراق والأردن.
13- ينظر: د. احمد محمد بدوي، جريمة إفشاء الأسرار والحماية الجنائية للكتمان المصرفي، سعد سمك للنشر، مصر، 1999م، ص131.
14- ينظر : حسين النوري، مصدر سابق، ص10.
15- ينظر : احمد كامل سلامة، مصدر سابق، ص12.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|