أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-03-2015
925
التاريخ: 12-4-2017
1042
التاريخ: 31-3-2017
912
التاريخ: 9-08-2015
956
|
ﻭﻓﻴﻪ ﺃﺑﺤﺎﺙ:
ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻷﻭﻝ: ﺇﻧﻪ ﺟﺎﺋﺰ ﻋﻘﻼ ﻭﺟﻮﺍﺯﻩ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪﻣﺎﺕ:
(ﺃﺣﺪﻫﺎ) ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﺍﻟﻔﺮﺩ، ﻷﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺃﺻﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻋﺎﺩﺗﻬﺎ ﺑﺠﻤﻌﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﺸﺬﺑﻬﺎ ﻭﺗﻔﺮﻗﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﺩﻟﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩﻩ.
(ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ) ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺨﻼﺀ، ﻷﻥ ﺃﺣﻴﺎﺯ ﺃﺟﺴﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻼﺀ ﻟﻤﺎ ﺻﺤﺖ ﺣﺮﻛﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺇﻟﻰ ﺑﻌﺾ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻭﺍﻹﻋﺎﺩﺓ ﺑﻌﺪ ﺗﺸﺬﺑﻬﺎ ﻭﺗﻔﺮﻗﻬﺎ، ﻭﺑﺮﻫﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺣﻘﺎ ﻓﺎﻟﺨﻼﺀ ﺣﻖ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﻠﺰﻭﻡ ﺣﻖ ﻓﺎﻟﻼﺯﻡ ﻣﺜﻠﻪ.
ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻼﺯﻣﺔ: ﺇﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻼﺀ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻟﻜﺎﻥ ﺍﻟﺠﻮﻫﺮ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﺣﻴﺰﻩ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺰ ﺟﻮﻫﺮ ﺁﺧﺮ ﻓﺬﻟﻚ ﺍﻵﺧﺮ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺰ ﺍﻷﻭﻝ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺰ ﺟﻮﻫﺮ ﺛﺎﻟﺚ، ﻭﺍﻷﻭﻝ ﺑﺎﻃﻞ ﻷﻥ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺰ ﺍﻵﺧﺮ ﻳﺼﻴﺮ ﻣﺸﺮﻭﻃﺎ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻵﺧﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺰﻩ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺣﺮﻛﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺸﺮﻭﻃﺔ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﺮﻭﻁ ﺑﻬﺎ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺷﺮﻃﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﻣﺤﺎﻝ. ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻛﺎﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻓﺄﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻠﺰﻡ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺸﺊ ﺷﺮﻃﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﻓﻊ ﺍﻟﺠﻮﺍﻫﺮ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺃﺟﺴﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻓﻴﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺒﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺴﻤﻜﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻖ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺃﻥ ﺗﺘﺤﺮﻙ ﻛﺮﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ، ﻭﻫﻮ ﺑﺎﻃﻞ ﺑﺎﻟﺒﺪﻳﻬﺔ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺣﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﻠﺰﻭﻡ ﻓﻘﺪ ﺳﺒﻖ ﺑﻴﺎﻧﻬﺎ. ﺣﺠﺔ ﺍﻟﺨﺼﻢ ﻓﻲ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﺨﻼﺀ: ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻼﺀ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻴﻪ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻥ ﺃﻭ ﻻ ﺗﻘﻊ، ﻭﺍﻟﻘﺴﻤﺎﻥ ﺑﺎﻃﻼﻥ، ﻓﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺨﻼﺀ ﺑﺎﻃﻞ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻼﺯﻣﺔ ﻓﻈﺎﻫﺮﺓ، ﻭﺃﻣﺎ ﺑﻄﻼﻥ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻸﻧﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻙ ﻓﻴﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﺩﻕ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻴﻪ ﺃﺳﺮﻉ ، ﻭﺑﺎﻟﻌﻜﺲ. ﻭﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺮﻗﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻠﻆ ﻛﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻂﺀ، ﻓﻠﻮ ﻓﺮﺿﻨﺎ ﻣﻼﺀ ﺍﺭﻕ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺴﺒﺔ ﺭﻗﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺭﻗﺔ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻛﻨﺴﺒﺔ ﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻼﺀ ﺇﻟﻰ ﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﺋﻖ ﻛﻬﻲ ﻻ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﺋﻖ. ﻫﺬﺍ ﻣﺤﺎﻝ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺑﻄﻼﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻓﻸﻥ ﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ، ﻓﺘﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺇﻟﻰ ﻧﺼﻔﻬﺎ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺇﻟﻰ ﻛﻠﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺴﺒﻖ ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﺮ ﻣﻦ ﻟﻮﺍﺣﻖ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻭﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻥ.
ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻻ ﻧﺴﻠﻢ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻼﺀ ﻧﺴﺒﺔ ﺭﻗﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺭﻗﺔ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻛﻨﺴﺒﺔ ﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻼﺀ ﺇﻟﻰ ﺯﻣﺎﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﺋﻖ ﻓﻴﻪ ﻛﻬﻲ ﻻ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﺋﻖ. ﻭﺑﻴﺎﻧﻪ: ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﻟﺬﺍﺗﻬﺎ ﻗﺪﺭﺍ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﺠﻮﻫﺮ ﺍﻟﻔﺮﺩ. ﺛﻢ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺪﺭ ﺁﺧﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻤﻌﺎﻭﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻼﺀ ﺍﻟﺮﻗﻴﻖ، ﻓﻴﺴﺘﺤﻴﻞ ﺃﻥ ﺗﺘﺴﺎﻭﻯ ﻧﺴﺒﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻼﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺀ.
(ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ) ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻛﻮﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ.
(ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ) ﻛﻮﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﻟﻴﻤﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﺰﻳﺪ ﻭﻟﻌﻤﺮﻭ ﻭﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻭﻳﺮﺩ ﻛﻞ ﺃﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺑﺪﻥ ﺻﺎﺣﺒﻪ، ﻭﻫﺎﺗﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺘﺎﻥ ﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺻﺤﺘﻬﻤﺎ.
ﻭﺇﺫﺍ ﺛﺒﺘﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺎﺕ ﻇﻬﺮ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮﻗﺖ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺮﻛﻴﺒﻬﺎ ﺑﻌﻴﻨﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ، ﻭﻫﻮ ﻣﺮﺍﺩﻧﺎ ﺑﺠﻮﺍﺯ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩ ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻧﻲ، ﻭﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم: 27] ﺍﺳﺘﻠﺰﻡ ﺫﻟﻚ ﻛﻤﺎﻝ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻛﻮﻥ ﺍﻹﻋﺎﺩﺓ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻭﺇﻻ ﻟﻤﺎ ﺗﻌﻠﻘﺖ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺩﻝ ﻗﻮﻟﻪ {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ﻋﻠﻰ ﻛﻤﺎﻝ ﻋﻠﻤﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻗﺪﺭﺗﻪ.
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮﻭﻥ ﻟﻠﻤﻌﺎﺩ ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻓﻘﺪ ﺍﺣﺘﺠﻮﺍ ﺑﻮﺟﻮﻩ:
(ﺃﺣﺪﻫﺎ) ﻟﻮ ﺻﺢ ﺣﺸﺮ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﻟﺼﺤﺖ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻌﺪﻭﻡ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺑﺎﻃﻞ ﻓﺎﻟﻤﻠﺰﻭﻡ ﻛﺬﻟﻚ. ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻼﺯﻣﺔ: ﺇﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻓﻘﻂ، ﻷﻧﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺗﻔﺮﻗﺖ ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺗﺮﺍﺑﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺣﻴﺎﺓ ﻭﻻ ﻣﺰﺍﺝ ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻟﻴﺲ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻞ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﻫﻲ ﺯﻳﺪ ﺇﺫﺍ ﺗﺄﻟﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻣﺨﺼﻮﺹ ﻭﻗﺎﻣﺖ ﺑﻬﺎ ﺣﻴﺎﺓ ﻭﻋﻠﻢ ﻭﻗﺪﺭﺓ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌﻨﺪ ﺗﻔﺮﻕ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺗﺰﻭﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻭﺗﻔﻨﻰ، ﻭﺣﻴﻨﺌﺬ ﺗﺒﻄﻞ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺯﻳﺪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﻧﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﻌﻴﻦ، ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻻ ﺗﺼﺢ ﺇﻋﺎﺩﺗﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﺇﻻ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺃﻋﺮﺍﺿﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺯﺍﻟﺖ ﻭﻓﻨﻴﺖ، ﻭﺫﻟﻚ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﺻﺤﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻌﺪﻭﻡ. ...
(ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ) ﺇﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺍﻏﺘﺬﻯ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻧﺴﺎﻥ ﺁﺧﺮ ﺣﺘﻰ ﺻﺎﺭﺕ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻤﺄﻛﻮﻝ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻐﺘﺬﻱ ﻓﻴﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﺮﺩ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺇﻟﻰ ﺑﺪﻥ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﻦ ﻓﻴﻀﻴﻊ ﺍﻵﺧﺮ، ﻓﻌﻠﻤﻨﺎ ﺑﻄﻼﻥ ﺣﺸﺮ ﺍﻷﺟﺴﺎﺩ.
(ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ) ﺃﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﺫﺍ ﺃﻋﺎﺩ ﺑﺪﻥ ﺷﺨﺺ ﻓﺈﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺪ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺃﻭ ﺟﻤﻠﺔ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﺪﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﺍﻷﻭﻝ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﺩ ﺍﻷﻋﻤﻰ ﻭﺍﻟﻤﺠﺬﻭﻡ ﻭﺍﻷﻗﻄﻊ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻭﻫﻮ ﺑﺎﻃﻞ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺎﻃﻞ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺳﻤﻴﻨﺎ ﺛﻢ ﻛﻔﺮ ﻓﻬﺰﻝ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﺗﻌﺬﺏ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺻﻮﻓﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﻓﺮﺍ ﺳﻤﻴﻨﺎ ﺛﻢ ﺃﺳﻠﻢ ﻭﻫﺰﻝ ﻳﻠﺰﻡ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﺓ، ﻭﺫﻟﻚ ﻇﻠﻢ ﻭﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﺟﺎﺋﺰ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ.
ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﺍﻷﻭﻝ: ﻟﻢ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺃﺻﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺪﻥ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮﻩ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺒﺪﻝ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺮ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺴﺐ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ، ﺛﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺗﻨﻔﺼﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﻭﺗﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻹﻋﺎﺩﺓ ﺗﺆﻟﻒ ﻭﺗﻀﻢ ﻣﻌﻬﺎ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺃﺧﺮ ﺯﺍﺋﺪﺓ ﻭﻳﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺛﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ. ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺜﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻗﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻋﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻄﻴﻌﺎ ﻭﻋﺎﺻﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ.
ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺇﻧﺎ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ، ﻓﺎﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﻜﻞ ﺑﺪﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﺎﺿﻠﺔ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻩ. ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺮﻑ ﻳﻈﻬﺮ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻄﻴﻊ ﻭﺍﻟﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﻤﺜﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻗﺐ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮﻩ، ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺰﺍﺋﺪﺓ ﺍﻟﻤﺘﺒﺪﻟﺔ ﺑﺎﻟﺴﻤﻦ ﻭﺍﻟﻬﺰﺍﻝ ﻓﻼ ﻋﺒﺮﺓ ﺑﻬﺎ.
ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺑﻮﻗﻮﻉ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩ ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻧﻲ ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﻨﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻝ:
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻨﻘﻮﻝ ﻓﺎﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﺑﺎﻟﻨﻘﻞ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺗﺮ ﻋﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻮﻗﻮﻋﻪ، ﻓﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺑﺬﻟﻚ، ﻷﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺇﺫﺍ ﺃﺧﺒﺮ ﻋﻦ ﻭﻗﻮﻉ ﺃﻣﺮ ﻣﻤﻜﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻭﺟﺐ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺑﻪ. ﻓﺈﻥ ﻗﻠﺖ: ﻟﻢ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺃﻥ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺇﻧﻤﺎ ﺃﺛﺒﺘﻮﺍ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩ ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻧﻲ ﻟﻴﺤﺼﻞ ﺑﻪ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻷﻥ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩ ﺍﻟﺮﻭﺣﺎﻧﻲ ﻣﻮﻗﻮﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻤﺠﺮﺩﺓ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻟﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻣﺮ ﻻ ﻳﺘﺼﻮﺭﻩ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ، ﻓﻠﻮ ﺧﻮﻃﺒﻮﺍ ﺑﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺼﻮﺭﻭﻩ ﻭﻟﻢ ﻳﺼﺪﻗﻮﺍ ﺑﻪ، ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺘﻔﻌﻮﺍ ﻭﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻘﺼﻮﺩ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻣﻦ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻣﻌﺘﻘﺪ ﻭﺍﺣﺪ، ﻓﺄﻧﻰ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﺩ ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻧﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻷﻧﻪ ﺍﻟﻤﺘﺼﻮﺭ ﻟﻬﻢ، ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺗﻔﻬﻴﻤﻬﻢ ﻟﻠﺼﺎﻧﻊ ﺣﻴﺚ ﺃﺗﻲ ﺑﺎﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻤﺸﻌﺮﺓ ﺑﺎﻟﺠﺴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻬﺔ ﻟﻠﻤﺒﺪﺃ. ﺛﻢ ﺇﻥ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻋﺮﻑ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺗﻠﻚ.
ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺼﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺟﺎﺋﺰﺍ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻤﺸﻌﺮﺓ ﻟﺠﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ، ﻭﺃﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﺟﻮﺍﺯﻩ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩ ﻓﺎﻟﻈﺎﻫﺮ ﺃﻭﻟﻰ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻳﺼﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺃﻥ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﺣﺘﻤﺎﻟﻪ ﻗﺎﺋﻤﺎ، ﻭﻟﻤﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺑﺎﻟﻨﻘﻞ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺗﺮ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﺜﺒﺘﺎ ﻟﻠﻤﻌﺎﺩ ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻧﻲ ﻣﻜﻔﺮﺍ ﻟﻤﻦ ﺃﻧﻜﺮﻩ ﻻ ﺟﺮﻡ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻠﺘﺄﻭﻳﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﺠﺎﻝ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻝ ﻓﻤﻦ ﻭﺟﻬﻴﻦ:
(ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ) ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ﺣﻘﺎ ﻟﺒﻄﻞ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻘﺎﻥ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻭﺍﻻﺣﺴﺎﻥ ﻭﺍﻹﺳﺎﺀﺓ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺑﺎﻃﻞ ﻓﺎﻟﻤﻠﺰﻭﻡ ﻛﺬﻟﻚ.
ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻼﺯﻣﺔ: ﺇﻧﺎ ﻧﺮﻯ ﺍﻟﻤﻄﻴﻊ ﻭﺍﻟﻌﺎﺻﻲ ﻳﺪﺭﻛﻬﻤﺎ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﻪ ﻣﻦ ﺛﻮﺍﺏ ﺃﻭ ﻋﻘﺎﺏ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﻳﺤﺸﺮﺍ ﻟﻴﻮﺻﻞ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻖ ﻟﺰﻡ ﺑﻄﻼﻧﻪ ﺃﺻﻼ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺑﻄﻼﻥ ﺍﻟﻼﺯﻡ: ﻓﻸﻥ ﺫﻟﻚ ﻇﻠﻢ ﻭﺗﺒﻌﺔ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ، ﻭﻗﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﺑﺂﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} [طه: 15] ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 27، 28].
(ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ) ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ: ﺇﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺇﻣﺎ ﻟﻠﺮﺍﺣﺔ ﺃﻭ ﻟﻠﺘﻌﺐ ﻭﺍﻷﻟﻢ ﺃﻭ ﻻ ﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺎﻃﻞ ﻟﻘﺒﺤﻪ ﻭﺍﻣﺘﻨﺎﻋﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑﺎﻃﻞ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﺳﻔﻬﺎ ﻭﻋﺒﺜﺎ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺃﻳﻀﺎ، ﻓﺒﻘﻲ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺇﻧﻤﺎ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﻟﻠﺮﺍﺣﺔ ﻭﻫﻲ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻫﻮ ﺑﺎﻃﻞ ﻷﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﺬﺓ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺩﻓﻊ ﻟﻸﻟﻢ، ﻛﺎﻟﺬﻱ ﻳﻈﻦ ﻣﻦ ﻟﺬﺓ ﺍﻷﻛﻞ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺩﻓﻊ ﺃﻟﻢ ﺍﻟﺠﻮﻉ، ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺃﻟﺬ ﻟﻘﻤﺔ ﺗﺆﻛﻞ ﻫﻲ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﺸﺪﺓ ﺃﻟﻢ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻫﻨﺎﻙ، ﻭﻛﻞ ﻟﻘﻤﺔ ﺗﺄﺧﺮﺕ ﻓﻬﻲ ﺃﻗﻞ ﻟﺬﺓ ﻟﻀﻌﻒ ﺃﻟﻢ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻫﻨﺎﻙ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ ﺍﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻭﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﺃﻥ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﺬﺓ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﺇﻣﺎ ﺍﻵﻻﻡ ﺃﻭ ﺩﻓﻌﻬﺎ، ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺗﻌﺬﻳﺐ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﺑﻨﻴﺮﺍﻥ ﺍﻵﻻﻡ ﻭﺍﻟﻤﻜﺮﻭﻫﺎﺕ ﻷﺟﻞ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺬﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ، ﻓﺈﺫﻥ ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﻟﺬﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻭﻋﺎﻟﻢ ﺁﺧﺮ ﺗﺤﺼﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺤﻘﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻻﻡ، ﻭﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩ ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻧﻲ.
ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﻓﻲ ﺃﻥ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻌﺪﻭﻡ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻣﺤﺎﻝ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺊ ﺇﺫﺍ ﻓﻨﻲ ﻭﻋﺪﻡ ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﻋﺎﺩﺗﻪ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﺃﻡ ﻻ، ﻭﺍﺗﻔﻘﺖ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﺸﺎﺋﺦ ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺇﻋﺎﺩﺗﻪ ﻣﻤﻜﻨﺔ، ﻭﻫﻮ ﺗﻔﺮﻳﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺬﻫﺒﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﺪﻭﻡ ﺷﺊ ﻓﻲ ﻋﺪﻣﻪ، ﻓﺈﺫﺍ ﻋﺪﻡ ﻟﻢ ﻳﺒﻄﻞ ﺫﺍﺗﻪ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺻﺔ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﻋﻨﻪ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺻﺔ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﻋﺎﺩﺗﻪ ﻣﻤﻜﻨﺔ. ﻭﺍﺗﻔﻘﺖ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺇﻋﺎﺩﺗﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻤﻜﻦ، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﻭﻣﺤﻤﻮﺩ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺯﻣﻲ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺫﻫﺐ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺊ ﺇﺫﺍ ﻋﺪﻡ ﻓﻤﻌﻨﻰ ﻋﺪﻣﻪ ﺗﻔﺮﻕ ﺃﺟﺰﺍﺋﻪ ﻭﺧﺮﻭﺟﻬﺎ ﻋﻦ ﺣﺪ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﻻﻓﻨﺎﺅﻩ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻷﺷﻌﺮﻳﺔ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺇﻥ ﺍﻟﺸﺊ ﺇﺫﺍ ﻋﺪﻡ ﻓﻘﺪ ﺑﻄﻠﺖ ﺫﺍﺗﻪ ﻭﺻﺎﺭ ﻧﻔﻴﺎ ﻣﺤﻀﺎ. ﺛﻢ ﺇﻧﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺇﻧﻪ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﻌﻴﻨﻪ.
ﻟﻨﺎ: ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻌﺪﻭﻡ ﺟﺎﺋﺰﺓ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺙ ﻓﻴﻪ ﺃﻭﻻ ﺟﺎﺋﺰﺓ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺑﺎﻃﻞ ﻓﺎﻟﻤﻠﺰﻭﻡ ﻛﺬﻟﻚ. ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻼﺯﻣﺔ: ﺇﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺷﺮﺍﺋﻂ ﻭﺟﻮﺩ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﻌﻴﻦ ﻭﻣﺸﺨﺼﺎﺗﻪ، ﻓﻴﺴﺘﺤﻴﻞ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺛﺎﻧﻴﺎ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺮﻁ. ﺑﻴﺎﻥ ﺑﻄﻼﻥ ﺍﻟﻼﺯﻡ: ﺇﻧﻪ ﻟﻮ ﺃﻋﻴﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻟﻜﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻳﺠﺎﺩ ﺇﺣﺪﺍﺛﺎ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻭﻗﺘﻪ ﺍﻷﻭﻝ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﻣﻌﺎﺩ ﻣﺒﺘﺪﺃ. ﻫﺬﺍ ﺧﻠﻒ.
ﺍﺣﺘﺠﺖ ﺍﻷﺷﻌﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻌﺪﻭﻡ ﺑﻌﺪ ﻓﻨﺎﺋﻪ: ﺑﺄﻥ ﻣﺎﻫﻴﺘﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻮﺍﺯ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ، ﻭﺇﻻ ﻟﺨﺮﺝ ﺍﻟﺸﺊ ﻣﻦ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ، ﻭﺃﻧﻪ ﻣﺤﺎﻟﻲ. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻤﻜﻨﺎ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻌﺪﻭﻡ ﻣﻘﺪﻭﺭﺓ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ.
ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺇﻥ ﺇﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺔ ﻻ ﻧﺰﺍﻉ ﻓﻴﻪ، ﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﻓﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺪﻡ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺨﺺ، ﻭﻻ ﻧﺴﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﻤﻜﻦ، ﻭﺇﻻ ﻓﺒﺘﻘﺪﻳﺮ ﻭﻗﻮﻋﻪ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺎﺩﺍ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﻣﺒﺘﺪﺃ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ.
ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ: ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺮﻕ ﻭﺍﻻﻟﺘﻴﺎﻡ ﺟﺎﺋﺰﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻼﻙ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﻠﻔﻼﺳﻔﺔ :
ﻟﻨﺎ: ﺇﻥ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﻭﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﺠﺰﻯ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﺑﻴﺎﻧﻪ، ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻼﻗﻴﻪ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺑﺄﺣﺪ ﻃﺮﻓﻴﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺼﺢ ﺃﻥ ﻳﻼﻗﻴﻪ ﺑﻄﺮﻓﻪ ﺍﻵﺧﺮ، ﻻﺳﺘﻮﺍﺀ ﻃﺮﻓﻴﻪ ﻓﻲ ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺔ ﻭﻭﺟﻮﺏ ﺍﺷﺘﺮﺍﻙ ﺍﻟﻤﺘﺴﺎﻭﻳﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻮﺍﺯﻡ، ﻭﻣﺘﻰ ﻟﻘﻲ ﺑﺄﺣﺪ ﻃﺮﻓﻴﻪ ﺍﻟﺸﺊ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻠﻘﺎﻩ ﺑﻄﺮﻓﻪ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﻘﺪ ﻭﻗﻊ ﺍﻻﻧﺤﻼﻝ ﻭﺍﻻﻧﺨﺮﺍﻕ.
(ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ) ﺇﻥ ﺗﺄﻟﻴﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺣﺎﺻﻼ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎﻫﻴﺘﻪ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻮﺟﻮﺩ ﻭﺍﻟﻌﺪﻡ، ﻭﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﺠﻮﺍﺯ ﺍﻟﺨﺮﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻼﻙ ﺇﻻ ﺟﻮﺍﺯ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺔ ﻣﻨﻬﺎ.
(ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ) ﺃﻥ ﺗﺮﻛﺐ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﻋﺪﻡ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﻳﺮ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﻳﺴﺘﻠﺰﻡ ﻛﻮﻥ ﺣﺮﻛﺘﻪ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ، ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮﻛﺘﻪ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﻓﺎﻟﺨﺮﻕ ﺟﺎﺋﺰ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪﻫﻢ، ﻓﺈﺫﻥ ﺍﻟﺨﺮﻕ ﺟﺎﺋﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻼﻙ.
ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ: ﻓﻲ ﺃﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺨﺮﺏ ﺃﺟﺴﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺃﻡ ﻻ, ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺴﻤﻊ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺠﻮﺍﺯ ﺫﻟﻚ، ﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺟﺎﺯ ﻭﻗﻊ. ﻭﺍﺣﺘﺞ ﻣﻦ ﻗﻄﻊ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻉ ﺑﺂﻳﺎﺕ:
(ﺃﺣﺪﻫﺎ) ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] ﺩﻟﺖ ﺍﻵﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻬﻮ ﻫﺎﻟﻚ. ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻬﻼﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺤﺾ، ﻟﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮ ﻭﺍﻣﺘﻨﺎﻉ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻌﺪﻭﻡ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﻓﻮﺟﺐ ﺣﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺮﻕ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﻭﺗﺸﺬﺑﻬﺎ ﻭﺧﺮﻭﺝ ﺍﻟﻤﺮﻛﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﻦ ﺣﺪ ﺍﻻﻧﺘﻔﺎﻉ ﺑﻪ، ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻟﻬﻼﻙ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻇﺎﻫﺮ.
(ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ) ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ} [الانفطار: 1، 2] ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] ﻭﺍﻧﻔﻄﺎﺭ ﺍﻷﻓﻼﻙ ﻭﺍﻧﺸﻘﺎﻗﻬﺎ ﻭﺍﻧﺘﺜﺎﺭ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺨﺮﻳﺐ ﻟﻬﺎ.
(ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ) ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} [الأنبياء: 104] ﺍﻵﻳﺔ، ﻭﻇﺎﻫﺮ ﺃﻥ ﻃﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺗﺨﺮﻳﺐ ﻟﻬﺎ.
(ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ) ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ } [إبراهيم: 48] ﻭﺍﻟﺘﺒﺪﻳﻞ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻭﺇﻫﻼﻙ ﻭﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻛﺜﻴﺮﺓ.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|