أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-6-2017
2828
التاريخ: 17-5-2017
2187
التاريخ: 23-4-2018
2096
التاريخ: 17-5-2017
1738
|
المدرسة التوافقية Probabilism
لم تعترف هذه المدرسة بآراء المدارس السابقة، فقالت: لاحتم مطلق ولا إمكانية مطلقة. وقد جاءت آراء هذه المدرسة على يد (Griffith Toylor)، الذي حاول التوفيق بين الحتمية والإمكانية، وهو يرى بأن الإنسان لا يستطيع تغيير البيئة تغييراً جوهرياً كاملاً، بل إن فعله لا يتعدى كونه تعديلاً أو تحسيناً بما يخدم مصلحته، وأن البيئة أشبه بشرطي المرور، فاستغلال البيئة لا يكون إلا من خلال مساعدة البيئة، وليس من الضرورة أن يكتب النجاح لذلك الجهد، فالإنسان يختار وبفكر ويجد والبيئة تستجيب وتعطي(1). وتبدو الجغرافية الاجتماعية في إطار المدرسة التوافقية خاضعة لعوامل ومتغيرات تتعلق بدرجة تطور المجتمعات والشعوب وكيفية تعاملها مع بيئتها.
لا شك أن التطور العلمي والتكنولوجي ساهم بشكل كبير في إبراز النظرية الإمكانية ووضوح معالمها، على الرغم من أن اصحاب هذه النظرية ذهبوا بعيداً. فالبيئة تبقى محددة رئيسة للبشر، لكن هذا لا يعني الاستسلام لها، فقد حاول الإنسان ومنذ القدم أن يروض المؤثرات البيئية ويطوعها لخدمته، وأصبح الآن أكثر قدرة على ذلك من السابق بفعل التقدم البشري في جميع المجالات. وكلما كانت الدولة أكثر تقدماً كلما اتسعت مجالات الإمكانية، في حين تبرز المدرسة الحتمية بوضوح في الدول المتخلفة.
إن التعارض بين المدرستين هو تعارض مضلل، إذ أن كلتا المدرستين تكمل إحداها الأخرى، والتعارض بينهما وقتي وعابر. فقد ذكر هتنر أن الأصولية والإقليمية وجهان لشيء واحد، كما بدأ يثبت الآن أن الحتمية واللا حتمية أمور نسبية، وقد تتعاصر، أي توجد مع بعضها في آن واحد.
وعلى الرغم مما تقدم فإن للبيئة اليد الطولي في بعض التأثيرات التي يقف الإنسان مستسلماً إزاءها، أو لنقل: إن تأثيراته محدودة، لاسيما فيما يتعلق بالكوارث الطبيعية كالزلازل مثلا أو قلة الموارد الاقتصادية أو انعدام الساحل البحري وغير ذلك كثير، فضلاً عن التأثيرات الاجتماعية للبيئة وتأثيراتها في سلوك الإنسان واتجاهاته وميوله وعلاقاته الاجتماعية.
لقد حاولت المدرسة التوافقية أو الاحتمالية أن توفق بين آراء المدرستين السابقتين، فهي لا تؤمن بالإمكانية المطلقة أو الحتم المطلق، بل ترى أن الاحتمالات قائمة في بعض البيئات لكي يتعاظم الجانب الطبيعي في مواجهة سلبيات الإنسان و قدراته المحدودة، وفي بيئات أخرى يتفاقم دور الإنسان في مواجهة التحديات على اختلاف أنواعها المكانية، وهذا يتوقف على المستوى العلمي والثقافي والحضاري للإنسان، وعلى نوعية البيئة وشدتها وإمكانياتها ومواردها وسهولة التعامل معها، فهناك بيئات يصعب على الإنسان تطويعها، أو أن تطويعها يتطلب تقنية وإمكانية عالية جداً، في حين تمتاز بيئات أخرى بسهولة التعامل معها وسهولة تسييرها لخدمة الأهداف الإنسانية، وقد صاغ الباحث الانجليزي أرنولد توينبي (Arnold toynpe) أربع استجابات للعلاقة بين الإنسان والبيئة "هي (2):
- الاستجابة السلبية: وهي الاستجابة الأولى للإنسان في بيئته القديمة حيث حرفتا الجمع والالتقاط والصيد، فالإنسان آنذاك كان عبداً للبيئة الطبيعية تتقاذفه حيثما تشاء، ولم يكن يمتلك ما يستطيع من خلاله إيقاف تأثيرات البيئة أو تغيير اتجاهاتها.
- الاستجابة التأقلمية: وهي الاستجابة التي حصلت نتيجة التقدم البسيط للإنسان، وحصوله على بعض المعرفة، فبدأ يتأقلم جزئياً مع ظروف بيئته الطبيعية، فاعتمد على وسائل متطورة نسبياً في الصيد أو الرعي في مناطق مختلفة، فضلاً عن تربية الحيوانات والاستفادة منها.
- الاستجابة الإيجابية: وفي هذه المرحلة تبرز قدرة الإنسان على ترويض بيئته بحسب مصالحه واحتياجاته، حيث تطورت وسائل الإنسان وإمكانياته في الصيد والزراعة والتجارة والصناعة. فضلاً عن تطور البيئة الاجتماعية للإنسان من خلال التجمعات البشرية الناجمة عن العمل في المهن والنشاطات الاقتصادية المختلفة.
- الاستجابة الابداعية: وهنا لا يكتفي الإنسان بمجرد التأقلم مع بيئته أو تطويعها لخدمته، بل أخذ يبتكر ويبدع ليتغلب على جميع عناصرها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) روجر منشل، تطور الجغرافيا الحديثة، ترجمة محمد السيد غلاب ودولت احمد صادق، الطبعة الأولى، مصر 1973، ص133-135.
(2) عبد الهادي محمد والي، التنمية الاجتماعية، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 1992، ص50.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|