مشكلات الحدود السياسية فى المغرب العربي- مشكلة وادى الذهب والساقية الحمراء (الصحراء الغربية) |
1514
05:58 مساءً
التاريخ: 19-5-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-1-2022
1371
التاريخ: 11-5-2022
1164
التاريخ: 4-10-2020
1831
التاريخ: 10-5-2022
3682
|
مشكلة وادى الذهب والساقية الحمراء (الصحراء الغربية):
تمتد هذه المنطقة التى يطلق عليها الصحراء الإسبانية على الحافة الغربية للصحراء بمساحة تبلغ ١٢٦٦٠ كم٢ ، وتشرف على المحيط الأطلنطي بساحل يبلغ طوله ١١٢٥ كم. وهذا الساحل غنى بثروته السمكية نظرا لمرور تيار كناري البارد بجواره، كما تتميز بارتفاع درجة حرارة الجهات الساحلية التى تمتد لمسافة عشرة كيلو مترات فى الداخل، وكما تتميز أيضا بارتفاع نسبة الرطوبة وتحولها إلى ندى ليلا مما يساعد على إنعاش الحياة النباتية ممثلة فى الحشائش فضلا عن إمكان زراعة بعض المحاصيل. أما فى الداخل فهي صحراء تتميز بجفافها، وكبر مداها الحرارى اليومي، وبظهور ملامح الصحراء الجيومورفولوجية. والهضبة لا يزيد ارتفاعها عن 600متر تغطيها أحيانا الأحواض الرملية، كما تغطيها أحيانا أخرى المنخفضات والأودية الجافة وتنتهى الهضبة إلى البحر أحيانا بجروف حادة كما هو الحال عند رأس بوجادور.
ويبلغ عدد سكانها نحو60 ألفا من بينهم نحو تسعة آلاف من السكان المستقرين والباقون من البدو الرحل. والسكان جميعهم خليط من العرب والبربر. وينتمى هؤلاء البدو إلى ثلاث مجموعات كبرى هى : التكنا على حدودها مع دولة المغرب، وقد أصبحوا الآن شبه مستقرين فى الواحات يمتلكون الأراضي الزراعية، والرقيات فى الوسط والجنوب ما بين حدود موريتانيا والجزائر، والمغاربة وهم خليط من العرب والبربر ويعيشون قرب حدود موريتانيا. وتتجول إحدى القبائل على طول الساحل بحثا عن الصيد البحرى الثمين، وباستثناء هذه القبيلة فإن الباقين يرعون الأغنام والماعز والإبل. وقد تدهورت طرق القوافل التى كانت تمر بالمنطقة من قبل، وكذلك التجارة التى كانت تقوم بها، التى لم يبق منها إلا مبادلة الحبوب فى الواحات بالماعز والأغنام.
وقد كانت تعيش بهذه المنطقة جالية أوربية إسبانية فى معظمها وتقدر بنحو خمسة عشر ألف نسمة في عام ١٩٧١، ويتمركزون فى الإقليم الساحلي وفى الشمال وخاصة فى الميناء الرئيسي، وفى مدينة العيون العاصمة، ومعظم هؤلاء من الموظفين ومنهم نحو تسعة آلاف جندي يتوقف بقاؤهم حسب الظروف السياسية.
وقد كان البرتغاليون أول من وصلوا إلى سواحل هذه المنطقة فى عام ١٩٣٤، ثم فى الداخل فى عام ١٩٤٥، ولكن فقر المنطقة لم يكن جاذبا لهم، بينما استقر الإسبان فى جزر كناري فى النصف الأول من القرن الخامس عشر. واستمرار هذه المنطقة بالنسبة للإسبان حتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر ليس إلا محطة على طريق الأطلنطي. وفى مؤتمر برلين أمكن لإسبانيا أن تضم الإقليم الساحلي رسميا من رأس بوجادور إلى رأس بلانكو «الأبيض» فى عام ١٩١٢.
ورغم ذلك فقد ظل الداخل لا يجد اهتماما يذكر من قبل الإسبان إلى أن تقدمت القوات الفرنسية من موريتانيا، ومن جنوبي المغرب، وعقدت الاتفاقية الفرنسية الإسبانية للحدود عام ١٩١٢، ورغم ذلك لم يصل الإسبان إلى سمارة فى الداخل إلا فىعام١٩٣٤،ل كانت أول زيارة للجنرال فرانكو (الرئيس الإسباني) للإقليم فى عام١٩٥٠. وقد ظلت الساقية الحمراء ووادى الذهب تعدان من أفقر جهات العالم، حيث لا تقوم سوى الحياة الرعوية أو شبه الرعوية. ولم يكن فى الإمكان قيام الزراعة المستقرة إلا فى واحات الساقية الحمراء فى الشمال حيث تزرع الذرة والخضراوات والفاكهة؛ ولذلك كان صيد الأسماك هو المصدر الرئيسي للدخل فى هذه المنطقة، ولكن المستفيد الأكبر هم الإسبان الذين يجمعون الصيد ويتجهون به إلى جزر كناري حيث يعلب فى المصانع المقامة هناك.
غير أن الحال بدأ فى التغير بسبب الثروة المعدنية وقوامها الفوسفات والحديد. وتعتبر رواسب الفوسفات فى بواكراع من أغنى الرواسب العالمية، إذ يقدر احتياطيها بنحو 600 مليون طن، وترتفع فيه نسبة المعدن إلى نحو30% وقد بدأ الإنتاج فى عام ١٩٧٢ بإنتاج مبدئي قدره ثلاثة ملايين طن. ومن مشكلات استغلال المعدن المشكلة القائمة فى مطالبة المغرب بهذا الإقليم باعتباره جزءا من المغرب، ومن مشكلاته أيضا ندرة الماء الذى يتطلبه تركيز المعدن، ثم تسهيلات النقل الذى يشكل جزءا هاما فى نفقات الإنتاج، ولكن من المنتظر استغلال هذا الاحتياطي الكبير بدرجة اقتصادية بعد استقرار الأوضاع السياسية.
وقد اكتشفت خامات الحديد والفحم فى وسط وادى الذهب وهناك تخطيط للبحث عن الألومنيوم والنحاس والزنك والمنجنيز. وهكذا تحولت هذه المنطقة الصحراوية القاسية المقفرة الطاردة للسكان إلى منطقة غاية فى الأهمية وتتركز حولها الأنظار. وقد كان أول خطر على الوجود الإسباني هو استقلال المغرب عام ١٩٥٦، الذى بدأ منذ عام ١٩٥٧ فى إرسال الفدائيين لإزعاج الوجود الإسباني فى المنطقة واستمرت المغرب فى الضغط على إسبانيا من ناحية، ومن ناحية أخرى تم عرض القضية على الأمم المتحدة التى اتخذت عدة إجراءات من أهمها القرار الصادر فى ديسمبر عام ١٩٦٧ الذى يقضى بأحقية دولة المغرب فى إفنى، والثاني الخاص بالصحراء والذى يقرره ضرورة عمل استفتاء بين السكان لتقرير مصيرهم.
وقد وعدت إسبانيا بإعطاء الإقليم حق تقرير المصير، ولكن هذا الوعد كان فى ظل ظروف أزمة إسبانيا مع بريطانيا بشأن جبل طارق، وحاجة إسبانيا إلى تأييد الدول الآسيوية والأفريقية، ولكنها تراخت بعد ذلك فى تنفيذ الوعد، وبدلا من ذلك أخذت تدعو رؤساء القبائل الأفريقية للارتباط بإسبان يا ضد المغرب، كما كانت تقوم بقمع المظاهرات الوطنية كما حدث فى بلدة العيون فى يونية عام ١٩٧١ ، حيث قتلت فيها عددا كبيرا من الوطنيين وقبضت على زعماء قبيلة الرقيات.
أما الدول المجاورة للصحراء وهى المغرب وموريتانيا والجزائر فقد اهتمت اهتماما كبيرا بالصحراء ، وزاد التعاون فيما بينها بخصوص هذا الموضوع منذ عام ١٩٦٩ بفضل المفاوضات التى تمت بين المغرب والجزائر وموريتانيا والتي أدت إلى اجتماع «تلمسان» مع الملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري (بومدين) والرئيس الموريتاني (مختار ولد دادة) فى مايو عام ١٩٧١ ، وكذلك معاهدة التعاون بينهم التى وقعت فى يونية عام ١٩٧١ . وفى يناير عام ١٩٧٢ عقد وزراء خارجية الدول الثلاث اجتماعا لوضع برنامج لتحرير الصحراء ليوضع أمام رؤساء الدول الثلاثة.
ولكن إسبانيا قامت بمواجهة هذا الضغط بالوسائل التالية :
* محاولة إغراء الزعماء المحليين بضرورة الارتباط بإسبانيا.
* الادعاء بأن سكان الصحراء الغربية هم الذين يقررون مصيرهم ولا شأن للدول الخارجية بهم، وذلك حتى تنفرد وحدها بالإقليم.
* محاولة التفاهم مع المغرب لإشراكها فى استخراج الفوسفات بالإقليم ومحاولة إرضاء الجزائر بعقد صفقات لشراء الغاز الطبيعي.
* محاولة الوقيعة بين المغرب وموريتانيا من ناحية، وبين المغرب والجزائر من ناحية أخرى، وذلك بإشاعة أن المغرب وموريتانيا يريدان اقتسام الإقليم فيما بينهما.
* استعراض القوة العسكرية سواء أمام السكان المحليين أو أمام كل من المغرب و موريتانيا.
والواقع أنه رغم الادعاءات المختلفة للدول المجاورة فلا شك أن فوسفات الصحراء وثروتها المعدنية الأخرى تمثل بالنسبة للجزائر مصدرا لتنويع الإنتاج ومخرجا على الأطلنطي، وكذلك بالنسبة لموريتانيا التى اشتدت وطأة الجفاف فيها، بينما يمثل فوسفات الصحراء منافسا خطيرا لفوسفات المغرب.
ورغم قرار الأمم المتحدة فقد استطاعت إسبانيا البقاء منتهزة فرصة الخلاف بين أعدائها الثلاثة، وصدرت عدة قرارات أخرى بهذا الشأن حتى عام ١٩٧٣ ، وكلها تؤكد القرارات السابقة.
وقد اجتمع وزراء خارجية المغرب والجزائر وموريتانيا فى نواكشوط فى مايو عام ١٩٧٣ للوصول إلى اتفاق، وأعلنوا موافقتهم على مبدأ تقرير المصير وإن كان هذا من الناحية الظاهرية. وأبلغت السلطات الإسبانية الأمم المتحدة أنها تنوى عمل استفتاء لتقرير المصير فى النصف الأول من عام ١٩٧٥، ولكن المغرب أعلنت أنها رغم موافقتها على تقرير المصير فإن استقلال الصحراء سيجد معارضة تامة من جانبها، كما استمرت موريتانيا والجزائر فى موقفهما بتأييد حرية تقرير المصير.
وبينما كانت مظاهر الاحتكاك مستمرة بين الدول الثلاث، أعلنت حكومة إسبانيا فى نوفمبر عام ١٩٧٥ أنها توافق على أن يقسم الإقليم بين كل من المغرب وموريتانيا، ولكن الجزائر عارضت ذلك بشدة. وقد وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على اتفاقية مدريد بين إسبانيا وكل من المغرب وموريتانيا، كما أيدت منظمة الوحدة الأفريقية حق تقرير المصير.
وتقوم الأمم المتحدة بإجراءات حق تقرير المصير الذى تقف أمامه عقبة كبيرة تتمثل فى إثبات هوية سكان المنطقة، فكلما يتحدد يوم الاستفتاء لتقرير المصير يفاجأ القائمون على ذلك بظهور أعداد كبيرة موفدة من الدول المجاورة بحجة أنهم من أبناء المنطقة ولهم حق الاشتراك فى الاستفتاء مما يشكل عائقا أمام تنفيذه، فيؤجل إلى موعد آخر، وهكذا حتى الآن لم يتم تحديد موقف الصحراء.
ولكن بعض الجماعات من سكان الصحراء (البوليساريو) المؤيدون من الجزائر وموريتانيا أعلنوا من جانبهم قيام دولة تسمى «جمهورية الصحراء الإسلامية" وأعلنوا عاصمتها مدينة العيون، وحاولوا الحصول على تأييد من دول العالم ومن الأمم المتحدة، ولكن المغرب تعارض ذلك بشدة وتقف أمام تنفيذه ولم يعترف بالدولة المعلنة حتى الآن رغم كل المحاولات التى يقوم بها الداعون إليها من خلال إذاعة خاصة بهم ومن خلال اتصالات يحاولونها حيث لم تستند على سند قانونى لمثل فى حق تقرير المصير الذى تشرف عليه الأمم المتحدة والذى يجب أن يشارك فيه جميع سكان الإقليم، وبذلك تبقى المشكلة قائمة دون حل لها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|