بعض مشكلات الحدود السياسية فى أفريقيا- مشكلة الحدود السياسية المصرية السودانية |
2291
01:14 صباحاً
التاريخ: 18-5-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-1-2016
2129
التاريخ: 20-1-2022
1776
التاريخ: 21-5-2022
1209
التاريخ: 5-1-2022
1460
|
بعض مشكلات الحدود السياسية فى أفريقيا- مشكلة الحدود السياسية المصرية السودانية:
إن الحدود السياسية بين مصر والسودان لم يكن لها أية دلالة، لأن الدولتين كانتا دائما ينظر إليهما كبلد واحد، وكانت أهمية الحدود بينهما قاصرة على الأمور الإدارية فقط، ولذلك كانت الحدود مفتوحة للعبور دون قيود من قبل مصر أو السودان .
فقد كان الطريق الممتد عبر نهر النيل أو عبر الصحراء الشرقية حيث البشارية مفتوحا وحرا بين مصر والسودان، كما كان درب الأربعين فى صحراء مصر الغربية الذى يربط منطقة كردفان ودارفور فى السودان بالواحة الخارجة بالوادي الجديد فى مصر مفتوحا للتجارة والمسافرين دون قيود.
ولم تكن هناك أى نقاط للمراقبة فى أى جزء من هذه الطرق لكى تراقب حركة التجارة أو السفر عبر الحدود بين مصر والسودان فقد كان شأنها شأن أى حركة بين منطقة وأخرى فى دولة واحدة.
وقد استقر الوضع على هذا المنوال فيما يتعلق بمواقع الحدود بين مصر والسودان حتى أوائل القرن التاسع عشر وبالتحديد حتى عام 1820 عندما قام محمد على بضم السودان ووضعه تحت سلطته السياسية، وبذلك أصبحت حدود مصر السياسية قد امتدت جنوبا لتضم الإقليم السوداني بأكمله.
ولم يجد السلطان العثماني وقتها مفرا من الاعتراف بسلطة الوالي المصري على المناطق التى تم فتحها من الجنوب كما جاء فى الفرمان السلطاني الصادر فى ٢٧ مايو ١٨٦٦ ، وهو الذى كان يقضى باندماج السودان مع مصر فى ولاية واحدة، وقد تبعته عدة فرمانات أخرى حرصت جميعها على خضوع السودان للسلطة السياسية المصرية، وعلى عدم أحقية ولاة مصر فى التنازل عن أية امتيازات تكون قد أعطيت لهم سواء فى مصر أو فى السودان، كما منعتهم من التخلي عن أى جزء من هذين الإقليمين أو إبرام أية معاهدات سياسية بشأنهما.
وكانت مصر قد اضطرت فيما بعد تحت ضغط الثورة المهدية إلى إخلاء مديريات السودان فيما عدا مديريتي حلفا وسواكن، إلا أن هذا التراجع لم يترتب عليه أية آثار قانونية تتصل بوضع الحدود السياسية بين الدولتين. ويبدو ذلك من اعتراف بريطانيا باستمرار بكون السودان يشكل جزءا من مصر تحت السيادة العثمانية.
ولكن بريطانيا شرعت منذ هزيمة الثورة المهدية فى السودان فى بذل جهود مكثفة من أجل تقليص الحدود الجنوبية لمصر والعمل على الارتداد بها شمالا. وقد تحقق لها ذلك بموجب ما عرف باتفاقية ١٩ يناير عام ١٨٩٩ التى وقعت بين بريطانيا ومصر وقتها، وهى التى عرفت باتفاقية السودان باعتبارهما قائمتين على الحكم الثنائي المصري الإنجليزي فى السودان. وقد نص هذا الاتفاق فى مادته الأولى على أن يطلق لفظ السودان على جميع الأراضي الواقعة جنوبي دائرة عرض ٢٢ شمالا، وقد ظل هذا الاتفاق ساريا حتى الآن (شكل ٢٥).
والواقع أن الخط الذى رسمه اتفاق عام ١٨٩٩ لم تكن له وقت إنشائه أية دلالة قانونية أو سياسية سواء من وجهة نظر مصر، أو طبقا لأحكام الاتفاق، وذلك لأن قيمته لم تتجاوز كونه خطا إداريا يفصل بين إقليمين يخضعان قانونا لسلطة سياسية واحدة هى سلطة الوالي المصري وقتها، كما يدينان بالولاء لسيادة واحدة هى سيادة الباب العالي (الدولة العثمانية) حتى عام ١٩١٤، عندما آلت هذه السيادة ونطاقها الإقليمي إلى مصر بالتطبيق لقواعد التوارث الدولي، وكذلك بالتطبيق لمعاهدة لوزان عام ١٩٢٣ التى تخلت تركيا بموجبها عن كل حقوقها فيما كان يعرف من قبل بالولايات العثمانية.
ولكن هذا الوضع قد تبدل منذ يناير عام ١٩٥٦ وهو تاريخ اعتراف مصر باستقلال السودان، ومنذ ذلك التاريخ فقط تحول الخط (٢٢ شمالا) إلى حد سياسي دولي بالمعنى القانوني. وقد تميزت الحدود السياسية الجنوبية لمصر بإجراء بعض التعديلات الإدارية التى أدخلت عليها خلال الفترة القصيرة التى تلت عملية تحديدها وهى التعديلات التى شكلت فيما بعد جوهر الخلاف بين مصر والسودان بشأنها.
ويرجع السبب فى إجراء التعديلات ذات الطبيعة الإدارية على خط الحدود بين مصر والسودان بعد تعيينه فى عام ١٨٩٩ إلى الرغبة فى جمع شمل القبائل التى تعيش على جانبي الحدود وإخضاعها لنظام إداري واحد. وهذه القبائل تنقسم إلى مجموعتين كبيرتين منهما مجموعة قبائل البشارية التى يعيش معظمها فى السودان إلى الجنوب من خط الحدود، ومن المصلحة ضم منطقة علبه للسودان، لكى تطبق على سكانها النظم الإدارية التى تطبق على بقيتهم فى السودان. وبناء على ذلك أصدر وزير الداخلية المصري قرارا إداريا فى ١٤ نوفمبر عام ١٩٠٢ بتعديل الحدود فى منطقة جبل علبه بحيث تصبح على النحو التالي:
١ - إخضاع المنطقة الواقعة فى الركن الجنوبي الشرقي من مصر الملاصقة للبحر الأحمر التى تعرف «بمثلث جبل علبه» أو «قطاع حلايب» للإدارة السودانية. وتشغل هذه المنطقة التى استثنيت من تطبيق الإدارة المصرية الخالصة عليها رقعة جغرافية واسعة نحو ١٢٥٠٠ كم٢ سلخت من مصر وضمت إلى السودان، وهى عبارة عن أرض جبلية عظيمة الارتفاع وتكثر بها الصخور النارية ذات القيمة الاقتصادية الكبيرة، كما تسقط بها الأمطار مما يوفر حياة نباتية غنية، فهي تعد جزيرة خضراء فى الوسط الصحراوي المجاور لها. وتشكل هذه المنطقة ما يشبه المثلث المتساوي الساقين، قاعدته يبلغ طولها نحو300كم تمتد مع دائرة عرض ٢٢ شمالا، وطول كل من ضلعيه الشرقي الملاصق للبحر الأحمر والغربي المجاور للصحراء نحو200كم. ويبدأ الخط من نقطة على ساحل البحر الأحمر قرب بئر الشلاتين، ثم يتجه جنوبا بغرب لمسافة ٥٨ كم نحو بئر منيجه، ثم يتجه نحو الشمال الغربي لمسافة ٢٨كم إلى جبل نجروب، ثم نحو الجنوب الغربي لمسافة نحو ٧٠كمإلى جبل أم الطيور، ثم جنوبا مع انحراف قليل نحو الغرب لمسافة 240كم حتى يلتقى مع الحد السياسي الذى يمتد مع دائرة عرض ٢٢ شمالا.
٢- تنفيذا لاتفاق ١٨٩٩ فإن دائرة عرض ٢٢ شمالا يمر بمدينة حلفا، والمنطقة التى تتوسط مدينة حلفا عبارة عن أراضي زراعية حول نهر النيل، وتتسع الرقعة الزراعية شمال حلفا بينما تضيق إلى الجنوب منها، وإذا رسم خط الحدود كما هو متفق عليه فإن الأراضي الخصبة الواسعة نسبيا تقع فى الجانب المصري، وسيتبع هذا تركز الجزء الأكبر من السكان فى الجانب المصري، وبالتالي سيكون الاعتماد الأساسي فى منطقة وادى حلفا على الجانب المصري سواء من حيث الأرض المزروعة أو التركز السكاني.
ومن أجل ذلك كان السعي لتعديل الحدود فى هذه المنطقة تعديلا يكفل ضم الجزء الشمالي الذى يمتد إلى مسافة ٢٥ كم إلى الجزء الجنوبي من الحدود، وبالتالي خضوع هذه القرى وما يتبعها من أراضي زراعية ومن يقيم بها من سكان لإدارة السودان.
وبناء على ذلك أصدرت وزارة الداخلية المصرية فى ٢٦ مارس ١٨٩٩ قرارا إداريا يقضى بأن تمر الحدود الإدارية بقرية ادندان الواقعة على الشاطئ الشرقي للنيل، وبقرية فرسى الواقعة على الشاطئ الغربي للنيل. وبمقتضى هذا التعديل تكون مصر قد تخلت عن مساحة من الأرض الزراعية تبلغ نحو ٤٠٠٠ فدان، وعن عشرة قرى، وعدد من السكان يبلغ نحو ١٣٠٠٠ نسمة لتكون جميعها تحت الإدارة السودانية، وكان ذلك تحت الضغط البريطاني.
ورغم أن النزاع حول هذه المنطقة يعد منتهيا فى ضوء ما انتهى إليه مشروع السد العالي من إغراق جميع منطقة وادى حلفا وأصبحت جزءا من بحيرة ناصر، لكن النزاع حولها يدور حول الصيد فى المنطقة التى كانت من قبل تحت إشراف الإدارة السودانية، فالسودان يعد المنطقة ما زالت تابعة له رغم زوال الأسباب بعد إغراقها بمياه بحيرة ناصر.
٣ - حاولت بريطانيا تغطية موقفها بعد ضم منطقتي علبه ووادى حلفا للسودان، وذلك باقتراح ضم منطقة جبل بارتازوجا الذى يقع جنوب الحد السياسي (٢٢ شمالا) فى منتصف المسافة بين جبل علبه ونهر النيل، وهى منطقة فقيرة و أصغر مساحة حيث تقل عن نصف مساحة جبل علبه (٠ ٦٠كم٢)، ولكن الهدف هنا كان بحجة ضم جماعات العبابدة المقيمين فى السودان إلى بقيتهم فى الجانب المصري لتطبق عليهم القوانين الإدارية المصرية.
وبناء على ذلك أصدر وزير الداخلية المصري قرارا فى ٤ فبراير عام ١٩٠٢ بضم المنطقة المحيطة بجبل بارتازوجا إداريا إلى مصر بنض البدا القائم على فكر؛ توحيد القبائل المنتمية إلى أصل واحد ويعيش معظمهم فى مصر، ولأن المنطقة جنوب دائرة عرض ٢٢ شمالا تعد سودانية، فإن إشراف مصر يكون فى هذه الحالة إداريا شأنه شأن المناطق الواقعة إلى شمال الحد السياسي الخاضعة إداريا للسودان.
وكما سبق القول فإن النزاع على الحدود بين مصر والسودان يعد الأول من نوعه بعد استقلال السودان. وقد بدأ هذا النزاع فى أواخر يناير عام ١٩٥٨ عندما أرسلت الحكومة المصرية بمذكرة إلى حكومة السودان أشارت فيها إلى أن قانون الانتخاب الذى أصدرته حكومة السودان توطئة لإجراء الانتخابات البرلمانية فى السودان فى ٢٧ فبراير عام ١٩٥٨ قد خالف اتفاق عام ١٨٩٩ بشأن الحدود المشتركة بين الدولتين، وذلك لإدخاله المنطقة الواقعة شمال مدينة حلفا والمنطقة المحيطة بحلايب وشلاتين الواقعتين على ساحل البحر الأحمر ضمن الدوائر الانتخابية السودانية. وقد طالبت المذكرة بحق مصر فى استعادة المناطق الواقعة تحت الإدارة السودانية شمال دائرة عرض ٢٢ شمالا إلى سيادتها.
وقد كانت هذه المناسبة فرصة لكل طرف لعرض وجهة نظره وبيان الأسانيد القانونية التى يعتمد عليها فى إثبات حقه فى السيادة على المناطق التى يشرف عليها وبصفة خاصة منطقة حلايب، كما أتاحت الفرصة للباحثين للاجتهاد فى مناقشة هذه الأسانيد القانونية وبيان مدى صحتها.
وقد ظهر التناقض فى المواقف بين كل من الدولتين فى هذا الخصوص. فقد أصرت الحكومة السودانية على أنها صاحبة السيادة على المناطق المذكورة التى استمرت تحت إدارتها نحو ستين عاما، ولذلك فإن من حقها إدراج هذه المناطق ضمن دوائرها الانتخابية. وعلى الجانب الآخر فإن مصر ترى عدم قانونية هذه المطالب السودانية، وعلى أن واقعية استثناء المناطق المتنازع عليها من الخضوع للنظام القانوني والإداري المصري وإخضاعها للإدارة السودانية لا يمكن أن ينفى كون هذه المناطق ضمن نطاق السيادة المصرية، وإسناد الإدارة للسودان بموافقة مصر لا يعد مبررا كافيا لاكتساب حق السيادة على الإقليم من قبل السودان.
وتحاول كل من مصر والسودان إبراز الحجج والأسانيد لإثبات حقهما فى هذه المناطق المتنازع عليها، وفيما يلى الحجج والمواقف التى تعتمد عليها كل دولة بالنسبة للمناطق المتنان عليها:
أولا- الموقف المصري:
لقد تأسس الموقف المصري على الحجج والأسان يد التالية:
١- ترى مصر أن التعديلات الإدارية قد تمت بهدف التيسير على القبائل التى تعيش على جانبي خط الحدود، وهى بذلك تعد قرارات إدارية صدرت استجابة لرغبات المسئولين المحليين فى المناطق المتنازع عليها.
٢- لم يحدث أن أبرمت مصر أية اتفاقات دولية بينها وبين السودان أو بريطانيا لإضفاء الصفة الدولية على هذه التعديلات، وذلك على خلاف القاعدة العامة المتبعة فى هذا الخصوص والتي تقضى بأن تعديلات الحدود لا يمكن أن تتم قانونا إلا بموجب اتفاقات دولية وذلك تنفيذا لاتفاقية فينا المبرمة فى عام ١٨٧٨ بشأن التوارث الدولي والتي تحرم على الدول التنصل من أية اتفاقية مرتبطة بالحدود السياسية تكون سلطات الاحتلال قد وقعت عليها نيابة عنها.
ولكن ما حدث عبارة عن قرارات إدارية ببعض التعديلات فى خط الحدود المتفق عليها وفقا لاتفاقية ١٨٩٩ الدولية، واعتمادا على اتفاق بين السودان وهيئة المساحة المصرية عام ١٩٠٩ قام بمقتضاه الطرفان برسم خريطة للمنطقة أشير فيها إلى خط الحدود السياسية وفقا لدائرة عرض ٢٢ شمالا جنبا إلى جنب مع خط آخر اصطلح على تسميته بالحدود الإدارية فى ضوء التعديلات التى أشرنا إليها.
٣- إن الادعاء بأن مصر قد تنازلت عن سيادتها على المناطق المتنازع عليها شمال دائرة عرض ٢٢ شمالا يفتقر إلى الدليل المقنع، لأن المعروف أن مصر كانت خاضعة لسيادة الباب العالي (الدولة العثمانية) وقت إجراء التعديلات، ولم تكن تستطيع التنازل أو بيع أو رهن أى جزء من أراضيها إلا بموافقة الدولة العثمانية وهو ما لم يحدث.
٤- إن الحق المصري فى مناطق النزاع قبل حصول السودان على استقلاله فى يناير عام ١٩٥٦ كان يعد قائما كما يبدو من الخرائط التى كانت تصدرها هيئة المساحة المصرية التى أشرنا إليها وذلك حتى عام ١٩٥٨ عندما قررت الحكومة المصرية إغفال الإشارة إلى الحدود الإدارية والتمسك بحقها فى إطار الحدود السياسية المعترف بها دوليا، كما أن إصرار السودان على الإشارة إلى الحدود الإدارية كان يلقى معارضة مستمرة من جانب مصر.
٥- وفقا للقانون الدولي فإن التنازل عن الإقليم لا يكون صحيحا وملزما قانونا إلا بموافقة الأطراف المعنية على ذلك صراحة.
٦- إن الموقف المصري يعتمد على فكرة أساسية وهى أن السودان لم يكن يباشر إلا اختصاصات محدودة فى المناطق الواقعة إلى الشمال من خط عرض ٢٢ شمالا، وهى اختصاصات اقتضتها الضرورات العملية لتنظيم شئون السكان على جانبي الحدود، وهذه الاختصاصات لم تصل إلى الدرجة التى تستحق معها أن تكتسب صفة أعمال السيادة.
٧- إن مصر سبق أن أصدرت قرارا إداريا بضم منطقة كورسكو المجاورة لنهر النيل والتي تنحصر بين النيل بخط مستقيم يمتد من جبل بارتازوجا فى الجنوب حتى كورسكو الواقعة على نهر النيل فى الشمال من خط الحدود السياسية الدولي، ولكن السودان أهمل هذه المنطقة لفقرها ولأنها أشد جفافا من المناطق الأخرى. ولم يكن فى ضمها للسودان أى نفع ظاهر، فتقرر إعادتها إلى مصر، وصدر فى عام ١٩٠٧ قرار بإعادة هذه المنطقة إلى مصر، وذلك بجعل الحدود الإدارية فى هذه المنطقة تتفق مع الحدود السياسية الدولية بدلا من انحرافها شمالا نحو كورسكو. فإذا كان للسودان حق رسمي في هذه المناطق فلماذا يتنازل عنها، ثم لماذا يصدر القرار من جانب مصر دون اتفاق دولي.
٨- إن مصر وحدها هى التى كان لها وجود ظاهر فى معظم المنطقة المتنازع عليها طوال الفترة التى تلت إجراء التعديلات الإدارية المشار إليها وحتى استقلال السودان. وقد طالبت بتعديل الحدود مرارا.
ومن أهم مظاهر الوجود المصري أن هناك شركة مصرية (شركة علبه المصرية) تعمل فى مجال استخراج المعادن فى هذه المنطقة. وقد أنشئت هذه الشركة فى عام ١٩٥٤ وظلت تباشر عملها حتى أدمجت فى شركة النصر للفوسفات عام ٠١٩٦٣
ويعود النشاط التعديني المصري فى المنطقة الواقعة إلىعام١٩١٥. فقد أصدرت مصر منذ عام ١٩١٥ حتى عام . ١٩٨ نحو. ٨ ترخيصا للبحث والتنقيب فى المنطقة لاستغلال الثروة المعدنية، كما رفضت عشرة تراخيص منها سبعة تراخيص لشركة شرق السودان السودانية، وكانت تأخذ فى الاعتبار أن كل ما يحدث شمال دائرة عرض ٢٢ شمالا يتم فى أرض مصرية، وكات تخطر السودان فقط بما يصدر من تراخيص لكى يتولى الإداريون المشرفون على المنطقة تأمين المرخص لهم. فكيف يطلب السودان الترخيص لبعض شركاته بينما لا يعترف بحق مصر فى هذه المنطقة. كما أن مصلحة المساحة أصدرت أحد عشر ترخيصا لشركة النصر للفوسفات للبحث عن المعادن فى وسط وغرب منطقة حلايب منذ بداية عام . ١٩٨ . وكل هذا من شأنه أن يرد على حجة السودان التى تعتمد على مبدأ التقادم فى الحيازة لهذه المنطقة وعدم مطالبة مصر بها.
ثانيا - الموقف السوداني:
يرى السودان أن المناطق المتنازع عليها الواقعة شمال دائرة عرض ٢٢ شمالا قد أصبحت جزءا لا يتجزأ من السودان وأنها لم تعد أرضا مصرية، بل هى أرض سودانية خالصة؛ وذلك استنادا على بعض الحجج والأسانيد التى من أبرزها ما يلى:
١ - إن السودان ممثلا فى دولتي الإدارة الثنائية ظل يدير هذه المناطق منذ إجراء التعديلات الإدارية على خط الحدود الذى أنشئ بناء على اتفاق ١٨٩٩، ويرى السودانيون أن السودان قد قام من خلال الحيازة الفعلية لهذه المناطق بمباشرة كافة أعمال السيادة التى تعد دليلا حاسما على انتقال السيادة إليه فيما يتعلق بهذه المناطق.
٢ - لو فرض أن التعديلات التى أدخلت على خط الحدود كانت ذات صفة إدارية بحتة، إلا أن قبول مصر لاستمرار السودان فى إدارة هذه المناطق وعدم الاعتراض على هذا الوضع طوال الفترة ما بين عامي ١٨٩٩ ، ١٩٥٨ يدل على أن مصر قد تنازلت عن حقوقها السيادية فى هذه المناطق، كما يعد ذلك سندا للسودان للتمسك بالمناطق المذكورة تأسيسا على فكرة التقادم القائمة على مبدأ الحيازة الفعلية وغير المنقطعة من السودان من جانب، وعدم وجود معارضة لهذه الحيازة من مصر من جانب آخر.
تتسل.
٣- إن مصر عندما اعترفت بالسودان كدولة مستقلة ذات سيادة عام ١٩٥٦، لم تشر فى اعترافها إلى أية تحفظات بشأن الحدود. وهذا يعنى إما أنها كانت ترى عدم وجود أية مطالب لها فى هذه المناطق، أو أنها قد تنازلت عن هذه المطالب. كما أن مصر لم تعترض على المذكرة التى بعث بها السودان إليها فى يناير عام ١٩٥٦، والتي أشار فيها صراحة إلى أنه يحتفظ بموقفه الخاص فيما يتعلق بجميع الاتفاقيات التى عقدتها نيابة عنه دولتا الإدارة الثنائية.
٤- إن السودان يتمسك بمبدأ المحافظة على الحدود الموروثة منذ عهد الاستعمار، فالسودان قد ورث حدوده الحالية ومنها حدوده الشمالية عن دولتي الإدارة الثنائية (مصر وبريطانيا). كما يرى السودان أن مبدأ قدسية الحدود الموروثة قد أكدت عليه منظمة الوحدة الأفريقية فى ميثاقها الذى تم إقراره صراحة من جانب مؤتمر رؤساء الدول والحكومات الأفريقية فى اجتماعه الأول بالقاهرة فى يوليو عام ١٩٦٤، ولم تعترض مصر عليه كما اعترضت كل من الصومال والمغرب فى ذلك الوقت.
وأمام تلك الحجج والأسانيد من كل جانب فإن الأمر يتطلب ضرورة معالجة النزاع حول هذه القضية فى إطار من الأخوة وحسن الجوار ولتحقيق المصالح المشتركة بينهما بعد أن أصبح الشعبان المصري والسوداني يشكلان كيانا اجتماعيا واحدا لما بينهم من صلات القربى والمصالح المشتركة.
فالأمر لا يحتاج إلى تصعيد على المستوى الدولي، وهذا ما قامت به السودان عندما تقدم السودان بشكوى لمجلس الأمن ضد مصر عقب قيام السودان بالموافقة لشركة كندية بالتنقيب فى منطقة علبه، وهذا ما اعترضت عليه مصر نتيجة عدم أحقية السودان فى تجاوز الإشراف الإداري، وأصرت مصر على ممارسة حقها فى المنطقة مما دعا السودان للتقدم بشكوى لمجلس الأمن فى ٢٧ ديسمبر عام ١٩٩٢، وقامت مصر بالرد على هذه الشكوى فى حينه وما زال النزاع قائما بين الدولتين.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|