أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-1-2022
2062
التاريخ: 14-5-2022
1193
التاريخ: 14-1-2022
3623
التاريخ: 25-9-2021
2055
|
تحديد المياه الإقليمية:
رغم وجود الدول القديمة فى الماضي فإن الحدود السياسية البحرية لهذه الدول كانت عبارة عن مناطق انتقال وليست خطوطا فاصلة فصلا دقيقا، فقد كانت هذه الخطوط غالبا مفتوحة أمام الغزوات البحرية المفاجئة وأمام غزوات القراصنة؛ ولذلك كانت وسيلة الدفاع ضد هذا العدوان هى ترك منطقة خالية مقفرة بين خط الساحل والمدن والعمران فى الداخل لكى تكون عاملا من عوامل الإنذار المبكر للسكان ليتمكنوا من التجمع والاستعداد للدفاع عن الدولة ضد الغزو المفاجئ، ولذلك كانت العواصم والمدن التجارية الساحلية لا تقام على الشواطئ مباشرة إذا كانت الدولة قوية ويمكنها الدفاع عنها, ويبدو ذلك من إنشاء مدينة روما على بعد عشرين كيلو مترا من الساحل، وأثينا التى أنشئت على بعد ثمانية كيلومترات.
ولكن هذا النوع من الحذر لم يكن مجديا وكافيا للدفاع عن المدن الساحلية بعد نمو الأساطيل البحرية وظهور الأسلحة الحديثة، وخاصة أن بعد المدن التجارية عن السواحل يعوق الحركة التجارية، ولذلك أصبح من الضروري عمليا أن تقام المدن التجارية على السواحل، وبالتالي كان من الضروري أيضا العمل على حماية هذه المدن وذلك بإبعاد العدوان القادم إليها من البحر، وذلك بأن تكون لها السيادة على شريط مائي بامتداد شواطئها بحيث تمارس فيه الدولة سيطرتها الكاملة تماما كما هو فى اليابس، ولوضع حد لسيطرة الدول الكبرى البحرية على البحار كما كان الحال بالنسبة لإسبانيا والبرتغال اللتين تقاسمتا المسطحات المائية، ومن بعدهما بريطانيا وفرنسا وهولندا ثم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي فيما بعد, ولكن المشكلة فى كيفية تحديد المدى الذى يمكن أن تمتد إليه سيطرة الدول الساحلية داخل المسطحات المائية المجاورة التى تعرف بالمياه الإقليمية.
والمياه الإقليمية كفكرة تطبيقية فى الحدود السياسية مرت بتاريخ طويل ومعقد وغير متفق عليه من كافة الدول. فقد بدأت الدول تنظر إلى المياه المجاورة لها على أنها مناطق تقع تحت سيادة الدولة شأنها شأن اليابس، فى حين كانت هناك آراء ترى أن المسطحات البحرية لا يمكن اعتبارها ملكا لأحد فيما عدا الخلجان والمضايق التى يمكن اعتبارها مياها داخلية, وفي القرن السادس عشر ادعت كل من إسبانيا والبرتغال السيادة على مساحات واسعة من المحيطات.
وفى القرن الثالث عشر أصدرت النرويج أمرا بمنع السفن من دخول مياه النرويج شمال برجن 1280^18 إلا بعد الحصول على تصريح، كما كانت دوقية وينميا تعتبر الأدرياتيك مياها إقليمية تابعة لها، وكما ادعت كل من إسبانيا والبرتغال فى القرن السادس عشر السيادة على مياه المحيطات، وادعت بريطانيا فى القرن الساع عشر ملكيتها للبحار المحيطة بها والتي تفصلها عن أوربا، وأعلنت الدانمرك عام ١٦٩١ أن شواطئها لمدى الرؤية بالعين يقع تحت سيادتها.
وفي عام١٧٠٢منشر القانوني الهولندي فان بنكر شوك كتابا بعنوان «السيادة البحرية» وفيه أشار إلى أن البحر ملك للجميع، ولكن السيادة على المناطق البحرية المجاورة من حق الدولة المطلة على هذا البحر، وحدد المسافة التى تمتد إليها هذه السيادة بثلاثة أميال بحرية وهو المدى الذى يمكن أن تصل إليه طلقة المدفع الساحلي وقتها، كما ظهرت فكرة أخرى ترى وجوب تحديد مساحة تمتد إليها سيادة الدولة من أجل الصيد.
وفى عام ١٧٨٢ أعلن قانوني إيطالي أن المياه الإقليمية يجب أن تكون بعرض ثابت وهو ثلاثة أميال بحرية لجميع الدول معتمدا فى ذلك على مدى قذيفة المدفع الساحلي، وطلب أن يلى المياه الإقليمية منطقة محايدة تكون بعرض مساو لضعف المياه الإقليمية, وفي عام ١٧٩٣ أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية بدء إنشاء منطقة محايدة فى المياه بعرض ثلاثة أميال.
ولكن التنفيذ الفعلي لمبدأ تحديد الثلاثة أميال واجه صعوبات كثيرة فى التنفيذ؛ وذلك لأن بعض الدول لم توافق على هذا المبدأ، كما أنه يفتقر إلى توفير القوة التى تلزم الدول على احترامه، كما أن تحديد الثلاثة أميال وهى مدى قذيفة المدفع الساحلي لم تعد كما كانت من قبل، فقد تجاوزت ذلك بكثير، بل أصبحت هناك صواريخ عابرة للقارات.
والقانون الدولي الحالي يعترف بأن من حق الدول المتاخمة للبحار أن تبسط سلطانها على شريط من مياه البحر يمتد لمسافة معينة من الساحل ويعرف هذا الشريط بالمياه الإقليمية. ولكن الدول تختلف فى تحديد مسافة هذا الشريط، بل قد يختلف التحديد فى نطاق الدولة الواحدة بحسب الغرض الذى من أجله تريد فرض سلطانها على جزء من مياه البحر المتاخمة، فبعض دول أمريكا اللاتينية تحدد ثلاث مناطق: الأولى مسافتها ثلاثة أميال تدخلها ضمن الممتلكات الوطنية، والثانية خمسة أميال لمباشرة اختصاصها الجنائي، والثالثة ١٢ ميلا لممارسة إجراءات أمنها البوليسي والإشراف على تنفيذ قوانينها المالية.
وفى الوقت الحاضر لا يوجد تنظيم دولي عام تتحدد بمقتضاه المسافة التى يجب ألا تتعداها الدولة فى تعيينها لمياهها الإقليمية، بل ترك للدول مطلق الحرية فى تحديد مياهها الإقليمية تبعا لما يحقق مصلحتها الوطنية.
والدول في تحديد المياه الإقليمية تأخذ ثلاثة اتجاهات:
أ - الاتجاه الأول: وهو الذى تدافع عنه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وهولند، وهو الذى يحدد المياه الإقليمية بثلاثة أميال بحرية.
ب- الاتجاه الثاني: يتمثل فى عدم الاقتناع بتحديد الثلاثة أميال وإنما تجاوزتها إلى أربعة أميال مثل السويد والنرويج، أوستة أميال مثل إيطاليا وإسرائيل، أو ١٢ ميلا مثل مصر والمملكة العربية السعودية، بل إن بعض الدول توسعت فى مياهها الإقليمية إلى٠ ٠ ٢ ميل مثل يرو وشيلي.
ج- الاتجاه الثالث: يعترف بالثلاثة أو الستة أميال بحرية ويزيد عليها منطقة إضافية لا يظهر فيها سلطان الدولة المتاخمة بنفس الصورة التى يظهر فيها بالنسبة للمياه الإقليمية. ومسافة هذا الشريط الإضافي يترك تحديدها لإرادة الدولة الساحلية منفردة أو بالاتفاق. وقد تبنت هذا الاتجاه فرنسا التى أصدرت مرسوما فى عام ١٩٣٩ باعتبار المنطقة الإضافية المجاورة تمتد لمسافة ستة أميال، وإيطاليا التى أصدرت قانونا عام ١٩١٢ باعتبار هذه المنطقة عشرة أميال.
وقد عقدت المؤتمرات العديدة لوضع حد لهذا الاختلاف، ومنها مؤتمر موناكو عام ١٩٢٩، ومؤتمر لاهاي عام 1930، ومؤتمر جنيف عام ١٩٥٨، ومؤمر البحار الذى عقد عام ١٩٧٣ ، ومؤتمر المكسيك فى عام ١٩٨٢ . وجميع هذه المؤتمرات لم تصل لتحديد ثابت للمياه الإقليمية، ولكنها نجحت فى تحديد حد أدنى للمياه الإقليمية وهو ثلاثة أميال بحرية، كما اتفق على تحديد نقطة البداية لقياس المياه الإقليمية وهى التى تبدأ من الخط الذى يصل إليه أدنى منسوب للمياه عند حدوث الجزر بالنسبة للشاطئ الطبيعي، أو من وراء الحواجز أو الأرصفة المحيطة بالموانئ، أو الأحواض البحرية. وتعد الخلجان التى لا يتجاوز عرضها حدود المياه الإقليمية للدولة مياها داخلية، كما يحسب عرض المياه الإقليمية للجزر التابعة للدولة بالقرب من شواطئها على أساس أن لكل جزيرة مياهها الإقليمية تبعا لعرض المياه الإقليمية المحددة للدولة، وإذا تجاوزتها تصبح مياها محايدة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|