العبد فاعل بالاختيار و ان الله لا يعذب الغير على فعل لا يصدر عنه |
1010
05:43 مساءاً
التاريخ: 6-08-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-11-2014
894
التاريخ: 6-08-2015
764
التاريخ: 6-08-2015
901
التاريخ: 6-08-2015
1011
|
[اولا] : في ان العبد فاعل (1) : اختلف الناس في ذلك.
فذهبت جماعة: إلى ان العبد فاعل
بالاختيار.
وقال آخرون: ان الافعال والموجودات
والكائنات، كلها واقعة من الله تعالى(2).
والحق الاول لوجوه:
أ / (3) ان الضرورة قاضية بالفرق بين
افعالنا الاختيارية والاضطرارية، فانا نفرق بالضرورة بين حركتنا يمنة ويسرة، وبين
الطيران إلى السماء والوقوع من شاهق، ولو كانت الافعال كلها صادرة من الله تعالى،
انتفى الفرق بينهما، وهو معلوم البطلان بالضرورة.
ب / ان افعالنا تقع بحسب قصودنا
ودواعينا، وتنتفي بحسب كراهتنا وصوارفنا، فانا اذا اردنا الحركة يمنة ، اوجدناها
كذلك لا يسرة، واذا اردنا الصعود، وقع لا النزول، واذا اردنا الاكل، وقع لا الشرب،
وهذا الحكم كله ضروري (4)، ولو كانت الافعال صادرة من الله تعالى، لم يكن كذلك،
بل، جاز ان يقع وان كرهناها، وان لا يقع وان اردناها.
ح / ان الله تعالى: قد كلفنا بإيقاع
افعال، والامتناع عن افعال.
فإما ان يكون ما كلفنا به - ايجادا او
اعداما -، مقدورا لنا او لا يكون.
والثاني: يلزم منه تكليف ما لا يطاق:
وهو قبيح عقلا وممتنع سمعا، قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا
وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
والاول: يلزم منه المطلوب، لان القادر
هو الذي يصح منه وقوع الفعل.
د / هاهنا افعال واقعة بعضها طاعات
وبعضها معاص.
فأما ان تكون صادرة من العبد خاصة،
فثبت المطلوب.
واما ان تكون صادرة من الله تعالى
خاصة، فيقبح تعذيب العبد واثابته، لان نسبته اليها كنسبة غيره(5)، حيث لا فعل له
فيها.
واما ان تكون صادرة منهما، فيقبح
اختصاص العبد بالثواب والعقاب ايضا، فانه ينافي مطلوبهم، حيث قالوا: لا مؤثر الا
الله تعالى، وايضا اذا جاز ان يكون للعبد تأثير ما، جاز اسناد افعاله اليه.
وان لم يكن من العبد ولا من الله
تعالى، قبح تكليف العبد بها، واثابته عليها، ومؤاخذته على فعلها.
ه / ان القرآن مملو بإسناد الافعال
إلى العباد، والتوعد عليها والمؤاخذة، وانما يصح ذلك لو اسندت افعالنا الينا.
و / انا نفرق بين من احسن الينا ومن
اساء(6)، ونمدح الاول ونذم الثاني، وهذا مركوز في عقول الناس حتى الاطفال
والمجانين، بل ، والبهائم ايضا، وما احسن قول ابي الهذيل العلاف (7) : حمار بشر
اعقل من بشر، لان حمار بشر لو اتيت به إلى جدول صغير(8)، وكلفته عبوره فانه يعبره،
ولو اتيت به إلى جدول كبير وضربته وكلفته العبور لم يعبره، لانه فرق بين ما يقدر
عليه فأجاب اليه واطاع، وبينما لا يقدر عليه فامتنع من الانقياد اليه.
ز / انه يلزم ان يكون الله تعالى، اضر
على العبد من الشيطان، لان الله لو خلق الكفر في العبد، ثم عذبه عليه، كان اضر من
الشيطان، الذي لا قدرة له على العبد، سوى التخييل والتزيين والوسوسة، وكان يجب ان
يستعاذ بالشيطان من الله تعالى لا ان يستعاذ بالله تعالى من الشيطان.
[ثانيا] : في ان الله لا يعذب الغير على فعل لا
يصدر عنه . اختلف المسلمون هنا.
فذهب طائفة: إلى ان الله تعالى لا يعذب احدا من
خلقه، الا على فعل يصدر عنه ويستحق بسببه العقاب.
وذهب آخرون: إلى ان الله تعالى، انما يعذب العبد
على فعل لا يصدر عن العبد، بل، يكون صادرا من الله تعالى.
والاول اصح والا لزم الظلم والجور والعدوان من
الله تعالى: فان كل عاقل [ يحكم بظلم كل من يفعل فعلا، فيعاقب غيره عليه، فيجب على
كل عاقل:(9) ] ان ينزه نفسه عن هذه المقالة والا، فان من له ادنى بصيرة، يحكم حكما
ضروريا بان الله تعالى، يقبح منه تعذيب الاطفال، على الوانهم وخلقهم وصورهم، بأعظم
مراتب العذاب، وانه لو فعل ذلك، لكان من اعظم الجائرين، تعالى الله عن ذلك، ولا
فرق بين فعل العبد ولونه، فانهما جميعا صادران منه تعالى عندهم.
_________________
(1) ينظر: قواعد المرام: ص 107، وكتاب النافع يوم الحشر: ص 47.
(2) ينظر: الفرق بين
الفرق: ص 128، والملل والنحل: 1 / 108، والتبصير في الدين: ص 96، والفصل في الملل
والنحل: 3 / 22، ومقالات الاسلاميين: ص 294، والتنبيه والرد: ص 12.
(3) وفي النسخة
المرعشية: ورقة 35، لوحة ب، ورقة 36، لوحة ب: الاول، الثاني، الثالث، الرابع،
الخامس، السادس، السابع، بدلا من: أ، ب، ج، د، ه، و، ز.
(4) وفي النسخة المرعشية: ورقة 35، لوحة ب، سطر 8: (وهذه الحكم كل
ضروري).
(5) كما كان غير الله فاعل الفعل، الذي هو طاعة او معصية، وغيره لا
يصدر منه شيء، فرجوع الثواب العقاب اليه قبيح، (المخطوطة المرعشية: ورقة 36، لوحة
أ، الهامش الايمن).
(6) وفي النسخة
المرعشية: ورقة 36، لوحة أ، سطر 12: (وبين من اساء)، بزيادة بين ثانية.
(7) محمد بن الهذيل بن
عبدالله بن مكحول العبدي مولى عبد القيس، من ائمة المعتزلة، ولد في البصرة سنة
135، واشتهر بعلم الكلام. كان حسن الجدل قوي الحجة، سريع الخاطر. كف بصره في آخر
عمره، وتوفي بسامراء عام 235 ه، له كتب كثيرة منها: ميلاس كتاب سماه على اسم
يهودي اسلم على يده.
الاعلام: 7 / 355 بتصرف
واختصار.
(8) وفي النسخة
المرعشية: ورقة 36، لوحة ب، سطر 2: (..اذ اتيت به..).
(9) هذه العبارة ساقطة
من النسخة المجلسية: ورقة 7، لوحة ب، سطر 14، ومكانها فقط: (فان لكل عاقل ان ينزه
نفسه .. )، بينما هي موجودة في المخطوطة المرعشية: ورقة 37، لوحة أ، سطر 9 - 10،
والصحيح يبدو: بجانب المرعشية.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|