أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-11-2014
1286
التاريخ: 6-08-2015
1744
التاريخ: 13-4-2017
922
التاريخ: 11-4-2018
796
|
إنّ الله تعالى أوجد العباد على وجه الاعتدال بكونهم قادرين على الفعل والترك من غير جبر وتفويض في الأمور ، بل الأمر بين الأمرين ، يدلّ على ذلك :
أوّلا : العقل ، من جهة استلزام الجبر كونه
تعالى ظالما في تعذيب من يحمله على المعاصي كالقتل والزنى والشرك وغير ذلك ،
واستلزام التفويض ـ مضافا إلى وهن السلطنة ـ صيرورة الممكن واجبا بالنسبة إلى
الوجود بعد الوجود ، الذي يكون البقاء عبارة عنه ، وهو محال ؛ من جهة استحالة
انقلاب الماهيّة ، وامتناع تعدّد الواجب ، وكون الامتياز هو الإمكان الذي هو علّة
الافتقار ، فيكون العبد فاعلا للفعل بالمباشرة والعلّيّة القريبة ، ولكن بواسطة
إقدار الله وإبقائه ونحو ذلك ، فلا يكون مخلوقا لله ، ولا مفوّضا إلى العبد ، بل
يكون الأمر بين الأمرين ، بمعنى أنّ المجموع ـ المركّب من فعل الله التكوينيّ
بإيجاد العبد وإحيائه وإعطائه الأسباب كالقدرة ونحوها وإبقائها ، ومن فعل العبد
بالمباشرة ونحوها من باب الجعل للمصلحة ـ علّة لحصول الفعل الاختياريّ للعبد وإن
كانت الإرادة التكليفيّة على خلاف الإرادة التكوينيّة ، فالتركيب اعتباريّ في مقام
الفعل ، لا في مقام الذات حتّى يلزم نحو الوحدة أو الاتّحاد.
وثانيا : النقل ، كما قال الله تعالى : {لَا إِكْرَاهَ
فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] وقال تعالى : {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] وقال تعالى : {فَأَصَابَهُمْ
سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا} [النحل: 34] وقال تعالى : {الْيَوْمَ تُجْزَى
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر: 17] وقال تعالى : {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ
مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [الطور: 16] وقال تعالى : {كُلُوا وَاشْرَبُوا
هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: 19] وقال تعالى : {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ
أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم:
31] إلى غير
ذلك من الآيات الدالّة على خلاف ذلك ـ كقوله : {وَمَنْ يُضْلِلِ
اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الرعد: 33] و {َمَنْ يَهْدِ اللَّهُ
فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ } [الزمر: 37] وقال تعالى : {أَفَرَأَيْتَ مَنِ
اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ
وَقَلْبِهِ} [الجاثية: 23] وقوله تعالى : {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ
} [النحل: 108] ونحو ذلك
ـ محمولة على كون الضلالة بالاختيار كالطبيعة الشبيهة بالوصف الخلقي المجبول عليه
كقلوب البهائم ، أو على وسم قلوبهم بما يعلم به الملائكة ضلالتهم وعدم اختيارهم
الإيمان ، فيذمّونهم ويمدحون عليهم (1) حتّى كان الله تعالى شهد على ذلك ؛ إلى غير
ذلك من المحامل.
وروي عن الرضا عليه السلام أنّه قال ـ بعد
السؤال عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى
سَمْعِهِمْ} [البقرة: 7] ـ : « الختم هو الطبع على قلوب الكفّار عقوبة على كفرهم ، كما قال
تعالى : {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا
قَلِيلًا} [النساء: 155]» (2).
وروي عن معاوية الشامي ، قال : دخلت على
عليّ بن موسى الرضا عليه السلام بمرو ، فقلت: يا بن رسول الله روي لنا عن الصادق
جعفر بن محمّد أنّه قال : « لا جبر ولا تفويض ، بل أمر بين أمرين » فما معناه؟
فقال : « من زعم أنّ الله يفعل أفعالنا ، ثمّ يعذّبنا عليها ، فقد قال بالجبر. ومن
قال : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ فوّض أمر الخلق والرزق إلى حججه : ، فقد قال بالتفويض
، فالقائل بالجبر كافر ، والقائل بالتفويض مشرك » فقلت له : يا بن رسول الله فما
أمر بين أمرين؟ قال : « وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا به وترك ما نهوا عنه » فقلت
له : هل لله ـ عزّ وجلّ ـ مشيئة وإرادة في ذلك؟ فقال : « أمّا الطاعات ، فإرادة
الله تعالى ومشيئته فيها الأمر بها والرضا لها والمعاونة عليها ، وإرادته ومشيئته
في المعاصي النهي عنها والسخط لها والخذلان عليها ».
قلت : فلله ـ عزّ وجلّ ـ فيها القضاء؟ قال
: « نعم ، ما من فعل خير أو شرّ إلاّ ولله فيه قضاء».
قلت : فما معنى هذا القضاء؟ قال : « الحكم
عليهم بما يستحقّونه على أفعالهم من الثواب والعقاب في الدنيا » (3).
إلى غير ذلك من الأخبار (4). وفي بعضها
تفسير التفويض بتفويضه تعالى إلى العباد اختيار أمره ونهيه (5) ، وهو المشهور من
المفوّضة.
وفي هذا المقام يرد على الأشاعرة القائلين
بالجبر والمعتزلة القائلين بالتفويض وأمثالهم.
________________
(1) كذا في النسخ.
(2) « عيون أخبار الرضا » 1 : 123 ـ 124 ، الباب 11 ، ح 16.
(3) « عيون أخبار الرضا » 1 : 124 ، الباب 11 ، ح
17.
(4) « الكافي » 1 : 155 ـ 160 باب الجبر والقدر والأمر
بين الأمرين ؛ « التوحيد » : 359 ـ 360 باب الجبر والتفويض وباب القضاء والقدر.
(5) « تحف العقول » : 463 ؛ « الاحتجاج » 2 : 491 ـ 492 ، احتجاجات
الإمام علي بن محمد الهادي 8 ، ح 328.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|