أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-1-2021
2033
التاريخ: 16-9-2021
1651
التاريخ: 29-1-2016
2720
التاريخ: 12-12-2021
1630
|
الدولة والأمة:
سبق أن انتهينا إلى أن الدولة عبارة عن إقليم منظم تنظيما سياسيا بواسطة شعب متوطن أو مستقر، وله حكومة ذات سلطة تنفيذية تنظم العلاقة بين الشعب فى إطار هذا الإقليم والعلاقة بين هذا الإقليم والأقاليم الأخرى.
أما الأمة فإنها جماعة تربط بين أفرادها اللغة المشتركة والرغبة فى العيش معا نتيجة الإحساس المتشابه نتيجة تراث مشترك من العادات والأخلاق والذكريات، واتحاد المدنية وروابط ترجع إلى الدين واللغة والجنس. وهذه الجماعة باستقرارها فى بقعة معينة من الأرض تتوثق الصلات بين أفرادها وتشتد بينهم الروابط وتقوى بمضي الزمن.
فالأمة تتكون من جماعة تستقر فى منطقة معينة، وبمضي الزمن يرتبط أفراد هذه الجماعة بروابط متعددة تقوى من وحدتهم، وتزيد التآلف بينهم. فوجود هذه الجماعة واستقرارها فوق أرض معينة مع الرغبة المشتركة فى العيش معا والعمل على تحقيق أهداف مشتركة يؤدى إلى نشأة الأمة.
ومن العوامل التى تساعد على تكوين الأمة وتطورها وحدة اللغة والجنس والدين والعادات والتقاليد والمصالح والذكريات والمشاعر المشتركة. وليس شرطا أن تتوافر كل هذه العوامل لكى توجد الأمة، وإنما يكفى وجود بعضها الذى يشكل العناصر الأساسية لنشأة الأمة، وهى الجماعة البشرية، والإقليم والرغبة المشتركة لأفراد الجماعة فى العيش معا، تلك الرغبة التى تتولد عند الأفراد وتتجمع بينهم نتيجة تضامن عوامل وعناصر متعددة تختلف أهميتها من أمة لأخرى حسب ظروف كل منها. ولذلك نجد أن أمما تكونت على الرغم من اختلاف أفرادها فى الجنس واللغة والدين مثل الأمة البلجيكية والأمة السويسرية والأمة الأمريكية.
فالأمة السويسرية غير متحدة فى الجنس أو اللغة، فهى تتكون من ثلاث مناطق: ألمانية وفرنسية وإيطالية، ولكل منطقة لغتها الخاصة بها، وكذلك البلجيكية التى تضم اللغة الفرنسية لغة الوالون والفلمنكية لغة الفلاندرز، والألمانية لغة الجزء الذى اقتطع من ألمانيا وضم إلى بلجيكا بعد الحرب العالمية الثانية.
أما الأمة الأمريكية فتضم مجموعة من الأجناس المختلفة التى كونت أمة قوية ذات حياة مشتركة ومصالح تجمع بينها, وما تقدم نرى أن الأمة تشترك مع الدولة فى عنصري الشعب والإقليم، لكنها تختلف عنها فيما يتعلق بالحكومة التى تعد ركنا من أركان الدولة وبدون الحكومة لا يمكن أن توجد دولة، أما الأمة فلا يشترط فيها تكون هذا الركن. وإذا توافر هذا الركن فى الأمة فإنها تصبح دولة. وهدف كل أمة أن تكون دولة مستقلة، أى أن تصل الأمة إلى أن تكون دولة واحدة مستقلة، بمعنى أن تتفق الدولة مع لأمة.
وقد يتكون من الأمة عدة دول، وقد يدخل جزء من أمة مع دولة أخرى. وقد تستمر الأمة موزعة بين عدة دول ولا تستطيع الوصول إلى تكوين دولة مستقلة مثل الأمة الألمانية، ودولة النمسا، ودولة تشيكوسلوفاكيا عندما تكونت، وبلجيكا والدانمرك، ومثلها الأمة العربية الموزعة بين عدة دول.
ورغم ذلك فإن الأمة من حيث تعريفها وتحديدها تعد من المسائل غير المحددة فما زال يكتنفها شئ من الغموض عند الباحثين فى هذا الموضوع، ذلك لاختلاف ظروفهم وأحوالهم المختلفة وأوضاعهم التى نشئوا فيها. فليس من الطبيعي أن يعتبر المفكر الأمريكي وحدة الجنس أساسا فى تكوين الأمة؛ لأن الأمريكيين ينتمون إلى أجناس متعددة. ومن هنا كان الاختلاف فى تعريف الأمة وبيان مقوماتها.
فبعض المفكرين الفرنسيين يعرف الأمة بأنها: «مجموعة من الناس تسكن أرغا واحدة وترجع إلى أصل واحد، ولها مصالح مشتركة منذ وقت بعيد، ويتحدث سكانها لغة واحدة» .
بينما يرى المفكر الألماني اشبنجلر بأن «الأمة ما هى إلا وحدة روحية وليست وحدة لغوية أو سياسية».
ويعرفها المفكر الإيطالي «مانشينى" بأنها: «مجتمع طبيعي من الناس يرتبط بعضه ببعض بوحدة الأرض والأصل والعادات واللغة نتيجة الاشتراك فى الحياة وفى الشعور الاجتماعي».
وتعريفات العرب القدامى للأمة لم تكن واضحة ولا محددة، فقد جاء تعريف الأمة فى معاجم اللغة العربية بأنها: «جماعة من الناس، والجيل والقرن، وأهل الزمان الواحد، وغير ذلك من الشروح».
وجاء الإسلام ليشير لى الأمة بقوله تعالى: قال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } الانبياء (92) ، أى أن الأمة الإسلامية أمة واحدة تتحد فى الإسلام كدين.
ويرى كثيرون أن الأمة ما هى إلا مجموعة من الخصائص والمزايا والطباع والعادات والتقاليد والنظم الاجتماعية التى تنطبع على مر الأجيال بدرجات متفاوتة فى نفوس مجموعة تجمعهم وحدة لغوية وأدبية وتاريخية وروابط مشتركة من ذكريات وآمال ومصالح ومؤثرات إقليمية يتمم بعضها البعض الآخر دون أن تتأثر بوحدة الأصل والجنس، وهذا التعريف يجمع بين ما قيل من تعريفات بشأن الأمة.
وفى وقتنا الحاضر وفى ضوء ما قيل يمكننا القول بأن: «الأمة هى مجموعة من الناس ذات لغة مشتركة وثقافة موحدة ومصالح مشتركة بحيث يكون من خلال، هذه العوامل تميز أمة عن غيرها من الأمم،. ولتذكر قول الله تعالى عزوجل{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} يونس ﴿١٩﴾، وقوله تعالى : {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً }> [الشورى].
وقد ظهرت عدة نظريات فلسفية تبحث فى أساس نشأة الأمم مثل النظرية الألمانية للفيلسوف الألماني، والنظرية الفرنسية للفيلسوف الفرنسي رينان والنظرية الماركسية الروسية للزعيم السوفيتي ستالين. وكل نظرية من هذه النظريات ترجع نشأة الأمة إلى عامل معين. فالنظرية الألمانية تقيم الأمة على أساس اللغة، بينما النظرية الفرنسية تقيمها على أساس إرادة الأفراد ومصالحهم المشتركة فى العيش معا. أما النظرية الماركسية فترجع الأمة إلى وحدة الحياة الاقتصادية. وهذه النظريات وإن كانت تتضمن جانبا من الصواب إلا أن كل نظرية منها لا تصلح بمفردها لتكون أساسا لنشأة الأمم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|