أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-3-2019
2364
التاريخ: 14-10-2015
3333
التاريخ: 30-4-2022
1896
التاريخ: 29-4-2022
1748
|
بيعة المسلمين للإمام عليّ ( عليه السّلام )[1]:
سادت الفوضى أرجاء المدينة بعد مقتل عثمان ؛ فاتّجهت الأنظار والآراء إلى الإمام عليّ ( عليه السّلام ) لينقذ الامّة من محنتها وتخبّطها ، ولم يتجرّأ أحد أن يدّعي أحقيّته بالخلافة التي تكتنف طريقها المشاكل المستعصية ، كما أنّ الظرف السياسي لم يمهل عثمان أن يتّخذ قرارا بشأن الخلافة كما اتّخذ صاحباه من قبل ، ولم يكن المتبقّي من أصحاب الشورى يملك مؤهّلات الخلافة أصلا ، فكيف وقد تعقّدت الأمور وتدهور وضع الدولة وكيانها ، ولا بدّ أن يتزعّم الامّة قائد يملك القدرة للنهوض بالامّة بعد انحطاطها وقيادتها لاجتياز الأزمة وصيانتها عن الضياع ، ولم يكن من شخص إلّا الإمام عليّ ( عليه السّلام ) راعيها وسيّدها .
تحرّكت جماهير المسلمين بإصرار نحو الإمام عليّ ( عليه السّلام ) لتضغط عليه كي يقبل قيادتها ، ولكنّ الإمام ( عليه السّلام ) استقبل الجماهير المندفعة بوجوم وتردّد ، فقد حرم منها وهو صاحبها وجاءته بعد أن امتلأت الساحة انحرافا والامّة تردّيا ، وتجذّرت فيها مشاكل تستعصي دون النجاح في المسيرة ، فقال لهم : « لا حاجة لي في أمركم أنا معكم فمن اخترتم رضيت به فاختاروا »[2]. وقال ( عليه السّلام ) : « لا تفعلوا فإنّي أكون وزيرا خير من أن أكون أميرا »[3].
وأوضح لهم الإمام ( عليه السّلام ) عمّا سيجري فقال : « أيّها الناس ! أنتم مستقبلون أمرا له وجوه وألوان ، لا تقوم به القلوب ، ولا تثبت له العقول . . . »[4] وأمام إصرار الجماهير على توليته الأمر قال لهم : « إنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم . . . وإن تركتموني فإنّما أنا كأحدكم ، ألا وإني من أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم »[5]. . وتكاثرت جموع الناس نحو الإمام وقد وصف ( عليه السّلام ) توجّههم نحوه مطالبين قبوله بالخلافة بقوله :
« فما راعني إلّا والناس كعرف الضبع ينثالون عليّ من كلّ جانب حتى لقد وطئ الحسنان وشقّ عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم »[6].
لم يكن الإمام حريصا على السلطان ، بل كان حرصه أن ينقذ ما بقي من الامّة ، وأن يحافظ على الشريعة الإسلامية نقيّة من الشوائب والبدع ، فقبل أن يتولّى أمر الخلافة ولكنّه أخّر القبول إلى اليوم الثاني ، وأن تكون بيعة الجماهير علنية في المسجد ، رافضا بذلك أسلوب بيعة السقيفة والتوصية والشورى ، وفي الوقت ذاته ليعطي الامّة فرصة أخرى كي تمتحن عواطفها وقرارها في الخضوع له ، فقد ضيّعت فيما سبق نصوص النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) على خلافته فانحرفت . ومن هنا قال ( عليه السّلام ) : « واللّه ما تقدّمت عليها - أي الخلافة - إلّا خوفا من أن ينزو على الامّة تيس علج من بني اميّة فيلعب بكتاب اللّه عز وجل »[7].
لقد كانت خطورة الموقف من نفوذ بني اميّة في مراكز الدولة وطمعهم الشديد للسلطان في حالة من غياب الوعي الرسالي في المجتمع .
وما أن أقبل الصباح ؛ حتى حفّت الجماهير بالإمام ( عليه السّلام ) تسير نحو المسجد ، فاعتلى المنبر وخاطب الجماهير : « يا أيّها الناس ! إنّ هذا أمركم ليس لأحد فيه حقّ إلّا من أمّرتم ، وقد افترقنا بالأمس وكنت كارها لأمركم ، فأبيتم إلّا أن أكون عليكم ، ألا وإنّه ليس لي أن آخذ درهما دونكم ، فإن شئتم قعدت لكم ، وإلّا فلا آخذ على أحد . . . » .
فهتفت الجماهير بصوت واحد : نحن على ما فارقناك عليه بالأمس . . وقالوا :
نبايعك على كتاب اللّه ، فقال ( عليه السّلام ) : اللّهمّ اشهد عليهم[8].
وتدافع الناس كالموج المتلاطم إلى البيعة ، فكان أوّل من بايع طلحة بيده الشلّاء والذي سرعان ما نكث بها عهد اللّه وميثاقه ، وجاء بعده الزبير فبايع ، ثمّ بايعه أهالي الأمصار وعامّة الناس من أهل بدر والمهاجرين والأنصار عامّة .
كانت بيعة الإمام عليّ ( عليه السّلام ) أول حركة انتخاب جماهيرية ، ولم يحض أحد من الخلفاء بمثل هذه البيعة ، وبلغ سرور الناس ببيعتهم أقصاه ، فقد أطلّت عليهم حكومة الحقّ والعدل ، وتقلّد الخلافة صاحبها الشرعي ناصر المستضعفين والمظلومين ، وفرحت الامّة بقبول الإمام للخلافة كما وصف الإمام ( عليه السّلام ) ذلك بقوله : « وبلغ سرور الناس ببيعتهم إيّاي أن ابتهج بها الصغير ، وهدج إليها الكبير ، وتحامل نحوها العليل ، وحسرت إليها الكعاب »[9].
[1] تمّت بيعة الإمام عليّ ( عليه السّلام ) في ذي الحجّة عام ( 35 ) ه
[2] تاريخ الطبري : 3 / 450 ط مؤسسة الأعلمي .
[3] المصدر السابق .
[4] نهج البلاغة : الكلمة ( 92 ) .
[5] نهج البلاغة : الكلمة ( 92 ) .
[6] نهج البلاغة : الخطبة ( 3 ) المعروفة بالشقشقية .
[7] عن أنساب الأشراف 1 : ق 1 / 157 .
[8] أنساب الأشراف : 5 / 22 .
[9] نهج البلاغة : الكلمة ( 229 ) .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|