أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-2-2019
2807
التاريخ: 10-4-2016
3347
التاريخ: 10-4-2016
5266
التاريخ: 28-4-2022
4063
|
ألمّ الحزن والأسى بقلب الإمام عليّ ( عليه السّلام ) ، وساورته الشكوك والمخاوف من موقف عمر وترشيحه ، فأيقن أنّ في الأمر مكيدة دبّرت لإقصائه عن الخلافة وحرف الحكومة الإسلامية عن مسارها الصحيح ، وما إن خرج الإمام ( عليه السّلام ) من عند عمر ؛ حتى تلقّاه عمّه العباس فبادره قائلا :
يا عمّ ، لقد عدلت عنّا ، فقال العباس : من أعلمك بذلك ، فقال عليّ ( عليه السّلام ) : قرن بي عثمان ، وقال عمر : كونوا مع الأكثر ، فإن رضي رجلان رجلا ورجلان رجلا فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف ، فسعد لا يخالف ابن عمّه عبد الرحمن وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفون ، فيوليها عبد الرحمن عثمان أو يوليها عثمان عبد الرحمن ، فلو كان الآخران معي لم ينفعاني [1].
وصدق تفرّس الإمام ( عليه السّلام ) فقد آلت الخلافة إلى عثمان بتواطؤ عبد الرحمن ، فقد روي أنّ سعدا وهب حقّه في الشورى لابن عمّه عبد الرحمن ، ومال طلحة لعثمان فوهب له حقّه ، ولم يبق إلّا الزبير فتنازل عن حقّه لصالح الإمام ( عليه السّلام ) ، وهنا عرض عبد الرحمن أن يختار الإمام أو عثمان فقال عمار : إن أردت ألّا يختلف المسلمون فبايع عليّا ، فردّ عليه ابن أبي سرح : إن أردت ألّا تختلف قريش فبايع عثمان ، . فتأكّد التوجّه غير السليم للخلافة وبدت أعراض الانحراف واضحة جلية تؤجّجها نار العصبية .
فعرض عبد الرحمن بيعته بشرط السير على كتاب اللّه وسنّة نبيّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) وسيرة الشيخين ، فرفض الإمام سيرة الشيخين وقبلها عثمان فتمّت له البيعة ، فقال عليّ ( عليه السّلام ) لعبد الرحمن :
« حبوته حبو دهره ، ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا ، فصبر جميل واللّه المستعان على ما تصفون »[2].
« واللّه ما فعلتها إلّا لأنّك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه ، دقّ اللّه بينكما عطر منشم »[3].
ثمّ التفت ( عليه السّلام ) إلى الناس ليوضّح لهم خطأهم المتكرّر في الاستخلاف ورأيه في مصير الرسالة الإسلامية فقال :
« أيّها الناس ! لقد علمتم أنّي أحقّ بهذا الأمر من غيري ، أما وقد انتهى الأمر إلى ما ترون ، فو اللّه لاسالمنّ ما سلمت أمور المسلمين ، ولم يكن فيها جور إلّا عليّ خاصة ، التماسا لأجر ذلك وفضله ، وزهدا فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه »[4].
إنّ الإمام ( عليه السّلام ) دخل مع الباقين في الشورى وهو يعلم بما ستؤول إليه ، محاولة منه لإظهار تناقض عمر ومن سار على نهجه عند وفاة النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) حين كان يرى أنّه لا تجتمع الخلافة والنبوّة في بيت واحد ، أمّا الآن فقد رشّح الإمام ( عليه السّلام ) للخلافة .
روي عن أمير المؤمنين : « ولكنّي أدخل معهم في الشورى لأنّ عمر قد أهّلني الآن للخلافة ، وكان قبل ذلك يقول : إنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) قال : إنّ النبوّة والإمامة لا يجتمعان في بيت ، فأنا أدخل في ذلك لاظهر للناس مناقضة فعله لروايته »[5].
وبايع الإمام ( عليه السّلام ) عثمان بن عفّان سعيا منه أن يصلح الامّة ويوجّهها ، وأن يحافظ على كيانها ، فلم يبخل على الامّة بالنصيحة والهداية والتربية ، فإن أبعدت الخلافة عنه ( عليه السّلام ) فإنّه لم يدّخر وسعا إلّا وبذله يوضّح الحقّ ويرشد إليه ، ويهدي السبيل الصحيح ويدلّ عليه ، ويعين الحاكم حين يعجز ، ويعلّمه إذ يجهل ، ويردعه إذ يطيش .
لماذا لم يوافق الإمام ( عليه السّلام ) على شرط عبد الرحمن بن عوف ؟
لم يقف الإمام عليّ ( عليه السّلام ) موقف المعارض للخليفتين لمصلحة خاصّة أو غاية شخصية ، إنّما لصالح الدين والامّة والعقيدة الإسلامية ، مبتعدا عن الأهواء والرغبات ، مستندا على القرآن والسنّة في كلّ مواقفه ، حريصا على الموضوعية والرسالية في كل قرار يتّخذه وهو الراعي لشؤون الرسالة والامّة في غياب الرّسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، لئلّا يشوب الرسالة الإسلامية شيء يحيد بها عمّا نزلت من أجله .
وموقفه من رفض البيعة بشرط سيرة الشيخين نابع من هذا المنطلق ، فلا يوجد في أصل العقيدة شيء يصحّ أن يسمّى بسيرة الشيخين ، وإنّما هناك القرآن والسنّة النبوية ، فلو أنّ الإمام وافق بهذا الشرط ؛ لكان معناه إمضاء سيرة الشيخين كالسنّة النبويّة ، وإنّ في سيرة الشيخين أنواع التناقض والتفاوت فيما بينهما معا ، بل فيما بينهما وبين القرآن والسنّة النبويّة الشريفة .
ثمّ إنّ الإمام ( عليه السّلام ) يرى أنّ دوره دور المربي بعد النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) في هذه الامّة ، فلم يكن من شأنه أن يوافق على أن يسير بسيرة الشيخين ثم يخالفها كما فعل عثمان حيث رضي بهذا الشرط ولكنّه لم يف به .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|