أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-3-2019
1002
التاريخ: 2-07-2015
1025
التاريخ: 23-10-2014
946
التاريخ: 23-10-2014
1010
|
اننا بعد أن آمنا- عن يقين- بأن هذا الكون بكل ما فيه و من فيه موجود ماثل أمامنا، و انه قد وجد في وقت معين من الاوقات المغرقة في القدم، و أنه لا يمكن ان يكون العدم بما هو عدم موجدا له، بل لا بد ان يكون له موجد خلقه بعد أن لم يكن، فمن هو هذا الموجد؟.
المادة .. أم
اللّه تعالى؟
و نسأل أولا: كيف
وجدت المادة و من أوجدها؟
و يقول الماديون
في الاجابة على هذا السؤال:
ان المادة أزلية
موجودة منذ الازل فليست بحاجة الى خلق و خالق.
وأصبح نقض هذه
الدعوى- بوسيلة العلم- سهلا يسيرا، لأن العلم قد أثبت و ثبت لديه بكل وضوح ان هذا
الكون لا يمكن ان يكون أزليا، فهناك انتقال حراري مستمر من الاجسام الحارة الى
الاجسام الباردة، و لا يمكن ان يحدث العكس بقوة ذاتية، بحيث تعود الحرارة فترتد من
الاجسام الباردة الى الاجسام الحارة، و معنى ذلك ان الكون يتجه الى درجة تتساوى
فيها حرارة جميع الاجسام و ينضب فيها معين الطاقة، و يومئذ لن تكون هنالك عمليات
كيماوية او طبيعية،
ولن يكون هناك أثر
للحياة نفسها في هذا الكون. و لما كانت الحياة لا تزال قائمة و لا تزال العمليات
الكيماوية و الطبيعية تسير في طريقها فإننا نستطيع أن نستنتج أن هذا الكون لا يمكن
أن يكون أزليا والا لاستهلكت طاقته منذ زمن بعيد و توقف كل نشاط في الوجود.
و يستخدم في الوقت
الحاضر عدد من الطرق المختلفة لتقدير عمر الارض بدرجات متفاوتة من الدقة، ولكن
نتائج هذه الطرق متقاربة الى حد كبير، و هي تشير الى ان الكون قد نشأ منذ خمسة
بلايين سنة، و على ذلك فان هذا الكون ليس بأزلي، اذ لو كان أزليا لما بقيت فيه أي
عناصر اشعاعية، و يتفق هذا الرأي مع القانون الثاني من قوانين الديناميكا
الحرارية.
أما الرأي الذي
يقول بأن الكون دوري أي انه ينكمش ثم يتمدد ثم يعود فينكمش من جديد فانه رأي لم
يقم لدى العلماء على صحته دليل، و لا يمكن أن يعتبر رأيا علميا، و تؤيد قوانين
الديناميكا الحرارية و الادلة الفلكية و الجيولوجية الكلمة القائلة: «لقد خلق
اللّه في البداية السماوات و الارض».
ان الشمس المستعرة
و النجوم المتوهجة و الارض الغنية بأنواع الاحياء دليل واضح على أن اصل الكون او
أساسه يرتبط بزمان بدأ من لحظة معينة، فهو- اذن- حدث من الاحداث.
و تدلنا الكيمياء
على ان بعض المواد سائرة في سبيلها نحو الزوال أو الفناء بسرعة كبيرة و الاخر
بسرعة ضئيلة، و على ذلك فان المادة ليست أبدية، و معنى ذلك أيضا، انها ليست ازلية،
اذ ان لها بداية. و تدل الشواهد من الكيمياء و غيرها من العلوم على ان بداية
المادة لم تكن بطيئة و لا تدريجية، بل وجدت بصورة فجائية، و تستطيع العلوم ان تحدد
لنا الوقت الذي نشأت فيه هذه المواد، و على ذلك فان هذا العالم المادي لا بد ان
يكون مخلوقا، و هو منذ خلق يخضع لقوانين و سنن كونية محددة ليس لعنصر المصادفة
بينها مكان.
و منذ مائة سنة
تقريبا رتب العالم الروسي «مانداليف» العناصر الكيماوية تبعا لتزايد اوزانها
الذرية ترتيبا دوريا، و قد وجد ان العناصر التي تقع في قسم واحد تؤلف فصيلة واحدة
و يكون لها خواص متشابهة، فهل يمكن ارجاع ذلك الى مجرد المصادفة؟.
ان اكتشاف
مانداليف لا يطلق عليه اسم «المصادفة الدورية» و لكنه يسمى «القانون الدوري».
وهل يمكن ان نفسر
على اساس المصادفة ما وصفه و توصل إليه العلماء من تفاعل ذرات عنصر «أ» مع ذرات
عنصر «ب» و عدم تفاعلها مع عنصر «ج»؟.
كلا. انهم قد
فسروا ذلك على اساس ان هنالك نوعا من الميل او الجاذبية بين جميع ذرات عنصر «أ» و
جميع ذرات عنصر «ب»، و لكن هذا الميل و الجاذبية منعدم بين ذرات عنصر «أ» و ذرات
عنصر «ج».
و قد عرف العلماء
كذلك ان سرعة التفاعل بين ذرات المعادن القلوية و الماء مثلا تزداد بازدياد
أوزانها الذرية. بينما تسلك عناصر الفصيلة الهالوجينية سلوكا مناقضا لهذا السلوك
كل المناقضة، و لا يعرف احد سبب هذا التناقض، و مع ذلك فان احدا لم يرجع ذلك الى
محض المصادفة، او يظن انه ربما يتعدل سلوك هذه العناصر بعد شهر او شهرين، او تبعا
لاختلاف الزمان او المكان، او يخطر بباله ان هذه الذرات ربما لا تتفاعل بنفس
الطريقة او بطريقة عكسية او طريقة عشوائية.
و قد اثبت اكتشاف
تركيب الذرة أن التفاعلات الكيماوية التي نشاهدها و الخواص التي نلاحظها ترجع الى
وجود قوانين خاصة و ليست محض مصادفة عمياء.
ولكي نأخذ فكرة
واضحة عن ضآلة الذرة كان لا بد ان نتصور انه لو تراصت عشرة ملايين ذرة من ذرات
الهيدروجين في صف لما بلغ طوله مليمترا واحدا.
و لو كنت عطشانا و
تجرعت لترا من الماء فان ما تجرعته يحتوي على عدد من الذرات يساوي عدد حبيبات
الرمل التي تغطي سطح الكرة الارضية كلها بما في ذلك المحيطات و البحار.
و مع كل هذه
الضالّة فان الذرة كون قائم بذاته يتركب من احجار غاية في الصغر، أي أصغر بكثير من
الذرة نفسها.
ان الذرة تتكون من
نواة، و النواة مبنية من احجار ادق، بعضها بروتونات و بعضها نيوترونات، و تدور
حولها على مسافة بعيدة نسبيا الألكترونات.
وفي داخل هذا
البناء الدقيق الرائع اكتشف العلماء جسيمات كثيرة وصل عددها حتى الآن الى ثلاثين
نوعا كان منها ما اسلفنا ذكره اي البروتون و النيوترون و الألكترون.
وقد قدر العلماء
عدد الدورات التي يدورها الألكترون حول نواته سبعة آلاف مليون مليون دورة في
الثانية الواحدة.
وبين بعض الذرات و
بعض حب و تآلف و تجاذب و ترابط، و بين بعض الذرات و بعض بغض و تنافر، و الذي يجمع
بين الذرات او يفرق هو قانون الذرات نفسها او قانون الالكترونات الخارجية، و هي
اروع و ادق من قوانين الزواج و الطلاق عند الانسان.
ان ملح الطعام
الذي نتناوله، أصله ذرتان اجتمعتا، و لو لا اجتماعهما في جزأي واحد لأصبح كل منهما
شريرا مدمرا مخربا في اجسام الاحياء فـ (الكلوريد) غاز اذا استنشقه الانسان او اي
كائن حي مات، و الصوديوم عنصر رخو لو لامس الماء لارتفعت منه السنة الدخان و اللهب
و احرق الكائن الحي الذي يحويه. و لكن لقاء السام و المحرق و اجتماعهما حولهما الى
ملح لا هو حارق و لا هو سام .. وهكذا الامر في ذرات الماء الثلاثة المتحدة.
واذا كان التشريع
الاسلامي قد أباح للرجل الزواج بواحدة و مثنى و ثلاث و رباع فكذلك الحال في قانون
ارتباط الذرات. فالكلور يرتبط بالصوديوم في جزأي ليعطينا ملح الطعام فهو ارتباط
بواحدة، و الاوكسجين يرتبط بذرتين من الهيدروجين ليعطي ماء. و النتروجين يرتبط
بثلاث ذرات من الهيدروجين ليعطي الامونيا. و الكاربون يرتبط بأربعة ذرات من
الهيدروجين ليعطي غاز الميثان.
و هناك بعض
العناصر تعيش ذراتها فرادى في حالة عزوبة دائمة، و منها غاز النيون و الرادون.
واذا انتقلنا ونحن
نتحدث عن الروابط الذرية من عالم الذرات الى عالم الجزيئات فان تقدير عدد انواع
الجزيئات الناتجة من الارتباط بين ذرات العناصر الموجودة في ارضنا امر خارج عن
التصور. و يكفي ان نمسك بأي معجم لغوي لنرى عدد الكلمات التي يمكن اشتقاقها من
الحروف الثمانية و العشرين التي تكوّن لغتنا العربية، و لنعرف من ثم مدى الاشتقاقات
الممكنة من قرابة مائة عنصر. حقا انه رقم ضخم فهو ملايين الى جنب ملايين.
و كمثال على ذلك
نذكر ان ارتباط ذرات الكاربون و الاوكسجين و الهيدروجين فقط ينتج لنا اكثر من
مليون مركب كيميائي، و كل له نظام خاص في ترتيب ذراته.
و يقدر بعض
العلماء ان ما في جسم الانسان من انواع البروتينات المختلفة فقط ما يربو عددها على
عشرات الالوف من الموديلات، ان لم تكن مائة الف من الانواع. و البروتين هنا لا
يتكون الا من كاربون و هيدروجين و اوكسجين و نيتروجين و قد يكون معها فوسفور او
كبريت، و قد لا يكون.
و هكذا تتجلى لنا
جزئيات الحياة، و هكذا تدور و تجري و تتحد و تنفصل. و الدوران و الاتحاد و
الانفصال تسير كلها على حسب مقادير معلومة و خطوات مرسومة، لا ارتجال فيها و لا
فوضى، و انما لكل حالة قانون صارم و نظام حاكم.
فهل يتصور عاقل
مفكر او يعتقد ان المادة المجردة من العقل و الحكمة قد اوجدت نفسها بنفسها بمحض
المصادفة؟- او انها هي التي اوجدت هذا النظام و تلك القوانين ثم فرضته على
نفسها؟!. لا شك ان الجواب سوف يكون سلبيا، بل ان المادة عند ما تتحول الى طاقة او
تتحول الطاقة الى مادة فان كل ذلك يتم طبقا لقوانين معينة، و المادة الناتجة تخضع
لنفس القوانين التي تخضع لها المادة المعروفة التي وجدت قبلها.
و اذا كان هذا
العالم المادي عاجزا عن ان يخلق نفسه او يحدد القوانين التي يخضع لها فلا بد ان
يكون الخلق قد تم بقدرة كائن غير مادي.
و لقد أيدت دراسة
الحرارة هذه الآراء وساعدتنا على التمييز بين الطاقة الميسورة و الطاقة غير
الميسورة، و قد وجد انه عند حدوث اي تغييرات حرارية فان جزءا معينا من الطاقة
الميسورة يتحول الى طاقة غير ميسورة، و انه لا سبيل الى ان يسير هذا التحول في
الطبيعة بطريقة عكسية، و هذا هو القانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية.
ولما كانت المادة
حادثة غير ازلية- كما اسلفنا- فلا بد لها من محدث، لان الشيء لا يمكن ان يوجد من
نفسه او يوجد نفسه بنفسه، بل ذلك محال عقلا.
واذن، فان اللّه
تعالى هو خالق المادة و موجدها بلا ريب.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|