أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-10-2014
1145
التاريخ: 2-07-2015
1308
التاريخ: 25-3-2018
687
التاريخ: 25-3-2018
733
|
اعلم! ، أنّ للقوم في اثبات التوحيد مسلكين :
أحدهما : اثبات وحدة الواجب بالذات ، ووحدة إله من دون
التقييد بالعالم ؛
وثانيهما : اثبات وحدة إله العالم.
وجميع البراهين المتقدّمة انّما دلّت على اثبات وحدة الواجب
بالذات ولا يثبت منه وحدة إله العالم ، إذ مجرّد وحدة الواجب بالذات لا يوجب كون
الإله المؤثّر في العالم واحدا ، فلا بدّ لنا من اثبات وحدة الإله الخالق للعالم.
فنقول : القوم استدلّوا على ذلك بوحدة العالم ؛ وتقرير هذا
الاستدلال : إنّ اجزاء العالم يرتبط بعضها ببعض وينتفع بعضها من بعض بحيث لا ينظم
حال بعض بدون آخر ـ كما في اعضاء حيوان واحد ـ فانّ من لاحظ العالم بجميع اجزائه
يجد أنّ فيما بين اجزائه افتقارا بحيث يكون جميعها في سلسلة واحدة ـ ولهذا قال
بعضهم : « إنّ مجموع العالم بمنزلة حيوان واحد واجزائه بمنزلة اعضائه » ـ وإذا كان
أجزاء العالم مرتبطا بعضها ببعض على الوصف الحقيقي والنظم الحكمي بحيث كانت جميع
اجزائه في سلسلة النظام كثيرة الفوائد والمصالح لدلّت على أنّ مبدعها واحد محض
وصانعها فرد صرف. وكما أنّ كون اعضاء شخص واحد من الانسان مؤتلفة تأليفا طبيعيا
مرتبطة بعضها ببعض منتفعة بعضها عن بعض في رباط واحد وإن وجد كلّ واحد منّا ممتازا
عن غيره بحيث الطبيعة يدلّ على أنّ مدبّرها وممسكها عن الانحلال قوّة واحدة ومبدأ
واحد فكذلك الحال في اجسام العالم وقواها حال كونها مع انفصال بعضها عن بعض وتفرد
كلّ منها بطبيعة خاصّة وفعل خاصّ يمتاز به عن غيره مرتبطة منتظمة في رباط واحد
مؤتلفة ائتلافا طبيعيا يدلّ على أنّ مبدعها ومدبرها وممسكها عن أن ينفصم واحد
حقيقي ، إذ لو كان في العالم خالقان لتميز صنع كلّ واحد منهما عن صنع غيره ، فكان
ينقطع الارتباط ويختلّ النظام ـ كما دلّ عليه قوله سبحانه : {لَذَهَبَ
كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون: 91] ـ ، ولمّا كان العالم واقعا على هذا الانتظام ، بل كان فيه
خلل وفساد ـ كما دلّ عليه قوله ـ تعالى ـ :
{ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] ـ ، وبالجملة كون جملة العالم مع تفنّن حركاتها وتخالف
اشكالها وتغيّر آثارها المتولدة من تاثير الاباء العلوية في الأمهات السفلية
مؤسّسة على الاختلاف الطبيعي والرصف الحكمي دالّة بوحدتها الطبيعية الاجتماعية على
الوحدة الحقّة الحقيقية.
وممّا يدلّ على وحدة إله العالم إنّه قد ثبت أنّ واجب
الوجود بذاته واحد لا شريك له في الوجوب الذاتي ـ بل في حقيقة الوجود ـ ، وكلّ
موجود سواه ممكن بذاته وبه صار واجبا وموجودا ، فمن وجوب استناد كلّ
الموجودات وارتقائها إليه ـ تعالى ـ يلزم
أن يكون وجودات الأشياء كلّها من واحد هو الواجب الوجود بذاته ؛ بل نقول : قد
تحقّق أنّ الواجب بذاته هو الوجود الحقيقي والموجود في حدّ ذاته وغيره ليس موجودا
في نفسها وإنّما يكون موجوديته باعتبار انتسابه إليه ـ تعالى ـ ، وإنّ التأثير
والايجاد حقيقة انّما هو افادة الفاعل نفس ذات المعلول متعلّقة ومرتبطة بنفسه بحيث
يصير بارتباطها به مبدأ لانتزاع الوجود عنها ومصداقا لحمل الموجود عليها ـ إذ
الشيء ما لم يكن وجودا وموجودا في نفس حقيقته لا يصير شيء آخر لأجل ارتباطه به
موجودا ـ. وبذلك ثبت أنّ التأثير والايجاد الحقيقي والفاعلية الحقيقية يختصّ بواجب
الوجود بالذات ، كما أنّ الوجود الحقيقي يختصّ به ـ تعالى ـ ، وهو واحد ـ كما
بيّناه بالبراهين القاطعة ـ ، فلا مؤثّر في الوجود إلاّ الله.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|