أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-2-2018
24767
التاريخ: 1-07-2015
1699
التاريخ: 13-2-2018
1307
التاريخ: 1-07-2015
2551
|
[السؤال] هو: كيف نشأت الحياة على الارض؟ و هل يمكن ان يكون مصدرها الشمس؟
وللجواب على هذا السؤال نتساءل أولا: ما هي الحياة ؟
هل هي شيء له حجم او مادة لها وزن؟ أم هي خليط بين هذا و ذاك او من هذا و ذاك؟.
الحياة هي الأثر الذي يظهر في الخلية الحية التي لا تكاد ترى الا بالمجاهر الكبيرة. فهذه النقطة التي تناهت في الصغر تحتوي على مادة لزجة تسمى «بروتوبلازم»، و اثر الحياة فيها انها تتحرك فتأخذ من الجو ثاني اوكسيد الكاربون في وجود الشمس، وتفصل الهيدروجين من الماء فتكون بذلك مركبات كيماوية هي غذاؤها الذي تنمو به و تنقسم.
وقد حاول العلماء ملايين المرات خلق «البروتوبلازم» الحي بمختلف الوسائل و تحت مختلف الظروف فاخفقوا و ازدادوا ايمانا بوجود خالق لهذه الخلية، و ان الخلق لا يمكنهم خلق انفسهم.
وهذه الخلية الحية التي هي وحدة الحياة تتكاثر فتسبب الكائنات، فهل خلقت اوّل خلية منها خلقا أم وجدت مصادفة؟!.
ولقد وضعت نظريات عديدة لتفسير كيفية نشأة الحياة من عالم الجمادات، فذهب بعض الكتاب الى ان الحياة قد نشأت من البروتوجين، او من الفيروس، او من تجمع الجزيئات البروتينية الكبيرة. وقد يخيل الى بعض الناس ان هذه النظريات قد سدت الفجوة التي تفصل بين عالم الاحياء و عالم الجمادات. و لكن الواقع الذي ينبغي ان نسلم به هو ان جميع الجهود التي بذلت للحصول على المادة الحية من غير الحية قد باءت بالفشل الذريع، و مع ذلك فان من ينكر وجود اللّه لا يستطيع ان يقيم الدليل المباشر للعالم المتطلع على ان مجرد تجمع بعض الذرات و الجزيئات عن طريق المصادفة يمكن ان يؤدي الى ظهور الحياة وصيانتها و توجيهها بالصورة التي شاهدناها في الخلايا الحية، لان كل خلية من الخلايا الحية قد بلغت من التعقد درجة يصعب علينا فهمها، و ان ملايين الملايين من الخلايا الحية الموجودة على سطح الارض تشهد بقدرة اللّه شهادة تقوم على الفكر و المنطق و الوضوح العقلي.
ان التفسير العلمي للحياة بأنها نشاط كيماوي تفسير غير كاف، لان الجسم الميت يحتوي على نفس المواد الكيماوية التي في الجسم الحي، و التراب يحتوي على نفس المقادير من الحديد و النحاس و الكربون.
والقول بأن الرغبة الجنسية يحث عليها هرمون التستوستيرون لا يفسر لنا الرغبة الجنسية. لأننا سنقول: و ما هي الفاعلية التي صنعت التستوستيرون في الجسم.
وبالمثل حينما يقول لنا عالم النبات ان حركة «عباد الشمس» نحو الشمس ينظمها هرمون الاكسين لن نعتبر المشكلة قد حلت، و انما سوف نسأل: و ما هي الفاعلية التي صنعت هذه المادة المثيرة و التي تضبط كمياتها في نسيج النبات؟.
وان التركيب الكيماوي للخلية لا يكشف لنا سر حياتها، لأن الحياة ليست مجرد منظومة جامدة مثل البيت او المصنع، و انما هي منظومة حية فيها قدرة على تكرار نفسها، و فيها فطرة ارشادية تقودها من الداخل، و هي فطرة مبثوثة في نسيجها تجدد ما يتلف منها و تستحدث ما يضيع.
وهكذا يكون اللغز المطلوب حله كامنا في هذه البصيرة المطوية في تضاعيف المادة، و ليس في تركيب المادة نفسه.
ويرى العلم الحديث ان ارضنا هذه كانت قطعة من الشمس انفصلت عنها، و لا بد انها كانت عند انفصالها بدرجة حرارة الشمس نفسها- و لنفترض انها كانت تماثل درجة حرارة الشمس حاليا، برغم مرور ملايين السنين التي تعمل على خفض حرارتها- فتكون درجة حرارة سطحها ستة آلاف درجة مثوبة، اما باطنها فدرجة حرارته أربعون مليون درجة، و لما اخذت الغازات التي انفصلت عن الشمس لتكون الارض تبرد تدريجيا تكون سطح الارض، و تكون الماء الذي كلما لامس القشرة الارضية المرتفعة الحرارة طار الى الجو في شكل بخار درجته لا تتصور، فيقابل جوا باردا بين الارض و الشمس فيعود الى الارض في شكل طوفان مدمر، و بتوالي انخفاض الحرارة استقر الماء و تكونت البحار ثم الجبال.
وعلى فرض صحة هذه الفروض في كيفية وجود الكرة الارضية، فنحن نفكر في امر الخلية الحية التي ربما يقال انها نزلت مع الارض من الشمس، و كيف يمكن ان تعيش خلية حية في درجة حرارة قدرها ما لا يقل عن ستة آلاف درجة مئوية، مهما كانت هذه الخلية مغلفة، و مهما اتخذ حيالها من ضروب الوقاية و المحافظة عليها.
ان درجة حرارة الانسان- وهو الذي يعتبر ارقى الكائنات الحية- لا تزيد على 37 مئوية، الا في حالات المرض فتتجاوز الاربعين قليلا، و اذا كان الماء يصبح بخارا في درجة مائة من الحرارة فإن درجة الف كافية لان تجعل كل شيء مهما كان صلبا، على درجة غازية يفقد معها صلابته، فما بالنا بدرجة حرارة ستة آلاف؟
وعلى هذا فان العلم و العقل متفقان على استحالة بدء الحياة بخلية حية قادمة من الشمس، و لا بد للكائن الحي ان يكون خلق على الارض بعد تكوينها، و ما اجمل ما يعلنه العالم المعروف غوستاف بونيه اذ يقول:
«ان نخلق المادة الحية!! كيف يمكن ذلك حين نفكر كم من الخصائص المتجمعة و الوراثة و المستقبل المعقد يوجد في قطعة من البروتوبلازم الحية».
ونعود الآن و بعد بيان كل ما سلف، الى السؤال الرئيس في البحث:
هذا الكائن الاول الذي لم تسبقه حياة، من اين جاء؟
ومم تطور؟ و لا حياة قبله.
هل جاء من عدم؟ هل تخلق من مادة موات!
وكيف يتخلق الحي من الميت و يصدر الوجود من العدم؟.
اسئلة لا جواب عليها و لا حيلة للعلم فيها سوى الفروض و التخمينات.
واحد يفترض ان الكائن الاول سقط علينا من السماء في لفافات الشهب و النيازك قادما من كواكب بعيدة مأهولة.
وهو جواب يحملنا الى نفس السؤال الاول، فمن اين نشأت هذه الكائنات الاولية على تلك الكواكب البعيدة؟.
وعالم اخر يقول: الحياة تخلقت من المادة الموات نتيجة ترتيب فريد في ذراتها. و شهادته على ذلك ان المادة الحية تتألف من نفس العناصر الميتة التي نراها حولنا في الصخور و المياه و الطين. نفس الذرات: الكاربون و الهيدروجين و الاوكسجين و النتروجين، و قد اعيد بناؤها بنسب و انماط و علاقات فريدة لتعطي الاحماض الامينية و البروتينات و النشويات و السكريات التي نراها في الكائنات الحية، و هو لا يكتفي بالافتراض، بل يقدم تجربة مثيرة يطلق فيها شرارة كهربائية و اشعاعات فوق بنفسجية في مزيج من غازات النوشادر و ثاني اوكسيد الكاربون و الميثان و بخار الماء، ثم يجمع نواتج التفاعل فاذا بها آثار احماض امينية.
والاحماض الامينية تعرف بانها اللبنة الاساسية التي صنع منها الكائن الحي. فمن تشابك هذه الاحماض بطريقة او باخرى ينشأ نوع او اخر من انواع البروتين. و هذه يمكنها ان تتشابك بمليون و مليون طريقة كما تتشابك حروف الهجاء في اللغة الواحدة لتؤدي الى ما لا نهاية من العبارات و الكلمات و المعاني. و البروتينات الناتجة هي دائما مواد شديدة الحساسية للحرارة و البرودة و الضوء و الكهرباء فتنحل و تتركب لأقل مؤثر خارجي، فهي اذن تملك صفة الحياة الجوهرية: الانفعال بالبيئة و التأثر بمؤثراتها.
ولقد كانت الظروف منذ ملايين السنين على الارض ملائمة لتكرار مثل تلك التجربة و لتكوين هذه المركبات الفريدة التي اسمها الاحماض الامينية، و كانت تذوب في الماء بمجرد تكوينها فتتشابك مع بعضها لتؤلف ملايين الاحتمالات من المواد البروتينية. و كان لا بد ان تلتقي هذه الاحماض الامينية ذات مرة على النمط الفريد المعروف باسم «حامض ديزوكسي ريبونيوكليك»D .N .A ذلك الجزيء الذي يتكون منه الفيروس.
انها مجموعة من الفروض. كل فرض منها يأخذ برقبة الاخر.
ان هؤلاء العلماء يقولون ان قانون الصدفة يؤيدنا.
فالقرد الذي يجلس على الآلة الكاتبة يدق عليها الى ما لا نهاية من الزمان لا بد ان يدق مرة شعرا لشكسبير. أليست امامه لا نهاية من الفرص و لا نهاية من الزمان؟
ان كل ما يطلبون ان تتراص الاحماض الامينية على الهيئة الفريدة التي اسمهاD .N .A ، و سوف تتولى المادة الفريدة امر نفسها فتتكاثر بآليتها الخاصة واضعة بذلك بذور الحياة الاولى.
صدقنا و آمنا جدلا و افتراضا ان عناصر التراب و الماء التقت صدفة و اعتباطا و اتفاقا على شكل الحامض البدائيD .N .A .
ثم بدأ الحامض يتناسل بطريقته الآلية ليصنع من نفسه ملايين النسخ.
ان كل هذا ليس الحياة التي نراها.
لا بد اذن ان نعود فنفترض ان مفردات هذا الحامض عادت فالتقت صدفة و اتفاقا و اعتباطا لتؤلف البروتين.
ثم ان البروتين صدفة و اعتباطا شكل نفسه على صورة خلية.
ثم نعود فنقول: ان احدى الخلايا اختارت لنفسها صدفة و اعتباطا الشكل النباتي و خلية اخرى اختارت لنفسها صدفة و اعتباطا الخط الحيواني.
ثم نتسلق شجرة الحياة درجة درجة، و معنا هذا المفتاح السحري كلما اعيتنا الحيلة في شيء قلنا: انه حدث صدفة.
هل هذا معقول؟!.
بالصدفة تستدل الطيور والاسماك المهاجرة على اوطانها على بعد آلاف الأميال وعبر الصحاري و البحار.
بالصدفة يكسر الكتكوت البيضة عند اضعف نقطة فيها ليخرج.
بالصدفة تلتئم الجروح و تخيط نفسها بنفسها بدون جراح.
بالصدفة يدرك «عباد الشمس» ان الشمس مصدر حياته فيتبعها.
بالصدفة تصنع اشجار الصحاري لنفسها بذورا مجنحة لتطير عبر الصحاري الى حيث ظروف إنبات وري و أمطار احسن.
بالصدفة اكتشف «الفيروس» طريقته المرعبة في السطو على الخلية و سرقة حياتها من داخلها و تدميرها.
بالصدفة اكتشف النبات «الكلوروفيل» و استخدمه في توليد طاقة حياته.
بالصدفة صنع البعوض اكياسا للطفو لكل بيضة من بيضاته لتطفو على الماء ولا تهلك.
والنملة التي تحقن السم في المراكز العصبية للدودة لتشلها ثم تسحبها لتحتفظ بها في عشها طعاما مخزونا للصغار، هل تتم هذه القصة المحبوكة بالصدفة؟.
والنحلة التي اقامت مجتمعا و نظاما و مارست العمارة و تخصصت في عمليات كيميائية معقدة تحول بها الرحيق الى عسل و الزهر الى شمع هل تقوم بكل هذا صدفة؟
وحشرات «الترميت» التي اكتشفت القوانين الاولية لتكييف الهواء وطبقت في مجتمعها نظاما صارما للطبقات هل وصلت الى ذلك بالصدفة؟
والحشرات الملونة التي اكتشفت اصول فن ومكياج التنكر و التخفي؟
والحشرات «قاذفة القنابل» التي تولد الغازات السامة و تطلقها، هل كل هذا تم صدفة و خبط عشواء؟.
لو اننا صدقنا و آمنا بأن الحياة بدأت صدفة!
فكيف نصدق ان كل هذه الاحداث تمت بالصدفة.
انها السذاجة بعينها ان نقول مثل هذا الكلام.
وقد وجد الفكر المادي نفسه في مأزق امام هذه السذاجة فبدأ يحاول التخلص من كلمة «الصدفة» ليفترض فرضا اخر فقال: ان كل هذه الحياة المذهلة بألوانها و تصانيفها بدأت من «حالة ضرورة» مثل الضرورة التي تدفعك الى الطعام ساعة الجوع، ثم تعقدت «الضرورة» بتعقد البيئات و الظروف و الحاجات فنشأت كل هذه الالوان.
وهذا مجرد لعب بالألفاظ.
فمكان «الصدفة» وضعوا كلمة «تعقد الضرورة».
وهي في نظرهم تتعقد تلقائيا و تنمو تلقائيا، فكيف؟!.
كيف ينمو الحدث الواحد الى قصة محبوكة بدون عقل مؤلف؟.
ومن الذي اقام «الضرورة» اصلا؟.
وكيف تقوم «الضرورة» من «لا ضرورة»؟.
انها استماتة و تفان من اجل تجنب حقيقة فطرية بديهية تفرض نفسها على ذلك كله فرضا: ان هناك خالقا مدبرا.
فلماذا المكابرة؟
ولما ذا نلتمس المستحيل لنتجنب الحقيقة الواضحة التي تهتف بها الفطرة و البداهة من اعماقنا؟
واذا كذبنا البداهة فما ذا يبقى من عقلنا، و هو يقوم كله على نظام منطقي من البديهيات؟.
وليس من معنى لذلك كله سوى ان نهدم عقلنا و معطياته من حيث ندعي اننا عقلانيون علميون نستهدي الموضوعية العلمية في كل شيء.
يقول عالم الطبيعة الدكتور كونجدن:
«ان جميع ما في الكون يشهد على وجود اللّه سبحانه و يدل على قدرته و عظمته. و عند ما نقوم نحن العلماء بتحليل ظواهر هذا الكون و دراستها، حتى باستخدام الطريقة الاستدلالية فإننا لا نفعل اكثر من ملاحظة آثار ايادي اللّه و عظمته. ذلك هو اللّه الذي لا نستطيع ان نصل إليه بالوسائل العلمية المادية، و لكننا نرى آياته في انفسنا و في كل ذرة من ذرات هذا الوجود.
وليست العلوم الا دراسة خلق اللّه و آثار قدرته».
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ } [الأنعام: 102] {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [يونس: 5] {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ* وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [إبراهيم: 32، 34] {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } [الأعراف: 54]
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|