الجغرافيا السياحية تنطلق من مفهوم فلسفة المكان

 إن من أهم العوامل التي أدت لوجود الجغرافيا السياحية كعلم ،هو مدى الحاجة إلى معرفة خصائص المكان السياحي الذي يتواجـد عـليـه الإنسان؛ بهدف استغلاله وتحقيق أهدافه ،إضافة إلى الحاجة المتزايدة للتعرف على ظروف الأماكن السياحية الأخرى في العالم ،وذلك من أجل التوسع في الامتداد الثقافي والحضاري ،وإجـراء عمليـات التبــادل السياحي والتجــاري لـذلك فالمعرفـة الجغرافيـة بالمكـان السياحي، أسهمت في تفسير مظاهر جغرافية متعددة، والتي بدورها أسهمت في تفسير ظاهرات وأشكال أخرى.

تنطلق الجغرافيا السياحية في تركيزها على المكان على دراسة الظاهرات الطبيعية والبشرية معاً، وهو ما يميزها عن غيرها من العلـوم الـتي تتناول السياحة، فبدراسـة الظاهرات الطبيعية الموجودة على سطح الأرض, يتم التركيز على المناخ, والتنـوع الحيـوي, والجيومورفولوجيـا (علـم أشـكال سطح الأرض), وجغرافية المياه, وجغرافية التضاريس, والموارد الطبيعية, والتربة, والكوارث الطبيعية ... وغيرها من الفـروع, وبشكل عـام تعتبر العلـوم التطبيقيـة (العلميـة) كالفيزياء والكيمياء والجيولوجيا, وعلم المناخ, وعلم التربة، المساند الرئيس لهذه الفروع.

أما الجزء الثاني من اهتمامات الجغرافيا السياحية في تركيزها على المكان، دراسة الظواهر البشرية على سطح الأرض, وهذا الجزء أكثر تنوعاً واتساعاً من الدراسات الطبيعية في الجغرافيا السياحية, كما أن اتصال الجغرافيا السياحية بعلوم عديدة مثـل: الإنـــــســـــان Anthropology, وعلـــــــم الآثـار  Archeology والديموغرافيا Demography- والدراسات الإحصائية للسياح مثـل: (عـدد السياح, إشغال الفنادق, عدد الأسرة, الحركة السياحية ...الخ)،له أثر كبير في تطور دراسات الجغرافيا السياحية، لذلك ننوه على أن الاختلاف بين علم الجغرافيا السياحية في دراسته للمكان بفرعيه يكمن في أن الجغرافيا السياحية تبحث في الظواهر الطبيعية والبشرية على حـد سـواء؛ مكانيا: بحيث تتناول التوزيعات والعلاقات والتفاعلات المكانية لتلك الظواهر على سطح الأرض, وتحديد المختلـف والمتشابه منها في تلك التوزيعات المكانية.

 أما من حيث الأهمية ،فإن أهمية علم الجغرافيا السياحية في تناولها للمكـان، تكمن في أنه العلم الوحيد الذي يدرس السياحة مـن خـلال التركيز على العوامـل البشرية والطبيعية جنباً إلى جنب في التنمية والتخطيط السياحي، وتدرس العلاقة بينهما, وتأثير كل منهما على الآخر. إضافة لذلك فإن علم الجغرافيا السياحية، يسهم حاليا خصوصاً باعتماده على التقنية الحديثة -الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية ،في إحداث ثورة كبرى في رؤية الإنسان للظواهر السياحية من حوله, ويمهد لاستغلالها ومعالجتها بالشكل الذي يخدمه في المقام الأول، خاصة وأن هذا التوجه أصبح توجهاً عالمياً تسعى الدول المتقدمة للاستفادة والإفادة منه.