أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-1-2019
1636
التاريخ: 2-08-2015
1632
التاريخ: 1-07-2015
1611
التاريخ: 1-07-2015
2903
|
ِِأ ـ المصائب وسيلة لتفجير الطَّاقات :
إِنَّ البلايا والمصائب خير وسيلة لتفجير الطاقات و تقدّم العلوم ورقي الحياة البشرية ، فها هم علماء الحضارة يصرّحون بأن أكثر الحضارات لم تزدهر إلا في أَجواء الحروب والصراعات والمنافسات حيث كان الناس يلجأون فيها إلى استحداث وسائل الدفاع في مواجهة الأعداء المهاجمين ، أو إصلاح ما خرّبته الحروب من دمار وخراب. ففي مثل هذه الظروف تتحرك القابليات بجبران ما فات ، وتتميم ما نقص ، وتهيئة ما يلزم. وفي المثل السائر : « الحاجة أُمّ الإِختراع ».
وبعبارة واضحة : إِذا لم يتعرض الإِنسان للمشاكل في حياته فإن طاقاته ستبقى جامدة هامدة لا تنمو و لا تتفتح ، بل نمو تلك المواهب وخروج الطاقات من القوة إلى الفعلية ، رهن وقوع الإِنسان في مهب المصائب والشدائد.
نعم ، لا ندَّعي بأنَّ جميع النتائج الكبيرة توجد في الكوارث و إنّما ندَّعي أَنَّ عروضها يُهيء أَرضية صالحة للإِنسان للخروج عن الكسل. و لأجل ذلك ، نرى أنَّ الوالدين الذين يعمدان إلى إِبعاد أَولادهما عن الصعوبات والشدائد لا يدفعان إلى المجتمع إلاّ أَطفالا يهتزون لكل ريح كالنبتة الغضّة أَمام كل نسيم.
وأما اللذان يُنشئان أولادهما في أجواء الحياة المحفوفة بالمشاكل و المصائب فيدفعان إلى المجتمع أَولاداً أَرسخ من الجبال في مهب العواصف.
قال الإِمام علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) : « ألا إِنَّ الشَّجرَةَ البَرّيّة أَصْلَبُ عُوداً ، و الرَّوائِعَ الخَضِرَةَ أرَقُّ جُلوداً ، والنباتاتِ البَدَويَّة أَقوى وَقُوداً و أَبطَأُ خُموداً » (1).
وإلى هذه الحقيقة يشير قوله سبحانه : {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } [النساء: 19].
وقوله تعالى : {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5، 6]. و قوله تعالى : { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 7، 8]. أي تَعَرَّض للنَّصَب و التعب بالإِقدام على العمل و السعي و الجهد بعدما فرغت من العبادة ، و كأنَّ النصر والمحنة حليفان لا ينفصلان و أَخوان لا يفترقان.
ب ـ المصائب و البلايا جرس إِنذار :
إِنَّ التمتع بالمواهب الماديَّة والإِستغراق في اللذائذ والشهوات يوجب غفلة كبرى عن القيم الأخلاقية ، وكلما ازداد الإِنسان توغّلا في اللذائذ والنعم ، ازداد ابتعاداً عن الجوانب المعنوية. وهذه حقيقة يلمسها كل إِنسان في حياته وحياة غيره ، و يقف عليها في صفحات التاريخ. فإذن لا بد لأنتباه الإِنسان من هذه الغفلة من هزّة و جرس إِنذار يذكّره و يوقظ فطرته و ينبهه من غفلته. و ليس هناك ما هو أَنفع في هذا المجال من بعض الحوادث التي تقطع نظام الحياة الناعمة بشيء من المزعجات حتى يدرك عجزه و يتخلى عن غروره و يخفف من طغيانه. و نحن نجد في الكتاب العزيز التصريح بصلة الطغيان بإحساس الغِنى ، إذْ يقول عز وجل : { كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى } [العلق: 6، 7].
ولأجل هذا يعلل القرآن الكريم بعض النوازل والمصائب بأَنها تنزل لأَجل الذكرى و الرجوع إلى الله ، يقول سبحانه : { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } [الأعراف: 94].
ويقول ايضاً : { وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 130].
هكذا تكون البلايا و المصائب سبباً ليقظة الإِنسان و تذكرة له ، ، فهي بمثابة صفع الطبيب وجه المريض المبنّج لإِيقاظه ، الذي لولا صفعته لانقطعت حياة المريض.
فقد خرجنا بهذه النتيجة وهي أَنَّ التكامل الأَخلاقي رهن المحن والمصائب ، كما أنَّ التفتح العقلي رهن البلايا و النوازل.
والإِنسان الواعي يتخذها وسيلة للتخلي عن الغرور ، كما يتخذها سلماً للرقي إلى مدارج الكمال العلمي ، و قد لا يستفيد منها شيئاً فيعدّها مصيبة وكارثة في الحياة.
ج ـ البلايا سبب للعودة الى الحق :
إِنَّ للكون هدفاً ، كما أنَّ لخلق الإِنسان هدفاً كذلك ، و ليس الهدف من خلقة الإِنسان إلاّ أَنْ يتكامل و يصل إلى ما يمكن الوصول إِليه. و ليس الهدف من بعث الأَنبياء و إِنزال الكتب إِلاّ تحقيق هذه الغاية السامية. و لما كانت المعاصي والذنوب من أَكبر الأَسباب التي توجب بعد الإِنسان عن الهدف الذي خُلق من أَجله ، و تعرقل مسيرة تكامله ، كانت البلايا والمصائب خير وسيلة لإِيقاف الإِنسان العاصي على نتائج عتوه و عصيانه حتى يعود إِلى الحق و يرجع إِلى الطريق الوسطى. و إِلى هذه النكتة يشير قوله سبحانه : {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41]. و يقول سبحانه في آية الأخرى : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [الأعراف: 96].
د ـ البلايا سبب لمعرفة النّعم و تقديرها :
إِنَّ بقاء الحياة على نمط واحد يوجب أنْ لا تتجلى الحياة لذيذة محبوبة ، و هذا بخلاف ما إذا تراوحت بين المُرّ و الحُلو و الجميل والقبيح ، فلا يمكن معرفة السلامة إِلاّ بالوقوف على العيب. و لا الصّحة إلاّ بلمس المرض ، و لا العافية إِلاّ عند نزول البلاء. ولا تدرك لذة الحلاوة إِلاّ بتذوق المرارة.
فجمال الحياة و قيمة الطبيعة ينشئان من التنوع و الإِنتقال من حال الى حال و من وضع إلى آخر. و لأجل ذلك نلمس أَنَّ خالق الطبيعة جعل الوديان إلى جانب الجبال ، و الأَشواك جانب الورود ، و الثّمار المرّة جَنْب الحلوة ، والماء الأَجاج جَنْب العَذْب الفُرات ، إلى غير ذلك من مظاهر التضاد و التباين التي تضفي على الطبيعة بهاءً وجمالا ، و كمالا و جلالا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ نهج البلاغة ـ خطبة 45.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|