أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1660
التاريخ: 11-08-2015
1776
التاريخ: 1-07-2015
1711
التاريخ: 1-07-2015
3101
|
في أَوّل ما خلقه الله ، وأنّه ما هو ؟
قال الفلاسفة :
إنّه العقل الأَوّل (1) واستدلوا عليه بوجوه :
1 ـ من طريق
النقل والشريعة ، فعن النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ، ( أَوّل ما خلق الله
العقل ) .
2 ـ من جهة
قاعدة الممكن الأشرف ؛ إذ لا أشرف من العقل .
3 ـ من جهة
قاعدة امتناع صدور الكثير من الواحد .
4 ـ من مسلك
الملاءمة والمناسبة الذاتية بين المقتضي والمقتضى ، فيجب أن يكون المناسبة الذاتية
الحاصلة للعقل الأَوّل والمعلول الأقدم ، أتمّ وأكمل ما يتصوّر من المناسبات
بالقياس إلى أي ممكن فُرض بعده ، فإذن ، إن هو إلاّ أكرم العقول القادسة .
5 ـ من جهة
إخراج ما بالقوّة إلى ما بالفعل للنفوس ، في باب كمالاتها العلمية والعملية ، فإنّ
مخرِج ذواتها من القوّة إلى الفعل ليس ذواتها لوجوه كثيرة ، فلابدّ من مَعلَم قدسي
ومصوّر عقلي متوسّط بين الفيّاض الحق والنفوس المستفيضة ، ويجب أن يكون بريئاً من
القوّة والاستعداد والانفعال ؛ وإلاّ لاحتاج إلى مكمّل آخر يخرجه من القوّة إلى
الكمال ، فيتسلسل إلى غير ذلك من المناهج التي عدّها في الأسفار إلى ثلاثة عشر
منهجاً .
أقول : الوجه
الثاني موقوف على الوجه الثالث الباطل عندنا بما تقدّم ، والرابع استحساني محض فهو
ينفع مقام الخطابة ، إلاّ أن يرجع إلى الوجه الثاني فيكون باطلاً ، وكذا الخامس
فإنّه تلفيق محض لو لم يرجع إلى الوجه المذكور ، بل أكثر الوجوه راجعة إليه . وبالجملة
: هذه الوجوه العقلية التي ذكرها صاحب الأسفار ، ممّا لا يرجع إلى أساس متين
وميزان عقلي ؛ لذا أهملنا تفصيلها وبيانها ، فالإنصاف أنّه لا دليل على أصل وجود
العقول فضلاً عن كونها أَوّل الموجودات ، بل لو كان حقيقة العقول مناقضةً للحدوث
لكان عدمها مقطوعاً به ؛ لِما عرفت من قطعية حدوث العالَم ، والقول بأنّها ليست من
العالم من أرذل الكلام ، فإنّ الموجود إمّا ممكن ، وإمّا واجب بالضرورة ، ولا شق
ثالث لهما ، فهي إن كانت واجبةً فتدفعها أدلة التوحيد ، وإن كانت ممكنةً فهي حادثة
كبقية أجزاء العالَم الإمكاني ، فهذا التمجمج غير نافع .
وأمّا الوجه
الأَوّل فهو وإن كان مشهوراً في الألسن بل في گوهر مراد (2) ، أنّه ورد في روايات
الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) ، لكنّه لا أصل له ، ولم نجد الرواية من طرقنا
، وهذا العلاّمة المجلسي يعترف أيضاً في كتبه ـ كالبحار ومرآة العقول ـ بعدم
وجدانه إيّاها ، نعم رواها في عوالي اللآلي (3) مرسلاً عن النبي ( صلى الله عليه
وآله ) ، ولعلّه أخذه من العامّة مع أنّه مرسل لا اعتداد به ، وقد طعن في هذا
الكتاب مَن لم يكن دأبه الطعن في الروايات المجهولة سنداً.
نعم في الكافي
(4) بإسناده عن سماعة بن مهران عن الصادق ( عليه السلام ) في حديث : ( أنّ الله
عزّ وجل خلق العقل ، وهو أَوّل خَلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره ... إلخ
) ، بل في البحار (5) أنّ له أسانيد كثيرة ، لكنّه أيضاً غير مفيد ؛ إذ لا دلالة
له على تقدّم خِلقة العقل على جميع الأشياء ، وسيأتي أنّ جملةً من الأخبار تدلّ
على أنّ أَوّل ما خلق الله هو الماء ، مع أنّه ليس بروحاني .
بقي هنا ما نقل
عن ابن طاووس في كتابه سعد السعود (6) من قوله : وكان المسلمون قد رووا أَوّل ما
خلق الله العقل فقال له : أقبل ، فأقبل ، وقال : أدبر ، فأدبر ... الخ .
أقول : ولعلّه
أراد العامّة أو اشتبه في عبارة الرواية ، وإلاّ فهذا المضمون غير ثابت في
رواياتنا، وفيها : ( لمّا خلق الله العقل ) ، نعم احتمل أنّ بعض المؤلّفين ادّعى
وجوده في تفسير علي بن إبراهيم ، ولكنّني لم أجده فيه ، ولا عِبرة به إن وجد ،
فإنّ التفسير المذكور غير معتبر .
وممّا يدلّ على
أنّ العقل ليس أَوّل ما خلق الله ما في غير واحد من الروايات : ( ما خلقت خلقاً
أحبّ منك ) ، فإنّ الظاهر أنّ النفي راجع إلى الأَحبيّة وحدها دون الخِلقة أيضاً ،
وإلاّ لا تكريم فيه للعقل ، والحال أنّ الله في مقام تكريمه .
وأمّا استنباط
أَوّل المخلوقات من الأخبار ، فهو لا يخلو من صعوبة ، فإنّها مختلفة المضامين في
بدو النظر ، ففي بعضها أنّه الماء ، وفي بعضها أنّه النور ، وفي بعضها أنوار النبي
الأكرم ، والأئمة من ذريته ( صلوات الله وسلامه عليه وعليهم ) ، وفي بعضها
أنّه العرش ، وفي بعضها نور النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) وحده .
قال العلاّمة
المجلسي قدّس سره (7) وفي بعض الأخبار العامية عن النبي ( صلى الله عليه وآله): (
أَوّل ما خلق روحي ) ، وعن تفسير علي بن إبراهيم (8) عن الصادق ( عليه السلام ) :
( إنّ أوّل ما خلق الله القلم ) ، وعن ابن الأثير في الكامل : صحّ في الخبر عن
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فيما رواه عنه عبادة بن الصامت أنّه سمعه يقول
: ( إنّ أَوّل ما خلق القلم ، فقال له: اكتب ، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن) (9)
.
أقول : والأخير
معارض بما أورده في تفسير البرهان حول قوله تعالى : {ن وَالْقَلَمِ وَمَا
يَسْطُرُونَ} [القلم: 1] ، من الروايات فلاحظ .
وأمّا الأقوال
فقيل : إنّه الماء ، وقيل : إنّه الهواء ، وقيل : إنّه النار ، وقيل : إنّه البخار
، وقيل : إنّه النور والظلمة ، وقيل : إنّه الأجزاء الصغار ، وقيل : إنّه المكان .
وعن التوراة :
أنّ مبدأ الخلق جوهر خَلَقه الله ، ثمّ نظر إليه نظر الهيبة ، فذابت أجزاؤه فصارت
ماءً .
أقول : ولعلّ
الأظهر في المقام أنّه نور النبي وأنوار الأئمة ( سلام الله عليهم ) ، وفي جملة من
الأخبار تقدّم الخمسة الطيبة على غيرهم ، والصحيح هو التوقّف عن الحكم فيه.
_______________________
(1) ربّما يظهر
من صاحب الأسفار ، أنّه الوجود المنبسط دون العقل الأَوّل ، ولكن أُورد عليه بأنّه
الصدور ، فالعقل الأَوّل هو الصادر الأَوّل ، نعم هو مسبوق بالصدور.
(2) گوهر مراد /
212.
(3) بحار
الأنوار 1 / 97.
(4) الكافي 1 /
21.
(5) السماء
والعالَم / 64.
(6) سعد السعود
/ 202، طبع النجف.
(7) السماء
والعالَم / 64. الطبعة القديمة.
(8) والرواية
صحيحة سنداً كما مرّ في البحث عن اللوح ، لكنّها في تفسير القمي ، وهو غير معتبر ...
(9) السماء
والعالَم / 65.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|