أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-19
1232
التاريخ: 3-12-2021
2456
التاريخ: 8-3-2021
2912
التاريخ: 20-2-2021
4408
|
لم تكن فكرة الجنسية بوصفها تعبير عن انتماء الفرد إلى دولة معينة واضحا في العصور القديمة إذ ارتبطت فكرة الجنسية في هذه العصور بالأسرة والقبيلة فالأمة فكانت بذلك تعبيرا عن انتماء الفرد إلى الجماعة الصغيرة التي يعيش فيها (1) .
حيث كانت فكرة الانتماء أي انتماء الفرد إلى جماعة ما تعد فكرة قديمة في حد ذاتها قدم أحساس الإنسان بأنه كائن اجتماعي لا يمكنه العيش الا منتمية إلى جماعة بشرية أيا كان الوصف الذي يطلق عليها "أسرة أو قبيلة أو أمة أو دولة "حيث عرفت البشرية منذ القدم المعيشة في شكل جماعات وأولى هذه الجماعات هي الأسرة (2).
وتعد الأسرة الشكل الأول لهذه الجماعات وبتعدد هذه الأسر أفضى ذلك إلى نشأة القبائل وكل قبلية تظم مجموعة من الأشر وكان هذا الاندماج هو النواة الأولى لتكوين الأمم (3).
وتكوين الأمة بهذا المعنى نجد مصداقيته في الفطرة البشرية التي لم يكتب لها الاستمرار طويلا بسبب الفتوحات أو الغزوات التي تولد عنها اختلاط الأجناس. بيد إن هذا الاختلاط ما كان له أن يقضي على فكرة الأمة بوصفها وحدة اجتماعية لها تقاليدها وحضارتها تسعى إلى تكوين مستقبل مشترك فيؤدي بها ذلك الهدف إلى هذا التكتل (4).
ومن هنا كان اختلاط الأجناس مبكرا على نحو جعل من العسير نسبة كثير من الأمم إلى أجناس بشرية خالصة بل أصبحت الأمة وليدة اختلاط بين أجناس بشرية مختلفة (5) .
ومن ثم ظهرت المدن التي اكتملت فيها أركان الدولة الثلاثة من شعب وإقليم وسلطة سياسية حيث عرفت في التاريخ باسم نظام المدينة، التي على أساسها قام النظام السياسي في المدن الإغريقية وخلال تلك الفترة كان أبناء المدينة تربطهم وحدة العرق أو الأصل أو السلالة حيث كان الأصل أو العرق هو أساس كسب الجنسية في المدن الإغريقية والرومانية(6) . فقديما كان الإغريق والرومان يطلقون لفظ المواطن اليوناني أو الروماني على كل شخص يولد من أصل يوناني أو روماني ولم يمنحوا هذه الصفة للأجنبي مهما كانت علاقته قوية بهم أو حتى لو ولد في ارض يونانية أو رومانية (7).
وفي العصور الوسطى سعى أمراء الإقطاع للسيطرة على الوحدات الإقليمية التي كانت محلا لفتوحاتهم وغزواتهم واستمر الحال كذلك في عهد الملكيات المطلقة وهكذا افتقرت الدولة إلى أساسها الاجتماعي الأول لتصبح تعبيرا عن سلطة مطلقة يسيطر الحاكم من خلالها على رقعة إقليمية تظم أفرادا ينتمون إلى أمم مختلفة وأجناس شتى وبذلك أصبحت الجنسية مجرد رابطة تبعية يخضع الأفراد بمقتضاها لسيطرة حاكم الإقليم (8).
وقد ظهرت الجنسية بمفهومها الحديث بعد الثورة الفرنسية في 1789 وعلى وجه الخصوص في نهاية القرن الثامن عشر بظهور الدولة الحديثة حيث أتت هذه الثورة بأفكار جديدة متمثلة بفكرة ربط سيادة الشعب بسيادة الدولة وجعل الولاء السياسي واجب على أفراد الشعب اتجاه الدولة وليس نحو شخص رئيسها وهي الأفكار التي أثرت في الفقيه الايطالي ما نشيني الذي بني على أساسها مبدأ القوميات القاضي بأن لكل أمة الحق في تكوين دولة (9).
وقد ساعد على ظهور الجنسية بمفهومها الحديث اشتداد الروح التحررية والحركة القومية لاسيما في أوربا نتيجة لتعاليم الفلاسفة والسياسيين مثل كافور في ايطاليا
وبيسمارك وفتشه في ألمانيا ومونتيسكيو وروسو في فرنسا، وكان أول قانون الجنسية في بروسيا في عام 1842 الذي استعمل كلمة (وطني وجنسية) ثم أدخلت في زمن الدولة العثمانية لأول مرة في 19/1/1869 (10).وعلى الرغم من الدور الكبير الذي لعبه مبدأ القوميات إلا أنه لم يكتب له النجاح بصورة مطلقة لجملة من العوامل أهمها اختلاط الأجناس وتباين العوامل السياسية والاقتصادية والجغرافية التي تساهم في تكوين الدولة (11).
ونخلص بذلك إلى إن فكرة الجنسية قد تطورت بمفهومها الاجتماعي بوصفها رابطة تبعية تربط الفرد بالأسرة أو القبيلة أو الأمة إلى رابطة ينتمي الفرد بمقتضاها إلى السلطان المطلق لحاكم الإقليم حتى وصلت إلى مفهومها الحالي في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن العشرين بوصفها تعبير عن انتماء الفرد إلى الدولة وهو المفهوم السياسي للجنسية ومن ثم التحق به المفهوم القانوني لها المتمثل في التزام الدولة بحماية الشخص في مجال العلاقات الدولية مقابل خضوعه لسلطانها.
_________
1- هشام علي صادق. دروس في القانون الدولي الخاص، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت: 1983، ص13.
2- عز الدين عبد الله. القانون الدولي الخاص، ج1، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة: 1968 ، ص126.
3- شمس الدين الوكيل. الجنسية ومركز الأجانب، ط2، منشأة المعارف بالإسكندرية: 1960 ، ص26.
4- عكاشة محمد عبد العال. أحكام الجنسية اللبنانية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت: 2007 ، ص30.
5- شمس الدين الوكيل. مصدر سابق، ص27.
6- احمد عبد الكريم سلامة. القانون الدولي الخاص ( الجنسية والموطن ومعاملة الاجانب والتنازع الدولي للقوانين والمرافعات المدنية الدولية ) ، ط1 ، دار النهضة العربية القاهرة 2008 ، ص19.
7- جابر جاد عبد الرحمن القانون الدولي الخاص (الجنسية، الموطن، تمتع الأجانب بالحقوق)، ط1، شركة النشر والطباعة العراقية المحدودة، بغداد:1949، ص59.
8- هشام علي صادق. دروس في القانون الدولي الخاص، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت: 1983، ، ص14.
9- حفيظة السيد الحداد الموجز في الجنسية ومركز الأجانب، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت: 2005 ، ص12.
10- ممدوح عبد الكريم حافظ. القانون الدولي الخاص وفق القانونين العراقي والمقارن، ط2، دار الحرية للطباعة بغداد: 1977 ، ص31.
11- عكاشة محمد عبد العال. مصدر سابق، ص 31.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|