المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4878 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



الاختلاف في الامامة هل هي من الاصول ام الفروع وهل هي واجبة ام لا  
  
3186   08:57 صباحاً   التاريخ: 30-06-2015
المؤلف : الدكتور عبد الهادي الفضلي
الكتاب أو المصدر : خلاصة علم الكلام
الجزء والصفحة : ص290ـــ299
القسم : العقائد الاسلامية / الامامة / الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها /

 اختلف في الامامة : هل هي من أصول الدين أو من فروعه ؟.

ذهب الى الاول اصحابنا الامامية، قال استاذنا الشيخ المظفر : «نعتقد أن الامامة أصل من أصول الدين»(1).

وذهب الى الثاني أهل السنة، قال العضد الأيجي : «المرصد الرابع في الامامة ومباحثها : عندنا من الفروع، وإنما ذكرناها في علم الكلام تأسياً بمن قبلنا»(2).

وقال الآمدي : «واعلم أن الكلام في الامامة ليس من أصول الديانات»(3).

وكما اختلف في أن الامامة أصل أو فرع، اختلف أيضاً في وجوبها ونفيه.

بمعنى : هل يلزم نصب امام للمسلمين أو لا يلزم؟

فذهب بعض الخوارج الى انها غير واجبة ..

وذهب الباقون من الفرق الاسلامية الى وجوبها.

واختلف القائلون بوجوبها في دليله (أعني دليل وجوب نصب الامام) على قولين :

1 - ذهب اهل السنة :

الى أن نصب الامام واجب سمعاً لا عقلاً، أي أن دليل الوجوب هو النقل لا العقل.

2 - ذهب المعتزلة والشيعة :

الى أن نصب الامام واجب عقلاً، أي أن دليل الوجوب دليل عقلي. ثم اختلف القائلون بالوجوب العقلي في من يجب عليه نصب الامام على قولين :

1 - ذهب المعتزلة الى انه واجب على العقلاء (اي الناس)، ومثلهم في هذا أهل السنة.

2 - ذهب الامامية والاسماعيلية الى انه واجب على اللّه.

واختلف القائلون بوجوبه على اللّه في الغاية والغرض من الوجوب على قولين هما :

1 - ذهب الامامية : انه لحفظ قوانين الشرع.

2 - ذهب الاسماعيلية ليكون معرفاً للّه تعالى...

ونخلص من هذه أيضاً الى أن في المسألة قولين رئيسين هما :

1 - ان نصب الامام يتم عن طريق اختيار الناس له. وهو قول المعتزلة والسنة والاباضية.

2 - ان نصب الامام يتم عن طريق تعيينه بالنص عليه من قبل اللّه تعالى، وهو قول الشيعة.

بيان دليل أهل السنة :

قال العضد الأيجي : «وأما وجوبه علينا سمعاً فلوجهين :

الاول : أنه تواتر اجماع المسلمين في الصدر الاول بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله على امتناع خلو الوقت عن إمام، حتى قال ابو بكر (رضي) في خطبته : (ألا إن محمداً قد مات، ولا بد لهذا الدين ممن يقوم به) فبادر الكل الى قبوله، وتركوا له أهم الاشياء، وهو دفن رسول اللّه صلى الله عليه وآله

ولم يزل الناس على ذلك في كل عصر الى زماننا هذا من نصب إمام متبع في كل عصر.

فان قيل : لا بد للإجماع من مستند، ولو كان، لَنُقِلَ، لتوفر الدواعي.

قلنا : استغني عن نقله بالإجماع، أو كان من قبيل ما لا يمكن نقله من قرائن الاحوال التي لا يمكن معرفتها الا بالمشاهدة والعيان لمن كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله .

الثاني : أن فيه دفع ضرر مظنون وأنه واجب إجماعاً.

بيانه : أنا نعلم علماً يقارب الضرورة أن مقصود الشارع فيما شرع من المعاملات والمناكحات والجهاد والحدود والمقاصات واظهار شعار الشرع في الاعياد والجمعات، انما هو مصالح عائدة الى الخلق معاشاً ومعاداً، وذلك لا يتم الا بإمام يكون من قبل الشارع يرجعون اليه فيما يعن لهم، فانهم - مع اختلاف الاهواء وتشتت الآراء، وما بينهم من الشحناء - قلما ينقاد بعضهم لبعض، فيفضي ذلك الى التنازع والتواثب، وربما أدّى الى هلاكهم جميعاً، ويشهد له التجربة، والفتن القائمة عند موت الولاة الى نصب آخر، بحيث لو تمادى لعطلت المعايش، وصار كل أحد مشغولاً بحفظ ماله ونفسه تحت قائم سيفه، وذلك يؤدي الى رفع الدين وهلاك جميع المسلمين.

فان قيل : وفيه اضرار، وأنه منفي بقوله عليه السلام : (لا ضرر ولا ضرار في الاسلام).

وبيانه من ثلاثة أوجه :

الاول : تولية الانسان على من هو مثله ليحكم عليه فيما يهتدي اليه وفيما لا يهتدي إضرار به لا محالة.

الثاني : قد يستنكف عنه بعضهم كما جرت به العادة، فيفضي الى الفتنة.

الثالث : أنه لا يجب عصمته ... فيتصور منه الكفر والفسوق، فان لم يعزل أضر بالأمة بكفره وفسقه، وان عزل أدى الى الفتنة.

قلنا : الاضرار اللازم من تركه أكثر بكثير، ودفع الضرر الاعظم عند التعارض واجب»(4).

بيان دليل الشيعة :

قال الفاضل المقداد : ان الامامة لطف، وكل لطف واجب على اللّه، فالإمامة واجبة على اللّه تعالى. أما الكبرى فقد تقدم بيانها. وأما الصغرى فهو أن اللطف - كما عرفت - ما يقرب العبد الى الطاعة ويبعده عن المعصية، وهذا المعنى حاصل في الامامة.

وبيان ذلك : أن من عرف عوايد الدهماء وجرب قواعد السياسة، علم ضرورةً أن الناس اذا كان لهم رئيس مطاع مرشد فيما بينهم يردع الظالم عن ظلمه والباغي عن بغيه وينتصف للمظلوم من ظالمه، ومع ذلك يحملهم على القواعد العقلية والوظائف الدينية ويردعهم عن المفاسد الموجبة لاختلال النظام في امور معاشهم وعن القبائح الموجبة للوبال في معادهم بحيث يخاف كل مؤاخذته على ذلك، كانوا مع ذلك الى الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد، ولا نعني باللطف الا ذلك، فتكون الامامة لطفاً وهو المطلوب.

واعلم : أن كل ما دل على وجوب النبوة فهو دال على وجوب الامامة، اذ الامامة خلافة عن النبوة، قائمة مقامها الا في تلقي الوحي الالهي بلا واسطة، وكما أن تلك واجبة على اللّه تعالى في الحكمة، فكذا هذه»(5).

ويرجع هذا الاختلاف بين المذهبين الشيعي والسني الى مدى سعة وضيق جهة الالتقاء بين النبوة والامامة.

ذلك أن الشيعة يرون أن الامامة في وظيفتها هي امتداد للنبوة، فكما كانت وظيفة النبي تتمثل في ممارسته للسلطتين الدينية والسياسية، وان السلطة السياسية هي من الدين وليست اجتهاداً من النبي لأن النبي - في رأيهم - غير ممكن أن يرجع الى اجتهاد، لأن الاجتهاد عرضة للخطأ، ولأن نتائجه ظنية، والنبي معصوم، والمعصوم لا يخطأ.

مضافاً اليه : أن احكامه التي يقوم بتطبيقها بصفته رئيساً للدولة، أي سياسياً، هي أحكام واقعية، بمعنى انها علم يقيني لا مجال للظن فيها، لأنها نابعة من انكشاف واقع القضية لديه موضوعاً وحكماً لا من استخدامه وسيلة الاجتهاد التي قد تصيب وقد تخطئ، وذلك لاتصاله صلى الله عليه وآله بالوحي، وعدم صدور أي سلوك منه لا يلتقي مع ما يوحي به اليه، فهو في الواقع لا يحتاج الى الاجتهاد، لان الاجتهاد طريق موصل الى الحكم لدى من ليس له طريق آخر مأمون العثار والخطأ ومضمون الاصابة والوصول الى الحكم بواقعه وهو طريق الوحي.

كذلك وظيفة الامامة تتمثل في ممارسة الامام للسلطتين الدينية والسياسية.

بينما ذهب أهل السنة الى أن الامامة وظيفة سياسية تعتمد على اجتهاد الامام، كما كان الرسول - كما يرون - يعتمد في سياسته بصفته رئيساً للدولة على اجتهاده، ذلك انهم «فرقوا بين احكام الدين واحكام السياسة، ومالوا الى اعتبار الرسول مجتهداً في الشؤون السياسة وكل ما يتصل بسلطته الزمنية، يقول ابن القيم : السياسة ما كان فعلاً يكون معه الناس أقرب الى الصلاح وأبعد عن الفساد، وان لم يضعه الرسول ولا نزل به وحي، ومن قال لا سياسة الا بما نطق به الشرع فقد غَلَطَ وغَلّطَ الصحابة»(6).

فالسنة - كما هو واضح مما تقدم - يفصلون بين احكام الدين واحكام السياسة كالذي هو معروف حالياً في الفكر القانوني المعاصر، والذي يوسم بـ (نظرية الفصل بين الدين والدولة).

 

ونخلص من هذا الى أن الشيعة انما قالوا بان وجوب نصب الامام بالنص أو التعيين من اللّه، لأن الامام عندهم امتداد لوظيفة النبوة روحياً وسياسياً، فكما أن النبي يعين من قبل اللّه تعالى كذلك الامام.

أما السنة فلأنهم فصلوا بين السلطتين الروحية والزمنية واعتبروا الامام قائماً بوظيفة النبي الزمنية أو السياسية، وهي تعتمد الاجتهاد، قالوا يتم نصبه عن طريق اختيار الناس له.

وحاول الدكتور احمد محمد صبحي في كتابه (الزيدية) أن يدافع عن أهل السنة ويدفع عنهم القول بالفصل بين الدين والدولة بقوله : «على أنه من الخطأ تصور موقف أهل السنة فصلاً بين السياسة والدين، وانما هو مجرد تفرقة بين شرعٍ مصدره الكتاب والسنة وسياسةٍ قائمة على الاجتهاد الذي هو بدوره مصدر من مصادر التشريع في الاسلام، ولم يُعرف الفصل التام بين السياسة والدين الا بعد سقوط الخلافة العثمانية، وبتأثير من الفكر السياسي الاوربي»(7).

والمستغرب من الدكتور صبحي أنه لم يفرق بين المصدر والوسيلة، فاعتد الاجتهاد - وهو وسيلة ينتهجها المجتهد لاستنباط واستخراج الحكم الشرعي من مصدره وهما الكتاب والسنة - مصدراً من مصادر التشريع.

وظني أنه التبس الأمر عليه بين القياس وامثاله من مصادر اخرى غير الكتاب والسنة، وبين الاجتهاد، ولم يدرك أن الاجتهاد طريقة يستخدمها المجتهد لأخذ الحكم من هذه المصادر.

فالقياس والاجماع والاستحسان وأمثالها أمور قائمة في واقها كالكتاب والسنة، والفارق ان من لم يكن مجتهداً لا يقوى على استفادة الحكم منها، وبعكسه من كان مجتهداً فانه يستطيع اذا استعمل اجتهاده أن يستفيد الحكم منها.

... استدل كل من الشيعة والسنة بالقرآن الكريم على رأيه في وجوب نصب الامام بالتعيين الالهي أو الاختيار من قبل الناس.

دليل السنة :

استدل أهل السنة بقوله تعالى : {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38] .

والشورى - لغة - اسم من المشاورة، يقال : شورى ومشاورة وتشاور ومَشُوْرَةَ - بضم الشين وسكون الواو - ومَشْوَرَة - بسكون الشين وفتح الواو.

وتعني المفاوضة في الكلام بمراجعة البعض الى البعض لاستخراج الرأي. وهي من قولهم (شرت العسل) اذا اتخذته من موضعه واستخرجته منه.

وتطلق أيضاً على الأمر الذي يتشاور فيه، يقال : (صار هذا الشيء شورى بين القوم) اذا تشاوروا فيه.

وذكر في سبب نزول الآية الكريمة أن الانصار كانوا قبل قدوم النبي صلى الله عليه وآله المدينة المنورة اذا أرادوا أمراً تشاوروا فيه ثم عملوا عليه، فمدحهم اللّه تعالى به.

وتقرير الاستدلال بها :

أن الآية الكريمة مطلقة لأن مورد النزول هنا ليس بقرينة مقيدة.

والاطلاق يقتضي حملها على كل أمر يطلب فيه التشاور ما عدا الاحكام والحدود الشرعية لأنها خارجة بالتخصص لدليل العقل القاضي بان عدم خروجها من هذا الاطلاق يستلزم إلغاء تشريعها.

ولأن الخلافة لم يرد فيها نص شرعي يبين كيفيتها وشروطها ومواصفاتها تندرج تحت ما يطلب فيه المشورة أو الشورى.

والذي يلاحظ على هذا الاستدلال :

1 - ان الآية ليست في مقام التشريع، وانما هي في مقام بيان أهمية وقيمة التشاور في الامور العامة التي تتطلب ذلك.

وهذا يقتضينا عدم الأخذ بها اذا كان في القرآن الكريم ما يفاد منه تشريع الخلافة كما في الآية الآتية التي استدل بها الشيعة على ذلك.

2 - ان الآية لم تبين من الذين يقتضي أن يقوموا بمهمة التشاور، وعليه لا بد من الاحتياط المبرئ لذمة المكلف من مسؤولية التكليف والخروج من عهدتها بجمع كل الاطراف المعنية وادخالها في عملية التفاوض والتشاور.

وهذا ما لم يتحقق تاريخياً منذ اختيار اول خليفة حتى عهدنا الحاضر، والامر من الوضوح بمكان لا يفتقر معه الى إقامة دليل.

دليل الشيعة :

واستدل الشيعة بقوله تعالى : {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } [البقرة: 124].

وتقرير الاستدلال بالآية الكريمة :

1 - أن الآية صريحة في ان الامامة لا تكون لأحد الا بجعل من اللّه تعالى، أي بتعيين منه.

2 - ان الامامة عهد اللّه، أي مسؤولية إلهية مهمة فلا تناط الا بمن لديه أهلية القيام بها، وهي أن يكون غير ظالم لنفسه أو لغيره، وهذا لا يتحقق الا اذا كان الامام معصوماً، لأن العصمة ملكة ثابتة ودائمة، وبعكسها العدالة فانها قابلة للحدوث والتجدد، ففي حالة زوالها تزول معها الامامة، لأن المشروط عدم عند عدم شرطه.

وجاء في بعض تفسيرات الآية : أن المراد بالإمامة هنا النبوة، ورده السيد الطباطبائي بقوله: قوله تعالى : {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } [البقرة: 124] أي مقتدى يقتدي بك الناس، ويتبعونك في أقوالك وأفعالك.

فالأمام هو الذي يقتدي ويأتم به الناس، ولذلك ذكر عدة من المفسرين أن المراد به النبوة، لأن النبي تقتدي به أمته في دينهم، قال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ } [النساء: 64] ، لكنه في غاية السقوط.

أما أولاً ، فلأن قوله : (إماماً) مفعول ثانٍ لعامله الذي هو قوله : (جاعلك) واسم الفاعل لا يعمل اذا كان بمعنى الماضي، وانما يعمل اذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال، فقوله : (اني جاعلك للناس إماماً) وعدله - عليه السلام - بالإمامة في ما سيأتي، مع أنه وحي لا يكون الا مع نبوة، فقد كان (عليه السلام) نبياً قبل تقلده الامامة، فليست الامامة في الآية بمعنى النبوة (ذكره بعض المفسرين).

وأما ثانياً : فلأنا بيّنا في صدر الكلام : أن قصة الامامة انما كانت في أواخر عهد ابراهيم (عليه السلام) بعد مجيء البشارة له بإسحق واسماعيل، وانما جاءت الملائكة بالبشارة في مسيرهم الى قوم لوط وإهلاكهم، وقد كان ابراهيم حينئذٍ نبياً مرسلاً، فقد كان نبياً قبل أن يكون إماماً، فإمامته غير نبوته»(8).

وفي حديث الامام الصادق (عليه السلام) : «وقد كان ابراهيم نبياً وليس بإمام حتى قال اللّه : {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124] من عَبَدَ صنماً أو وثناً لا يكون إماماً»(9). وذلك تطبيقاً منه عليه السلام للآية الكريمة : {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].

ولان ابا بكر الصديق (رض) كان قبل اسلامه مشركاً لا يكون - كما يرون - مؤهلاً للإمامة الالهية.

ومن هنا كان النص من اللّه تعالى على الامام علي (عليه السلام) لانه لم يسبق منه شرك أو ظلم لنفسه بالشرك أو بغيره.

وما دمنا وصلنا الى هذا لا بأس بصرف عنان البحث الى ذكر أدلة كل من الطرفين على الامام الخاص بعد النبي صلى الله عليه وآله .

__________________

(1) عقائد الامامية 93.

(2) المواقف 395.

(3) غاية المرام 363.

(4) المواقف 395 - 396.

(5) النافع يوم الحشر 67 - 68.

(6) الزيدية 30 ونص ابن القيم منقول عن الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ص 7 .

(7) ص 30.

(8) الميزان 1 / 270 - 271.

(9) مجمع البحرين 1 / 406.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.