العوامل الطبيعية المؤثرة في قوة الدولة - المظاهر الطبيعية- المناخ |
3041
03:37 مساءً
التاريخ: 31-12-2021
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-03
1000
التاريخ: 19-5-2022
2671
التاريخ: 22-1-2022
1247
التاريخ: 8-10-2021
1448
|
المناخ:
يلعب المناخ دورا هاما في تحديد قيمة الدولة وأهميتها السياسية، فرغم التقدم البشري الذي بلغه الإنسان في العصر الحديث إلا أنه لم يستطع السيطرة على المناخ سيطرة كاملة. فليس بقدرة الإنسان أن يخفف أو يزيد كمية الأمطار أو أن يمنع العواصف المدمرة، والمناخ يحدد نوع المحصول ونوع النشاط البشري. فغي المناطق الاستوائية المطيرة يميل الإنسان إلى الكسل والخمول، وتكون التربة فقيرة نظرا لتحللها واستمرار غسلها تبعا لغزارة الأمطار وارتفاع درجة الحرارة، كما تجرف الأمطار التربة وتنقلها من مكان إلى آخر، ولذلك تفقد التربة خصوبتها وصلاحيتها للإنتاج الزراعي، ولا تصلح بذلك للزراعة البدائية المتنقلة.
أما الزراعة المتقدمة فلا توجد إلا في المناطق المرتفعة حيث تعتدل درجة الحرارة تبعا للارتفاع. وتنتشر المزارع العلمية لإنتاج الكاكاو والمطاط والمور نظرا لملاءمة هذه المحاصيل للمناطق الاستوائية, وفي المناطق شديدة البرودة تتجمد التربة فترة من الوقت مما بقصر فترة الانبات وبالتالي يجعل هذه المناطق غير صالحة للزراعة، كما أن الإنسان في هذه المناطق يعاني من شدة البرودة مما يجعله يقضي معظم وقته بحثا عن اساليب التدفئة وعن غذائه غير المتوافر، كما أن الحياة الحيوانية في هذه المناطق تقتصر على ذلك النوع الذي يستطيع الحياة فوق الجليد أو في المياه وتبعا لذلك لمجد هذه المناطق فقيرة في قيمتها الاقتصادية إلا في حالة توافر المعادن، أو في حالة استخدامها كقواعد عسكرية أو التجارب الأسلحة الجديدة.
كما أن الجفاف عامل من عوامل تأخر الدول نظرا لانعدام المياه، وتكاد تكون الحياة في المناطق الصحراوية قاصرة على مناطق الواحات أو مناطق التعدين. ورغم المحاولات التي تجرى لاستغلال الصحاري في الوقت الحاضر فما زال مجال تعميرها محدودا.
مما سبق نرى أن المناطق الاستوائية أو الشديدة البرودة أو الصحراوية يصعب أن ينشأ فيها مجتمع متقدم أو أن تقوم فيها دولة عظمى.
ونظرة لخريطة العالم السياسية نجد أن الدول المتقدمة تكاد تكون قاصرة على الدول التي تقع في المناطق المعتدلة، مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، ودول غرب أوربا وجنوب أفريقيا، وقد كان لذلك أثره على النشاط البشري في هذه الدول وبالتالي على الأهمية السياسية لها.
وأهمية المناخ ظاهرة في اتصاله الوثيق بصفة خاصة بالنبات الطبيعي وبالغلات الزراعية، وإنتاج الغذاء للسكان من الأوليات التي تهتم بها الدولة. والدولة التي تتمتع بتنوع مناخي تتمتع بتنوع غذائي وبالتالي ترتفع إنتاجية أفرادها، بينما المناطق التي يسودها مناخ صحراوي سواء حارة أو جليدية يتحدد فيها الإنتاج الزراعي، ومثل هذه المناطق لا تصلح لأن تكون نواة او معمور لدولة ذات أهمية استراتيجية كما في المناطق شبه القطبية من كندا وجرينلند وايسلند وشمالي سيبيريا، أو تظهر فيها ثروة معدنية كما هو الحال في شبه الجزيرة العربية.
والدولة التي لا تنتج ما يكفيها من غذاء لابد لها من الاستيراد من الخارج، أو إتباع الزراعة الكثيفة، أي بزراعة الأرض أكثر من مرة وهذا غير متيسر إذا كان المناخ لا يساعد على هذا، وقد يقوم لكن بتكاليف باهظة, في الدول المتسعة كالولايات المتحدة مثلا، حيث تكثر الأقاليم المناخية وتتعدد، نجد أن المزارعين في غرب السهول الوسطى؛65^ 6الل1 دائما يشكون للحكومة في واشنطن من أن رجال الإدارة في منطقتهم لا يعرفون شيئا عن مشكلات الزراعة والتسويق في هذا الإقليم. ونفس الكلام في كندا حيث يشكو سكان البراري من سوء السياسة الداخلية في الدولة. ويرجع هذا اساسا إلى قيام اقتصاديات مختلفة ترجع إلى أنواع مختلفة من المناخ. وقد تؤدي هذه العلاقات إلى تهديد للوحدة السياسية كما في كندا وأستراليا في وقت ما إذ أن ولاية البرتا في الأولى وغرب أستراليا في الثانية ذهبتا بعيدا إلى درجة اقتراح الانفصال في وقت ما. هذه وغيرها من الأمثلة تدل على انه حيث يوجد تنوع مناخي يترتب عليه نتائج محلية هامة في ميدان الإنتاج الزراعي، فيجب عمل حساب هذا التنوع، حتى تسير امور الدولة دون شقاق.
وقد كان للمناخ اثره في جلب الاستعمار و استقراره في بعض المناطق، فعندما وصل المستعمر الأوربي إلى أفريقيا، اختار الجهات المرتفعة ذات المناخ المعتدل لإقامته، وطرد الرجل الأفريقي إلى المناطق المنخفضة الحارة التي يمكنه العمل والعيش فيها، وفي شمال أفريقيا المغرب والجزائر وفي جنوب أفريقيا شجعت الطروف المناخية الرجل الأوربي على العيش والسعي للاستمرار في هذه المناطق.
ويحفل التاريخ القديم والحديث بالأمثلة المتعددة على عمل حساب المناخ، ودراسة أنسب الطروف الملائمة للعمليات الحربية بحرية كانت أم برية، فقد استفادت بريطانيا كثيرا من الضباب في الانسحاب من دنكرك أثناء الحرب العالمية الثانية، وقامت المانيا بحملتها على بولندا في شهر سبتمبر تجنبا للأوحال التي قد نتعرض لها الدبابات كما اختارت شهر ابريل لغزو النرويج حتى يمكنها الاستفادة من العواصف التي تهب في هذا الفصل فتسدل ستارا على عملياتها الهجومية، وكان في تقدير الألمان في هجومهم على روسيا أن يبلغوا موسكو قبل حلول الشتاء إذا ما تقدمت جيوشهم في شهر يونيه عام 1941، ولكن نطرا لبطيء تقدمهم بزيادة البعد عن قاعدتهم مما حمل القيادة على إصدار الأوامر بعمل حفر ومواقع دفاعية الهجوم الشتاء عليهم، ولم يكن في الحسبان أيضا توافر ملابس شتوية ثقيلة للجنود، فاضطر الجيش لطلب هذه الملابس من المدنيين، وكان من جراء ذلك ان كان بعض جنود الجبهة يرتدون معاطف نسائية، ولقد اعطى هذا الفرصة لانكسار الروح المعنوية عند الألمان وارتفاعها
لدى الروس، وبالتالي انكسار الألمان في الميدان الروسي. وليس من شك في أن القوات التي كانت تحارب في الشمال الأفريقي، كانت في حاجة إلى كساء وغذاء يختلف تماما عن ملابس وغذاء زملائهم في شمال النرويج، وبينما كانت قوات جنوبي الباسيفك تعاني من الحرارة المصحوبة بالرطوبة، وكانت قوات غرب أوربا تعاني من انخفاض الحرارة وسقوط الثلوج، بل لقد كانت القوات الأمريكية تحارب في إيطاليا الأعداء من جانب والأمطار الغزيرة من جانب آخر. ولعل من الثوابت في الاستراتيجية البرية، أن معارك الصحراء تعتمد أساسا على القوات الميكانيكية المدرعة التي تظللها غطاء جوي، وذلك لتوفير عنصر الحماية على مسرح العمليات، الذي يخلو عادة من السواتر الدفاعية، ولضمان سرعة الحركة، للتغلب على صعوبة ستر القوات ونقص مواد الإعاشة المحلية وخاصة الماء العذب، كذلك يعد الطيارون إعدادا خاصا لملائمة مختلف الأجواء لأنهم كثيرا ما ينتقلون من قاعدة حارة رطبة، إلى قاعدة شديدة البرودة على بعد ساعات قلائل.
شكل (23) الاقاليم المناخية في الولايات المتحدة
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|