المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



في ماهية مرجعية ثقافة الأطفال ودلالاتها  
  
1848   02:13 صباحاً   التاريخ: 30-12-2021
المؤلف : الاستاذ فاضل الكعبي
الكتاب أو المصدر : الطفل بين التربية والثقافة
الجزء والصفحة : ص141 ـ 144
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

لا نريد في هذا المبحث عزل (ثقافة الأطفال) عن (ثقافة المجتمع)، والبحث لها عن مرجعيات أخرى، بديلة عن حاضنتها الأساسية، ومنشأها العام في المناخ الاجتماعي والبيئي والعلمي الذي نشأت فيه المرجعيات الكلية لثقافة المجتمع.. غير أننا نسعى من وراء ذلك إلى ان نضع ثقافة الأطفال الموضع الصحيح في حدودها الخاصة ضمن الإطار العام للثقافة، لكي تتوضح الصورة الحقيقة لهذه الثقافة، وندرك تمام الإدراك هذه الحدود وقواعدها العلمية بشكل دقيق، عند التعامل مع الطفولة وخصائصها التي تفرضها طبيعتها الخاصة..

من هنا نعمل على البحث في الأساس المرجعي الذي نشأت وفقه ثقافة الأطفال.. مع ان هذه الثقافة، قد نشأت في أحضان الثقافة العامة للمجتمع، وتعد ثقافة فرعية منها.. إلا ان لهذه الثقافة مرجعياتها الخاصة، بالإضافة إلى استعانتها بالمرجعيات العامة لثقافة المجتمع.. وهذه المرجعيات الخاصة هي التي تحدد صيغتها المتميزة، وقاعدتها الصحيحة التي تميزها عن قاعدة الثقافة العامة..

اننا هنا سنحدد الاتجاهات التي بلورت ثقافة الأطفال، والتي أصبحت فيما بعد المرجعية العلمية التي نرجع إليها لمعرفة الأسس العلمية الدقيقة لتوضيح آلية هذه الثقافة...

ولكي يـكـون الـتـحـقـق واضحاً، ودقيقاً في هذا الاتجاه لابد من الانطلاق من البعد المعرفي لثقافة الأطفال، وعده مرجعية فكرية خالصة لهذه الثقافة، أو هكذا نرى في رؤيتنا لخواص ومكونات هذه الثقافة التي تحمل خصوصيتها الواضحة فيما تختص به من أساسيات ومقومات، على الرغم من حقيقة اتصالها وتشابكها العميق مع مكونات واتجاهات الثقافة العامة للمجتمع، ولهذا نجتهد هنا في طرح الصيغة المناسبة التي نرى فيها تشكيلاً أولياً لمرجعية دقيقة لثقافة الأطفال.. بعد تتبع الخطوات الأولية التي سارت باتجاه تحديد الرؤى والأفكار التي تحيط بالطفل وعوالمه. قبل ان تتوسع هذه الخطوات لتصل إلى مستوى النظريات والعلم الدقيق في قضايا الطفل وثقافته..

وبداية لابد ان نعرف مثلما عرفنا من قبل حقيقة الطفل، قبل ان تتشكل طبيعته الثقافية، حيث (يولد الطفل عضواً في الجنس البشري بخصائص وراثية تكشف عن ملامح خاصة كثيرة، ويبدأ في الحال بالحصول على ذخيرة من السلوك في ظروف الدعم التي يتعرض لها باعتباره فرداً، ومعظم هذه الظروف والطوارئ يرتبها أناس آخرون، وهذه الظروف هي في الحقيقة ما يقال له ثقافة.. بالرغم من ان الاصطلاح يعرف في العادة بطرق أخرى، فقد قال اثنان من أعلام الانثروبولوجيا مثلا بأن (الجوهر الأساسي للثقافة يتألف من أفكار تقليدية - أي أفكار مشتقة ومختارة تاريخياً - وبخاصة من القيم التي تعزي اليها)، ولكن أولئك الذين يلاحظون الثقافات لا يرون أفكاراً أو قيماً، وإنما يرون كيف يعيش الناس، وكيف ينشئون أطفالهم، وكيف يجمعون الطعام أو يزرعونه، وما نوع المساكن التي يعيشون فيها، وماذا يلبسون، وأي الألعاب يمارسون، وكيف يعامل بعضهم بعضاً، وكيف يحكمون أنفسهم، وهلم جرا، هذه هي العادات والسلوكيات المعتادة لشعب ما، ولكي نفسرها ينبغي ان نتأمل الظروف التي تـولـدهـا.. فالظروف والطوارئ الاجتماعية، أو السلوكيات التي تولد منها، هي (أفكار) الثقافة، أما المعززات التي تظهر في الظروف والطوارئ فهي (قيم) الثقافة)(1)..

وهذه الأفكار وهذه القيم، هي الأساس المرجعي للثقافة، وهذا الأساس قابل للتطور والتوسع، كلما عززناه بالظروف والطوارئ الجديدة التي تدعم ثقافتنا في الواقع المادي والمعنوي، وتدفعها إلى الاستمرار والدوام، وتراكم المعززات، التي تصبح فيما بعد ميراثاً متداولاً لها يمكن الرجوع اليه، بوصفه الخزين المعرفي للثقافة، وأساس مرجعيتها الثابتة..

من هنا يتحتم علينا الرجوع إلى المصادر التاريخية لتتبع الأفكار الأولى التي شكلت بتراكماتها المتواصلة خزيناً معرفياً للثقافة.. وهذا الخزين الذي يعرف بالميراث الفكري، أو التراث الكلي للثقافة هو الذي يشكل البنية العامة لمرجعية ثقافة الأطفال,, مع ان الميراث الفكري أو التراث الكلي للثقافة عادة يختص بالثقافة الـواحـدة ضمن إطارها الاجتماعي الخاص، لكل شعب من الشعوب الا ان مفهوم (المرجعية) أوسع وأشمل من ذلك، فهو يستوعب تداخل الأفكار وتبادلها بين الثقافات الإنسانية المختلفة التي تطرح هذه الأفكار وتشترك في صياغة مفهوم معين لها يمكن تداوله في كافة المجتمعات ليصبح بعد ذلك مصطلحاً أو مفهوماً أو علماً انسانياً عاماً لا يختص بهذا المجتمع دون سواه، إنما يتجاوز هذا النطاق إلى النطاق الإنساني الشامل، الذي يكون فيه ظاهرة عامة من ظواهر الثقافة في كافة المجتمعات، كما هو الحال مع الثقافة وثقافة الأطفال التي أصبحت متداولة وظاهرة لدى المجتمعات كافة، وبأعلى المستويات..

لهذا تأتي المرجعية من اتجاهين متوازيين، اتجاه اجتماعي يستمد أفكاره من صميم الثقافة الاجتماعية للمجتمع.. واتجاه إنساني يسعى إلى الاطلاع الواسع على مختلف العلوم والمعارف والأفكار التي أنتجها الفكر الإنساني، ويأخذ منها ما يناسب دائرته المعرفية التي ينطلق منها في إطار المعرفة المشخصة في تحديد معين.. ومثال على ذلك: يعتبر كل ما أنتج من علم ومعرفة وأفكار تناقش قضايا الطفل الأساسية في هذا المجتمع أو في ذاك، منتوجاً معرفياً يشمل خزيناً فكرياً يختص بالطفل، ويمكن الاعتماد على هذا الخزين وعده مرجع ومرجعية واسعة للنشاط المعرفي الذي يحاول الإحاطة الكاملة بعلم الطفل وقضاياه من باب واحد أو من أبواب متعددة.

ومن هذا الحال تتشكل المرجعية، لتكون جملة الأفكار والمعارف والعلوم التي نلجأ إليها للاستزادة المعرفية، وتوسيع الإدراك، والوعي، والإحاطة من كل الاتجاهات بهذا العلم أو ذاك، أو تلك المعارف وغيرها، ويمكن اعتبار ذلك جانباً أساسياً من جوانب المرجعية الكلية وهو الجانب الفكري.. وهذا الجانب يتشكل من رافدين أساسيين (رافد قيمي) و(رافد نظري) ..

______________________________

(1) سكينر - تكنولوجيا السلوك الإنساني، ص۲۲۸. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.