أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-2-2021
2103
التاريخ: 13-1-2023
1313
التاريخ: 2024-08-22
280
التاريخ: 18-1-2016
8577
|
سبق وان تعرفنا على حدود (التنشئة الاجتماعية) وعملياتها المؤثرة في تشكيل ثقافة الطفل. وتم التأكيد في ذلك على ان النتائج التي يحصل عليها الطفل من عمليات التنشئة الاجتماعية هي التي تبلور وتوضح اتجاهات ثقافته الخاصة.. التي تبرز وتتشكل في أحضان الثقافة العامة للمجتمع، ثم تأخذ ميزتها وخصائصها شيئاً فشيئاً في شخصية الطفل، بوصفها - أي ثقافة الأطفال، كما سبق وأكدنا ذلك في أكثر من موقع هنا (ثقافة فرعية) عن ثقافة المجتمع.
وقد جرى التأكيد في هذا المجال على حقيقة مفادها : ان الطفل يولد وينشأ في أحضان والديه، فيكتسب، ويتعلم منهما العادات والطبائع والقيم والنظم والخبرات والمعارف التي تدعم نموه العام، وتشكل جوانب واتجاهات شخصيته الثقافية التي تمر بمراحل متعددة لكل مرحلة خبراتها ومكتسباتها الخاصة بدءاً من مرحلة نموه الأولى، ثم ما يأتي بعدها، حيث يتطور نموه ويأخذ مجالاً أوسع في الاكتساب والتعلم، بعد ان يدخل الطفل إلى عالم المدرسة، وفي هذا العالم الواسع، والمقنن يتعلم الطفل ويكتسب خبرات جديدة، وعادات وطبائع ومعارف وقيم تضاف كلها إلى سبق أن اكتسبه وتعلمه من أسرته ومن محيطه الاجتماعي ..
من هنا ندرك تمام الإدراك ان عمليات التنشئة الاجتماعية واتجاهاتها المؤثرة في (الأسرة والمدرسة والبيئة) تلعب دورا حاسماً في تشكيل وتحديد اتجاهات (ثقافة الطفل) ونوعيتها..
وهذا يعني: ان الطفل يمثل الانعكاس الطبيعي للثقافة التي ينشأ في أحضانها، حيث تبدأ ثقافته بالتشكل والوضوح مع تشكل شخصيته في طورها الأول، وتأخذ بالنمو والتطور تدريجياً، فيعكس ذلك الحقيقة التي لا مجال للشك فيها، وهي حقيقة المنشأ الثقافي والاجتماعي للطفل، الذي يدعونا إلى بديهية القول: ان الطفل يتلقى أساسيات ثقافته بشكل طبيعي، من جوهر ومحيط تنشئته الاجتماعية.. وهذه التنشئة هي المصدر الأساسي والمهم لثقافة الطفل.
هذا ما عرفناه بوضوح، ومع ذلك نسعى إلى معرفة المزيد، في محاولة للتوصل إلى عمق المعرفة الواسعة، ولكن بنفس الاتجاه الذي لا يخرج عن أصل المعرفة ومنشأها الفكري والمادي. وذلك بالعودة إلى أصل الشيء، وأساس مكونه، والانطلاق منه في التحليل والاستنتاج للوصول إلى أصل الأصل في المعرفة وتكوين المفهوم العام للظاهرة ومردوديتها في الفعل الإنساني ونشاطه العام.. فالمكون العام للظاهرة الثقافية وجد في أحضان التنشئة الاجتماعية، والتنشئة الاجتماعية هي تحيي وتعالج الظاهرة الثقافية في شخصية الفرد..
وهنا لابد من البحث عن أساس للمسبب الأول في هذا الاتجاه، عبر إثارة التساؤل المشروع بالشكل التالي: ما دامت التنشئة الاجتماعية هي سبب تشكيل ثقافة الطفل، أي انها المصدر الأساسي لهذه الثقافة، ترى ما هو المصدر الأساسي للتنشئة الاجتماعية التي تنشط في عملياتها واتجاهاتها تشكيلات الظاهرة الثقافية؟
رب أحد يتصدى لهذا السؤال ليجيب بعفوية واضحة فيقول: ان مصدر التنشئة الاجتماعية في أغراضها وغاياتها لتشكيل ثقافة الفرد، هي التنشئة الاجتماعية ذاتها.. ويتوسع بذلك أكثر حين يقول: ان الإنسان عامة والطفل خاصة خاضع بطبيعته إلى حدود ومظاهر وأساليب وطرق وعمليات التنشئة الاجتماعية فيكتسب ويتعلم منها تدريجياً حتى تتوضح بعد ذلك سمات ثقافته وعوالم شخصيته..
ربما هناك نوع من الصحة، وليست كل الصحة في هذا القول، ذلك لأننا إذا أسلمنا بهذا القول ونتيجته بشكل كامل، فسنظل ندور في حلقة مغلقة لا توصلنا إلى النتيجة الصحيحة التي يبتغيها السؤال المثار هنا، في غاياته العلمية، وكأننا هنا نسأل نفس السؤال الذي أثاره أحدهم عن أصل (البيضة) حين سأل: من أين تأتي البيضة؟ . . فجاءه الجواب: من الدجاجة طبعا!.. فكرر السؤال بصفة أخرى: ولـكـن مـن أيـن تـأتي الدجاجة؟ فكان الجواب: من البيضة أيضاً!
ولكي لا يكون سؤالنا وجوابنا عائمان بنفس الطريقة هذه، نعود مجدداً إلى البحث عن الجواب المنطقي لسؤالنا المشروع، عن أصل التنشئة الاجتماعية ومصدرها الذي دفعها إلى ان تكون حاضنة للثقافة ومسؤولة عن تشكيل مفهومها العام.. وهل لهذه التنشئة الاجتماعية مصدر واحد أم مصادر متعددة؟ وأين تكمن هذه المصادر، وكيف يتم قياسها والرجوع إليها واعتبارها مرجعاً أولياً لنشاطها الدقيق؟.
ان هذه الأسئلة وغيرها ستكون مثار دراستنا هنا، للبحث عن أوجه التنامي المتصاعد في أصل التنشئة الاجتماعية ومرجعياتها التي دفعت ظاهرة (ثقافة الأطفال) مفهوماً وسلوكاً إلى الوجود النظري والمادي في المجتمع وصولاً إلى معرفة الأسباب والمسببات التي كونت مفهوم (ثقافة الأطفال) ووجدت على أساسها، وعدت مرجعاً مهماً لها..
وقبل ذلك لابد من التعرف على العلاقة العضوية بين الثقافة والتنشئة الاجتماعية، وأيهما كانت أساساً لوجود الأخرى، وكيف يتم قياس ذلك في إطار البحث عن مرجعيات ثقافة الأطفال، في أصل التنشئة الاجتماعية ومصدريتها، والسبل العلمية التي توصلنا إلى الحقيقة العلمية لكل منهما، في السياق التاريخي للوجود الذي ينظمه وعي (التكيف الاجتماعي) أو (التطبيع الاجتماعي) كما يسميه البعض، أو ينظر إليه كفضاء واسع لواقع (التنشئة الاجتماعية) التي تنفتح على واقع الحياة بكل اتجاهاتها، لتشمل عمليات (التكيف) وعمليات (التطبيع) من أجل تشكيل البنية الثقافية للفرد وتكريس هذه البنية في الشخصية عبر مراحل متعددة لتصبح سمة وهوية لهذا الفرد يتم من خلالها معرفته ومعرفة خصائصه الاجتماعية، وطبيعته الإنسانية، وبالتالي تميزه عن غيره عبر هذه السمة أو الهوية الثقافية.. وذلك بالعودة إلى خصائص وعوامل النشوء الاجتماعي ومرجعيات هذا النشوء الذي أدى إلى قيام ثقافته الخاصة وتمايزاتها عن غيرها من الثقافات الإنسانية عبر مراحل التاريخ الذي يلعب دوراً في صهر الثقافة وتشكيلها ، منذ مرحلتها الأولية حتى مراحل تطورها، ووصولها إلى قمة الهرم، والعودة بها ثانية إلى مرجعياتها ومصادرها الأساسية التي دفعتها إلى الوجود النظري والمادي، ابتغاء الوصول إلى قيمتها الحقيقية، وغاياتها الصحيحة في التشكل العلمي. مثلما نبحث الآن، ونسعى إلى إثبات مرجعيات هذه الثقافة، وأساس تشكل الثقافة الخاصة، المعنية بالأطفال منذ أن كانت في مراحلها السابقة وصولاً إلى مرحلتها المتقدمة الحالية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|