أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-29
1861
التاريخ: 11-12-2021
3433
التاريخ: 4-4-2016
2599
التاريخ: 19-12-2021
2259
|
بالرغم من إن الموطن تعبير عن فكرة واقعية، فإن تشريعات الدول المختلفة عند تنظيم أحكامه لم تلتزم مفهومة موحدة للموطن بصورة عامة، بل وضعوا تصويرا يختلف الواحد منه عن الاخر، وهذا الاختلاف يرجع إلى تنوع أو اختلاف التوارث القانوني وحاجة الحياة القانونية من دولة إلى أخرى. وهناك اتجاهان أساسيان في شأن تصوير الموطن في تشريعات الدول المختلفة وهما:
الاتجاه الأول: التصوير الحكمي أو الافتراضي للموطن: وبمقتضى هذا التصوير أن موطن الشخص، هو المكان أو المحل الذي يوجد به المقر الدائم والرئيس الأعماله، ويسود هذا التصوير في الدول التي تعطي وزنة كبيرة للموطن في العلاقات القانونية الداخلية والدولية على السواء، كما في الدول الانجلو أمريكية(1) . وهذا التصوير لا يهتم بالواقع لأن الشخص قد لا يكون مقيا في المركز الرئيسي لأعاله، وإنها العبرة فقط بالمقر الرئيسي للأعمال الذي يعتبره القانون موطنا حکمية، ولذلك قد يكون المقر الرئيسي للأعمال منفصلا عن محل الإقامة، والموطن بهذا الوصف هو غير المكان الذي يتخذه الشخص محلا الأقامته الدائمة أو المعتادة، كما لو كان محل أقامة الشخص المعتادة في بغداد ومكتب أعماله الرئيسي في سوريا، فهذا الشخص طبقأ للتصوير الحكمي لا يفقد موطنه بتغيير محل الإقامة المعتادة. وإذا كان من المتصور أن تتحد فكرة الموطن مع فكرة الإقامة العادية، فإنها قد تختلف عنها في بعض الفروض. والموطن في
القانون الانجليزي هو الدولة أو القطر التي يعتبرها القانون الانجليزي مقرا دائا للشخص The domicile of any person is the country is considered by English law (2)
ويترتب على التصوير الحكمي نتیجتان أساسيتان وهما:
1- أن يكون لكل شخص موطن معين هو المركز الرئيسي لمقر أعاله، وهذا هو الموطن الأصلي الذي يثبت للشخص الطبيعي عند ولادته، ذلك أن عدم وجود محل اقامة معتادة للشخص لا يمنع من أن يكون له دائما مركزا رئيسا ينسب إليه بحكم القانون. .
2- لا يجوز أن يكون للشخص الواحد أكثر من موطن، فإذا كان من المتصور أن يكون للشخص أكثر من محل اقامة، غير أنه ليس من المتصور أن يكون له أكثر من مرکز رئیس واحد. فالتصوير الحكمي يتميز بالوحدة ويبتعد بطبعه من التعدد، ويسوغ ذلك أن الموطن هو المعيار أو الضابط الذي يتحدد به النظام القانوني الذي يختص بحكم علاقات الشخص وتصرفاته، مما يسهل وظيفة القاضي في تسوية المنازعات المتعلقة بالموطن (3)
الاتجاه الثاني: التصوير الواقعي: يكون الموطن بموجب هذا التصوير، هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة، فهذا التصوير يقوم على نظرة مادية وهي وجوب المطابقة بين مكان الإقامة متى كانت تلك الأقامة ليست عارضة، فهذا التصوير يستند على الركن المادي وهو عنصر السكن أو الأقامة الاعتيادية سواء كانت دائمة أم مؤقتة. ويسود هذا الاتجاه أو التصوير في الدول التي تأثرت بالنظم القانونية لأوربا الغربية ومنها القانون المدني المصري والسوري والليبي وتركيا والبرازيل (4)
فالموطن طبقا لهذا المفهوم، يقترب من الواقعية بعكس التصوير الحكمي الذي قد يكون غير ذلك المكان الذي يسكن فيه عادة الشخص. ويختلط التصوير الواقعي مع واقع أقامة الشخص (5) .
ويترتب على التصوير الواقعي للموطن نتیجتان أساسيتان وهما:
أولا: إمكانية تعدد الموطن بالنسبة للشخص الواحد. واستنادا للتصوير الواقعي فإن موطن الشخص بتعدد موطنه، بتعدد محل اقامة الشخص المعتادة في أكثر من مكان معين.
ثانيا: أنه قد يؤدي إلى إمكانية انعدام الموطن. ذلك أن هذا التصوير يقوم على فكرة الأقامة الاعتيادية المستقرة، فإذا تخلفت هذه الأقامة في وقت ما، فإن الشخص يصبح بلا موطن، كما في حالة عديم الجنسية والبدو الذين يرتحلون من مكان إلى آخر دون أن يكون لهم قرار في بقعة مكانية محددة.
والمشرع العراقي لم يبين موقفه من أي تصوير خاص بالموطن في مجال القانون الدولي الخاص، غير أن الرجوع إلى الأحكام المقررة والخاصة بتحديد الموطن في القانون الداخلي والتي يمكن إعمالها في مجال القانون الدولي الخاص والتي يمكن أن نستنتج منها أن المشرع العراقي أخذ بالتصوير الواقعی استنادا للادة (42) من القانون المدني العراقي التي عرفت الموطن بأنه المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة بصفة دائمة أو مؤقتة، ويجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن واحد. فهذه المادة تسمح بفكرة تعدد الموطن بالنسبة للشخص الواحد.
وبالرغم من النتائج المهمة للتصوير الواقعي الذي أخذ به المشرع العراقي والذي يترتب عليه، تعدد الموطن، فضلا عن انسجامه مع الواقعية والحياة العملية ودوره في تبسيط الإجراءات أمام المحاكم، وكذلك عند تبليغ الدائن المدينه في الموطن الأقرب، غير أن هذا التصوير تعرض للانتقاد، إذ أنه يؤدي إلى ازدواجية لا تنسجم مع القاعدة التي تقضي بضرورة تركيز الشخص في مكان معين عند تحديد النظام القانوني الذي يخضع له (6) .
___________
1- للمزيد من التفصيل راجع د. عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص، ج1، ط11، القاهرة 1986 ، ص. 54. واستاذنا الدكتور ممدوح عبد الكريم حافظ القانون الدولي الخاص وفق القانونين العراقي والمقارن ط1، بغداد 1973 ، ص199.
2- Cheshire OP, Cit p. 165, Graveson, The conflict of laws, London, 1960 p. 185-Y
3- د. عز الدين عبد الله، المرجع السابق، ص309
4- للمزيد من التفصيل راجع د. غالب على الداودي والدكتور حسن محمد الهداوي، القانون الدولي الخاص، ج1، طبع بغداد، ط2 1978 ، ص179.
5- وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم الموطن في الشريعة الإسلامية يقترب من التصوير الواقعي، إذ عرف الكاساني، بدائع الصنائع، ج1، ص103 الموطن بأنه: (( وطن الإنسان في بلدته أو بلدة أخرى، اتخذها دارآ وتوطن بها مع اهله وولده وليس من قصده الارتحال عنها بل التعيش فيها )). فعنصرا الموطن متوافران وهما التوطن أو الأقامة بأحد البلاد وانعدام أو غياب قصد الأرتحال عنه. للمزيد من التفصيل راجع د. أحمد عبد الكريم سلامة، علم قاعدة التنازع والاختيار بين الشرائع اصولا ومنهجا، ط1، المنصورة 1999 ، ص477.
6- د. غالب على الداودي والدكتور حسن محمد الهداوي، القانون الدولي الخاص، ج1، طبع بغداد، ط2 1978، ص181.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يجري اختبارات مسابقة حفظ دعاء أهل الثغور
|
|
|