وحدة الاقليم و التاريخ

يعد الإقليم Territory (الوطن) من أهم عوامل تكوين الدولة -القومية، ويقصد به الجسم - الأرضي للأمة Nation’s geo-body الذي ترتبط به مفاهيم التكامل والسيادة والسيطرة القومية ومن ثم تماسك الامة، أي هو الأرض التي يوالي لها السكان ويشعرون أنهم جزء منها.

فاشتراك السكان في إقليم واحد يجمع بين ثقافتهم وعواطفهم وطرق حياتهم وأفكارهم ومصالحهم يجعلهم كينا واحدا collective self، لذا من الصعب أن تكون الدولة - القومية بلا إقليم , و يعني ذلك أن وجود الدولة - القومية بلا اقليم (أرض) أمر لا يمكن أن يتحقق لأنه هو الرابط المكاني بين خصائصهم الاجتماعية, ويرتبط بالإقليم وحدة التاريخ فإذا اجتمعت الأمة على إقليم (وطن) فإنها تجتمع على تاريخ واحد لهذا الإقليم.

وفي العراق لا يجتمع السكان على فكرة وحدة الإقليم والتاريخ، لأن كل جماعة سكانية ( قومية أو طائفة أو عشيرة) ترى لنفسها وطنا وتاريخ خاصا بها ويختلف من الجماعات الأخرى، فالعرب يعتبرون الوطن العربي إقليمهم وتاريخهم جزء من تاريخ العرب، وهكذا الأكراد حيث تمثل كردستان الموحدة وطنهم واقليهم، وأرضهم في العراق بمثابة جزء منها وتاريخهم جزء من تاريخ كردستان الكبرى ويختلف عن تاريخ العرب وغيرهم في العراق, ويري التركمان أن كركوك اقليمهم ووطنهم داخل العراق، وفي ذات الوقت ينظرون إلى تركيا على أنها وطنهم الأكبر، ويجمعوا على أن تاريخهم ذو خصوصية واضحة يرتبط بتاريخ الإمارات التركمانية في العراق , ويجمع الكلدو أشوريون على أن وطنهم يقع في سهل الموصل، وأن تاريخهم ينصب على تاريخ حضارات العراق القديم.

وبذلك يتضح غياب هذا المقوم ( وحدة الإقليم والتاريخ) في العراق، والذي عمق لذلك هو غياب فكرة التوحيد السياسي، وغياب فكرة العمل على بناء وحدة عراقية تقوم على وحدة الإقليم و التاريخ. لذا يجب أن يتجاوز مفهوم الوطن والتاريخ في العراق كل الشعارات ذات النزعة الهدمية للدولة، وأن ينصب هذا المفهوم على أرض العراق كلها وطن لكل العراقيين، متجاوزا بذلك مفهوم أرض القومية أو الطائفة أو العشيرة ولن يتم ذلك إلا بنبذ فكرة المناطقية التي غذتها ونمتها الحكومات العراقية على مدي عمر الدولة، و التي تصاعدت مؤخرا بشكل حاد يهدد وحدة و استقرار العراق.