أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-12-2021
2176
التاريخ: 17-11-2015
4620
التاريخ: 30-3-2016
2220
التاريخ: 15-2-2016
2217
|
حرب الفرسان القديمة
في عام ١٦٠٤ ، ظهرت لأول مرة أسطورة غامضة عن معركةٍ الْتقى فيها الذهب والزئبق، مدجَّجَين بالسلاح كما الفرسان، مقابل عدوِّهم حجر الفلاسفة في شكل مادة مطبوعة (باللغة الألمانية)، بالرغم من احتمال وجود مخطوطات لهذه الأسطورة قبل ذلك التاريخ. وقد نُشِرَت نسخٌ مختلفة من هذه الخرافة على مدار القرن السابع عشر باللغتين الألمانية والفرنسية. ونُشِر النص النهائي (المبيَّن في الشكل 4-1) باللغة الإنجليزية في عام ١٧٢٣، ويُشبه كلا المصدرَين الألماني والفرنسي. ومع ذلك، تظل هوية المؤلِّف خفية؛ هل كان ألكسندر توسَّا دي ليمويون دو سان ديزدييه (اسم ظريف، لكن من الواضِح أنه ليس اسم الكاتب الحقيقي)، أم يوهان تولده، الناشر الأصلي، الذي ربما يكون كذلك الشخصية الأسطورية بازيل فالانتاين؟ وعلى الرغم من أن الجانب المُمتع في هذا الكتاب هو استخدام المجاز، فإن الجانب الأروع فيه هو توظيف الاستدلال العلمي الجامد، القائم على التجريب، لدحض بعض العقائد الجوهرية للمعرفة الخيميائية. وبرغم نجاح الخيمياء في تحويل المعادن (انتصار حجر الفلاسفة)، كانت أولى إرهاصات الثورة العلمية تتردَّد مسموعةً في الأفق. في هذه القصة الرمزية، يُمثِّل الذهب فارسًا مُتغطرِسًا وعدوانيٍّا، في حين يُمثِّل الزئبق فارسًا تابعًا للذهب، يدعمه في خضوع. لكن دعنا نستمع إلى الذهب بصوته الرخيم وهو في مواجهته مع حجر الفلاسفة:
إنَّ الرب بذاته هو من وهبني الشرف، والسمعة، واللمعة البراقة، مما جعل قيمتي ثمينة. ولهذا السبب يُنقِّب كل الناس عني. ويَتمثَّل أحد أعظم جوانب كمالي في أنني معدن لا يُمكن أن يتبدَّل في النار، ولا خارج النار؛ لذلك يُحبُّني كل العالم، ويطاردني؛ أما أنت، فلست سوى هاربٍ ومحتالٍ يستغل كل البشر. وهذا واضح من فرارك وهروبك من أيدي كلِّ من يتعاملون معك. وهنا يردُّ الحجر ردٍّا موزونًا رغم قوته: هذا صحيح يا عزيزي الذهب، إنَّ الرب هو مَن وهبك الشرف والقدرة على البقاء والجمال، وهي الأشياء التي تجعل منك معدنًا نفيسًا؛ ولذلك يجب عليك أن تفتأ تَحمد الرب (على جودِه الربانيِّ)، لا أن تَزدري الآخرين كما تفعل الآن؛ يمكنني أن أخبرك أن لست ذاك الذهب الذي كتب عنه الفلاسفة في مؤلفاتهم، وإنما أنت ذاك الذهب المخبأ في كنفي. إنَّ فكرة الحجر هي أن المادتين اللتَين تتعانَقان في «الزواج الكيميائي » الأسطورليسا هذَين المعدنين الساذجين اللذين يواجهانه، وإنما الذهب « الفلسفي » والزئبق « الفلسفي » وكلاهما له أصول أكثر تعقيدًا إلى حدٍّ كبير. بعدها، يطرح الذهب حجته الخيميائية الأساسية، ومفادها أن « الزواج او الاتحاد » بين الذهب والزئبق ضروري لتكاثر الذهب، في الواقع إنها طريقة الطبيعة العامة مع التكاثر لا أجهل ما تكلم به الفلاسفة، لكن لربما كان ذلك ينطبق على أخي الزئبق الذي لم يزل معيبًا، والذي رغم كونه كذلك فإنه إذا ما اتَّحد بي، أخذ مني صفة الكمال (التي يَنشُدها)؛ وذلك لأنه هو الأنثى وأنا الذكر، وهو ما يجعل الفلاسفة يقولون إنَّ هذا الزواج مثلي. يُمكنك أن ترى هنا نموذجًا للتكاثُر لدى
الإنسان؛ إذ لا يُمكن أن يكون ثَمَّةَ أطفال دون اتصال حميم بين الذكر والأنثى، أي دون اتحاد بينهما. إنَّ لدينا مثل هذا النموذج الموجود عند الحيوانات وكل الكائنات الحية الأخرى.
ولنترك التعقيدات الجنسية التي يَنطوي عليها هذا القول لعلماء النفس، ولنقرأ ذلك الرد العلمي الجدير بالاحترام الذي رد به حجر الفلاسفة: حقٍّا إنَّ أخاك الزئبق ليس كاملًا، وعليه فإنه ليس زئبق الفلاسفة؛ ومن ثَمَّ رغم أنكما ينبغي أن تتَّحدا معًا، وعلى أحدهم أن يُبقيكما في النار على مدار سنوات، محاولًا أن يُوحِّد بينكما، فدائمًا ما سيحدث (نفس الشيء تحديدًا) أن الزئبق ما إن يَستشعر فعل النار، سيَفصل نفسه عنك، ويتسامى، ويتطاير، ويتركك وحيدًا في القاع. وهكذا إذا ما أذُبت في ماء النار، أو قُلِّصْت إلى (كتلة) واحدة
فقط، إذا صُهِرت، أو قُطِّرت، أو خُثِّرت، فإنك لن تنتج أي شيء إلا مسحوقًا، وراسبًا أحمر: وهكذا إذا ما ألقى أحدهم هذا المسحوق على معدن معيب، فإنه لن يُؤثر عليه؛ لكن المرء يجد نفس مقدار الذهب الذي وجده في البداية، بينما يتخلَّى عنك أخوك الزئبق ويُحلِّق بعيدًا. بعبارة أخرى، لم يُغيِّر اتحاد فلِزَّيِ الذهب والزئبق شيئًا على أي نحو كيميائي عميق. سَخِّن ملغمةَ ذهب وزئبقًا نقيٍّا، وسيتقطَّر الزئبق تاركًا خلفه ذهبًا نقيٍّا. على الناحية الأخرى، إذا كان العروسان سيَستحمَّان معًا في حوضٍ (هل سيكون على شكل قلب؟) يَحتوي على ماء النار (حمض النيتريك)، سيَنفصل الزئبق في صورة كلس أحمر، كما يفعل في غياب الذهب. ولما شاط الذهب والزئبق غضبًا من منطق حجر الفلاسفة المتفوق، هاجماه بعنف حتى أنُهكا وذهبَ ريحهما.
يُمثِّل كلٌّ من الذهب والفضة في هذا القصة الخرافية الخيميائيين الزائفين؛ فهم مرضى بالجهل والعجرفة على حدٍّ سواء. على النقيض من ذلك، يُمثِّل حجر الفلاسفة الخبير الحقيقي؛ فهو فيلسوف طبيعي يسعى وراء الحقيقة ويبحث عن حكمة الرب. إنه ذلك العالم المبتدئ الذي سيُؤدي منهجه التجريبي وتفكيره المنطقي يومًا ما إلى علم كيميائي حقيقي؛ أم أنه كان يُبشِّر، بشكلٍ ما، بمولد روبرت بويل «الكيميائي المتشكِّك» .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|