أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-1-2022
2274
التاريخ: 22-7-2019
1810
التاريخ: 15-1-2021
2280
التاريخ: 26-5-2022
2001
|
نقد الذات
لا يوجد فرع من فروع الجغرافيا الحديثة يتناوله الجذب والشد مثل الجغرافيا السياسية ولا يوجد فرع من فروع الجغرافيا البشرية حدث حوله جدل ونقد و سوء فهم مثل الجغرافيا السياسة. وكذلك لم يحدث جدل ونقد حول أحد كبار الجغرافيين مثل ما حدث لغريد ريك راتزل مؤسس الجغرافيا السياسية، الذي نشر خلاصة افكاره عام ١٨٩٧ في كتابه المسمى الجغرافيا السياسة.
إن هناك فارقا كبيرا بين الجغرافيا السياسية و بين علم السياسة برغم أن الموضوع في أسسه العامة مشترك:
الدولة: فالدولة بالنسبة للجغرافيا السياسية عبارة عن عنصرين أساسيين هما الأرض و الشعب و عنصر ثالث هو نتاج التفاعل بين الأرض والناس، وتشتمل دراسة الأرض على كثير من عناصر الدراسة الجغرافية الطبيعية على رأسها المكان الجغرافي والأقاليم الطبيعية للدولة، كما تشتمل دراسة الشعب على عناصر كثيرة من الدراسة البشرية تبدأ بالسكان و النشاط الاقتصادي و انماط السكن و المدن والتكوين الحضاري للناس من حيث سلالاتهم و مجموعاتهم اللغوية و الدينية و تنظيمهم الطبقي, أما العلاقة بين الأرض و الناس فهي شديدة التعقيد والتشابك وتعطي في النهاية سلامة تكوين الدولة أو عناصر قوتها وضعفها. وفي هذا المجال يضع الجغرافي السياسي نصب عينيه حدود
الدولة كإطار محدد للوحدة الأساسية في الجغرافية السياسية، برغم ما تتعرض له الحدود من تغيرات، وبرغم ان خطوط الحدود في أحيان كثيرة خطوط افتعاليه ترتضي لزمن معين، ويودي هذا الى عدم ثبات الوحدة الأساسية في علم الجغرافية السياسة. ويعطى للجغرافية السياسية ديناميكية دائمة. وفي هذا يقوم الجغرافي بدراسة الدولة داخل علاقاتها بالمجتمع الدولي المجاور والبعيد. ويعطي هذا بعدا جديدا في دراسة الجغرافيا السياسة. وواضح من هذا العرض القصير الغارق الكبير بين هذا العلم وعلم السياسة الذي يسعى الى ايجاد التناسق بين علاقات بينما تحلل الجغرافية السياسة العلاقة بين الظروف الجغرافية الطبيعية والبشرية داخل الدول.
ونظرا لأن الجغرافيا السياسة، والعلوم السياسية عامة، تتناول موضوعات شائكة، بالإضافة إلى صعوبة وجود الموضوعية المطلقة في الوثائق والدراسات التاريخية فإن الكاتب في الجغرافيا السياسية أو العلوم السياسية عامة لا يمكن أن يتجرد تماما من صفة الموضوعية للأسباب التالية:
أولا: العواطف والانتماءات القومية الوراثية ) أو المكتسبة للمهاجرين من دولة الى اخرى) تجعل الكاتب موضوعيا في الموضوعات البعيدة عن المكان الجغرافي لقومتيه، أو البعيدة عن الاتصالات السياسية والتاريخية بقوميتة، بيلما يصبح غير موضوعي بدرجات متفاوتة فيما يختص بغالبية العناصر التي يدرسها اي مشكلة سياسية تمس من قريب انتماءاته القومية. فالجغرافي السياسي الألماني لا ينظر إلى مشاكل المانيا السياسية بالنظرة نفسها التي ينظر اليها الفرنسي أو الإنجليزي أو الأمريكي.
ثانيا: هناك انتماءات ومشاعر عاطفية فوق القومية المحدودة وتتعداها إلى عواطف الارتباط بتجمع حضاري معين مثل الانتماء الى حضارات العالم الصناعي او الغربي او الى حضارات العالم الثالث او المتخلف و النامي، فالكاتب السياسي الغربي ينظر من زاوية حضارته ومنجزاتها نظرة شاملة دون التوقف عند تفصيلات احداث في علاقة هذين العالمين سواء كانت ضارة أو مجحفة بحق شعوب العالم الثالث، أو مفيدة ومريحة لأصحاب المستعمرات من دول الحضارة الغربية الصناعية. وفي الوقت نفسه يقف هذا الكاتب طويلا امام منجزات الحضارة الغربية في دول العالم الثالث الحالية، بينما يقف الكاتب السياسي الهندي او العربي مثلا وقفات طويلة أمام البربرية الاستعمارية في كثير من مواقفها، أو امام الاستنزاف الاقتصادي الطويل، وينظر الى تركيب الاقتصاد المزدهر في العالم الصناعي الغربي حاليا على أنه اسس دون شك على أعمال ملايين العمال الجائعين من أبناء العالم الثالث التي قدموها كرها او طواعية غير مباشرة بواسطة اجبار حكام خاضعين للحكم الاستعماري بالإضافة إلى استغلال الثروات الطبيعية من أجل اثراء اصحاب المستعمرات حكومات وشعوب.
ثالثا: تتعدي النظرة فوق القومية المشاعر العامة لأصحاب الحضارات الغربية في أحيان كثيرة لتتطرف مشاعر عنصرية مرتبطة بالرجل الأبيض ككائن سامي، وعلى غيره من العناصر أن تخدمه دون محاسبة او اعتراض في مقابل ان يرعى بعض مصالحهم الضرورية في مجرد البقاء على قيد الحياة مثل ذلك الكتاب السياسيين في الدول العنصرية كجنوب افريقيا وروديسيا والكثير من الكتاب السياسيين في امريكا، وقد بلغت مثل هذه المراحل من العنصرية اشدها في حالتين:
الأولى: الكتابات العنصرية الجرمانية التي تمجد سيادة الحرمان على كل البشر بما فيهم بقية السلالات البيضاء.
والثانية : الكتابات السياسية العنصرية الصهيونية التي تمجد سيادة ما يسمونه بالسلالة اليهودية على العالم.
رابعا: تختلف نظرة الكتاب السياسيين الى الأمور باختلاف انتماءاتهم الأيديولوجية فالكاتب الاستعماري العتيق يختلف عن الامبريالي المعاصر وكلاهما يختلف من الكاتب الماركسي في تحليل الأحداث السياسية. ويتفق هؤلاء جميعا في أن الاقتصاد والتجارة بصورته العامة هو محرك أساسي للتخطيط السياسي، ولكنهم يختلفون في تحليل كل الظواهر الاجتماعية الاقتصادية المؤدية الى تكوين الدولة وتشكيل الأحداث السياسية وقيام الثورات ونشأة القوميات. ويختلفون نظريا في تحليل القوى التي تساعد على بقاء النظام الاستعماري أو الامبريالي أو الاشتراكي.
فمثلا الكاتب السياسي الأمريكي ينظر إلى مشكلات أوروبا فيما بين الحربين العالميتين نظرة مختلفة إلى مشكلاتها فيما بعد الحرب العالمية الثانية والسبب في هذا راجع إلى أن أمريكا قد انعزلت عن المشكلات الأوربية حسب مبدأ مونرو في أعقاب الحرب الأولى بينما نجدها منغمسة الى أقصى حدود الانغماس في المشكلات الأوروبية فيما بعد الحرب الثانية.
خلاصة القول : إنه من الصعب استخراج قوانين او مبادئ عامة في الجغرافيا السياسية أو العلوم السياسية يمكن تطبيقها في عدد من الموضوعات المختلفة نظرا للاختلافات الشديدة بين المقومات البينية الطبيعية والمزاج البشري والتراكيب الحضارية والاقتصادية وغير ذلك من عوامل تكوين الدولة - الى جانب الانتماءات المختلفة للسلالة أو الحضارة أو الأيديولوجية.
وعلى الرغم من أن العلماء ظلوا قرونا طويلة يدرسون ويحللون العلاقات بين السلوك السياسي للجماعة والبينة الطبيعية التي يعيشون فيها، ورغم ذلك فإن الجغرافية السياسية كعلم مستقل له ميدان خاص ومنهج متميز لم يظهر بشكل واضح إلا في نهاية القرن التاسع عشر، ولذلك فإن إطار هذا العلم لم يتحدد إلا بالخطوط العريضة، فقد تعرض المهتمون بالجغرافية السياسية لتحديد المفهوم العام لها من خلال ما طرأ على علم الجغرافية عموما من تغير، كما ارتبط تعريفها ببعض العلوم الأخرى المرتبطة بها كالتاريخ والسياسة والعلاقات الدولية، ولذلك جاء التعريف معبرا عن وجهة نظر العلاقة بينها وبين هذه العلوم، وعن وجهة نظر ومفهوم ومجال دراسة كل مهتم بهذا الموضوع. ولكن معظم التعاريف جاءت متفقة إلى حد كبير في المضمون رغم اختلافها في الشكل والصياغة.
ولكن كثرة التعاريف للجغرافية السياسية تزيد الموضوع تعقيدا إذ يجب أن يتفق الجميع على تعريف جاع يقتلع به الجميع، لأن تعدد التعاريف وتباينها حتى من حيث الشكل يزيد الموضوع غموضا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يواصل إقامة دوراته القرآنية لطلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف
|
|
|