أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-11-2015
2719
التاريخ: 19-2-2016
2130
التاريخ: 30-3-2016
1719
التاريخ: 11-5-2016
3344
|
سحر التقطير
إنَّ معظم من أسعده الحظ منا بما يكفي ليجري عملية تقطير يعرف الإثارة التي يَنطوي عليها الحصول على « روح» صافية من محلول داكن عكر، واستخلاص زيت نقي من راسب كدر، بل وحتى مُشاهَدة التصلب المفاجئ لنواتج التقطير المجمَّعة لتتحوَّل إلى إبر بلورية بيضاء فعند تقطير خليط تخمير خام، سنَحصُل على «كحول» . ولعلَّ م ما يُثير التعجب قليلًا أن التقطير يرادفه «التصحيح» أي وضع الأشياء في حالتها الصحيحة في الواقع، قد يُعتبَر التقطير في حد ذاته ممارسة دينية للارتقاء والانحدار:
ارتقِ بأقصى درجات الاعتدال من الأرض إلى السماء، ثم عودةً مرةً أخرى من السماء إلى الأرض، ووحِّد معًا قوى الأشياء العظيمة والأشياء الوضيعة. هكذا تحصل على مجد العالم أجمع، ولا تعود أبدًا خاملَ الذكر.
تُشير الأدلة الأثرية إلى أن التقطير كان يمارَس ربما قبل ٥٠٠٠ عام؛ فكلُّنا يعلم أن الغطاء الموضوع على إناء حساء يغلي سوف يُكثِّف بخار الماء. وليس من الصعب تخيُّل تصنيع أغطية الأواني برفع حوافها لأعلى لصنع مجرًى لتجميع السوائل المكثَّفة. وقد كشَفَت الأبحاث الأثرية في المناطق المُماثلة لبلاد الرافدين القديمة عن دلائل على وجود « أداة » على هذا النحو تعود إلى ما قبل ٣٥٠٠ عام قبل الميلاد تقريبًا. وقد قدَّم المؤرخ الكيميائي آرون إيد مادة مصوَّرة بعنوان « تطور إنبيق التقطير » وكان أهم تطور هو تطوير رأس إنبيق التقطير — ربما قبل ألفَي عام — الذي ينقل ناتج التكثيف عبر أنبوب « يشبه المنقار » إلى إنبيق استقبال منفصل. وقد كانت الأدوية حتى زمن باراسيلسوس تُستخلَص من النباتات والحيوانات، بالإضافة إلى المواد المقطَّرة من هذه المصادر الطبيعية.
يوضِّح الشكل 2-1 الصورة المواجهة لصفحة العنوان من طبعة عام ١٥١٣ من الكتاب المذهل « كتاب فن التقطير » لهيرونيموس برونشفيك يُصوِّر الشكل إنبيقَ تقطير مزدوجًا يُتيح إجراء عمليتين منفصلتَين هما على الأرجح عمليتا « تصحيح » للكحول تُمثِّل الوحدة الوسطى أنبوبًا طويلًا يحتوي على ماءٍ باردٍ يمر عبره « ثعبانان » أو أنبوبان مكثفان.
وتُذكِّرنا الصورة على نحو غريب برمز عصا هرمس حيث يتشابَك ثعبانان أحدهما ذكر والآخر أنثى حول عصا صولجان هرمس، فيما مثَّلت الحلقات الأربع أربع عمليات (ازدواج) تُسخِّن أبخرة الكحول الساخن المحلول المبرد في الأنبوب الطويل، فتَهبط المياه الدافئة الناتجة عن ذلك إلى قاع الأنبوب ويتمُّ سحبها، بينما يُضاف الماء البارد من أعلى الأنبوب الطويل. يقارن العامل مُشغِّل جهاز التقطير على يسار الصورة بين درجة الحرارة في الوعاء خاصته وفي حلقة المكثف الأولى. بالنسبة للأشكال من 2-2 اى 2-7, فهي من كتاب برونشفيك كذلك. يصور الشكل 2-2 مجموعة المواد المقطرة من مستخلصات الورد باستخدام أربع « قبعات وردية » يتَّصل كلٌّ منها بمستقبِل عن طريق أنبوبٍ معوجٍّ. كانت القبعة الوردية شكلًا من المكثَّفات المبرَّدة الهواء.
ويظهر الشكل 2-3 أتونا فعالا يتصل به ثلاثة عشر إنبيقًا يُستخدم لِما يبدو أنه عملية تجارية مربحة للغاية.
إنَّ تأثيرات التنجيم حاضرة بقوة في كتاب برونشفيك؛ فالشكل 2-4 يظهر ان ثمة عملية تقطير بعينها تجرى تحت تأثير الحَمَل، الذي يوافق وجود الشمس في برج الحمل (٢١ مارس– ١٩ أبريل)، وبالتبعية يتطلَّب الأمر التسخين في درجة حرارة مُعتدِلة.
أما عمليات التقطير في الشكل 2-5 (التوأم، الجوزاء من ٢١ مايو– ٢١ يونيو)، والشكل 2-6 (السرطان، ٢٢ يونيو– ٢٢ يوليو)، فتُجرى في ظروف تزداد دفئًا بالتدريج حتى وصولها إلى أقصى درجة حرارة تحت تأثير برج الأسد ( ٢٣ يوليو– ٢٢ أغسطس).
كانت الكتب التي تتناوَل التقطير تتمتَّع بشهرة عظيمة خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الشكل 2-8 من طبعة عام ١٥٢٨ من كتاب « جنة الفلاسفة » لفيليب أولستد.
أما مجموعتا أدوات التقطير التي تظهَر في الشكل 2-9 فهي من كتاب التقطير لوالتر إتش ريف .
يُمثِّل الشكل 2-10 صفحة صدْر كتاب يعود إلى عام ١٥٧٦ من تأليف كونراد جسنر بعنوان «… المستوى الجديد من العافية» (العنوان الأصلي مكون من ١٠٩ كلمة!) وبالرغم من أنه من الممتع أن تفكر فيما إذا كانت المرأة التي تظهر في الصورة خيميائية أم كيميائية؛ فإنها على الأرجح مجرد عاملة مسئولة عن تشغيل جهاز التقطير؛ إذ كان هذا ممارسة شائعة في القرن السادس عشر.
فماذا أثمرت عمليات التقطير اللانهائية تلك؟ دعونا نُلقِ نظرةً فاحصة على بضع وصفات. هذه الوصفة من كتاب جسنر ( ١٥٩٩) « ممارسة الفيزياء الحديثة والقديمة ».
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|