أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-3-2016
1926
التاريخ: 10-4-2016
3682
التاريخ: 6-12-2021
1209
التاريخ: 11-12-2021
1702
|
من حكايات كانتربري عن الخيمياء
هل كان أعظم شعراء إنجلترا جهبذًا حقيقيٍّا، أم أنه كان مجرد بارعٍ في كتابة الأبيات المقفَّاة؟ تتضمن « حكاية خادم القُمُّص » لجيفري تشوسر (1340-1400) معرفة مفصَّلة بالعمليات الخيميائية، حتى إنَّ إلياس أشمول أدرج هذا العمل في كتابه » أدب الكيمياء الإنجليزي » الذي نشر عام 1652 بين أعمالٍ أخرى لآخرين من اشهر الفلاسفة الإنجليز الذين كتبوا « طقوس الهرمسية » في لغتهم القديمة الخاصة ويُظهر كلٌّ من الشكلين 1-3 و 1-4 رسومًا من كتاب « أدب الكيمياء الإنجليزي » في الشكل الأول، يناول الخبير الأعظم أسرارًا متعلقة بالخيمياء للخيميائيِّ الشاب قائلًا -تناول منحة الرب مختومةً بالخاتم المقدس- أما الشكل التالي، فيُظهر معملًا مُمَوَّلًا تمويلًا جيدًا يجري فيه العمل على قدم وساق، في إشارة إلى أن الخبير الشاب قد أَوْلى اهتمامه بالفعل للحصول على مشورة أكاديمية جيدة. وقد بات ناجحًا بعد سنوات في الحصول على المعونات والمنح، ويتقدم بخطًى وئيدة نحو الترقي واعتلاء المناصب.
بحسب ما أشار خبير بحجم جون ريد، فقد عاش تشوسر ذاته حياة مُكرَّسة لعمل لا جدوى منه بسرَّائها وضرَّائها ونُضيف إلى هذه الأدلة المفصَّلة ذلك الدليل القاطع ألا وهو مجموعة من المخطوطات يرجع تاريخها إلى القرن السادس عشر في مكتبة كلية ترينيتي بجامعة دبلن بعنوان « جيفري تشوسروأعماله » والذي يصف إجراءين خيميائيين للحصول على حجر الفلاسفة متبوعَين بقصيدة في وصف الإكسير. ومع ذلك، تُشير أبحاث جاريث دونليفي الدقيقة إلى أن هذه المخطوطات منحولة نُسبت إلى تشوسرخطأً فقد كانت الأعمال المنسوبة خطأً لجابر بن حيان، وألبرت الكبير، وأرنولد دي فيلانوفا، وهرمس نفسه أساليب شائعةً لجذب الانتباه خلال عصر النهضة.
يُشير دونليفي إلى أنه في حين أن تشوسر ربما كان مُلمٍّا بجوانب عامة من الخيمياء، فإن التفاصيل الواردة في « حكاية خادم القُمُّص » قريبة الشبه بكتابات أرنولد دي فيلانوفا ومن ثَمَّ فإنه مُتشكِّك بشأن اشتغال تشوسر بالخيمياء، لكنه يُشير إلى أن المخطوطة
نفسها ربما كانت مملوكة في فترة ما لمكتبة جون دي، الذي كان منجِّمًا، وعالم رياضيات، وخيميائيٍّا خاصٍّا للملكة إليزابيث الأولى.
والآن، عودةً إلى « حكايات كانتربري » تُهيِّئ مقدمة « حكاية خادم القُمُّص » المشهد. القُمُّص، عالم دين، وفي هذه الحكاية يَشتغل كذلك بالخيمياء، يكون مسافرًا بصحبة خادمه أو مساعده حين يلتقيان جماعةً من المسافرين على الطريق. يقوم مُضيف مجموعة المسافرين بطرد القُمُّص، ويحكي الخادم المملوك ذو الوجه الرمادي الداكن من شدة الفقر، والذي يتعرَّض لأسوأ استغلال من سيده، قصةً مريرة وساخرة عن الخدع الخيميائية.
ويبدو القُمُّص شبه « مدَّع » فقد كان باحثًا جادٍّا عن الحجر، لكنه ضل الطريق ونصف دجال.
عرض القُمُّصأن يُحوِّل مادة الزئبق الخاصة بأحد القساوسة إلى معدن الفضة الثمين باستخدام مسحوق إسقاط غامض. وكان القُمُّص، في الواقع، قد وضع أونصةً من الفضة الخالصة في ثقب في قلب كتلة من الفحم، وسدَّ الثقب بالشمع المسود. ويصف الخادمُ إغواءَ القُمُّص للقسيس كالتالي:
ستشهد الآن بعين رأسك
أنني سأحوِّل هذا الزئبق إلى فضة.
حقٍّا لن تلبث أن ترى ذلك على مرأى عينك.
سأصنع منه فضةً نقيةً جيدة،
لا تختلف عما في كيس نقودك أو كيسي.
يُخرج القُمُّص مسحوقه الغامض:
لديَّ مسحوق كلَّفني كلَّ غالٍ ونفيس،
سوف يأتي بالخير كله، فهو أساس
حيلتي، التي سأريك إياها الآن.
نزولًا على مشيئة ذلك القُمُّصاللعين
وضع القسيس مادته تلك على النار،
ثم نفخ في اللهب، وجلس مُنتبهًا إليها كل الانتباه،
ليُلقي القسيس في هذه البوتقة
مسحوقًا، لا أعلم إن كان مصنوعًا من
الطباشير، أم التراب، أم الزجاج،
أو ربما منشيء آخر، لا قيمة له.
وها هي خدعة القُمُّص:
هذا القسيس المخادع؛ تخطَّفته الشياطين:
أخرج من جعبته قطعةً من فحم الزان، كانت مثقوبة ببراعة شديدة، وفي الثقب وضع أونصة من برادة الفضة ثم سد الثقب بحِرفية بالشمع، لئلَّا تنفرط منه برادة الفضة.
ص 41
أخذ القسيس يُراقب النار بجدِّيَّة، فيما يصرف القُمُّص انتباهه إلى ما يحدث بالإشارة إلى أنَّ قِطع الفحم المحترقة بحاجة إلى إعادة ترتيب على الموقد، ثم قدَّم له قطعةً من القماش
ليَمسح وجهه المبلَّل بالعرق. وما إن أضُيفَت كتلة الفحم المثقوبة الوسط، حتى توهَّجت النيران توهُّجًا شديدًا؛ لينضمَّ القُمُّص بعد ذلك إلى القسيس ليَجرع اشرابًا. وحين يعود إلى
النيران، يجد القُمُّص قطعة الفضة قد تكوَّنت فيُخرجها ويُقدِّمها للقسيس الفرِح. ثم تقع واقعةٌ أخرى؛ إذ يترك القُمُّص المحتال القسيس فعليٍّا يُجري عملية التحويل بنفسه. فيُعطي للقسيس عصا تقليب مجوفة، ولك أن تُخمِّن أنها كانت محشوَّة بأونصة من الفضة المغلَّفة بالشمع المسودِّ.
والآن، كان مسحوق الإسقاط يعمل تأثيره، دون أي تدخُّل من جانب القُمُّص، لصالح القسيس نفسه. ثم يأتي القُمُّص بعملية أخيرة؛ إذ يُحوِّل النحاس إلى فضة، تاركًا القسيس في نشوة من فرط الجشع المشوب بالفرح:
من كان أشد فرحًا من ذلك القسيس الأحمق؟
كان أكثر فَرِحًا من طائرٍ فرحٍ بطلوع النهار،
وأشد بهجةً من بلبل مُبتهج بموسم الربيع؛
لم يكن أحد أشد لهفة منه للغناء والطرب،
بل كان أكثر حماسًا من امرأة تُنشِد أناشيد الربيع.
دفع القسيس للقُمُّص أربعين جنيهًا، وهو مبلغ ضخم، مقابل أن يُعطيَه سرَّه (بما في ذلك المسحوق على حدِّ اعتقادي). لاحظ انعدام ثقة تشوسر في رجال الدين الذين كانوا يُعتبرون شيوعًا فاسدين خلال عصر النهضة؛ ففي هذه الحكاية، يوجد رجلَا دين، أحدهما فقير عديم الأمانة، والآخر ساذج فاحش الثراء. يُمكننا أن نسمع القُمُّص وهو يقول للقسيس مودِّعًا إياه (( أعطيك ضمانًا باستعادة كل ما دفعت لي من مال! وإذا جئت إلى كانتربري في أي وقت … حاول أن تعثر عليَّ )).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|