أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-5-2016
2201
التاريخ: 26/12/2022
1829
التاريخ: 8-2-2018
2011
التاريخ: 4-7-2017
2400
|
مدرسة المواقع :
اقترح بعض الجغرافيين في الفترة السابقة للكلاسيكية (أي : في النصف الثاني من القرن الثامن عشر )، التي تمثل النواة لجميع الأفكار والمذاهب المعاصرة ، تعريف الجغرافية بأنها ((علم التوزيعات)) ؛ أي إنها تهدف إلى دراسة توزيع الظاهرات المختلفة على سطح الأرض.
الجغرافية علم التوزيعات :
يلاحظ أن فكرة التوزيعات قد ظهرت في كتاب (همبولت - Hamboldt) بصورة محدودة (أي في الفترة الكلاسيكية)، ثم برزت من جديد بعد الفترة الكلاسيكية على يد (مارته Marthe) الذي عرف الجغرافية ببساطة بأنها : (دراسة أين الأشياء ؟))، وظهر مثل هذا الاتجاه حديثاً على يد الجغرافي السويدي الكبير (ستن دوغيرSten de Geer). وكان (هتنر) من السباقين إلى تفنيد هذا التعريف منذ عام ١٨٩٥ وإبراز عيوبه ، ويمكن تلخيص هذا النقد في ثلاث نقاط هامة :
آ- إذا كانت الجغرافية علم التوزيعات فما حدودها ؟ إن كل (( شيء )) على سطح الأرض يقع بالضرورة في مكان ما ، أي إن لكل شيء توزيعاً ، ومعنى هذا أن الجغرافية تصبح بحراً لا ساحل له ، ولا مانع بعد ذلك من أن ندرس في الجغرافية توزيع المدارس الأدبية والشعرية.
وبمعنى آخر ، إن هذا التعريف لا يخبرنا أي الظاهرات يمكن أن تعد ذات أهمية جغرافية ، أي : إنه تعريف فاقد للأساس الانتخابي للظاهرات ، فهو يختص بتوزيع أي شيء على سطح الأرض ، بصرف النظر عن صلة هذا " الشيء " بالجغرافية، وهذا كفيل بأن يخرجنا من نطاق الجغرافية. فهذا التعريف أكثر من جامع، وأقل من مانع، وفي ظله تتحول الجغرافية إلى علم لا يمكن أن يكون جدياً ومقبولاً.
ب - لا يمكن لهذا التعريف أن يعطي الوحدة الضرورية لأي علم ، فالتوزيعات تجمع بين ظاهرات متنافرة كل التنافر، بين صخور ومياه وهواء ونبات ومحاصيل وعادات ولغات وأجناس ، والتوزيع في حد ذاته لا يمدنا برباط مشرك بين هذه الاهتمامات.
ويذكرنا هذا التعريف بقول (جيرلند) : (( إن علماً يختص بالأشياء اللا متجانسة التي تملأ المنطقة هو علم مستحيل؛ لكونها غير متجانسة)). وهذا التعريف يفتح الباب على مصراعيه لاتهام الجغرافية بأنها مجرد خليط ، وأنها لا تعدو أن تكون أجزاء من علوم أخرى.
ج - وأهم اعراض على هذا التعريف، هو أنه لا يمنح الجغرافية كياناً مستقلاً عن العلوم الاخرى، لأن التوزيع أصلاً ليس حكراً للجغرافية، وهو أسلوب علمي تستخدمه علوم أخرى كثيرة ، وبالتالي لا يمكن أن يميزها عن بقية العلوم.
وقد ذكر (هتنر) في عام ١٩٠٥ ، أن التوزيع بحسب المكان يمثل أحد خصائص الأشياء ، ولذا لا بد للعلوم الأصولية أن تستخدمه في أساليب بحثها. إن عالم الحيوان أو النبات أو الاقتصاد على سبيل المثال ، ينبغي أن يوزع ظاهراته على الخريطة لكي يستطيع فهم قوانينها العامة بصورة جيدة. فالعلوم الأصولية، وإن تكن قياسية، إلا أنها بحاجة إلى استخدام الطريقة التوزيعية الاستقرائية، وذلك لسبب منطقي بسيط، هو أنه لا بد للقياس من الاستقراء. والعلماء الأصوليون، إذا فعلوا هذا، ووزعوا ظاهراتهم مكانياً، لا يصبحون جغرافيين، ولا متطفلين على حدود الجغرافية وطرق بحثها.
ومثل الجغرافيين الذين يطالبون العلوم الأصولية بالكف عن الافتراء على حق التوزيع الجغرافي المقدس، كمثل الجغرافيين الجيوفيزيائيين الذين يقسمون سطح الأرض للجغرافية، وقلبها للجيولوجيا، وهؤلاء يقسمون القوانين القياسية للعلوم الأصولية والتوزيع الاستقرائي للجغرافية. والواقع، أن الجغرافية ليست علم (( الأين )) أكثر مما يمكن للتاريخ أن يكون علم " المتى " ، وهنا يبدو بوضوح ، أن دعوى التوزيعيين من احتكار لدراسة التوزيعات تناظر تماماً دعوى المدرسة البيئية لدراسة العلاقات. فالتوزيع ببساطة: أسلوب علمي ، وهو والإحصاء صنوان ، فالجدول الإحصائي خريطة رقمية ، والخريطة التوزيعية جدول مرسوم. وهذا لا يعتني أن يعزف الجغرافي عن استخدام التوزيع ؛ فالتوزيع هو نقطة البداية الضرورية لدراسة أي ظاهرة جغرافية، و كل ما في الأمر، أن الدراسة الجغرافية هي أوسع وأشمل بكثير من مجرد توزيع ظاهرة أو مجموعة ظواهر توزيعاً مكانياً على خريطة.
إن الجغرافية لا تدرس التوزيع المكاني لذاته ، ولا تدرس العلاقات لذاتها؛ فلا تركز على الظاهرات التوزيعية التي تملأ المكان (الإقليم)، أو العلاقة البيئية التي تسوده ، ولكنها تركز على المكان نفسه (الإقليم)، وعلى البنية المكانية التي تتحدد بتلك الظاهرات الموزعة في المكان، أو العلاقة البيئية، ونتاج هذا الترابط والتفاعل والتكامل بين الظاهرات داخل إطار المكان هو موضوع الجغرافية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|