أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-20
729
التاريخ: 12-06-2015
5821
التاريخ: 12-06-2015
2187
التاريخ: 12-06-2015
1719
|
قال تعالى : {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ}
[الفاتحة : 1]
(بسم
اللّه) يتعلق بمحذوف يشير اليه ظاهر المقام. وقيل تقديره ابدءوا او اقرأوا.
أو قولوا. قلت على تقدير اقرأوا او قولوا تكون الباء بمعنى الاستعانة
باسم اللّه كما يقال اكتبوا بالقلم وذلك لجلالة اسم اللّه وبركته بجلال المسمى جل
وعلا وبركته. ويكون المقروء والمقول هو ما بعد البسملة من السورة (ويرد) على هذا
النحو من التقدير أولا انه مناف لجزئية البسملة من السورة ومساواتها لسائر آياتها
في حكم القراءة. وان التخلص يجعل البسملة معمولة ايضا لا قرءوا او مقولة لقولوا
يستلزم تقدير عامل آخر تتعلق به الباء ومجرورها فما هو اذن. كما يرد ايضا ما ذكرنا
على تقدير الكشاف اقرأ او اتلو من كلام القاري والتالي ويكون المقروء والمتلو هو
ما بعد البسملة : ويرد الجميع ثانيا حتى ابدأوا للأمر انه لا يتجه اطراد هذه
التقادير في السورة المصدرة بخطاب النبي (صلى الله عليه واله وسلم) نحو {يا أَيُّهَا النَّبِيُ}. {يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}. {قُلْ أُوحِيَ} بل وسائر السور المصدرة بكلمة (قل) وما أشبه ذلك من السور. وكذا
السور المصدرة بخطاب عير النبي نحو {يا أَيُّهَا النَّاسُ}.{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فإن أمر اللّه للعباد بالقراءة أو القول يخرجها
عن كونها في أول نزولها خطابا إنشائيا من اللّه لرسوله أو للناس أو للذين آمنوا.
وكذا إذا كان المقدر اقرأ او اتلو بصيغة المضارع. مضافا إلى أن كلمة اقرأ او اتلو
لا يصح ان تكون من اللّه لأنه جلّ شأنه هو المتكلم بالقرآن والمنشئ له فكيف تنسب
اليه القراءة والتلاوة : فإن قلت انا في السور المشار إليها نجعل المقدر ما لا ينافي
خطابها وفي غيرها نجعل المقدر كلمة اقرأ أو اتلو بصيغة المضارع من قول الناس. قلنا
أولا ماذا تصنع بما أوردناه أولا (وثانيا) ما هو الذي تقدره في السور المشار إليها بحيث لا
ينافي مقام خطابها وإنشاءه فإنه ينبغي بيانه (وثالثا) يلزم من ذلك ان تفكك بين سياق البسملات التي في
القرآن بلا دليل ولا حاجة ملزمة. مع أن الظاهر كونها في جميع السور على سياق واحد
متسق كما ان الظاهر ان المقدر في تلك السور وغيرها في حال النزول ووحي اللّه وفي
حال تلاوة الناس وقراءتهم هو واحد. كما ان الظاهر ان التالي يتلو البسملة على ما
تعلقت به حال النزول وان ما تعلقت به هو من القرآن المنزل الذي امر الناس بتلاوته
وان كان مقدرا.
فالظاهر ان البسملة في جميع السور متعلقة بكلمة «ابدء» للمتكلم من
قول اللّه جل اسمه تنويها بجلال اسمه الكريم وبركاته وتعظيما له لجلال المسمى
وعظمته جلّ شأنه وله الأسماء الحسنى كما أمر في القرآن بذكر اسمه وتسبيحه كما في
سورة المائدة والحج والمزّمل والدهر والأعلى.
فينتظم المقدر في جميع السور وجميع الأحوال بنظام واحد على نسق واحد.
ولا يعتري ما استظهرناه غرابة ولا إشكال وكيف يعتريه ذلك وقد نسب اللّه الابتداء
لذاته المقدسة في خلقه كما في قوله جل اسمهَ {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة : 7] . {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ} [الأنبياء : 104] وقد اقسم جل اسمه بمخلوقاته كالشمس والقمر
والنفس وغيرها تعظيما لها لأنها مظاهر قدرته وآيات حكمته.
وان لوحي اللّه بالسور إلى رسوله بداية ونهاية كما للسور كما قال
اللّه تعالى في سورة الأحقاف في شأن القرآن {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى} [هود: 17] ودع عنك ان القرآن الكريم كلام
مؤلف من الحروف والكلمات ولا بد من أن يكون لها ولتأليفها بداية ونهاية ولا بد من
ان يكون له علة في إيجاده ووجوده لأنه ليس بواجب الوجود فإن واجب الوجود واحد هو
اللّه. وليست علة وجود الموحى منه إلا خلق اللّه خالق كل شيء قال اللّه في سورة
الزخرف {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف : 3] والجعل هو الخلق وكل مجعول ومخلوق له بداية.
(اللّه) علم لواجب الوجود إله العالمين جلت أسماؤه وعظمت آلاؤه.
وتفخم لامه بعد الفتح والضم (الرحمن) لا أظنك تشك في ان معنى الرحمة تتلقاه افهام
الناس من لفظه في المحاورات على حدوده ومزاياه وتتناوله غرائزهم في اللغة على
خصائصه وتميز في كل مقام ما يراد منه. بيد ان مقام التفسير قد يشوش الذهن لعدم
اللفظ المرادف وعدم الاستقصاء في البيان لمزايا المعنى وحدوده. وقد فسرت الرحمة
بالعطف والحنوّ. او الرأفة والحنان. أو الرقة والتعطف. وكل هذه التفاسير إنما تحوم
حول المعنى وتشير إلى شيء منه من بعيد.
ألا ترى ان كلا من التفاسير الثلاثة تختلف كلمتاه في المعنى وإن هذه
المذكورات قاصرة مع ان الرحمة تتعدى إلى المفعول. وان الأساس لمعنى الرحمة ودعامه
ان تتعلق بالمحتاج إلى ما لا يقدر عليه من نيل الخير ودفع الأذى والضر. ويكون
الداعي للراحم هو احتياج ذلك المحتاج والرغبة في إسعافه وإعانته فيه من دون أن
يرجع إلى أغراض الراحم من نحو حاجة أو محبة او ارتباط خاص به. ويعرف من تعديتها
إلى المفعول انها ليست عبارة عن الانفعال النفسي بل هي تستعمل في حالة نفسية تتعلق
بالمحتاج على الوجه المذكور وبالنسبة للّه جل شأنه نحو من كماله الذاتي يتعلق
بالمحتاجين على الوجه المذكور. ولأجل قصور البشر نوعا عن فهم صفات اللّه جلّ اسمه
على ما هي عليه جرى القرآن الكريم على التعبير عنها بما يعبر به عما يناسبها في
الشبه بالآثار والمزايا من صفات البشر الحميدة وجرى على ذلك في المبدأ والاشتقاق.
و تستعمل الرحمة ايضا بنفس الاسعاف او بنفس المسعف به. ومن الثالث
بحسب الظاهر قوله تعالى في سورة آل عمران {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} [آل عمران : 8] وفي سورة الكهف {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} [الكهف : 10] وغير ذلك. وفي القرآن ايضا ما يصلح انطباقه على
المعنى الأول والثاني . فالرحمن فعلان لذي الصفة الفعلية البينة ذات الأثر الظاهر
ولها بقاء واستمرار كغضبان وريّان وفرحان.
فيدل على فعلية الراحمية البينة واستمرارها. وان إهمال المتعلق مع
اشتقاقها من المتعدّي ليدل على عموم هذه الراحمية ذات الأثر الظاهر وشمولها لكل
محتاج إليها والكل محتاج إليها. ومن ذا الذي تكون راحميته او رحمته بمعنى اسعافه
فعلية بينة ظاهرة الأثر مستمرة شاملة مطلقة ومن ذا الذي يقدر على هذا الإسعاف غير
اللّه جلت آلاؤه ولأجل ذلك اختص هذا الاسم الكريم باللّه جلّ شأنه (الرحيم) صفة
مشبهة تؤخذ بهذه الصيغة من المعاني الثابتة كالسجايا والأخلاق فتدل على ثبوت
الرحمة ودوامها للّه كدوام السجايا والأخلاق للبشر ولزومها وبهذه الدلالة وهذه
المزية كانت ابلغ في المدح وبهذه الجهة صح الترقي إليها بالتمجد والمدح ولا يمتنع أخذ
الصفة المشبهة بهذه الصيغة من الوصف المتعدي بحسب وضعه لأنه قد يجعل لازما بتضمينه
معنى السجية والخلق فيؤول إلى معنى فعل بضم العين كقوله تعالى في سورة المؤمن {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} [غافر : 15] اي رفيعة درجاته فأضيفت الصفة إلى فاعلها
كحسن الوجه على ما هو من خصائص الصفة المشبهة كما قال الشريف في حاشية الكشاف
وحكاه عن صرف المفتاح وفائق الزمخشري ومما يشهد بأن لفظ الرحيم ضمن معنى غير
المتعدي هو انه حيث ذكر في القرآن متعلقا بمعمول ذكر متعلقا بواسطة الباء على سنة
غير المتعدي دون لام التقوية كما في سورة البقرة {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة : 143] وفي سورة الحج {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي
الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ
أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ
لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحج : 65] وفي سورة الحديد {وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ .. وَإِنَّ
اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحديد : 8 ، 9] وفي سورة بني إسرائيل {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي
الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66) وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا
إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ
كَفُورًا (67) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ
الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ
عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ} [الإسراء : 66 - 69] وفي سورة التوبة {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة : 117] . {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة : 128] وفي سورة النساء {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء : 29] وفي سورة الأحزاب {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب : 43] وهذه الصفة غير مختصة باللّه فقد جاء في سورة
التوبة في وصف الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ} وقد عرفت مما ذكرناه من سورة البقرة والحج وبني إسرائيل والحديد ما
ينبغي أن تطرح الرواية التي تذكر ان الرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة
ومما ذكرناه من سورتي بني إسرائيل والحج ينبغي ان تطرح ايضا الرواية التي تذكر ان
الرحمن رحمان الدنيا والآخرة والرحيم رحيم الآخرة كما أمرنا بذلك في عرض الحديث
على كتاب اللّه.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|