الأهداف المنفصلة والمجالات المتصلة

يري الإنسان العالم الجغرافي من خلال وجهتي نظر مختلفتين وهما الأهداف المنفصلة Separate objectives والمجالات المتصلة Continuous fields. في مفهوم أو نظرية الأهداف المنفصلة فأن العالم فارغ بصفة عامة فيما عدا مجموعات من الظاهرات التي لها حدود معروفة تماماً، بمعني أن العالم محدد بوجود المباني والطرق والسيارات ومثيلاتها من الأهداف أو الظاهرات المحددة بشكل تام و بحدود ثابتة. ومن أهم ما يميز هذه النظرية أن الأهداف المنفصلة يمكن تمييزها وعدها بسهولة، فمن السهل القول أن هناك 284 جبل في إسكتلندا وأن هناك 10 الألف بحيرة في ولاية مينيسوتا الأمريكية. وهذه النظرية تناسب الأهداف المصنعة، فمن السهل معرفة عدد السيارات المصنعة في عام محدد. كما أن الكائنات الحية تتعامل بسهولة مع هذه النظرية مثل سهولة معرفة عدد سكان مدينة معينة أو عدد الطائرات التي تملكها شركة معينة. لكن على الجانب الأخر فهناك معوقات كثيرة لهذا الأسلوب أو هذه النظرية، فمثلا ما هو تعريف الجبل وكيف اختلف عن تلك ؟ وأن كان للجبل قمتين فهل يعد جبلا واحدا أم أثنين؟

أما النظرية الثانية في وجهة نظرنا للعالم الحقيقي فهي نظرية المجالات المتصلة، وفيها فأن الظاهرات تتكون من مجالات متصلة حتي و إن كان لها قيم محددة عند كل نقطة.

فعلي سبيل المثال فأن تضاريس سطح الأرض يمكن اعتبارها مجالا واحدا متصلا ولكل نقطة في هذا المجال قيمة (ارتفاع) محدد. وفي هذه النظرية فأن المجالات المتصلة تتميز بقيمة التغير ومدى نعومة أو معدل تغير كل مجال، فمثلا تغير التضاريس يكون ناعماً أو بسيطا في الأراضي المنبسطة ويكون حادا ومتغيرا بسرعة في المناطق الجبلية. ومن الأمثلة الأخرى للمجالات المتصلة الكثافة السكانية واستخدامات الأراضي وأنواع التربة...الخ. أيضاً فأن المجالات المتصلة لا تكون فقط في المساحات إنما قد تكون للخطوط، فمثلا فأن الكثافة المرورية علي طريق تعد مجالا متصلا. ومن هنا جاء التفكير في تقسيم البيانات إلي جزئين البيانات الخلوية أو الشبكية (Raster Data) (وتمثل المجالات المتصلة) والبيانات الخطية (Vector Data) (وتمثل المجالات المنفصلة).