أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-11
1543
التاريخ: 2023-03-22
1236
التاريخ: 2023-02-21
1009
التاريخ: 9-10-2014
1942
|
قال تعالى : {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ
الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ...} [الواقعة : 27 - 30]
وصفت بيئة أصحاب اليمين في الجنة ، بان ما
يكتنفهم هو :
1 ـ سدر مخضود ، منزوع الشوك لا يكلف صاحبه رشح تعب يبذله في نزع الشوك :
عند تناوله.
2 ـ طلح منضود : نوع من الأثمار أو الأشجار يتميز بجمال الطعم أو الشكل.
3 ـ ظل ممدود : لا تنسخه الشمس التي تعهدها.
4 ـ ماء مسكوب : لا ينقطع عنهم.
5 ـ فاكهة كثيرة : لا (تنقطع) في موسم دون آخر ، ولا تمنع عنهم بسبب أو بآخر.
6 ـ فرش مرفوعة : قد تكون بسطا عالية ، وقد تكون (رمزا) للحور.
ويعنينا من هذا الوصف صلته أولا بسلوكنا الدنيوي ، والفارق بين (السابقين)
و(أصحاب اليمين) ثانيا : من حيث صلته أيضا بسلوكنا
الدنيوي.
أما الفارق بين الجنتين ، أو البيئتين ، أو
المكانين اللذين خصصا لكل فريق أو طبقة : فمن الوضوح بمكان كبير.
إن مستويات (الترف) التي لحظناها في وصف
(السابقين) قد اختفت هنا تماما : سواء أكان ذلك متصلا بالمكان ، أو الأكل والشرب ،
أو الخدمة.
على سبيل المثال : لم يرد وصف في كل نصوص
القرآن الكريم [من حيث المكان] بان (السرر) موضونة أي محبوكة ، منسوجة ، متشابكة
إلا في مورد واحد هو : وصف السابقين. ومن حيث (الخدمة) : لم يرد وصف للكؤوس ،
والأباريق ، والأكواب : مجتمعة : إلا في مورد واحد هو : وصف السابقين.
ومن حيث (الأكل) ، فإن لحوم الطير لم ترد
إلا في مورد واحد هو : وصف السابقين.
إن ذلك ، يعني ـ من حيث الدلالة الفكرية ـ
أن الاشباع الأخروي يقابله جوع دنيوي يتناسبان طرديا : أحدهما بالنسبة إلى الآخر.
فالسابقون : هم خاصة البشر ، أولياء ،
متقون. لم يصدر عنهم سلوك خاطئ : إلا ما لا يطلق عليه مصطلح (الخطأ).
أما ما دونهم ، فقد يتراوحون بين الصواب
والخطأ على نسب مختلفة ،… لكنهم بعامة ، متجهون نحو الله ، يوظفون طاقاتهم للخلافة
في الأرض.
فالمهم ، ان المتمحض في نشاطه لله ، غير
الممتزج برائحة (الذات) : فالمجاهد في سوح القتال غير القاعد. والمجاهد بدمه غير
المجاهد بأمواله فحسب.
وهكذا فيما يتصل بجهاد النفس.
المهم ـ للمرة الجديدة ـ ان الدلالة الفكرية
للقصة ، مؤشر : إلى ان الشخصية الإسلامية بقدر ما تتنازل عن (ذاتها) في الحياة
الدنيا ، تحقق (اشباعا) أخروي يتناسب مع درجة تنازلها عن الذات…. وفي هذا كفاية :
لكل معتبر.
لعل ما يعزز هذه الدلالة المستخلصة : من ان
حجم التنازل عن الذات في الدنيا يتناسب مع حجم الإشباع في الأخرى ، هو : الوصف
الذي بدأت القصة به في بيئة اصحاب الشمال ، بعد أن انتهت من وصف البيئة للسابقين
وأصحاب اليمين.
لقد بدأت القصة ـ أول ما بدأت به في وصف
أصحاب الشمال ـ على هذا النحو :
{إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ
مُتْرَفِينَ} [الواقعة : 45]
والترف يعني : قمة الاشباع للحاجات
الدنيوية.
ومع ان القصة تحدثت فيما بعد عن شخصيات
أصحاب الشمال وربطتهم بالسلوك المنكر لليوم الآخر ، إلا أن (الترف) الدنيوي في
حقيقة الأمر هو السبب الكامن وراء الإنكار. وهذا ما يفسر ـ من حيث الدلالة الفنية
ـ صياغة مفهوم (الترف) بمثابة بداية قصصية قبل الحديث عن السلوك المنكر لليوم
الآخر ، مما يعني : ان الترف أو البحث عن اشباع الذات يقف وراء كل سلوك سلبي :
سواء أكان هذا السلوك : إنكارا فكريا لليوم الآخر ، أو ايثارا لمتاع الحياة
الدنيا.
ان القاعد عن الجهاد بلا عذر مثلا مع إيمانه
بمشروعيته ، يظل مؤثرا (ترف) الحياة الدنيا بما يواكب هذا الترف من تشبث بالحياة ،
وتدفق حاجاته فيها.
كما أن الذي يمارس الخديعة والغش والكذب
والافتراء والتجريح ،… والكبر والسيطرة والتعالم ،… وسوء الظن ، وتخريب العلاقة بين
الأطراف ،…و…و… الخ ،… أولئك جميعا ، يجسدون ـ دون أدنى شك ـ بحثا عن (ترف) الحياة
في متاعها العابر.
بيد ان قمة الترف تظل متجسدة في الانكار
لليوم الآخر ، لكن : دون ان يعني ذلك إعفاء المؤمنين بالله ، من مسؤولية ايثارهم
(ترف) الحياة الدنيا في مفردات السلوك اليومي الذي يمارسونه.
ولعل الفارقية التي رسمتها القصة بين
(السابقين) إلى الطاعة ، وبين أصحاب اليمين من جانب : وصلة ذلك بدرجة التنازل عن
الذات.. ، عن الترف… ، ثم وصل ذلك بظاهرة (الترف) الذي بدأت به قصة أصحاب الشمال
،… لعل ذلك ، يوحي ـ بطريقة فنية غير مباشرة ـ بضرورة إدراك مثل هذه الدلالة
الفكرية التي تظل مؤشرا ، إلى ان المعيار ـ في السلوك الدنيوي ـ هو : التنازل عن
الذات ، وإلى ان البيئة الاخروية تتعامل مع الشخوص بقدر حجم التنازل عن الذات : في
المتاع الدنيوي العابر.
وحين نتجه إلى متابعة بيئة النار [اعاذنا
الله منها] ، نجد ان أصحاب الشمال ينتظمهم وصف يقابل تماما ، من حيث الايغال في
(العذاب) : الايغال في (الترف). فقد تقدمت القصة بكل مشخصات البيئة الحسية التي
يواجهها صاحبها :
{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا
أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ..} [الواقعة : 41 - 43]
فهناك ثلاثة مثيرات أو منبهات هي : سموم ،
وحميم ، ويحموم ، أي : ريح وماء ودخان.
فالحاسة اللمسية التي تظل هي المادة التي
يصب العذاب عليها ، قد اقترنت بكل من حاستي السمع والبصر ، فضلا عن حاسة الشم ،
[الريح والدخان]. ويكفي ان يقترن هول (الحريق) بهول الريح اللافحة ، وبهول الدخان
: حتى يتحسس صاحبها مدى ضخامة الهول الذي تتحسسه أربعة حواس : اللمس ، الشم ،
البصر ، السمع.
يضاف إلى ذلك ، ان الحاسة الخامسة : (الذوق)
، قد خصص لها النص شريحة خاصة ، عندما خاطب المكذبين :
{ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ
زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} [الواقعة : 52 ، 53]
وهذا فيما يتصل بالأكل.
أما ما يتصل بالشرب : {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ
الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ } [الواقعة : 54 ، 55]
إذن : كل اجهزة الحس التي تتسلم المنبهات ،
وتترجمها إلى ردود فعل حركية ونفسية : كل هذه الاجهزة تتآزر في صب العذاب على
صاحبها ، مما يكشف عن مدى (الهول) : قبال مدى (الترف) ، أو : مدى الفارق بين
الطاعة والعصيان والدرجات القائمة بينهما في السلوك الدنيوي ، وانسحابه على البيئة
الاخروية.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|