أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-05-2015
1018
التاريخ: 25-05-2015
12813
التاريخ: 25-05-2015
1063
التاريخ: 25-05-2015
1050
|
المراد بأئمتهم؛ مشايخهم الكبار؛ الّذين نضج المذهب بأفكارهم وآرائهم، ووصل إلى القمة في الكمال.
نعم، في مقابل أئمة المذهب، أعلامهم الّذين كان لهم دور في تبيين هذا المنهج من دون أن يتركوا أثراً يستحق الذكر في الأُصول الخمسة، وها نحن نذكر من الطائفيتن نماذج:
1. واصل بن عطاء (80 ـ 131هـ):
أبو حذيفة واصل بن عطاء، مؤسّس الاعتزال، المعروف بالغزّال، يقول ابن خلّكان: كان واصل أحد الأعاجيب، وذلك أنّه كان ألثغ، قبيح اللثغة في الرّاء، فكان يُخلِّص كلامه من الرّاء ولا يُفطن لذلك، لاقتداره على الكلام وسهولة ألفاظه، ففي ذلك يقول أبو الطروق؛ يمدحه بإطالة الخطب واجتنابه الراء على كثرة تردّدها في الكلام، حتّى كأنّها ليست فيه.
عليم بإبدال الحروف وقامع = لكلّ خطيب يغلب الحقَّ باطلُه
وقال الآخر:
ويجعل البرّ قمحاً في تصرّفه = وخالف الرّاء حتّى احتال للشعر
ولم يطق مطراً والقول يعجله = فعاذ بالغيث اشفاقاً من المطر
من آرائه ومصنّفاته:
إنّ واصل هو أوّل من أظهر المنزلة بين المنزلتين؛ لأنّ الناس كانوا في أسماء أهل الكبائر من أهل الصلاة على أقوال: كانت الخوارج تسمّيهم بالكفر والشرك، والمرجئة تسمّيهم بالإيمان، وكان الحسن وأصحابه يسمّونهم بالنفاق.
مؤلّفاته:
ذكر ابن النديم في (الفهرست)، وتبعه ابن خلّكان: إنّ لواصل التصانيف التالية:
1 ـ كتاب أصناف المرجئة.
2 ـ كتاب التوبة.
3 ـ كتاب المنزلة المنزلتين.
4 ـ كتاب خطبه الّتي أخرج منها الرّاء.
5 ـ كتاب معاني القرآن.
6 ـ كتاب الخُطب في التوحيد والعدل.
ومن المحتمل أنّه قام بجمع خطب الإمام عليّ (عليه السّلام) في التوحيد والعدل فأفرده تأليفاً.
7 ـ كتاب ما جرى بينه وبين عمرو بن عبيد.
8 ـ كتاب السبيل إلى معرفة الحق.
9 ـ كتاب في الدعوة.
10 ـ كتاب طبقات أهل العلم والجهل.(1)
2. عمرو بن عبيد (80 ـ 143هـ):
وهو الإمام الثاني للمعتزلة بعد واصل بن عطاء، وكان من أعضاء حلقة الحسن البصري، مثل واصل، لكن التحق به بعد مناظرة جرت بينهما في مرتكب الكبيرة.
روى ابن المرتضى، عن الجاحظ، أنّه قال: صلَّى عمرو أربعين عاماً صلاة الفجر بوضوء المغرب. وحجّ أربعين حجّة ماشياً، وبعيره موقوف على من أحصر، وكان يحيي اللّيل بركعة واحدة، ويرجّع آية واحدة.
وقد روى نظيره في حق الشيخ أبي الحسن الأشعري، وقد قلنا:
إنّه من المغالاة في الفضائل، إذ قلّما يتّفق لإنسان ألاّ يكون مريضاً ولا مسافراً ولا معذوراً طيلة أربعين سنة، حتّى يصلّي فيها صلاة الصبح بوضوء العتمة.
مناظرة هشام مع عمرو بن عبيد:
روى السيّد المرتضى في أماليه، وقال: إنّ هشام بن الحكم قدم البصرة، فأتى حلقة عمرو بن عبيد، فجلس فيها وعمرو لا يعرفه، فقال لعمرو: أليس قد جعل الله لك عينين؟، قال: بلى، قال: ولِمَ؟، قال: لأنظر بهما في ملكوت السماوات والأرض فأعتبر، قال: وجعل لك فماً؟، قال: نعم، قال: ولِمَ؟، قال: لأذوق الطعوم وأُجيب الداعي، ثُمَّ عدّد عليه الحواس كلّها.
ثُمَّ قال: وجعل لك قلباً؟، قال: نعم، قال: ولِمَ؟
قال: لتؤدّي إليه الحواس ما أدركته، فيميّز بينها.
قال: فأنت لم يرض لك ربُّك تعالى إذ خلق لك خمس حواس حتّى جعل لها إماماً ترجع إليه، أترضى لهذا الخلق الّذين جشأ بهم العالم ألاّ يجعل لهم إماماً يرجعون إليه؟، فقال له عمرو: ارتفع حتّى ننظر في مسألتك، وعَرِفه. ثُمَّ دار هشام في حلق البصرة، فما أمسى حتّى اختلفوا.(2)
أقول: ما أجاب به عمرو بن عبيد هشام بن الحكم، يدلّ على دماثة في الخُلق وسماحة في المناظرة، مع أنّه طعن في السنّ، وهشام بن الحكم كان يُعدّ في ذلك اليوم من الأحداث، وقد استمهل حتّى يتأمّل في مسألته، ولم يرفع عليه صوته وعقيرته بالشتم والسَّب، كما هو عادة أكثر المتعصِّبين، ولم يرمه بالخروج عن المذهب.
وأخيراً روى السيّد المرتضى أنّ أبا جعفر المنصور مرَّ على قبر عمرو بن عبيد بمرّان ـ وهو موضع على ليال من مكّة على طريق البصرة ـ، فأنشأ يقول:
صلى الإله عليك من متوسّد = قبراً مررت به على مرّان
قبراً تضمّن مؤمناً متخشعاً = عَبَدَ الإله ودان بالفرقان
وإذا الرجال تنازعوا في شبهة = فصل الخطاب بحكمة وبيان
فلو أنّ هذا الدهر أبقى صالحاً = أبقى لنا عُمْراً أبا عثمان(3)
وفود عمرو على الإمام الباقر(عليه السّلام) :
رُوي أنّ عمرو بن عبيد وفد على محمّد بن عليّ الباقر (عليه السّلام)؛ لامتحانه بالسؤال عن بعض الآيات، فقال له: جعلت فداك، ما معنى قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30] ، ما هذا الرتق والفتق؟
فقال أبو جعفر (عليه السّلام): ((كانت السماء رتقاً لا يُنْزل القطر، وكانت الأرض رتقاً لا تُخْرج النبات، ففتق الله السماء بالقطر، وفتق الأرض بالنبات)).
فانطلق عمرو ولم يجد اعتراضاً، ومضى.
3. أبو الهذيل العلاّف (135 ـ 235هـ):
إنّ أبا الهذيل محمد بن الهذيل العبدي، المنسوب إلى عبد القيس، الملقَّب بالعلاّف؛ لنزوله العلاّفين في البصرة، أحد أئمة المعتزلة، وقد وصفه ابن النديم؛ وقال: كان شيخ البصريِّين في الاعتزال، ومن أكبر علمائهم، وهو صاحب المقالات في مذهبهم، وصاحب مجالس ومناظرات.
نقل ابن المرتضى، عن صاحب المصابيح، أنّه كان نسيج وحده وعالم دهره، ولم يتقدّمه أحد من الموافقين ولا من المخالفين. كان إبراهيم النظّام من أصحابه، ثُمَّ انقطع عنه مُدَّة، ونظر في شيء من كتب الفلاسفة، فلمّا ورد البصرة كان يرى أنّه قد أورد من لطيف الكلام ما لم يسبق إلى أبي الهذيل. قال إبراهيم: فناظرت أبا الهذيل في ذلك، فخيّل إليَّ أنّه لم يكن متشاغلاً إلاّ به؛ لتصرّفه فيه، وحذقه في المناظرة فيه.(4)
قال القاضي: ومناظراته مع المجوس والثنوية وغيرهم طويلة ممدودة، وكان يقطع الخصم بأقلّ كلام، يقال أنّه أسلم على يده زيادة على 3000 رجل.
قال المبرّد: ما رأيت أفصح من أبي الهذيل والجاحظ، وكان أبو الهذيل أحسن مناظرة. شهدتُه في مجلس، وقد استشهد في جملة كلامه بثلاثمائة بيت...، وفي مجلس المأمون استشهد في عرض كلامه بسبعمائة بيت.(5)
تآليفه:
حكى ابن المرتضى، عن يحيى بن بشر، أنّ لأبي الهذيل ستين كتاباً في الرّدِّ على المخالفين في دقيق الكلام.(6)
وذكر ابن النديم في باب الكتب المؤلّفة في متشابه القرآن، أنّ لأبي الهذيل العلاّف كتاباً في ذلك الفن.(7)
وقال ابن خلّكان: ولأبي الهذيل كتاب يعرف بالميلاس، وكان ميلاس رجلاً مجوسيَّاً وأسلم، وكان سبب إسلامه؛ أنّه جمع بين أبي الهذيل وبين جماعة من الثنوية، فقطعهم أبو الهذيل، فأسلم ميلاس عند ذلك.(8)
وذكر البغدادي كتابين لأبي الهذيل؛ هما: (الحجج)، و(القوالب)، والثاني ردٌّ على الدّهريّة.(9)
4. النظّام (160 ـ 231هـ):
إبراهيم بن سيّار بن هانئ النظّام، هو الشّخصيّة الثالثة للمعتزلة، ومن متخرّجي مدرسة البصرة للاعتزال.
قال الشريف المرتضى: كان مقدّماً في علم الكلام، حسن الخاطر، شديد التدقيق والغوص على المعاني، وإنّما أدّاه إلى المذاهب الباطلة الّتي تفرّد بها واستشنعت منه، تدقيقه وتغلغله، وقيل: إنّه مولى الزياديين من ولْد العبيد، وأنّ الرّق جرى على أحد آبائه.(10)
وذكره القاضي عبد الجبار في طبقات المعتزلة، وقال: إنّه من أصحاب أبي الهذيل، وخالفه في أشياء.(11)
رُوي أنّه كان لا يكتب ولا يقرأ، وقد حفظ القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وتفسيرها، مع كثرة حفظه الأشعار والأخبار واختلاف النّاس في الفُتْيا.(12)
وقال الجاحظ: الأوائل يقولون: في كلِّ ألف سنة رجل لا نظير له، فإن كان ذلك صحيحاً، فهو أبو إسحاق النظّام.(13)
وقد تعرّض لهجوم الأشاعرة، وردود بعض المعتزلة، ممّا يُعرب عن شذوذ في منهجه، وانحراف في فكره.
النظّام ومذهب الصِرْفَة في إعجاز القرآن:
من الآراء الباطلة الّتي نسبت إلى النظّام، هو حصر إعجاز القرآن في الإخبار عن المغيّبات، وأمّا التأليف والنظم، فقد كان يجوّز أن يقدر عليه العباد، لولا أنّ الله منعهم بمنع. وقد نقل عنه البغدادي في (الفَرق)؛ بقوله: إنّه أنكر إعجاز القرآن في نظمه.(14)
وقال الشهرستاني: قوله في إعجاز القرآن: إنّه من حيث الإخبار عن الأُمور الماضية والآتية، ومن جهة صرف الدواعي عن المعارضة، ومنع العرب عن الاهتمام به جبراً وتعجيزاً، حتّى لو خلاّهم، لكانوا قادرين على أن يأتوا بسورة من مثله؛ بلاغة وفصاحة ونظماً.(15)
أقول: لا شكَّ أنّ مذهب الصِرْفة في إعجاز القرآن مذهب مردود بنص القرآن وإجماع الأُمّة، لأنّ مذهب الصِرفة يرجع إلى أنّ القرآن لم يبلغ في مجال الفصاحة والبلاغة حدّ الإعجاز؛ حتّى لا يتمكّن الإنسان العادي من مباراته ومقابلته، بل هو في هذه الجهة لا يختلف عن كلام الفصحاء والبلغاء، ولكنّه سبحانه يحول بينهم وبين الإتيان بمثله، إمّا بصرف دواعيهم عن المعارضة، أو بسلب قدرتهم عند المقابلة.
ومن المعلوم أنّ تفسير اعجاز القرآن بمثل هذا، باطل للغاية، لأنّ القرآن عند المسلمين مُعْجِز بكونه خارقاً للعادة؛ لِمَا فيه من ضروب الإعجاز في الجوانب الأربعة:
1 ـ الفصاحة القصوى.
2 ـ البلاغة العليا.
3 ـ النظم المهذَّب.
4 ـ الأسلوب البديع.
فقد تجاوز عن حدّ الكلام البشري، ووصل إلى حدّ لا تَكْفي في الإتيان بمثله القدرة البشرية.
مؤلّفاته:
مع أنّه كَثُر اللَّغط حول آراء النظّام، إلاّ أنّ طبيعة الحال تقتضي، أن يكون له تصانيف عديدة، غير أنّه لم يصل من أسماء مؤلّفاته إلاّ نزراً يسيراً:
1 ـ التوحيد.
2 ـ العالم (16).
3 ـ الجزء (17).
4 ـ كتاب الرّدُّ على الثنوية.(18)
5. أبو علي الجبائي (235 ـ 303هـ):
إنّ أبا علي محمد بن عبد الوهاب الجبّائي أحد أئمة المعتزلة في عصره، وهو من بلدة جبّاء بلد أو كورة من خوزستان، يعرّفه ابن النديم في فهرسته، يقول: وهو من معتزلة البصرة، ذلّل الكلام وسهّله، ويسّر ما صعب منه، وإليه انتهت رئاسة البصريّين، لا يدافع في ذلك. وأخذ عن أبي يعقوب الشّحّام. وَرَد البصرة وتكلّم مع من بها من المتكلّمين، وصار إلى بغداد، فحضر مجلس أبي... الضرير، وتكلّم، فتبين فضله وعلمه، وعاد إلى العسكر.(19)
وقال ابن خلّكان: إنّه أحد أئمة المعتزلة، كان إماماً في علم الكلام، وأخذ هذا العلم عن أبي يوسف يعقوب بن عبد الله الشحّام البصري؛ رئيس المعتزلة بالبصرة في عصره. له في مذهب الاعتزال مقالات مشهورة، وعنه أخذ الشيخ أبو الحسن الأشعري علم الكلام، وله معه مناظرة روتها العلماء.
تأليفاته:
يظهر ممّا نقله ابن المرتضى أنّه غزير الإنتاج، قال: قال أبو الحسين: وكان أصحابنا يقولون: إنّهم حرَّروا ما أملاه أبو عليّ، فوجدوه مائة ألف وخمسين ألف ورقة، قال: وما رأيته ينظر في كتاب، إلاّ يوماً نظر في زيج الخوارزمي. ورأيته يوماً أخذ بيده جزءاً من الجامع الكبير، لمحمد بن الحسن، وكان يقول: إنّ الكلام أسهل شيءٍ؛ لأنّ العقل يدلّ عليه.(20)
لمحة من أحواله:
روى ابن المرتضى وقال: قال أبو الحسن: وكان من أحسن الناس وجهاً وتواضعاً ـ إلى أن قال: وكان إذا روى عن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أنّه قال لعلي والحسن والحسين وفاطمة: ((أنا حرب لمن حاربكم، وسلم لمن سالمكم))، يقول: العجب من هؤلاء النوابت(21)، يروون هذا الحديث، ثُمَّ يقولون بمعاوية.(22)
وروى عن عليّ (عليه السّلام)، أنّ رجلين أتياه، فقالا: ائذن لنا أن نصير إلى معاوية، فنستحلّه من دماء من قتلنا من أصحابه، فقال عليّ (عليه السّلام): ((أمَا إنّ الله قد أحبط عملكما بندمكما على ما فعلتما)).(23)
قال أبو الحسن: والرافضة لجهلهم بأبي عليّ ومذهبه يرمونه بالنصب، وكيف وقد نقض كتاب عبّاد في تفضيل أبي بكر، ولم ينقض كتاب الإسكافي المسمّى (المعيار والموازنة) في تفضيل علي على أبي بكر.(24).
6. أبو هاشم الجبّائي (277 ـ 321هـ):
عبد السّلام بن محمد بن عبد الوهاب بن أبي علي الجبّائي، قال الخطيب: شيخ المعتزلة، ومصنّف الكتب على مذاهبهم. سكن بغداد إلى حين وفاته.(25)
وقال ابن خلّكان: المتكلّم المشهور، العالم بن العالم، كان هو وأبوه من كبار المعتزلة، ولهما مقالات على مذهب الاعتزال، وكتب الكلام مشحونة بمذاهبهما واعتقادهما، وكان له ولَد يسمّى أبا عليّ، وكان عاميّاً لا يعرف شيئاً. فدخل يوماً على الصاحب بن عبّاد، فظنّه عالماً، فأكرمه ورفع مرتبته، ثُمَّ سأله عن مسألة، فقال: لا أعرف نصف العلم، فقال له الصاحب: صدقت يا ولدي، إلاّ أنّ أباك تقدّم بالنصف الآخر.(26)
وقال القاضي، نقلاً عن أبي الحسن بن فرزويه، أنه بلغ من العلم ما لم يبلغه رؤساء علم الكلام. وذكر أنه كان من حرصه يسأله أبا عليّ (والده) حتّى يتأذى منه، فسمعت أبا عليّ في بعض الأوقات يسير معه لحاجة، وهو يقول: لا تؤذنا، ويزيد فوق هذا الكلام.(27)
كان أبو هاشم أحسن الناس أخلاقاً، وأطلقهم وجهاً. واستنكر بعض الناس خلافه مع أبيه في المسائل الكلاميّة، وليس خلاف التابع للمتبوع في دقيق الفروع بمستنكر، فقد خالف أصحاب أبي حنيفة إيّاه، وقال أبو الحسن بن فرزويه في ذلك شعراً، وهو قوله:
يقولون بين أبي هاشم = وبين أبيه خلاف كبير
فقلت: وهل ذاك من ضائر = وهل كان ذلك ممّا يضير
فخلّوا عن الشيخ لا تعرضوا = لبحر تضايق عنه البحور
فإنّ أبا هاشم تلوه = إلى حيث دار أبوه يدور
ولكن جرى في لطيف كلام = كلام خفي وعلم غزير
فايّاك ايّاك من مظلم = ولا تعد عن واضح مستنير(28)
تأليفاته:
ذكر ابن النديم فهرس كتب أبي هاشم، وقال: وله من الكتب:
1 ـ الجامع الكبير. 2 ـ كتاب الأبواب الكبير. 3 ـ كتاب الأبواب الصغير. 4 ـ الجامع الصغير. 5 ـ كتاب الإنسان. 6 ـ كتاب العوض. 7 ـ كتاب المسائل العسكريات. 8 ـ النقض على أرسطوطاليس في الكون والفساد. 9 ـ كتاب الطبايع والنقض على القائلين بها. 10 ـ كتاب الاجتهاد.(29)
انتشار مذهبه:
يظهر من الخطيب البغدادي أنّ مذهبه كان منتشراً في أوائل القرن الخامس في بغداد، وقد سمّى أتباعه بالبهشميّة، وقال: هؤلاء أتباع أبي هاشم الجبائي، وأكثر معتزلة عصرنا على مذهبه؛ لدعوة ابن عباد وزير آل بويه إليه.(30)
7. قاضي القضاة عبد الجبار (324 ـ 415هـ):
هو عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني الأسدآبادي، الملقّب بقاضي القضاة، ولا يُطلق هذا اللّقب على غيره.
قال الخطيب: كان ينتحل مذهب الشافعي في الفروع، ومذاهب المعتزلة في الأُصول، وله في ذلك مصنّفات، وولِّي قضاء القضاة بالرَّي، وورد بغداد حاجّاً وحدّث بها.(31)
قرأ على أبي إسحاق ابن عياش أوّلاً، ثُمَّ على الشيخ أبي عبد الله البصري، وكلاهما من الطبقة العاشرة من طبقات المعتزلة، وقد أطراه كلّ من ترجم له.
وفي مقدّمة كتاب (فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة) ترجمة وافية له، ومن أشهر تآليفه: كتاب (المُغني)؛ الّذي يقع في عشرين جزءاً ممّا أملاه على تلاميذه، ولمّا فرغ من كتاب (المُغني)، بعث به إلى الصاحب بن عباد، فقرّره الصاحب بما هو مذكور في كتاب شرح العيون للحاكم الجشمي.(32)
قال الحاكم: إنّ له أربعمائة ألف ورقة ممّا صنّف في كلّ فن، وكان موفَّقاً في التصنيف والتدريس، وكتبه تتنوّع أنواعاً، فله كتب في الكلام لم يسبق إلى تصنيف مثلها في ذلك الباب، ثُمَّ سرد أسماء كتبه البالغة إلى 43، أشهرها (المُغني) كما سبق، و(الأُصول الخمسة)، والأخير أحسن ما أُلف في عقائد المعتزلة.
وأمّا المطبوع من كتبه وراء (المُغني)، ووراء (الأُصول الخمسة)، فكتابه (تنزيه القرآن عن المطاعن)، فقد أجاب فيه عن كثير من الأسئلة الّتي تدور حول الآيات.
وكتابه الآخر (متشابه القرآن)، وقد طُبع في القاهرة، في جزءين.
وكتاب (المحيط في التكليف)، حقّقه السيّد عزمي، وطُبع بمصر.
إلى هنا تمَّ ما نُريد من ذكر أئمة المعتزلة، وهناك من يُعَدّ من أعلامهم، وهم شاركوا الأئمة في نضج المذهب ونشره، ولكنّهم دونهم في العلم والمنزلة، منهم:
1 ـ أبو سهل بشر بن المعتمر (المتوفّى عام 210هـ)، مؤسّس مدرسة اعتزال بغداد، وذكره الشريف المرتضى في أماليه.(33)
2 ـ معمّر بن عبّاد السلمي (المتوفّى عام 215هـ)، خرّيج مدرسة اعتزال البصرة.
3 ـ شمامة بن الأشرس النميري (المتوفّى عام 213هـ)، خرّيج مدرسة اعتزال بغداد.
وصفه ابن النديم، بقوله: نبيه، من أجلّة المتكلّمين المعتزلة.(34)
4 ـ أبو بكر بن عبد الرحمن بن كيسان الأصم (المتوفّى 225هـ)، خرّيج مدرسة اعتزال البصرة.
5 ـ أبو موسى عيسى بن صبيح المزدار (المتوفّى 226هـ).
6 ـ أبو جعفر محمد بن عبد الله الإسكافي (المتوفّى 240.
يعرّفه الخطيب، بقوله: محمد بن عبد الله، أبو جعفر المعروف بالإسكافي، أحد المتكلّمين من معتزلة بغداد، له تصانيف معروفة.(35)
وقد أكثر ابن أبي الحديد النقل عنه في شرح النّهج، قال: كان شيخنا أبو جعفر الإسكافي (رضي الله عنه) من المتحقّقين بموالاة عليّ (عليه السّلام)، والمبالغين في تفضيله؛ وإن كان القول بالتفضيل عاماً شائعاً في البغداديّين من أصحابنا كافّة، إلاّ أنّ أبا جعفر أشدّهم في ذلك قولاً، وأخلصهم فيه اعتقاداً.(36)
7 ـ أحمد بن أبي دؤاد (المتوفّى عام 240هـ)، عرّفه ابن النديم بقوله: من أفاضل المعتزلة، وممّن جرّد في إظهار المذهب والذب عن أهله والعناية به.(37) ولكن الأشاعرة وأهل الحديث يبغضونه كثيراً، لأنّه هو الّذي حاكم الإمام أحمد في قوله بقدم القرآن أو كونه غير مخلوق، فأفحمه.
8 ـ أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (المتوفّى عام 255هـ).
هو الّذي جمع إلى علم الكلام والفصاحة، العلم بالأخبار والأشعار والفقه، وله كتب، أحسنها: كتاب (الحيوان) في أربعة أجزاء، و(البيان والتبيين) في جزءين، و(البخلاء)، و(مجموعة الرسائل)، وأردأ كتبه كتاب (العثمانيّة).
وقال المسعودي في (مروج الذهب)، عند ذكر الدولة العباسية: وقد صنّف الجاحظ كتاباً استقصى فيه الحِجاج عند نفسه، وأيّده بالبراهين، وعضَّده بالأدلّة فيما تصوّره من عقله، وترجمه بكتاب (العثمانية)، يُحلّ فيه عند نفسه فضائل عليّ (عليه السّلام) ومناقبه، ويحتج فيه لغيره؛ طلباً لإماتة الحق ومضادة لأهله، والله متم نوره ولو كره الكافرون.
ثُمَّ لم يرض بهذا الكتاب المترجم بكتاب (العثمانية) حتّى أعقبه بتصنيف كتاب آخر في إمامة المروانيّة وأقوال شيعتهم، ورأيته مترجماً بكتاب إمامة أمير المؤمنين معاوية في الانتصار له من عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) وشيعته الرافضة، يذكر فيه رجال المروانية ويؤيد فيه إمامة بني أُميّة وغيرهم.
ثم صنّف كتاباً آخر ترجمه بكتاب (مسائل العثمانية)، يذكر فيه ما فاته ذكرُه ونقضُه عند نفسه من فضائل أمير المؤمنين (عليه السّلام) ومناقبه فيما ذكرنا. وقد نقَضْتُ عليه ما ذكرنا من كتبه لكتاب العثمانية وغيره.
وقد نقضها جماعة من متكلّمي الشيعة، كأبي عيسى الورّاق، والحسن بن موسى النخعي، وغيرهما من الشيعة، ممّن ذكر ذلك في كتبه في الإمامة، مجتمعة ومتفرقة.(38)
9 ـ أبو الحسين عبد الرحيم بن محمد المعروف بالخيّاط (المتوفّى 311هـ)، خرّيج مدرسة بغداد.
ترجمه القاضي في فضل الاعتزال، وقال: كان عالماً فاضلاً من أصحاب جعفر، وله كتب كثيرة في النقوض على ابن الراوندي وغيره، وهو أُستاذ أبي القاسم البلخي، ومن أشهر كتبه (الانتصار)، فيه رد على كتاب (فضيحة المعتزلة) لابن الراوندي، وطُبع بالقاهرة.
10 ـ أبو القاسم البلخي الكعبي (المتوفّى 317هـ)، خرّيج مدرسة بغداد.
عبد الله بن أحمد بن محمود أبي القاسم البلخي، قال الخطيب: من متكلّمي المعتزلة البغداديين، صنّف في الكلام كتباً كثيرة، وأقام ببغداد مدة طويلة، وانتشرت بها كتبه، ثُمَّ عاد إلى بلخ، فأقام بها إلى حين وفاته.
مؤلّفاته:
قد استقصى فؤاد السيّد، في مقدّمته على كتاب (ذكر المعتزلة) لأبي القاسم البلخي، أسماء كتبه، وأنهاها إلى 46 كتاباً.
وقد نقل النجاشي في ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن قبة، مكاتبته مع البخلي، قال: نقل شيخنا أبو عبد الله المفيد، قال: سمعت أبا الحسين السوسنجردي، وكان من عيون أصحابنا وصالحيهم المتكلّمين، وله كتاب في الإمامة معروف به، وكان قد حجّ على قدميه خمسين حجّة، يقول: مضيت إلى أبي القاسم البلخي إلى بلخ، بعد زيارتي الرضا (عليه السّلام) بطوس، فسلّمت عليه، وكان عارفاً، ومعي كتاب أبي جعفر بن قبة في الإمامة، المعروف بالإنصاف، فوقف عليه، ونقضه بـ (المُسْتَرْشِد في الإمامة)، فعدت إلى الرَّي، فدفعت الكتاب إلى ابن قبة، فنقضه بـ (المُسْتَثْبِت في الإمامة)، فحملته إلى أبي القاسم، فنقضه بـ (نقض المستثبت)، فعدت إلى الرَّي، فوجدت أبا جعفر قد مات.(39)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فهرست ابن النديم: 203، الفن الأوّل من المقالة الخامسة.
(2) أمالي المرتضى: 1/176 ـ 177.
(3) أمالي المرتضى: 1/178؛ وفيّات الأعيان: 2/462.
(4) فهرست ابن النديم: 225 ـ 226.
(5) المنية والأمل: 26 ـ 27.
(6) المنية والأمل: 25.
(7) الفهرست، ابن النديم: 39، الفن الثالث من المقالة الأُولى.
(8) وفيّات الأعيان: 4/266.
(9) الفَرق بين الفِرق: 124.
(10) أمالي المرتضى: 1/187.
(11) فضِّ الاعتزال وطبقات المعتزلة: 264.
(12) المنية والأمل: 29.
(13) المنية والأمل: 29.
(14) الفَرق بين الفِرق: 132.
(15) الملل والنحل: 1/56 ـ 57.
(16) ذكرهما أبو الحسين الخيَّاط في الانتصار: 14 و172.
(17) مقالات الإسلاميّين: 2/316.
(18) الفَرق بين الفِرق: 134.
(19) فهرست ابن النديم: 217 ـ 218.
(20) المنية والأمل: 47.
(21) النوابت تُطلق على الحشويّة ومن لفّ لفّهم.
(22) المنية والأمل: 47.
(23) المصدر السابق: 47.
(24) المصدر نفسه.
(25) تاريخ بغداد: 11/55.
(26) وفيّات الأعيان: 3/183.
(27) طبقات المعتزلة، القاضي، 304.
(28) طبقات المعتزلة، القاضي، 305.
(29) فهرست، ابن النديم، الفن الأوّل من المقالة الخامسة، 222.
(30) تاريخ بغداد: 11/113.
(31) تاريخ بغداد: 11/113.
(32) لاحظ شرح العيون: 369 ـ 371.
(33) أمالي المرتضى: 186 ـ 187.
(34) فهرست، ابن النديم، الفن الأوّل من المقالة الخامسة، 207 .
(35) تاريخ بغداد، 5/416.
(36) شرح ابن أبي الحديد، 4/63.
(37) فهرست ابن النديم: 212.
(38) مروج الذهب: 3/237 ـ 238.
(39) رجال النجاشي: برقم 1023.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|