أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-5-2021
1478
التاريخ: 16-5-2021
1608
التاريخ: 21/11/2022
1035
التاريخ: 15-8-2022
1175
|
نبذة تاريخية
لقد لعبت الأرض - على الدوام - دوراً بارزاً في النزاع. ورغم أن الجغرافيا العسكرية لم تظهر كعلم له تعريفاته إلاّ مؤخراً، فإن الأهمية التي تكتسبها الجغرافيا والأرض في الحرب قديمة قدم التاريخ. فلم يتوافر علماء الجغرافيا العسكرية لتحليل الأرض لجيش أثينا المؤلف من عشرة آلاف جندي أثناء دفاعه عن سهول "ماراثان" عام 490 ق.م، بيد أن قادة ذلك الجيش قد وضعوا في حسبانهم أهمية الأرض عند مناقشتهم لخطة المعركة على المنحدرات المطلة على جيش الفرس الذي كان يتولى قيادته "دايروس" الأكبر على الشاطئ. وعلى النقيض من ذلك فإن جيش الفرس – الذي كان يفوق الإغريق عدداً بنسبة 6:1 - لم يضع أهمية للأرض عند اتخاذه قرار النزول إلى اليابسة، وإقامة معسكر على سهول "ماراثان"، فجعلوا البحر خلفهم والجبال أمامهم والأنهار والمستنقعات على أجنحتهم.
ولذلك لم يتوفر لهم مجال كاف للمناورة ضد "فالاناكس" الإغريق، وكاد أن يبيدهم عن بكرة أبيهم بعملية التفاف مزدوج.
وبعد عشر سنوات من تلك الواقعة، أي عام 480 ق.م، زحف قائد فارسي آخر يدعى "اكسيرس" على رأس جيش عرمرم لكسر شوكة الإغريق، وكان قوام ذلك الجيش (150,000) جندي ، وقوة بحرية تبلغ (4,200) سفينة. فاستغل الإغريق - رغم قلة عددهم - معرفتهم الجيدة للأرض في اختيار مواقعهم الدفاعية وتضمنت هذه الخطة الدفاعية البسيطة أن تتمركز قوة حماية صغيرة عند ممر ضيق في مركز "ثيرمابيلي". وفي هذا الموقع، أبلى جيش صغير قوامه (7.000) جندي بلاءً حسناً لصد الجيش الفارسي المؤلف من (150,000) جندي، وما كان ذلك ليحدث لولا طبيعة الأرض. فقد كان عرض ممر "ثيرمابيلي" لا يتجاوز كيلومتر واحد، وعلى أحد جانبيه البحر وعلى الجانب الآخر جبال شديدة الانحدار.
وبالاستخدام الحاذق للأرض منع القادة الإسبارطيون جيش الفرس من حشد كافة طاقاته، وتمكنوا من تثبيت ذلك الجيش لعدة أيام، حتى وجد قائد الفرس "اكسيرس" ممراً بين الجبال نفذ من خلاله مسيراً ليلياً، وأخذ الجيش الإسبارطي على حين غرة من مؤخرته. ورغم أن جيش الفرس قد كسب تلك المعركة إلاّ أن عملية الإعاقة الناجحة التي نفذها الإسبارطيون قد تسببت في خسارتهم للحرب في نهاية المطاف.
ويوضح المثال الذي أوردناه آنفاً، أن قوة عسكرية صغيرة قد تمكنت من هزيمة أو إعاقة جيش يفوقها عدداً بفضل الاستخدام الحاذق للأرض.
وهناك عديد من الأمثلة الأخرى على براعة القادة في استغلال الأرض لتحقيق نصر صعب المنال. فعلى سبيل المثال، تُعد المناورة الأسطورية التي قام بها. الجنرال الأمريكي "استونوول جاكسون" في وادي "شناندوا" عام 1862 م مثالاً رائعاً لمعرفة الأرض. وفي عام 1940 م تفادى الجيش الألماني شن هجوم أمامي، واخترق غابة "الأردنيز" الكثيفة بتسع فرق بانزر للالتفاف حول خط "ماجينو"، مما عجل بانهيار الجيش الفرنسي القوي. وكمثال أخير، في عام 1973 م وضع المصريون خطة بارعة للقضاء على المزايا الأرضية التي يتمتع بها الإسرائيليون من جراء إقامتهم لخط بارليف لحمايتهم من ناحية قناة السويس. ونفذ المصريون الخطة بدقة متناهية حتى أجبروا الإسرائيليين على الخروج من تحصيناتهم وتاهوا على وجوههم في صحراء سيناء.
ويتلخص موضوع هذه المقالة الموجزة التي تكتسي صبغة الجغرافيا العسكرية في أن جيشاً اتحادياً أمريكياً صغيراً ومعه قوة بحرية قد اعترضته نقطة دفاعية حصينة اتخذها المتمردون عند أحد تعرجات نهر المسيسبي. وقد انتخب المتمردون هذه القاعدة - التي أطلق عليها اسم الجزيرة رقم (10) - بعناية فائقة، إذ تتوافر لها الحماية من المستنقعات والأراضي المغمورة بالمياه ومن النهر نفسه. ومن الواضح أن المتمردين كانوا يتمتعون بمزايا أرضية جيدة بسبب عدم وجود طرق اقتراب برية إلى القاعدة دون عبور النهر، ولكن موقع القاعدة يفصل بين الجيش الاتحادي وسفنه الحربية المساندة. وكان على القائد الاتحادي - الجنرال بوب - إخضاع معقل المتمردين لأن المهمة المنوطة به تتمثل في فتح نهر المسيسبي للملاحة حتى مدينة ممفيس في ولاية تنيسي. وهكذا لم يكن أمامه سوى خيارين: إما شن هجوم أمامي عبر النهر على الجزيرة رقم (10)، أو تنفيذ انسحاب يستغرق وقتاً طويلاً، ومن ثم اللجوء إلى وسائل أخرى لإجبار المتمردين على الخروج من قاعدتهم. ولكن الوقت لم يكن في صالح الجنرال بوب، مما اضطره إلى إيجاد حل بسيط أسفر عن تجريد المتمردين من المزايا الأرضية التي كانوا يتمتعون بها، وقلب جغرافية المنطقة إلى شرك لا يمكن الفكاك منه. وهكذا تمكن الجنرال بوب - بفضل استخدامه الجيد للأرض - من عبور النهر، وإجبار القاعدة على الاستسلام دون خسائر تذكر، ووقع بين يديه (7000) أسير من المتمردين وعدد كبير من الأسلحة، وفتح نهر المسيسبي للملاحة حتى مدينة ممفيس.
الأوضاع العسكرية: الأنهار والحرب لقد لعبت الأنهار دوماً دوراً حاسماً في الحرب، إذ إن الأنهار - بما فيها من تعرجات وسهول تغمرها الفيضانات - تتسبب في مشاكل تكتيكية وهندسية جمة. وكانت الأنهار الواسعة ذات التيار الجارف تمثل عقبة كؤوداً لم تتمكن الجيوش القديمة من عبورها، بيد أن التطورات التقنية التي طرأت قد تبعها تحسن في تكتيكات عبور الأنهار، بيد أن تلك الابتكارات لم تضمن النجاح التام بسبب التأثيرات الكبيرة الناجمة عن عوامل العدو، والجغرافيا، والطقس. ولعل خير شاهد على ذلك، الكارثة التي حدثت أثناء محاولة عبور نهر الراين في إيطاليا خلال شهر يناير 1944 م، وعملية الإنزال الجوي الفاشلة التي نفذها الحلفاء لعبور نهر الراين أيضاً في شهر سبتمبر 1944 م. كما أن الصعوبات التي واجهتها الفرقة الأولى المدرعة الأمريكية مؤخراً في عبور نهر "سافا" إلى البوسنة في شهر يناير 1996 م تعكس التعقيدات التي تكتنف عمليات عبور الأنهار. ورغم أن الفكرة السائدة عن الأنهار أنها تشكل عوائق، إلاّ أن الجيوش الغازية قد استخدمت تلك الأنهار كطرق رئيسة في غزوها. ولعل أوضح مثال على ذلك ما حدث في مسرح العمليات الغربي أثناء الحرب الأهلية الأمريكية، الأنهار وأوضاع الحرب الأهلية عندما اندلعت الحرب الأهلية الأمريكية استدعت الاستراتيجية الاتحادية شن هجوم عسكري مدبر في مجرى نهر المسيسبي لشق صفوف التمرد، وفتح ذلك النهر في وجه التجارة الاتحادية، وقد أطلق على تلك العملية اسم (خطة اناكوندا). بل إن الجيش الاتحادي قد سلك كافة الأنهار الرئيسة في مسرح العمليات الغربي - المسيسبي، وكمبرلاند وتنيسي - في ذلك الغزو للنفاذ إلى الجناح الأيسر من خط دفاع المتمردين )انظر الخريطة رقم (1، وقد فطن الجنرال يو.أس. غرانت إلى أهمية تلك الأنهار منذ الوهلة الأولى، إذ إن نهري كمبرلاند وتنيسي يتجهان مباشرة إلى ولاية تنيسي ذات الأهمية الاستراتيجية. وفي حالة تنفيذ هجوم سريع لاختراق هذه الولاية، والسيطرة على النهرين، فإن ذلك سوف يترتب عليه فصل الجناح الغربي للجنرال "البريت سيدني جونستون"، ويفتح منطقتي ناشفيل وغاتنوغا لهجوم سهل من جانب الجيش الاتحادي. وبالفعل عمل الجنرال غرانت على تنفيذ هذه الخطة بمساندة أسطول نهري صغير وتمكن من الاستيلاء على قاعدتي "هنري" و "دونلسون" في أوائل شهر فبراير 1862 م. وقد كان ذلك نصراً مؤزراً لأن الجنرال غرانت أجبر جونستون إلى التقهقر جنوباً لمسافة ( 200 ) ميل حتى وصل إلى مدينة "كورنث" على نهر المسيسبي فوقعت ناشفيل وكافة المناطق القريبة من ولاية تنيسي في قبضة الجيش الاتحادي. واستثمر الجنرال غرانت فوزه بشن هجوم سريع على امتداد نهر تنيسي حتى وصل إلى بتسبرغ حيث دارت معركة "شيلو" الدموية في يومي 6و 7 أبريل 1862 م.
وضمن ذلك الهجوم الذي شنه الجيش الاتحادي جنوباً على امتداد الأنهار القريبة، تزامن هجوم آخر للاستيلاء على نقطة حصينة للمتمردين تسد الطريق إلى عند الجزيرة رقم (10)، بالقرب من مدينة "s" تعرج كبير في نهر المسيسبي على شكل مدريد الجديدة في ولاية ميسوري ) وتُعد الجزيرة رقم (10) موقعاً استراتيجياً مهماً لأنها تسد النهر تماماً، علاوة على أنها آخر أرض دفاعية قبل مدينة ممفيس، وينعطف عندها نهر المسيسبي انعطافاً حاد اً. وقد كان هدف العملية التي نفذها الجيش الاتحادي هو الجزيرة رقم ( 10 ) (أطلق عليها هذا الاسم لأنها الجزيرة العاشرة إلى الجنوب من ملتقى نهري أوهايو والميسيسبي).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|