المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



الاسلام / قيم عقلية  
  
2671   10:20 صباحاً   التاريخ: 25-4-2021
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : تاريخ الادب العربي - العصر الاسلامي
الجزء والصفحة : ص:15-18
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاسلامي /

 

قيم عقلية

قضي الإسلام على الوثنية الجاهلية بكل ما طوي فيها من كهانة وسحر وشعوذة وخرافة، وبذلك ارتقي بعقل الإنسان إذ خلصه من الحماقات والترهات، وقد مضي يحتكم إليه في معرفة الكائن الاعلى الذي أنشأ الكون ودبر نظامه، داعيا له الى أن يتأمل في ملكوت السموات والأرض، فإن من ينعم النظر في هذا الملكوت ونظامه يعرف أنه لم يخلق عبثا وأن له صانعا سوي كل شئ فيه وقدره، يقول جل ذكره: {{إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلي جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار}} {{الشمس والقمر بحسبان}} {{والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون والأرض فرشناها فنعم الماهدون ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون}}

وواضح من ذلك أن القرآن اتجه الى العقل في دعوته الى الإيمان بوجود الله وقدرته وتدبيره، وكذلك الشأن في الإيمان بوحدانيته. وقد فضل الإنسان على سائر مخلوقاته {{وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا}} وما كان لهذا الذي

 

16

فضله على كل ما في الوجود أن يعبد أشياء خلقها الله وسخرها لفائدته {{قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء}} {{ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن}} وهو إله واحد يدبر السموات والأرض {{لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}} {{وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون}} وبالمثل يحتكم القرآن الى العقل في الدلالة على صحة البعث والنشور فإن من يبعث الحياة في الكائنات قادر على أن يردها إليها {{كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين}} {{وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم}} {{وتري الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحي الموتي وأنه على كل شيء قدير}}

وينحي الذكر الحكيم باللائمة على من لا يستخدمون عقولهم، فيشبههم بالأنعام التي لا تعقل، ويقول إنهم لا يمتازون في شئ عن الصم البكم العمي {{لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون}} {{أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا}} وكثيرا ما تختم الآيات بمثل {{أفلا تتذكرون}} {{إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}} {{إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون}}

ودائما يدعو القرآن كل مسلم أن يستغل عقله فيما خلق له من التدبر، فيتأمل وينظر ويحكم لا عن عقائد موروثة بل عن دليل ناطق وشهادة صحيحة، ومن ثم كانت المعرفة المستبصرة ركنا أساسيا في الإسلام، فمن أسلم عن غير فهم وتبصر كان إسلامه منقوصا، إذ الإسلام الصحيح يقوم على الفهم والاقتناع لا على التقليد والمحاكاة للآباء والأسلاف.

ويشير القرآن مرارا الى ما وهب الإنسان من فضيلة العقل، وأن الله أودع في هذه الفضيلة خواص تمكنه من السيطرة على جميع المخلوقات، يقول جل شأنه:

{{الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم}

 

17

{تشكرون وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}} {{وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس}} {{هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب}}

فكل ما في الوجود مسخر للناس ولعقولهم كي يستغلوه وكي يستكشفوه لمنفعتهم.

وكان أول ما نزل على الرسول صلي الله عليه وسلم: {{اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم}} فالدعوة الى العلم وأنه نعمة أسبغها الله على الإنسان تقترن بآيات القرآن الأولي. ودائما تتردد فيه الإشادة بالعلم والعلماء في مثل: {{وقل رب زدني علما}} {{إنما يخشي الله من عباده العلماء}} {{قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}} وفي كل هذه الآيات دعوة صريحة للمسلمين كي يطلبوا كل علم ويفيدوا منه، ولعله لذلك لم يظهر عندنا تعارض بين الإسلام والعلم في أي عصر من العصور، بل تعاونا دائما تعاونا مثمرا. وقد رويت عن الرسول صلي الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تحث على العلم والتعلم من مثل: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» و «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة» و «العلماء ورثة الأنبياء».

وقد حمل الإسلام هؤلاء العلماء أمانة الدين الحنيف، وجعل لهم حق الاجتهاد في فروعه وما يطوي فيه من استنباط للأحكام يقول جل ذكره:

{{فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين}} ويقول: {{وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه الى الرسول وإلي أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}}، ويقول للرسول الكريم: {{وشاورهم في الأمر}}، وفعلا كان يستشير أصحابه في كثير من المسائل ويصدر عن رأيهم (1). ومن هنا أصبح الاجتهاد بالرأي أصلا من أصول الإسلام حين لا يوجد نص في كتاب أو سنة، روي الرواة عن معاذ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما بعثه الى اليمن قال له: كيف تصنع إن عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بما في كتاب الله

_________

(1) انظر «تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية» وما بعدها. لمصطفي عبد الرازق (الطبعة الأولي) ص 143

 

18

قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم، قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي لا آلو، قال: فضرب بيده في صدري، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضاه رسول الله» (1). وقد نما الاجتهاد بعد وفاة الرسول بحكم الفتوح واتساع الدولة، ولم يكن الخلفاء يفتون بآرائهم إلا بعد استشارة الصحابة (2). ومصرت الأمصار وسرعان ما أخذت تظهر جماعات من الفقهاء في كل مصر إسلامي تحمل للناس تعاليم القرآن وسنة الرسول، وكانوا إذا عرض لهم أمر لم يجدوا حكمه في القرآن والسنة اجتهدوا وأفتوا الناس فيه برأيهم.

وفي كل ما قدمنا ما يدل بوضوح على أن الإسلام رفع من شأن العقل الإنساني إذ جعله الحكم في فروع الشريعة وحثه على استكمال سيطرته على الطبيعة وقوانينها، كما حثه على التزود بجميع المعارف. وفتح الأبواب واسعة أمامه كي يجتهد في مسالك الدين العملية. فلا عجب بعد ذلك إذا رأينا المسلمين يتحولون مع الفتوح الى معرفة كل ما لدي الأمم المفتوحة من تراث عقلي، وسرعان ما شادوا صرح حضارتهم الرائعة، وقد مضوا يستخدمون كل طاقاتهم الذهنية في جميع صور المعرفة دينية وغير دينية. وكان لما أصله الإسلام من حق الاجتهاد العقلي أثر واسع في أن أصبح الإسلام نفسه قابلا للتطور، وحقا أصوله العقيدية زمنية أبدية، ولكنها أصول أسست على العقل الصحيح وفسحت له في التشريع.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.