أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-8-2016
4063
التاريخ: 1-8-2016
3672
التاريخ: 19-05-2015
3641
التاريخ: 19-05-2015
3847
|
لا يخفى أنّ فضائل و مناقب الإمام أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) لكثرتها و توافرها خرجت عن حد الاحصاء و في الحقيقة انّ إحصاء فضائله مستحيل كإحصاء النجوم، و لقد أجاد أبو نواس في قوله عند هارون الرشيد كما في المناقب، أو عند المأمون كما في سائر الكتب حيث قال :
قيل لي أنت أوحد الناس طرّا في علوم الورى و شعر البديه
لك من جوهر الكلام نظام يثمر الدرّ في يدي مجتنيه
فعلى ما تركت مدح ابن موسى و الخصال التي تجمّعن فيه
قلت لا أستطيع مدح إمام كان جبريل خادما لأبيه
و لكن من أجل التبرّك و التيمّن نذكر نبذة من فضائله و التي هي بالقياس الى سائر فضائله كالقطرة من البحر :
الأولى: في كثرة علمه: روى الشيخ الطبرسي عن أبي الصلت الهروي انّه قال: ما رأيت أعلم من عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) و لا رآه عالم الّا شهد له بمثل شهادتي، و لقد جمع المأمون في مجالس له ذوات عدد، علماء الأديان و فقهاء الشريعة و المتكلّمين، فغلبهم عن آخرهم حتى ما بقي أحد منهم إلّا أقرّ له بالفضل و أقرّ على نفسه بالقصور، و لقد سمعت عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: كنت أجلس في الروضة و العلماء بالمدينة متوافرون فإذا أعيا الواحد منهم عن مسألة أشاروا إليّ بأجمعهم و بعثوا إليّ بالمسائل فأجيب عنها.
قال أبو الصلت: و لقد حدّثني محمد بن اسحاق بن موسى بن جعفر عن أبيه موسى بن جعفر (عليهما السّلام) أنّه كان يقول لبنيه: هذا أخوكم عليّ بن موسى الرضا عالم آل محمد فاسألوه عن أديانكم و احفظوا ما يقول لكم فانّي سمعت أبي جعفر بن محمد (عليهما السّلام) غير مرّة يقول لي: انّ عالم آل محمد لفي صلبك و ليتني أدركته فانّه سميّ أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) .
الثانية: روى الشيخ الصدوق عن ابراهيم بن العباس انّه قال: ما رأيت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) جفا أحدا بكلمة قط، و ما رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه، و ما ردّ أحدا عن حاجة يقدر عليها و لا مدّ رجليه بين يدي جليس له قط، و لا اتكأ بين يدي جليس له قط، و لا رأيته شتم أحدا من مواليه و مماليكه قط، و لا رأيته تفل قط، و لا رأيته يقهقه في ضحكه قط بل كان ضحكه التبسم .
و كان إذا خلا و نصبت مائدته أجلس معه على مائدته مماليكه و مواليه حتى البواب و السائس، و كان (عليه السلام) قليل النوم بالليل، كثير السهر، يحيي اكثر لياليه من أوّلها الى الصبح، و كان كثير الصيام فلا يفوته صيام ثلاثة ايام في الشهر و هي الخميس من أوّل كل شهر و آخره و الاربعاء من وسط الشهر و يقول: ذلك صوم الدهر.
و كان (عليه السلام) كثير المعروف و الصدقة في السرّ و اكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة، فمن زعم انّه رأى مثله في فضله فلا تصدّقوه .
و روي عن محمد بن أبي عباد انّه قال: كان جلوس الرضا (عليه السلام) في الصيف على حصير و في الشتاء على مسح ، و لبسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزيّن لهم .
الثالثة: روى الشيخ الأجل أحمد بن محمد البرقي عن معمر بن خلاد انّه قال: كان أبو الحسن الرضا (عليه السلام) إذا اكل أتي بصحفة فتوضع قرب مائدته، فيعمد الى أطيب الطعام مما يؤتى به فيأخذ من كلّ شيء شيئا فيوضع في تلك الصحفة ثم يأمر بها للمساكين، ثم يتلو هذه الآية: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد: 11] و حاصل الآية الشريفة و الآيات بعدها أنّ أصحاب الميمنة و أهل الجنة يدخلون في العقبة أي الأمر الصعب و هو مخالفة النفس و تلك العقبة هي إعتاق رقبة أو اطعام في يوم ذي مسغبة الى اليتيم القريب أو اعانة مسكين ذي مقربة ثم يقول (عليه السلام) : علم اللّه تعالى أن ليس كلّ إنسان يقدر على عتق رقبة، فجعل لهم السبيل الى الجنّة باطعام الطعام .
الرابعة: روى الشيخ الصدوق في عيون الأخبار عن الحاكم أبي عليّ البيهقي عن محمد بن يحيى الصولي أنّه قال: حدّثتني جدّتي أمّ أبي و اسمها غدر قالت: اشتريت مع عدّة جوار من الكوفة و كنت من مولّداتها، قالت: فحملنا الى المأمون، فكنّا في داره في جنّة من الأكل و الشرب و الطيب و كثرة الدنانير، فوهبني المأمون للرضا (عليه السّلام) فلمّا صرت في داره فقدت جميع ما كنت فيه من النعيم و كانت علينا قيّمة تنبّهنا من الليل و تأخذنا بالصلاة و كان ذلك من أشدّ ما علينا، فكنت أتمنّى الخروج من داره إلى أن وهبني لجدّك عبد اللّه بن العباس، فلمّا صرت الى منزله كنت كأنّي قد أدخلت الجنّة .
قال الصولي: و ما رأيت امرأة قطّ أتم من جدّتي هذه عقلا و لا أسخى كفّا و توفيت سنة سبعين و مائتين و لها نحو مائة سنة، و كانت تسأل عن أمر الرضا (عليه السلام) كثيرا فتقول: ما أذكر منه شيئا الّا أنّي كنت أراه يتبخّر بالعود الهنديّ النيّ، و يستعمل بعده ماء ورد و مسكا، و كان (عليه السلام) إذا صلّى الغداة كان يصلّيها في أوّل وقت ثم يسجد فلا يرفع رأسه إلى أن ترتفع الشمس، ثم يقوم فيجلس للناس أو يركب و لم يكن أحد يقدر أن يرفع صوته في داره كائنا من كان أنّما كان يتكلّم الناس قليلاً قليلاً ؛ و كان جدّي عبد اللّه يتبرّك بجدّتي هذه، فدبّرها يوم وهبت له، فدخل عليه خاله العباس بن الأحنف الحنفي الشاعر، فأعجبته فقال لجدّي: هب لي هذه الجارية، فقال: هي مدبّرة، فقال العباس بن الأحنف:
أيا غدر زيّن باسمك الغدر و أساء لم يحسن بك الدهر
لا يخفى انّ العرب تسمّي الجواري غالبا باسم غدر و غادرة بمعنى عدم الوفاء، فيكون معنى البيت: أيتها المسمّاة بالغدر و عدم الوفاء زيّنت عدم الوفاء و الغدر و لقد أساء إليك الدهر لمّا سمّاك غدرا.
الخامسة: و روى بالسند السابق عن أبي ذكوان عن ابراهيم بن العباس انّه قال: ما رأيت الرضا (عليه السلام) يسأل عن شيء قط الّا علم، و لا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان الأوّل الى وقته و عصره و كان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كلّ شيء فيجيب فيه، و كان كلامه كلّه و جوابه و تمثله انتزاعات من القرآن، و كان يختمه في كلّ ثلاثة و يقول: لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة لختمته و لكنّي ما مررت بآية قط الّا فكّرت فيها، و في أيّ شيء انزلت و في أيّ وقت، فلذلك صرت أختم في كلّ ثلاثة ايّام .
السادسة: و روي أيضا في الكتاب المذكور عن ابراهيم الحسني انّه قال: بعث المأمون الى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) جارية فلمّا أدخلت عليه اشمأزّت من الشيب، فلمّا رأى كراهيّتها ردّها الى المأمون و كتب إليه بهذه الأبيات:
نعى نفسي الى نفسي المشيب و عند الشيب يتّعظ اللبيب
فقد ولّى الشباب الى مداه فلست أرى مواضعه تؤوب
سأبكيه و أندبه طويلا أدعوه إليّ عسى يجيب
و هيهات الذي قد فات منه و تمنّيني به النفس الكذوب
و راع الغانيات بياض رأسي و من مدّ البقاء له يشيب
أرى البيض الحسان يحدن عنّي و في هجرانهنّ لنا نصيب
فان يكن الشباب مضى حبيبا فانّ الشيب أيضا لي حبيب
سأصحبه بتقوى اللّه حتى يفرّق بيننا الأجل القريب
السابعة: روى الشيخ الكليني عن اليسع بن حمزة القمي انّه قال: كنت أنا في مجلس أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أحدّثه و قد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال و الحرام إذ دخل عليه رجل طوال آدم فقال له: السلام عليك يا ابن رسول اللّه رجل من محبّيك و محبّي آبائك و أجدادك (عليهم السّلام)، مصدري من الحجّ و قد افتقدت نفقتي و ما معي ما أبلغ به مرحلة فإن رأيت أن تنهضني الى بلدي و للّه عليّ نعمة فإذا بلغت بلدي تصدّقت بالذي تولّيني عنك، فلست موضع صدقة.
فقال له (عليه السلام) : اجلس رحمك اللّه و أقبل على الناس يحدّثهم حتى تفرّقوا و بقي هو و سليمان الجعفري و خيثمة و أنا، فقال: أ تأذنون لي في الدخول؟ فقال له سليمان: قدّم اللّه أمرك، فقام فدخل الحجرة و بقي ساعة، ثم خرج و ردّ الباب و أخرج يده من أعلى الباب، و قال: أين الخراساني؟ فقال: ها أنا ذا، فقال: خذ هذه المائتي دينارا و استعن بها في مئونتك و نفقتك و تبرّك بها و لا تصدّق بها عنّي و اخرج فلا أراك و لا تراني، ثم خرج .
فقال له سليمان: جعلت فداك لقد أجزلت و رحمت، فلماذا سترت وجهك عنه؟ فقال: مخافة أن أرى ذلّ السؤال في وجهه لقضائي حاجته، أ ما سمعت حديث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) : المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجّة، و المذيع بالسّيئة مخذول، و المستتر بها مغفور له .
أما سمعت قول الأول :
متى آته يوما لأطلب حاجة رجعت إلى أهلي و وجهي بمائة
يقول المؤلف: ذكر ابن شهرآشوب في المناقب هذه الرواية ثم قال بعدها: و فرّق (عليه السلام) بخراسان ماله كلّه في يوم عرفة فقال له الفضل بن سهل: انّ هذه المغرم، فقال: بل هو المغنم لا تعدّن مغرما ما ابتغيت به أجرا و كرما .
و اعلم انّ التوسل بالإمام الرضا (عليه السلام) نافع للأمان من اخطار السفر في البر و البحر و للخلاص من الغمّ و الهمّ و الغربة، و مضى في كلام الإمام الصادق (عليه السلام) تعبيره عنه بمأوى و ملجأ الأمّة، و نقرأ في زيارته: السلام على غوث اللهفان و من صارت به أرض خراسان، خراسان .
قال الحمويّ في المعجم في معنى خراسان: و قيل خراسم للشمس بالفارسيّة و أسان كأنّه أصل الشيء و مكانه .
فيكون المعنى: سلام على غوث اللهفان و على الذي صارت أرض خراسان به محلا و موضعا للشمس.
الثامنة: روى ابن شهرآشوب عن موسى بن سيار انّه قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) و قد أشرف على حيطان طوس و سمعت واعية فاتبعتها فإذا نحن بجنازة، فلمّا بصرت بها رأيت سيدي و قد ثنى رجله عن فرسه ثم أقبل نحو الجنازة فرفعها، ثم أقبل يلوذ بها كما تلوذ السخلة بأمها ثم أقبل عليّ و قال: يا موسى بن سيّار من شيّع جنازة وليّ من أوليائنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته امّه لا ذنب عليه، حتى إذا وضع الرجل على شفير قبره رأيت سيّدي قد أقبل فأخرج الناس عن الجنازة، حتى بدا له الميت، فوضع يده على صدره.
ثم قال: يا فلان بن فلان أبشر بالجنّة فلا خوف عليك بعد هذه الساعة، فقلت: جعلت فداك هل تعرف الرجل؟ فو اللّه انّها بقعة لم تطأها قبل يومك هذا، فقال لي: يا موسى بن سيّار، أ ما علمت انّا معاشر الأئمة تعرض علينا أعمال شيعتنا صباحا و مساء؟ فما كان من التقصير في أعمالهم سألنا اللّه تعالى الصفح لصاحبه، و ما كان من العلوّ سألنا اللّه الشكر لصاحبه .
التاسعة: روى الشيخ الكليني عن سليمان الجعفري انّه قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) في بعض الحاجة فأردت أن أنصرف إلى منزلي فقال لي: انصرف معي فبت عندي الليلة، فانطلقت معه فدخل إلى داره مع المعتّب ، فنظر الى غلمانه يعملون بالطين أواري الدّواب و غير ذلك و إذا معهم أسود ليس منهم .
فقال: ما هذا الرجل معكم؟ قالوا: يعاوننا و نعطيه شيئا، قال: قاطعتموه على أجرته؟
فقالوا: لا، هو يرضى منّا بما نعطيه فأقبل عليهم يضربهم بالسوط و غضب لذلك غضبا شديدا فقلت: جعلت فداك لم تدخل على نفسك؟
فقال: إنّي قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرّة أن يعمل معهم أحد حتى يقاطعوه أجرته، و أعلم انّه ما من أحد يعمل لك شيئا بغير مقاطعة ثم زدته لذلك الشيء ثلاثة أضعاف على أجرته الّا ظنّ انّك قد نقّصته أجرته، و إذا قاطعته ثم أعطيته أجرته حمدك على الوفاء فإن زدته حبّة عرف ذلك لك و رأى انّك قد زدته .
العاشرة: روي عن ياسر الخادم انّه قال: كان الرضا (عليه السلام) إذا خلا، جمع حشمه كلّهم عنده الصغير و الكبير فيحدّثهم و يأنس بهم و يؤنسهم، و كان (عليه السلام) إذا جلس على المائدة لا يدع صغيرا و لا كبيرا حتى السائس و الحجّام الّا أقعده معه على مائدته .
قال ياسر: قال لنا أبو الحسن (عليه السلام) إن قمت على رءوسكم و أنتم تأكلون فلا تقوموا حتى تفرغوا، و لربّما دعا بعضنا فيقال له: هم يأكلون فيقول: دعوهم حتى يفرغوا .
الحادية عشرة: روى الشيخ الكليني عن رجل من أهل بلخ انّه قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) في سفره الى خراسان فدعا يوما بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان و غيرهم، فقلت: جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة، فقال: مه انّ الربّ تبارك و تعالى واحد، و الأمّ واحدة، و الأب واحد، و الجزاء بالأعمال .
يقول المؤلف: كانت هذه سيرته مع الفقراء و الرعايا، لكن لمّا دخل عليه الفضل بن سهل وقف الفضل ساعة حتى التفت إليه الإمام و سأله عن حاجته، فقال: سيدي هذا كتاب من أمير المؤمنين كتبه لي و أشار الى كتاب الحبوة الذي أعطاه المأمون له، و كان فيه ما أراده الفضل من الأموال و الأملاك و السلطة و غيرها فقال للإمام: أنت أولى ان تعطينا مثل ما اعطى امير المؤمنين إذ كنت وليّ عهد المسلمين، فقال له الرضا (عليه السلام) اقرأه و كان كتابا في اكبر جلد فلم يزل قائما حتى قرأه فلمّا فرغ قال له أبو الحسن (عليه السلام) : يا فضل لك علينا هذا ما اتقيت اللّه عز و جل .
فحلّ الامام (عليه السلام) بهذا الكلام ما كان قد أحكمه الفضل لنفسه، و الغرض انّ الإمام (عليه السلام) لم يأذن له بالجلوس حتى خرج .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|