نشاهد في الأفلام تحولات نفسية جذرية كما في فيلم "Dogs Straw " لسام بيكينباه الذي يتحول فيه عالم خجول إلى آلة قتل أو تحولات أقل حدة كما في فيلم "Ghost "لجيري زوكر حيث ينتهي الأمر برجل لم يعش الكثير من العواطف إلى النجاح في أن يقول للمرأة التي يحبها كلمة «أحبك».

مهما يكن نوع التطور الذي ترغب في إخضاع شخصيتك له، فمن الضروري أن تخلق علاقة سببية بين أحداث الفيلم وهذا التحول كي لا يؤدي ذلك إلى إحساس المشاهد بالاصطناع.

يروي فيلم ( يوميات دراجة ) لوالتر ساليس رحلة إرنستو غيفارا، الذي سيصبح تشي، الذي كان طالب طب في الثالثة والعشرين من العمر برفقة ألبرتو غرانادو المختص في الكيمياء الحيوية إلى تشيلي وبيرو وكولومبيا. حيث تجعله كل خطوة يخطوها يعي بصورة أعمق الواقع السياسي والاجتماعي الذي تعيشه القارة. وسوف تقلب هذه الرحلة حياة الرجلين رأساً على عقب وتؤسس لبداية كفاح ثوري سيجعل من إرنستو غيفارا أيقونة في أعين الأجيال القادمة.

يروي الكثير من الأفلام قصص شخصيات تنفتح أعينها في النهاية على حيث" Harold And Maude" أو" Regarding Henry" ،"Pretty Woman" :الحياة تؤدي التحديات القوية التي يواجهها أبطال هذه الأفلام والتي تغير المفاهيم التي يحملونها أو التعليم الذي تلقوه إلى جعلهم يجيدون تقدير الآخرين.

يروي فيلم "Bernie "لألبير دوبونتيل مسيرة رجل غريب الأطوار تماماً، كاره للآخرين ومدمر. بيد أنه وقوعه في حب امرأة يجعله يحب الحياة من جديد.

ويروي فيلم "World Perfect "لكلينت إيستوود قصة لقاء يجمع رجلاً فاراً من السجن اسمه بوتش بطفل في السابعة من العمر. يبدو بوتش في بداية الفيلم رجلاً بارداً وعنيداً، إلا أنه يزداد تعلقاً بالطفل ويتعلم من جديد براءة العالم وجماله.

ويحكي فيلم "Day Groundhog "لهارولد راميس قصة رجل شرس، أناني وكاره للآخرين يجد نفسه مرغماً على أن يعيش اليوم نفسه بلا نهاية. يحب بطل الفيلم زميلته في العمل بيد أن هذه الأخيرة تمقته، ويروي الفيلم في الواقع الجهود التي يبذلها لجعلها تحبه. وكي ينجح في ذلك، يكون عليه أن يغير كل شيء وأن يصبح رومانسياً يكترث للآخرين ومنفتحاً على الحياة. وعندها ينفك عنه السحر. لا يرتبط التطور الذي تخضع له الشخصية هنا بأحداث الفيلم بصورة مباشرة، لأن هذا التطور بحد ذاته يمثل الهدف الذي يرمي البطل إلى تحقيقه.

يعرض لنا أحد المشاهد الأولى في فيلم "Maude And Harold "مراهقاً يحاكي عملية شنق. فهو مسكون بالموت إذن. بينما نراه في نهاية الفيلم يبتعد وهو يغني بعد أن ذاق طعم الحياة: لقد تطور.

تتخذ أفلام أخرى الانتقال من طور الطفولة إلى الحياة الراشدة موضوعاً لها. إذ يظهر فيلم "Graduate The "لمايك نيكولز كيف يتحول بنجامين، الطفل السلبي ابن الأسرة الثرية، إلى رجل مصمم يحمله الحب على التمرد. ويجعلنا فيلم "حدث ذات مرة في أمريكا" لسرجيو ليوني نتبع مسيرة نودلز طفل شوارع منذ أن كان في الثانية عشرة من عمره وحتى سن السبعين. فالفيلم، إذن، هو قصة رجل علمته الحياة وقصة مبادرة، ولكنه أيضاً قصة طفل لم تعد لديه أوهام وأصبح بالغاً قبل الأوان. وبهذا المعنى، يمكن القول إن الفيلم يحمل بنية فيلم "Kane Citizen "نفسها.

يبدو فيلم "Spiderman "لسام ريمي تكراراً لأفلام الأبطال الخارقين، ولكن موضوعه الحقيقي هو في الواقع مسيرة التحول من اللا مبالاة التي تميز سن المراهقة إلى الخيارات الخطيرة التي يضطر إلى اتخاذها البالغون. يظهر بيتر باركر في البداية كغيره من الصبية لديه رفاق وصديقة اسمها ماري جاين. وهو صبي باهت خجول. ولكن جسده يتحول بالتدريج عندما يلسعه عنكبوت مشع فتنمو عضلاته وتظهر عليه علامات البلوغ. يجد بيتر باركر نفسه، وقد أصبح بطلاً خارقاً، يحمل مسؤوليات تفوقه وتصبح حياة الآخرين تعتمد عليه. لقد أصبح بالغاً وصار مضطراً إلى اتخاذ خيارات شديدة الصعوبة. وينتهي الفيلم وهو يقول لماري جاين إنه سيتركها لأن عليه أن يختار بين أن يبقى معها أو أن يصبح الرجل العنكبوت. فمسؤولياته أصبحت أصعب وعليه، على الرغم من الحب الذي يكنه لها، أن يضحي بهمومه الشخصية كي ينقذ العالم.

يقترن التطور النفسي عادة بالجنون. يروي فيلم "Repulsion "لرومان بولانسكي قصة الانحدار التدريجي نحو الجنون لكارول، الفتاة ذات المظهر الطبيعي التي تعمل في تقليم الأظافر. كما نجد المبدأ نفسه في فيلم "Resident The "وفي فيلم "Baby s'Rosemary "لرومان بولانسكي نفسه.

يروي فيلم "Coast Mosquito The "لبيتر وير قصة رب أسرة غريب الأطوار بعض الشيء يصطحب زوجته وأطفاله إلى أدغال الهندوراس فاراً من أمريكا. يعتقد، وهو المخترع العبقري، أنه قادر على حياة الاكتفاء الذاتي في الأدغال. ولكن جنون العظمة يجعله ينزلق بالتدريج صوب الجنون ويتحول إلى خطر كبير على حياة أسرته.

كما يعالج فيلم "Shining "لكيوبريك قصة تحول رب أسرة إلى سفاح مجنون. إنها قصة جاك تورانس، كاتب كحولي يجد نفسه وقد عهدت إليه إدارة فندق معزول وسط الثلوج في فصل الشتاء. يذهب إلى الفندق بصحبة زوجته وابنه. يصبح جاك مجنوناً شيئاً فشيئاً ويبدو الفندق مسكوناً بأشباح قديمة تضايقه. وفي المشهد الختامي الشهير، نراه يحمل فأساً ويطارد ابنه في متاهة تغطيها الثلوج.

حاول، قبل أن تبدأ في كتابة الفيلم، أن تحدد منحى تطور بطلك. فالبطل الذي يصل إلى هدفه متجاوزاً العقبات التي تقف في طريقه يجب أن يتغير بالضرورة. إذ يمكن أن تزداد ثقته بنفسه أو أنه يمكن، على العكس من ذلك، أن يفقد أية أوهام لديه. وهو قد يكتسب قدراً من الحكمة أو يمكن لقلبه أن ينفتح...

لا حدود لاحتمالات تطور البطل. فالتغيير ليس جذرياً بالضرورة، بل يمكن أن ندخل تغييرات هامة على الشخصية باستخدام لمسات صغيرة.