أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-3-2021
4363
التاريخ: 2023-04-23
3464
التاريخ: 7-8-2017
4174
التاريخ: 19-1-2022
1795
|
لا تخضع التصرفات القانونية عادة لشكلية معينة وإنما يكفي لانعقاد العقد مجرد ارتباط الإرادتين على الوجه المشروع ، لأن الأصل في العقود في القوانين الحديثة الرضائية لا الشكلية (1) ومع ذلك فإن أكثر التشريعات لا تكتفي أحيانا بإظهار الرضا لانعقاد العقد بل تشترط اظهار الإرادة بشكل معين بالنسبة لبعض التصرفات القانونية المهمة بغية تنبيه أطراف العلاقة إلى أهمية وخطورة التصرف الذي يقدمان عليه وحتى يكون الغير على بينة وعلم بمضمون التصرف ، والشكلية قد تكون بحضور شاهدين كشرط لانعقاد العقد أو اتباع مراسيم معينة أو بالكتابة عرفية كانت أو رسمية ... الخ.
والقانون الأردني شأنه شأن القوانين الأخرى اشترط لانعقاد بعض العقود شكلية خاصة (2) أو تسجيل العقد في السجلات الرسمية كالعقود الواردة على ملكية العقار التي اشترط لانعقادها التسجيل في دائرة التسجيل العقاري (3) ... الخ.
إن النصوص الأجنبية التي تستلزم شكلية معينة لبعض العقود قد تختلف عما هي عليه في القوانين الوطنية وعما هي عليه في القوانين الأخرى لأن الأشكال المقررة في قوانين الدول متنوعة ومختلفة ، وهذا التنوع والاختلاف في الشكل يثير التنازع بين قوانين الدول مما يلزم تحديد القانون الذي يحكم الشكل ..
ويدور التنازع عادة بين قانون محل ابرام التصرف وقانون الجنسية وقانون
بلد التنفيذ والقانون الذي يحكم العقد من الناحية الموضوعية فلاي قانون من هذه القوانين يعطي الاختصاص .
لقد جرت العادة الدولية من قديم الزمان على اخضاع شكل التصرف إلى قانون الجهة التي تم فيها التصرف فقانون البلد الذي تم فيه التصرف يعتبر مختصة في تقرير ما إذا كانت الشكلية المقررة فيه مستوفاة أم لا (4) . وقد أخذ بقاعدة اخضاع التصرف لمحل ابرامه Locus Riget Actum منذ ظهور نظرية الحواشي الإيطالية وطبقتها محاكم الدول ونصت عليها تشريعات متعددة ومنها القانون الأردني إذ : نص عليها في القانون المدني في المادة 2۱ منه تخضع العقود في شكلها القانون الدولة التي تمت فيها (5) كما نصت على ذلك المادة ( 13/3) منه بقولها «يعتبر الزواج صحيحة من حيث الشكل إذا عقد وفقا للشكل المقرر في قانون البلد الذي تم فيه ، أو إذا روعيت فيه الأشكال التي قررها قانون كل من الزوجين» . وقد أخذ بها القانون التجاري الأردني بالنسبة للسفتجة .
أساس هذه القاعدة :
تقوم قاعدة خضوع شكل التصرف إلى قانون الجهة التي أبرم فيها على اعتبارات عملية . وهي التيسير والتسهيل على المتعاقدين في اجراء تصرفات
صحيحة من حيث الشكل أينما وجدوا . لأن الزامهم بشكل معين حتى لو كانوا في الخارج قد لا يمكنهم ذلك من ابرام التصرف وفقا للشكل المفروض لصعوبة علمهم بأحكام قانون غير قانون الدولة التي تم فيها التصرف ، بل حتى لو افترض علمهم بأحكامه قد لا يتيسر لهم أتباع ذلك الشكل في البلد الأجنبي لأي سبب من الأسباب كأن ترفض السلطة الأجنبية اتباع شكلية أخرى غير المقررة بقانونها . في حين لو
مكن أطراف العلاقة اتباع الشكل المقرر في قانون البلد الذي ابرم فيه التصرف سيكون في مقدورهم التعرف على احكامه والعمل بمقتضاه بسهولة .
وبالإضافة إلى المبررات العملية المستمدة من عامل التسهيل فإن الأخذ بالشكل المقرر في قانون البلد الذي تم فيه التصرف القانوني يؤدي الى اطمئنان المتعاقدين على القيام في أي محل بتصرفات قانونية صحيحة .
وإذا كانت قاعدة خضوع شكل التصرف الى محل ابرامه تقوم أساسا على مبدأ التيسير على المتعاقدين فليس هناك ما يدعو الى الأخذ بها بصورة اجبارية . لأن اعطائها صفة الإلزام يفقدها أساسها ولا يتفق مع تحقيق هدفها ، وإنما ينبغي عدم الزام المتعاقدين باتباع الشكل المقرر في قانون بلد الإبرام . وبهذا أخذت أكثر القوانين بتقديم أكثر من ضابط للإسناد من حيث الشكل اذ أجازت للمتعاقدين اتباع الشكل المقرر في قانون بلد الإبرام أو قانون الجنسية أو قانون موطن المتعاقدين أو للقانون الذي يحكم الموضوع وهذا ما اتجه اليه المشرع الأردني كما يبين أدناه .
الشكل في القانون الأردني :
من مطالعة نصوص القانون الأردني يتبين لنا أنه تبني ، كمبدأ عام ، إخضاع شكل التصرف الى قانون محل إبرامه وأجاز في الوقت ذاته باختيار قانون آخر .
وهذا واضح من استعراض بعض النصوص التي تنظم الشكل. ففي الزواج مثلا قالت الفقرة (2) من المادة (13) من القانون المدني .
يعتبر الزواج ما بين أجنبي أو ما بين أجنبي وأردني صحيحة إذا عقد وفقا الأوضاع البلد الذي تم فيه ، أو إذا روعيت فيه الأوضاع التي قررها قانون كل من الزوجين .
وبالنسبة للعقود نصت المادة (21) من القانون المدني على أنه «تخضع العقود ما بين الأحياء في شكلها لقانون البلد الذي تمت فيه ويجوز أن تخضع للقانون
الذي يسري على أحكامها الموضوعية كما يجوز أن تخضع لقانون موطن المتعاقدين أو قانونهما الوطني» .
يتبين مما تقدم بأن المشرع الأردني لم يتقيد بضابط محل ابرام التصرف التعيين القانون الذي يحكم شكل التصرف وإنما خير بين عدة ضوابط وهي :
1- محل ابرام التصرف .
2 - القانون الذي يحكم العقد من الناحية الموضوعية، أي القانون المختار .
3- قانون الموطن المشترك للمتعاقدين .
4 - قانون جنسية المتعاقدين إذا كانا من جنسية واحدة .
فالمشرع قد اعطى للأفراد حرية افراغ عقدهم بالشكل المقرر في القانون الذي يحدده احد ضوابط الاسناد الأنفة الذكر ، وبإعطائهم حرية الاختيار بهذا الشكل قد سهل عليهم اتباع ما هو ميسور بالنسبة اليهم .
نطاق تطبيق القانون الذي يحكم الشكل :
ينحصر نطاق تطبيق قانون الشكل ويتحدد بما يعتبر من الشكل ، لذا يلزم تحديد المقصود بالشكل ثم تعيين حدود تطبيق القانون المختص . فما هو الشكل ؟
إن تحديد مفهوم الشكل يواجه صعوبة لأن ما يعتبر من الشكل بمقتضى قانون الدولة قد يعتبر وفقا لقانون دولة أخرى من الموضوع . لذا تبدو الأهمية واضحة لتمييز وتفريق ما يعتبر من الشكل وما يعتبر من الموضوع وعلى الأخص في حالة ما إذا كان الاختصاص في كل منهما يعهد لقانون غير القانون الذي يحكم الأخر .
ولا يخفى بأن تحديد ما يعتبر من الشكل أو من الموضوع هو مسألة تكييف ، والاختصاص في التكييف هو من اختصاص قانون القاضي المرفوع أمامه النزاع والقاضي بأخذ بمفاهيم قانونه في تحديد وصف ما إذا كان الأمر يتعلق بالشروط الشكلية أم بالشروط الموضوعية .
ومع ذلك ومن استعراض آراء الشراح يتبين لنا أن المقصود من شكل التصرف هو المظهر الخارجي للتعبير عن الإرادة . فالإرادة تتحرك نحو أثر قانوني بعمل مادي يتعرف عليه المتعاقد الآخر أو الأغيار فما يتطلبه القانون من أوضاع لإظهار الإرادة فيعتبر من الشكل (6) كتحرير العقد بالشكل العرفي أو الرسمي ، وحضور الشهود في العقد ان كان شرطة متعلقة بتكوين العقد لا مجرد دليل لأثباته وما يجب ذكره في المحررات والشكل المادي لها وعدد النسخ اللازمة والطقوس والإجراءات الواجب اتباعها والاشارة الواجب القيام بها ، كل ما تقدم إذا اشترطه القانون فهو يعتبر من شكل التصرف . والقانون الذي أولى اليه الاختصاص في شكل التصرف يحكم ، بالوقت ذاته ، في أكثر القوانين موضوع الاثبات أيضأ إذ يرتبط به في أكثر القوانين (7). لهذا يرجع الى القانون الذي يحكم الشكل في تعيين وسائل الاثبات مثل كون العقد يمكن أو لا يمكن أثباته بالشهادة أو بالقرينة أو بالبيئة التحريرية ويرجع اليه أيضا لمعرفة ما إذا كان الإقرار والقسم مقبولين وباي شرط (8) .
وتخرج من اختصاص القانون الذي يحكم شكل التصرف الأشكال التي تعتبر ركنا قائما بذاته في العقد كالرسمية في الهبة وفي الرهن فإنها تعتبر من الشروط الموضوعية تخضع للقانون الذي يحكم الموضوع (9) وكذلك التصرفات الواقعة على العقار فالتسجيل فيها في سجلات دائرة التسجيل العقاري يعتبر ركنا في انعقاد التصرف (10)
وهناك بعض المسائل قد يتوهم المرء بأنها تدخل في مفهوم الشكل ولكنها في الواقع لا تعتبر منه لذا يحسن منعا للخلط ابرازها وتوضيحها كالآتي :
1- الأشكال المتممة للأهلية :
وهي التي يلزم استكمالها لتجعل ناقص الأهلية أهلا للتصرف كاستحصال الصغير الإذن من المحكمة لإدارة المحل التجاري العائد له واستحصال الولي الإذن اللازم من المحكمة المختصة لإدارة أموال من هو تحت ولايته ، من صغير ومجنون (11) فالقواعد المنظمة لمثل هذه المسائل ما وضعت إلا لتنظيم حماية ناقص الأهلية أو عديمها . ولذلك يجب أن يرجع فيها الى قانون جنسية ناقص الأهلية (12) لأنه أكثر ملاءمة لتحقيق هذه الحماية وعلى هذا الأساس تخرج القواعد المنظمة لمثل هذه المسائل من نطاق شكل التصرف وتخضع للقانون الذي يحكم الأهلية حيث بمقتضاها تتحدد السلطة التي تأذن بذلك وبموجبه تتعين حدود السلطة الممنوحة . أما المسائل الخاصة بالإجراءات اللازم اتباعها في تقديم الطلب الى المحكمة وكيفية اقامة النائب واصدار الإذن فهي إجراءات تخضع لقواعد الإجراءات للمحكمة المرفوع أمامها الطلب (13) .
2 - الإجراءات المتعلقة بالتنفيذ وإجراءات إقامة الدعوى وتعقيبها :
وهي لا تخضع إلى قانون البلد الذي تم فيه التصرف القانوني وإنما إلى قانون المحكمة المطلوب اليها إجراء التنفيذ (14) .
٣- الأشكال المتعلقة بالعلانية :
كتلك التي تقع على الأموال والتي يقصد من إعلانها حماية الأغيار عن طريق شهر التصرفات القانونية كالقيد في السجل والإعلان عن تأسيس الشركة فهي
من اختصاص قانون موقع المال إذا كان النزاع يتعلق بالأموال التي يتعلق بها الإعلان والإشهار .
إثبات التصرف
يقتصر البحث هنا على تعيين الدليل الذي يمكن قبوله في الاثبات كالمحرر رسميا كان أو عرفية والبينة الشخصية والقرائن والتسجيل ، وعلى تحديد قوة الدليل المعتمد قانونا . وأدلة الإثبات وقوتها - كما نعلم - تتنوع بتنوع القوانين مما ينجم عنه تنازع بين القوانين يتطلب حله بإعطاء الاختصاص في ذلك إلى أحد القوانين المتنازعة . والقاعدة العامة في هذا الشأن أن مسألة الإثبات ترتبط ارتباطا وثيقة بمسألة الشكل ، فالقانون الذي يحكم الشكل هو ذاته يحكم الإثبات وهذا ما نصت عليه صراحة بعض التشريعات كالمشرع العراقي في المادة (13) من قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 حين نص على أن «يسري في شأن أدلة الإثبات قانون الدولة التي تم فيها التصرف القانوني ....» ولما كان قانون الدولة التي تم فيها التصرف وفقا لما قررته المادة 26 من القانون المدني العراقي هو القانون الذي يحكم الشكل فمؤدي هذا أن المشرع قد ربط بين الشكل والإثبات وأخضعهما إلى قانون البلد الذي تم فيه الصرف ، ولم نجد في القانون الأردني نصا صريحا بهذا المضمون . عليه يتبع ما شاع وانتشر دولية (اخضاع الاثبات إلى القانون الذي بحكم الشكل) .
والى هذا القانون - قانون البلد الذي تم فيه التصرف - ينبغي الرجوع في كل ما يتعلق بنوعية الدليل وقوته من دليل كتابي أو تسجيل أو شهادة أو قرينة وليس في مقدورنا الحياد عنه إلا بمقدار ما يمليه علينا الاستثناء إذا ما وجد .
هذا بخصوص اثبات التصرف القانوني ، اما بالنسبة لتحديد القانون الواجب التطبيق في مسائل الاثبات فسنعود اليه عند دراسة كيفية سير المرافعات في الدعوى .
_________
1- دكتور عبد المجيد الحكيم - الموجز في شرح القانون المدني العراقي - ج 1، ص 43.
٢- المادة 584 الفقرة (أ) من القانون المدني تشترط أن يكون عقد الشركة مكتوبة . المادة 942 من القانون المدني تشترط لنفاذ عقد التأمين على حياة الغير موافقته خطيأ قبل
إبرام العقد .
٣- المادة 148 مدني لا تنقل الملكية ولا الحقوق العينية الأخرى بين المتعاقدين وفي حق الغير الا بالتسجيل وفقا لأحكام القوانين الخاصة .
4- اقرت محكمة التمييز الفرنسية بزواج يهودي في العراق وفقا للشكل الديني المعترف به في العراق 466 ,1958 ,Journal de droit international 13 Oct
5- ويقابل هذا المادة 21 من القانون المدني السوري والمادة 20 مدني مصري والمادة 63 من القانون رقم 5 لسنة ۱96۱ كويتي .
6- منصور مصطفی منصور ، مذكرات في القانون الدولي الخاص دار المعرفة بمصر 1956-1957 ، ص 179 .
7- قانون الإثبات العراقي رقم ۱70 لسنة ۱979 الفقرة الأولى مادة 13 يسري في شان الاثبات قانون الدولة التي تم فيها التصرف القانوني ....
8- دكتور جابر جاد عبد الرحمن ، القانون الدولي الخاص العربي القاهرة 1959 ، ص498 ، عبد الحميد عمر وشاحي ، القانون الدولي الخاص العراقي ،بغداد 1940 ، ص341.
9- دكتور عز الدين عبدالله - محاضرات في تنازع القوانين في العقد - الكويت 1972 ، ص42 . دكتور محمد كمال فهمي - القانون الدولي الخاص - الاسكندرية : 1955 ص 470.
10 - دكتور صلاح الدين الناهي - الوجيز في الحقوق العينية الاصلية - 1960- 1961، ص310. محمد طه البشير - الحقوق العينية التبعية - 1968، ص59.
11- جاء في الفقرة الأولى من المادة 119 من القانون المدني الاردني : و" للولي بترخيص من المحكمة ان يسلم الصغير المميز اذا اكمل الخامسة عشرة مقدارا من ماله ويأذن له في التجارة تجربة ويكون الاذن مطلقة او مقيدا" .
12- دكتور محمد كمال فهمي ، اصول القانون الدولي الخاص الاسكندرية 1955 470 .
13- للمؤلف دكتور حسن الهداوي - تنازع القوانين واحكامه في القانون الكويتي - الكويت 1974 ص146 . وراجع دكتور عز الدين عبدالله القانون الدولي الخاص الطبعة التاسعة القاهرة 1972 ص506.
14- وهذا ما نصت عليه المادة 23 قانون مدني اردني بقولها «يسري قانون البلد الذي تقوم فيه الدعوى أو تباشر فيها إجراءاتها على قواعد الاختصاص واجراءات التقاضي .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|