الخدمات المجتمعية:

تعد الخدمات بأنواعها المتعددة بالنسبة للمدينة والإنسان من لأمور التي يصعب فهمها وتفسيرها والإحاطة بكل تفاصيلها كونها ذات تشعب كبير وتنوع واسع، بعد إن مر الإنسان بمراحل عديدة فيما يخص تنظيم حياته الاجتماعية والاقتصادية والوظيفية بعد خطوات لأزمنة بعيدة ابتدأت بالحياة البدائية البسيطة التي مارس فيها الالتقاط والجمع والترحال والانتقال بحثا عن الماء والكلأ له ولحيواناته التي استطاع إيلافها واستئناسها وصولا إلى مرحلة الاستقرار الأساسية وهي الحياة الزراعية (الحياة الدائمية للاستقرار).

فظهرت القرى والتجمعات البشرية فمنها وانطلقت منها صور الحياة الجديدة التي تشهدها حياة الإنسان اليوم حتى اخذ بترسيخ الاستقرار البشري في المكان بعد مسيرة انتقال طويلة والمعاناة التي تواجهه بعد إن أصبح التجمع البشري ينمو ويزداد وأصبح من الصعوبة التنقل بهم حتى اثمرت حياته القرى بكل صورها وخاصة تلك التي تمتلك إشكال الحياة الجيدة التي يجد فيها راحته والأمان حتى بدأت تظهر ظاهرة التمدن بالانتشار بإشكالها وأنواعها وأنماطها وصورها وعلى اختلاف توجهاته وإبداعاه المتنامي لتبدو الحياة الحضرية تلوح في أفق التجمعات البشرية واصبحت بعض التشريعات والأنظمة البسيطة تسير الحياة وتنظم أدوارها لتغدو لمدينة ظاهرة التطور والنمو والرقي والإبداع الذي تراكم عبر فترات زمنية طويلة.

لتتميز المدينة بمجموعة من الصفات وأبرزها تلك الوظائف والخدمات التي تعد عنصر أساسي في حياة الإنسان وهدف يسعى لتحقيقه من خلال تسخير كل الطاقات والإمكانات في تطوير تلك الخدمات وتنوعها كونها تحقق الراحة والرفاهية والتقدم والتطور والازدهار لتصبح اليوم سمة من سمات مدن اليوم وإحدى مقاييس التطور الحضاري ومن هذه الأهمية يتضح دور الدراسات الجغرافية كما بقية الدراسات الأخرى التي تناولت الخدمات كل حسب وجهة نظر الجانب العلمي لها ومن هذا المنطلق تهتم جغرافية المدن إحدى أهم فروع الجغرافية البشرية في تحليل ودراسة أهمية الخدمات وتعريفها ومراكز تقديمها ودراسة العلاقات المكانية بينها وبين مراكز تقديمها أو الحصول عليها وتوزيعها وانتشارها في الحيز الحضري.

فضلا عن مقومات قيامها ودور الإنسان في نموها وتطورها واثر عامل النقل والمواصلات وحاجة الإنسان لها ومدى تسخير الدراسات الجغرافية في تحسن نوعيتها وأداءها وكفاءتها وكفايتها رغم تعددها ونمو أنواعها وأصنافها.