أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-1-2021
1372
التاريخ: 28-8-2020
1145
التاريخ: 26-1-2021
1311
التاريخ: 21-1-2021
967
|
السؤال : كيف نزل القرآن الكريم؟ وما هي المراحل التي استغرقها نزوله؟ وهل نزل جملة واحدة على قلب رسول الله صلى الله عليه وآله؟ أم نزل على فترات متباعدة؟
وهل نحن الشيعة نعتقد كما يعتقد أهل السنّة ، بأنّ القرآن الكريم نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله بفترات متباعدة ، ولم ينزل جملة واحدة؟
أتمنّى أنّي أجد منكم الإجابة الوافية مع الأدلّة القاطعة ، ومن كتب الطرفين ، إنّ كنا نختلف معهم بالرأي ، وأكون لكم من الشاكرين.
الجواب : لاشكّ أنّ القرآن نزل تدريجاً ، وأنّ آياته تتابعت طبق المناسبات والظروف ، التي كانت تمر بها الرسالة الإلهية في مسيرتها ، تحت قيادة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله ، وقد لمّحت إلى هذا النزول التدريجي للقرآن الآية الكريمة : {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء: 106] ، وقوله تعالى : {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32] .
ومع ذلك فإنّ هناك نصوصاً قرآنية تشير إلى دفعية النزول القرآني على ما يفهم من ظاهرها ، وذلك كما في الآيات المباركة التالية : قال تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } [البقرة: 185] ، وقال تعالى : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: 3] ، وقال تعالى : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } [القدر: 1].
وقد أختلف الباحثون في وجه الجمع بين الأمرين ، وقد ذكروا في ذلك آراء ونظريات ، نذكر فيما يلي أهمّها :
النظرية الأُولى :
وهي التي تعتبر للقرآن نزولين.
النزول الأوّل إلى البيت المعمور ، أو بيت العزّة ـ حسب بعض التعابير ـ وهذا هو النزول الدفعي الذي أشارت إليه بعض الآيات السابقة ، والنزول الثاني على رسول الله صلى الله عليه وآله بالتدريج ، وطيلة المدّة التي كان يمارس فيها مهمّته القيادية في المجتمع الإسلامي.
وقد خالف المحقّقون من علماء القرآن هذا الرأي ، ورفضوا النصوص التي وردت فيها ، ورموها بالضعف والوهن ، وأقاموا شواهد على بطلانه.
وأهمّ ما يرد على هذه النظرية يتلخّص في شيئين :
1 ـ ورود الآيات القرآنية في بعض المناسبات الخاصّة ، بحيث لا يعقل التكلّم بتلك الآية قبل تلك المناسبة المعيّنة.
2 ـ عدم تعقّل فائدة النزول الأوّل للقرآن من حيث هداية البشر ، فلا وجه لهذه العناية به في القرآن والاهتمام به.
النظرية الثانية :
إنّ المراد من إنزاله في شهر رمضان ، وفي ليلة ابتداء القدر منه ، ابتداء إنزاله في ذلك الوقت ، ثمّ استمر نزوله بعد ذلك على الرسول صلى الله عليه وآله بالتدريج ، ووفقاً للمناسبات والمقتضيات.
ويبدو أنّ هذا الرأي هو الذي استقطب أنظار الأغلبية من محققّي علوم القرآن والتفسير ، نظراً إلى كونه أقرب الآراء إلى طبيعة الأُمور ، وأوفقها مع القرائن ، وظواهر النصوص القرآنية ، فإنّ القرآن يطلق على القرآن كُلّه ، كما يطلق على جزء منه ، ولذلك كان للقليل من القرآن نفس الحرمة والشرف الثابتين للكثير منه.
وتأييداً لهذه الفكرة ، فإنّنا نحاول الاستفادة من التعابير الجارية بين عامّة الناس حين يقولون مثلاً : سافرنا إلى الحجّ في التاريخ الفلاني ، وهم لا يريدون بذلك إلاّ مبدأ السفر ، أو : نزل المطر في الساعة الفلانية ، ويقصد به ابتداء نزوله ، فإنّه قد يستمر إلى ساعات ، ومع ذلك يصحّ ذلك التعبير.
ولابدّ أن نضيف على هذا الرأي إضافة توضيحية وهي : أنّ المقصود من كون ابتداء النزول القرآني في ليلة القدر من شهر رمضان ليس ابتداء الوحي على النبيّ صلى الله عليه وآله ، لأنّه كان لسبع وعشرين خلون من رجب ـ على الرأي المشهور ـ وكانت الآيات التي شعّت من نافذة الوحي على قلب الرسول صلى الله عليه وآله لأوّل مرّة هي : {اقْرَأْ بِاسْمِ... } [العلق: 1].
ثمّ انقطع الوحي عنه لمدّة طويلة ، ثمّ ابتدأ الوحي من جديد في ليلة القدر من شهر رمضان ، وهذا الذي تشير إليه الآية المباركة ، واستمرّ الوحي عليه صلى الله عليه وآله حتّى وفاته ، وبما أنّ هذا كان بداية استمرار النزول القرآني ، فقد صحّ اعتباره بداية لنزول القرآن.
النظرية الثالثة :
وهي النظرية التي اختصّ بها العلاّمة الطباطبائي ، وهي تمثّل لوناً جديداً من ألوان الفكر التفسيري ، انطبعت بها مدرسة السيّد الطباطبائي في التفسير ، وهذه النظرية تعتمد على مقدّمات ثلاث ، تتلخّص فيما يلي :
1 ـ هناك فرق بين « الإنزال » و « التنزيل » ، والإنزال إنّما يستعمل فيما إذا كان المنزل أمراً وحدانياً نزل بدفعة واحدة ، والتنزيل إنّما يستعمل فيما إذا كان المنزل أمراً تدريجياً ، وقد ورد كلا التعبيرين حول نزول القرآن : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } [الدخان: 3] ، { وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا } [الإسراء: 106].
والتعبير بـ « الإنزال » إنّما هو في الآيات التي يشار فيها إلى نزول القرآن في ليلة القدر ، أو شهر رمضان ، بخلاف الآيات الأُخرى التي يعبر فيها بـ « التنزيل ».
2 ـ هناك آيات يستشعر منها أنّ القرآن كان على هيئة وحدانية ، لا أجزاء فيها ولا أبعاض ، ثمّ طرأ عليه التفصيل والتجزئة ، فجعل فصلاً فصلاً ، وقطعة قطعة ، قال تعالى : {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1].
فهذه الآية ظاهرة في أنّ القرآن حقيقة محكمة ، ثمّ طرأ عليها التفصيل والتفريق بمشيئة الله تعالى ، والأحكام الذي يقابل التفصيل هو وحدانية الشيء وعدم تركّبه وتجزّئه.
3 ـ هناك آيات قرآنية تشير إلى وجود حقيقة معنوية للقرآن غير هذه الحقيقة الخارجية اللقيطة ، وقد عبّر عنها في القرآن بـ « التأويل » في غير واحدة من الآيات ، قال تعالى : {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [يونس: 38، 39] ، وقال تعالى : {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ } [الأعراف: 52، 53].
فالتأويل على ضوء الاستعمال القرآني هو الوجود الحقيقي والمعنوي للقرآن ، وسوف يواجه المنكرون للتنزيل الإلهي تأويله وحقيقته المعنوية يوم القيامة.
واستنتاجاً من هذه المقدّمات الثلاث ، فللقرآن إذاً حقيقة معنوية وحدانية ليست من عالمنا هذا العالم المتغيّر المتبدّل ، وإنّما هي من عالم أسمى من هذا العالم ، لا ينفذ إليه التغيّر ، ولا يطرأ عليه التبديل.
وتلك الحقيقة هو الوجود القرآني المحكم ، الذي طرأ عليه التفصيل بإرادة من الله جلّت قدرته ، كما أنّه هو التأويل القرآني الذي تلمح إليه آيات الكتاب العزيز.
وإذا آمنا بهذه الحقيقة ، فلا مشكلة إطلاقاً في الآيات التي تتضمّن نزول القرآن نزولاً دفعياً في ليلة القدر ، وفي شهر رمضان ، فإنّ المقصود بذلك الإنزال هو هبوط الحقيقة المعنوية للوجود القرآني على قلب رسول الله صلى الله عليه وآله ، وانكشاف ذلك الوجود التأويلي الحقيقي للقرآن أمام البصيرة الشفّافة النبوية ، فإنّ هذا الوجود المعنوي هو الذي يناسبه الإنزال الدفعي ، كما أنّ الوجود اللفظي التفصيلي للقرآن هو الذي يناسبه التنزيل التدريجي.
وليس المقصود ممّا ورد من روايات عن أهل البيت عليهم السلام حول النزول الأوّل للقرآن في البيت المعمور إلاّ نزوله على قلب النبيّ صلى الله عليه وآله ، فإنّه هو البيت المعمور الذي تطوف حوله الملائكة ، وقد رمز إليها الحديث بهذا التعبير الكنائي.
وهذه النظرية مع ما تتّصف به من جمال معنوي ، لا نجد داعياً يدعونا إلى تكلّفها ، كما لا نرى داعياً يدعونا إلى محاولة نقضه وتكلّف ردّه ، فليست النظرية هذه تتضمّن أمراً محالاً ، كما لا لزوم في الأخذ بها بعد أن وجدنا لحلّ المشكلة ما هو أيسر هضماً وأقرب إلى الذهن.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
السيد السيستاني يستقبل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق
|
|
|