أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-02
1564
التاريخ: 5-05-2015
2960
التاريخ: 2024-10-07
255
التاريخ: 17-10-2014
2343
|
تميّز القرآن كذلك بميزة وصف بها نفسه بقوله سبحانه وتعالى : {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } [الأنعام : 92] . وتكررت هذه اللفظة في وصف القرآن أربع مرات مع هذه الآية بقوله سبحانه وتعالى :
{وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأنعام : 155]
{وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} [الأنبياء : 50]
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص : 29]
ذكر الراغب في المفردات أن البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء. قال تعالى : {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف : 96]، وسمّى بذلك لثبوت الخير فيه، ثبوت الماء في البركة، والمبارك ما فيه ذلك الخير على ذلك {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ} (1).
وذهب المفسرون إلى معنى البركة حيث وردت في القرآن عبر هذه الآيات وبالتحديد مبارك، فقالوا : إنها تعني كثير الفائدة والنفع، أو أن القرآن خيره كثير.
والحق يقال إن هذا المنهج السماوي الذي يحتوي على مجموعة من القواعد والنظم، فهي بركات ترقى بالإنسان إلى أعلى الدرجات، فهو يشكل مصدر الكون والحياة وما ورائهما، بشرط اتباعه، ولذا قال سبحانه : { وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام : 155] . فبالإتباع والالتزام تكون تلك التشريعات والنظم والقواعد، تحفز الإنسان نحو الرقي والتقدم والنمو والخير، وحينها تعم هذه البركة البشرية جمعاء، في كل حقول العلم والمعرفة والعمل الصالح إلى يوم الدين، فيقول سبحانه وتعالى : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف : 96]
فهو منهج مبارك إذا بشرط أن يتحول التشريع وتلك النظم والقواعد إلى ما ينتفع الناس به، فتزيد البركة ويعم الخير، وذلك لا يكون إلا باجتماع شملهم، وقوة جمعهم، ووحدة كلمتهم، وكذلك تكريس قيم الدين والأخلاق في نفوسهم، وترجمة ذلك إلى عمل بإزالة الضغائن والأحقاد من القلوب، وإنشاء الأمن والسلام، فكل ذلك مدعاة لرغد العيش، وطيب الحياة، والاستظلال بمظلة السعادة.
ولا شك أن المنهج المبارك بهذا الشرط ينعكس على شخصية الإنسان، ويكون هو مبارك بذلك المنهج المبارك، لأن هذا الإنسان هو الذي يجعل ذلك النفع الذي شمله وانعكس على شخصيته يعم غيره، فيكون معطاء أو نفاعا للآخرين دون حدود لنفعه، فلا يحد نفعه بالحدود الزمنية أو المكانية أو الجنسية، فكما أن الكتاب منهج ورسالة نفعها للجميع، بلا فرق بين مكان وزمان وجنس أو عنصر، كذلك من يتبع الكتاب يكون مباركا في عطائه للآخرين، دون النظر إلى جنسهم أو مكانهم أو بلدهم أو زمنهم، ولذا قال سبحانه وتعالى : {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم : 31]، والخطاب في هذه الآية يختص بالنبي عيسى (عليه السلام) حيث تكون بركته شاملة، في كل مجال، وعلى كل صعيد، وفي كل وقت.
قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قول عيسى (عليه السلام) وجعلني مباركا أين ما كنت. قال : جعلني نفاعا للناس أين اتجهت (2).
وكما أن الإنسان يطمع أن يكون هو مبارك يعم خيره الجميع، يطمح أيضا في أن ينال هو أيضا من ذلك الخير والنفع، وليس من العيب أو الخطأ أن يتمنى الإنسان الحصول على جزء من تلك البركة التي جعلته نفّاعا أن ينتفع منها هو ما دام على منهج القرآن، ومتبعا ومطبقا لبرامجه، فيقول ربّنا سبحانه وتعالى في قصة نوح {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ } [المؤمنون : 29], كما قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لعلي (عليه السلام) : «يا علي إذا نزلت منزلا فقل اللهم أنزلنا منزلا مباركا وأنت خير المنزلين» (3)
فالقرآن كمنهج سماوي ورسالة ربانية، فإنه أيضا دعوة إلى الانطلاق لإقامة العدل في الأرض، وإشاعة السلام، ونشر الخصال الإنسانية لأنه نور يهدي به اللّه من اتبع رضوانه، فيخرج الإنسان من الموت إلى الحياة، ومن اليأس إلى الرجاء، ومن الكسل إلى النشاط، ومن السكون إلى الحركة، ومن الذل إلى العز، وتلك هي السعادة الكبرى، والبركة المرجوة من هذا المنهج،
يقول النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم) : «فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن». (4)
فإذا رجعنا إلى القرآن، وتداوينا به، وصححنا أخطاء المجتمع فإننا سنحصل من خلال ذلك على النفع الكثير، والفائدة الكبيرة، والبركة الكثيرة.
__________________________
1. نقلا عن تفسير الميزان (ج7) ص 280 .
2. الدر المنثور (ج4) ص 270.
3. نور الثقلين (ج2) ص 544 .
4. أصول الكافي (ج2) ص 598 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|