أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-9-2016
2356
التاريخ: 21-9-2020
1990
التاريخ: 17-9-2016
1823
التاريخ: 24-12-2020
2439
|
1. المعبد العالي( الزيقورة)(1)
تعددت الآراء حول الفكرة التي تمثلها الزيقورة فقد اعتبرها البعض أنها ترمز إلى السمو والعلو, فهذا الطراز من البناء يتفق مع تطور الفكر الديني السومري(2), فهي بمثابة بيت الإله النازل من السموات السبع إلى الأرض, ويحل في الهيكل الذي بني تكريما له على الأرض, أي أنها ترمز للسموات السبع وهي بمثابة السلم الواصل بين السماء والأرض(3) والمعبد الكائن في أعلى طابق هو بمثابة باب السموات أو الرابطة بين السماء والأرض(4).
ويوضح النص الذي وجد في زيقورة مدينة أور المخصصة للإله أنو هذا الرأي: "راقب في الليل الأول من على سطح المعبد العالي للزيقورة عندما يأتي نجم الإله انو من السماء..."(5) وهو الرأي الذي يذهب إليه قبيلة المالكي في تعريفه الزيقورة بقوله: "والزيقورة معبد تصاعدي أو مرتفع ينتهي في الأعلى بالحرم، وهي في سومر مستطيلة الشكل وتتركب من طبقات ثلاث متصاغرة في الحجم على شكل هرم مدرج وتتوضع الطبقات منحرفة إلى الوراء حتى يتاح بناء أدراج من الأمام تصل بين الطبقات، وفي عمارة البابليين ترجمت الزيقورة مفهوم مركز الكون ونزول الآلهة عليها وجاءت الزيقورة تلبية لضرورة دينية لكونها الطريق إلى العالم الأسفل لذلك ارتبطت بها الكثير من المعتقدات الدينية البابلية..."(6).
لكن التساؤل المطروح هنا لماذا كانوا يعتبرون الأمكنة العالية مناسبة, لاسيما وأن الآلهة المعبودة لم تكن كلها من السماء فحسب, ولكنها كانت أيضا آلهة أرضية ؟
والإجابة عن هذا التساؤل بعيدة عن دور المعتقدات الدينية, ذلك أن السومريين كانوا يسكنون مناطق جبلية قبل نزوحهم إلى أرض الجزيرة، ومن ثم ربما أثرت طبيعة وطنهم الأول على دينهم، فكانوا يجعلون قدس معبودهم في مكان مرتفع خصوصا وأن وطنهم الجديد المنبسط كان عرضة لفيضانات الأنهار مما حدا بهم إلى بناء قاعدة مرتفعة على شكل مصطبة فسيحة كانوا يقيمون عليها مجموعة المباني التي يتكون منها معبدهم(7).
ويذهب فريق آخر إلى اعتبار أن اعتماد علو الزيقورة راجع إلى السومريين الذين استخدموا في حساباتهم للوقت التقويم القمري, ولذلك كانت رؤية الهلال تعتبر إحدى النواحي المهمة التي كان يعتمد عليها في كثير من الأمور الدينية وحتى الدنيوية(8).
وقد أخذت الزيقورات شكل هرم سقارة المدرج من الخارج وإن اختلفت عن الأهرامات في تصميمها الداخلي, فإذا كانت الأهرام مقابر فإن الزيقورات معابد ومدارج يهبط الآلهة على قممها ويستقرون في قاعدتها, وهي تتكون عادة من سبع طوابق يحمل كل منها اللون الذي يرمز إلى أحد الكواكب السبعة: فكان الطابق الأول أسود رمزا لزحل والذي يعلوه أبيض بلون الزهرة, ويعلوه طابق المشتري الأرجواني ثم طابق عطارد الأزرق, ثم طابق المريخ القرمزي, يتلوه طابق القمر الفضي, وأخيرا طابق الشمس بلونه الذهبي, وكان كل طابق يشير الوقت نفسه إلى أحد أيام الأسبوع (9).
ومن أوائل الزيقورات التي عرفها السومريون زيقورة أور التي شيدها الملك- أورنامو في عام 2113- 2096 ق.م(10) والتي تعتبر امتدادا سواء في شكلها وهدفها -الديني- للعصور التي سبقتها, يقول مورتكات: " وحتى اليوم ما يزال يصعب إعطاء قرار فيما إذا كانت الزيقورة التي تشيد اصطناعيا في العصر السومري الحديث تعتبر أيضا تعبيرا عن مفهوم ممارسة دينية جديدة, أو أن الزيقورة بالشكل المعروف لنا منذ عهد أورنامو هي مجرد تسام وتقديس شكليين لما قد ظهر قبلا وتطور بصفة أثناء إعادة بناء معبد خلال قرون, كما هو الأمر بالنسبة إلى زقورة انو في الوركاء أو المعابد السومرية الأولى في المدرجة في أور والوركاء وأريدو ومدن أخرى على نفس الموضع حيث كانت تقوم في العصور السابقة المنصة العالية للمعبد الرئيس, فمن المعقول أن نفترض أن هناك تقليدا دينيا وليس انقطاعا في تطور المفاهيم الدينية..."(11).
وتبلغ مساحتها حوالي54× 60 مترا وارتفاعها حوالي 21 مترا, وهي كتلة من اللبن تكسوها أسوار من الطوب المحروق سمكها 2.5 متر, وترتفع أسوار الطبقة السفلى نحو 15 متر بميل ملحوظ نحو الداخل, وتدعم بأكتاف قليلة البروز, وكانت الشرفات التي تحيط بقواعد الطبقات تتسع عند طرفي المستطيل نظرا إلى أن الطبقات العليا كانت تميل إلى أن تصير مربعة, وأقيم فوق السطح المربع للطبقة الثالثة العليا القدس أو المعبد العلوي, وكان يتكون من غرفة واحدة صغيرة(12). وقد قام فيما بعد الملك الكلداني نابونيد بإعادة بناءها في القرن السادس ق.م أي بعد زمن أورنامو بنحو 1500 سنة, فأصبحت في عصره ذات سبع طبقات (13) (أنظر الملحق رقم 11 ص 185).