أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-8-2021
2826
التاريخ: 10-1-2022
2759
التاريخ: 2024-10-09
266
التاريخ: 17-9-2020
2678
|
الأحكام المشتركة والمختصة: فهي تشارك الرجل في جميع الأحكام العبادية والحقوق الإجتماعية فلها أن تستقل فيما يستقل به الرجل من غير فرق في إرث ولا كسب ولا معاملة ولا تعليم وتعلم ولا اقتناء حق ولا دفاع عن حق وغير ذلك إلا في موارد يقتضي طباعها ذلك .
وعمدة هذه الموارد: أنها لا تتولى الحكومة والقضاء ، ولا تتولى القتال بمعنى المقارعة لا مطلق الحضور والاعانة على الأمر كمداواة الجرحى مثلاً ، ولها نصف سهم الرجل في الارث ، وعليها : الحجاب وستر مواضع الزينة ، وعليها أن تطيع زوجها فيما يرجع إلى التمتع منها ، وتدرك ما فاتها بأن نفقتها في الحياة على الرجل : الأب أو الزوج ، وان عليه أن يحمي عنها منتهى ما يستطيعه ، وأن لها حق تربية الولد وحضانته .
وقد سهل الله لها أنها محمية النفس والعرض حتى عن سوء الذكر ، وان العبادة موضوعة عنها أيام عادتها ونفاسها ، وأنها لازمة الارفاق في جميع الأحول .
والمتحصل من جميع ذلك : أنها لا يجب عليها في جانب العلم إلا العلم بأصول المعارف والعلم بالفروع الدينية ( أحكام العبادات والقوانين الجارية في الاجتماع ) ، وأما في جانب العمل ، فأحكام الدين وطاعة الزوج فيما يتمتع به منها ، واما تنظيم الحياة ـ الفردية بعمل أو كسب بحرفة أو صناعة وكذا الورود فيما يقوم به نظام البيت وكذا ـ المداخلة في ما يصلح المجتمع العام كتعلم العلوم واتخاذ الصناعات والحرف المفيدة ـ للعامة والنافعة في الاجتماعات مع حفظ الحدود الموضوعة فيها فلا يجب عليها شيء من ذلك ، ولازمه أن يكون الورود في جميع هذه الموارد من علم أو كسب أو شغل أو تربية ، ونحو ذلك كلها فضلاً لها تتفاضل به ، وفخراً لها تتفاخر به ، وقد جوز الإسلام بل ندب إلى التفاخر بينهن ، مع أن الرجال نهوا عن التفاخر في غير حال الحرب .
والسنة النبوية : تؤيد ما ذكرناه ، ولولا بلوغ الكلام في طوله إلى ما لا يسعه هذا المقام لذكرنا طرفاً من سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع زوجته خديجة ومع بنته سيد النساء فاطمة الزهراء عليها السلام ومع نسائه ومع نساء قومه وما وصى به في أمر النساء ، والمأثور من طريقة أئمة أهل البيت ونسائهم كزينب بنت علي وفاطمة وسكينة بنتي الحسين وغيرهن على جماعتهم السلام ، ووصاياهم في أمر النساء ، ولعلنا نوفق لنقل شطر منها في الأبحاث الروائية المتعلقة بآيات النساء .
وإنما الأساس الذي بنيت عليه هذه الاحكام والحقوق فهو الفطرة ، وقد علم من الكلام في وزنها الإجتماعي ، كيفية هذا البناء ، ونزيده هاهنا إيضاحات فنقول : لا ينبغي أن يرتاب الباحث عن أحكام الإجتماع وما يتصل بها من المباحث العلمية أن الوظائف الاجتماعية والتكاليف الاعتبارية المتفرعة عليها يجب انتهائها بالآخرة إلى الطبيعة ، فخصوصية البنية الطبيعية الإنسانية هي التي هدت الإنسان إلى هذا الإجتماع النوعي الذي لا يكاد يوجد النوع خالياً عنه في زمان ، وإن أمكن أن يعرض لهذا الاجتماع المستند إلى اقتضاء الطبيعة ما يخرجه عن مجرى الصحة إلى مجرى الفساد كما يمكن أن يعرض للبدن الطبيعي ما يخرجه عن تمامه الطبيعي إلى نقص الخلقة ، أو عن صحته الطبيعية إلى القسم والعاهة
فالإجتماع بجميع شؤونه وجهاته سواء كان اجتماعاً فاضلاً أو اجتماعاً فاسداً ينتهي في النهاية إلى الطبيعة ، وان اختلف القسمان من حيث ان المجتمع الفاسد يصادف في طريق الإنتهاء ما يفسده في آثاره بخلاف الإجتماع الفاضل .
فهذه حقيقة ، وقد أشار اليها تصريحاً أو تلويحاً الباحثون من هذه المباحث وقد سبقهم إلى بيانه الكتاب الإلهي فبينه بأبدع البيان ، قال تعالى: {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50].
وقال تعالى : {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى: 2، 3] .
وقال تعالى : {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 7، 8] .
إلى غير ذلك من آيات القدر .
فالأشياء ومن جملتها الإنسان إنما تهتدي في وجودها وحياتها إلى ما خلقت له وجهزت بما يكفيه ويصلح له من الخلقة ، والحياة القيمة بسعادة الإنسان هي التي تنطبق أعمالها على الخلقة ، والفطرة انطباقاً تاماً ، وتنتهي وظائفها وتكاليفها إلى الطبيعة انتهاءً صحيحاً ، وهذا هو الذي يشير إليه قوله تعالى : {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30].
والذي تقتضيه الفطرة في أمر الوظائف والحقوق الإجتماعية بين الأفراد ـ على أن الجميع إنسان ذو فطرة بشرية ـ أن يساوي بينهم في الحقوق والوظائف من غير أن يحبا بعض ويضطهد آخرون بإبطال حقوقهم ، لكن ليس مقتضى هذه التسوية التي يحكم بها العدل الإجتماعي أن يبذل كل مقام إجتماعي لكل فرد من أفراد المجتمع ، فيتقلد الصبي مثلاً على صباوته والسفيه على سفاهته ، ما يتقلده الإنسان العاقل المجرب ، أو يتناول الضعيف العاجز ما يتناوله القوي المقتدر في الشؤون والدرجات ، فإن في تسوية حال الصالح وغير الصالح إفساداً لما لهما معاً .
بل الذي يقتضيه العدل الإجتماعي ويفسر به معنى التسوية : ان يعطي كل ذي حق حقه وينزل منزلته ، فالتساوي بين الأفراد والطبقات إنما هو في نيل كل ذي حق خصوص حقه من غير أن يزاحم حق حقاً ، أو يهمل أو يبطل حق بغياً أو تحكماً ونحو ذلك ، وهذا هو الذي يشير إليه قوله تعالى : {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] ، كما مر بيانه ، فأن الآية تصرح بالتساوي في عين تقرير الاختلاف بينهن وبين الرجال .
ثم إن اشتراك القبيلين أعني الرجال والنساء في أصول المواهب الوجودية أعني ، الفكر والإرادة المولدتين للاختيار يستدعي اشتراكها مع الرجل في حرية الفكر والإرادة اعني الاختيار ، فلها الاستقلال بالتصرف في جميع شؤون حياتها الفردية والاجتماعية عدا ما منع عنه مانع ، وقد أعطاها الإسلام هذا الاستقلال والحرية على أتم الوجوه كما سمعت فيما تقدم ، فصارت بنعمة الله سبحانه مستقلة بنفسها منفكة الإرادة والعمل عن الرجال وولايتهم وقيمومتهم ، واجدة لما لم يسمح لها به الدنيا في جميع ادوارها وخلت عنه صحائف تاريخ وجودها ، قال تعالى : {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 234] .
لكنها مع وجود العوامل المشتركة المذكورة في وجودها تختلف مع الرجال من جهة اخرى ، فان المتوسطة من النساء تتأخر عن المتوسط من الرجال في الخصوصيات الكمالية من بنيتها كالدماغ والقلب والشرايين والأعصاب والقامة والوزن على ما شرحه فن وظائف الأعضاء ، واستوجب ذلك ان جسمها ألطف وأنعم ، كما ان جسم الرجل أخشن وأصلب ، وأن الإحساسات اللطيفة كالحب ورقة القلب والميل إلى الجمال والزينة أغلب عليها من الرجل كما أن التعقل أغلب عليه من المرأة ، فحياتها حياة إحساسية كما أن حياة الرجل حياة تعقلية .
ولذلك فرق الإسلام بينهما في الوظائف والتكاليف العامة الاجتماعية التي يرتبط قوامها بأحد الأمرين : أعني التعقل ، العواطف ( الاحساسات )
فخص مثل الولاية والقضاء والقتال بالرجال لاحتياجها المبرم إلى التعقل والحياة التعقلية إنما هي للرجل دون المرأة ، وخص مثل حضانة الأولاد وتربيتها وتدبير المنزل بالمرأة ، وجعل نفقتها على الرجل ، وعوض ذلك له بالسهمين في الارث ( وهو في الحقيقة بمنزلة أن يقتسما الميراث نصفين ثم تعطي المرأة ثلث سهمها للرجل في مقابل نفقتها أي للانتفاع بنصف ما في يده فيرجع بالحقيقة إلى أن ثلثي المال في الدنيا للرجال ملكاً وعيناً وثلثيها للنساء انتفاعاً فالتدبير الغالب إنما هو للرجال لغلبة تعقلهم ، والانتقاع والتمتع الغالب للنساء لغلبة إحساسهن وسنزيده ايضاحاً في الكلام على آيات الارث إن شاء الله تعالى .
ثم تمم ذلك بتسهيلات وتخفيفات في حق المرأة مرت الإشارة اليها .
فإن قلت : ما ذكر من الارفاق البالغ للمرأة في الإسلام يوجب تعطلها عن العمل ، فإن ارتفعت الحاجة الضرورية إلى لوازم الحياة بتخديرها ، وكفاية مؤنتها بإيجاب الانفاق على الرجل يوجب إهمالها وكسلها وتثاقلها عن تحمل مشاق الأعمال والأشغال فتنمو على ذلك نماءً ردياً وتنبت نباتاً سيئاً غير صالح لتكامل المجتمع ، وقد أيدت التجربة ذلك .
قلت : وضع القوانين المصلحة لحال البشر أمرُ ، وإجراء ذلك بالسيرة الصالحة والتربية الحسنة التي تنبت الإنسان نباتاً حسناً أمر آخر . والذي اُصيب به الإسلام في مدة سيرها الماضي هو فقد الأولياء الصالحين والقوام المجاهدين فارتدت بذلك أنفاس الأحكام ، وتوقفت التربية ثم رجعت القهقرى . ومن أوضح ما أفادته التجارب القطعية : أن مجرد النظر والاعتقاد لا يثمر أثره ما لم يثبت في النفس بالتبليغ والتربية الصالحين ، والمسلمون في غير برهة يسيرة لم يستفيدوا من الأولياء المتظاهرين بولايتهم القيمين بأمورهم تربية صالحة يجتمع فيها العلم والعمل ، فهذا معاوية ، يقول على
منبر العراق حين غلب على أمر الخلافة ما حاصله : إني ما كنت أقاتلكم لتصلوا أو تصوموا فذلك اليكم وإنما كنت أقاتلكم لأتأمر عليكم ، وقد فعلت ، وهذا غيره من الأمويين والعباسيين فمن دونهم ، ولولا استغاثة هذا الدين بنور الله الذي لا يطفأ والله متم نوره ولو كره الكافرون لقضى عليه منذ عهد قديم .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|