أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-12-2016
2254
التاريخ: 1-12-2016
3385
التاريخ: 1-12-2016
4834
التاريخ: 1-12-2016
2193
|
2. الأبعاد الدينية لظهور الحساب:
أ. البعد الديني لدراسة الحساب:
الديني لدراسة الحساب:
صحب ظهور الكتابة في المعبد معرفة الأرقام وتسجيلها (1)، فكان ظهور الحساب والأرقام كنتيجة للتسجيلات والحسابات الاقتصادية المتعلقة بالمعبد الذي كان يمثل عماد الحياة الاقتصادية (2)، كما ظهرت الحاجة إلى ضبط الزمن والفصول والأعمال الهندسية المتعلقة بتشييد الأبنية الضخمة مثل الزيقورات...( 3)، ولعل أولى العلامات التي اهتدى إليهاالكهنة السومريون آنذاك كانت علامات حسابية أو عبارة عن أشكال هندسية تمثل دوائر أو أنصاف دوائر تمثل الرصعة الكائنة نهاية مقطع القصب الذي يستخدم كأداة أولى للكتابة على الطين لتعليم العلامات الدالة على الأشياء الواردة في المعبد، وبذلك يمكن عد الكهنة الأوائل في العصر السومري الأول كتبة العد أو أول المحاسبين في تاريخ بلاد الرافدين (4).
ولم تقتصر أهمية الأرقام على الجانب الاقتصادي للمعبد، فقد كان للكثير من الأعداد قداسته من خلال منظور ديني، وصار لهذه القدسية صفة سحرية أيضا، فمثلا الرقم (1) يدل على الإنسان نفسه، والرقم ( 2) عرفه الإنسان من الأعضاء المتناظرة في جسده كاليدين والقدمين والعينين..الخ، أما الرقم ( 3) فكان يدل على الجمع والكثرة، واستعمل الرقم (7) للدلالة على الكثرة أيضا، واكتسب هذا الرقم صفة دينية مقدسة مع العدد (12) الذي يدل على التكامل وكذلك العدد ( 40 ) ثم العدد ( 60 ) الذي يدل على اكتمال النظام الستيني (5).
كما استعملت الأرقام من قبل السومريين والبابليين كرموز للآلهة، فالإله شمش كان يرمز لها بالرقم يرمز له بالرقم ( 20 ) والإلهة عشتار ( 15)(6) والإله سن بالرقم ( 30 )(7) ، أما الإله أنو فرمزه ( 60 )، وانليل ومردوخ رقمهما ( 50 )، والإله أيا رقمه ( 40 )، وإلهة العاصفة
تنورتا ( 20 )، والإله أدد ( 6)، وكان الرقم ( 13 ) من جملة الأيام التي تطير منها البابليون(8)
كما يعتبر الرقم (7) الرقم السحري الأكثر تداولا، إذ جعله السومريون عددهم المقدس، بعد
ذلك ربطت السبعة في بابل بالاعتراف بالخطايا (9).
كما أن النظام الستيني الذي وضعه السومريون أعطوه صفة فلكية وتنجيمية دينية (10) وحافظ البابليون على هذا النظام حتى نهاية السلالة البابلية الأولى، فقد عثر على رقم كثيرة كان كتبتها لا يزالون يعتمدون النظام الستيني على الرغم من أن النظام العشري البابلي الأشوري كان قد ترسخ في تلك الفترة في بلاد الرافدين، ويعكس ذلك مدى تجذر هذا النظام في حياة وفكر إنسان تلك الفترة، خاصة وأنه ارتبط عبر القرون بكافة جوانب الحياة خاصة منها الجانب الديني (11)، واقتران وحدات هذا النظام بآلهتهم، وأدخلوها في أساطيرهم، وكانت هي أساس تصوراتهم حول نظام الوجود(12).
وقد أرجع العلماء سبب اختيار السومريين للنظام الستيني إلى طبيعة نظام القياسات والأوزان التي كانت لديهم إضافة إلى تقسيمات الليل والنهار وتقسيم السنة إلى أشهر وأيام (13) ويرى عمر فروخ في كتابه "تاريخ العلوم عند العرب" أن سبب الاختيار ربما يعود لتأملهم بيوت النحل المسدسة، أو أنهم فعلوا ذلك لما رأوا الدائرة تنقسم إلى ستة أوتار متساوية كل وتر منها يساوي نصف قطر الدائرة (14)، وإضافة إلى هذه الأسباب فإن مرونة هذا النظام وخصائصه المتميزة على النظام العشري جعلته النظام الأنسب (15).
ويقوم النظام الستيني وفق تناوب في جداءات عددين أساسيين هما 6 و 10 ، ويعطي جداء هذين العددين العدد 60 ، أساس النظام الستيني، ووحدات هذا النظام الأساسية يمكن أن تكتب وفق الشكل الآتي:
1= 1
10= 10
60= 6×10
10×60 = 10×6×10
260 = 6×10×6×10
10×260= 10×6×10×6×10
360 = 6×10×6×10×6×10
ونلاحظ أن هذا النظام مبني وفق البنية الرياضية نفسها التي يبنى عليها النظام العشري إذ أن النظام العشري يرتكز على الوحدات التالية:
410 ،310 ،210 ،10 (16).
وبمقتضى الطريقة الستينية يمكن الاكتفاء بوضع العلامتين: وهي صغيرة تدل على1، وهي كبيرة تدل على الرقم 60 ، كما وضعوا علامة أخرى للدلالة على العشرة حيث أن تشكيلاتهما المختلفة تعطي كافة الأرقام (أنظر الملحق رقم 07 ص 181)(17)، ولم يعرف السومريون والبابليون المرتبة الخالية أو الصفر الذي ظهر في عهد الاحتلال السلوقي حيث كتب على الشكل أو ( 18)، وقد استطاع البابليون أن يستغنوا عن معظم
الكسور أي أنهم كانوا يكتبونها بهيئة أعداد هي أجزاء من الستين وقد طبقوا هذا المبدأ على المقاييس (19).
ب. الجداول والمسائل الرياضية:
يرجع الفضل في الانجازات الرياضية العظيمة للبابليين، الذين أحسنوا استغلال الإرث السومري وتطويره، فقد خلف لنا هؤلاء أكثر من نصف مليون رقم من الطين بينها نحو (O.nevgebeauer) ثلاثمائة لوح يختص مباشرة بالرياضيات، وكان العالمان نوجبوير أول من درسها وفك رموزها المسمارية وقدما لها (F.thureau-dangin) وثورودانجان تفسيرات مختلفة، وقد ميزا بين نوعين من الرقم:
1. الجداول الرياضية:
تنوعت الجداول الرياضية التي وردت في الرقم الطينية فقد وجدت: جداول الجداء، جداول النسب ومقلوبات الأرقام، جداول للمربعات وللجذور التربيعية وللمكعبات وللجذور التكعيبية، جداول لمجموع عدد من التربيعات والتكعيبات الضرورية في حل بعض المسائل والمعادلات من الدرجتين الثانية والثالثة (20)، وفيما يلي بعض النماذج لهذه الجداول:
* جداول الضرب: وقد جاء من جداول الضرب عدة نماذج من بينها جداول مطولة قد تصل إلى أعداد كبيرة، وهي إما تكون جداول ضرب صرفة أي مجرد حاصل ضرب الأعداد المختلفة أو أنها تنظم في حقل منفصل مع جداول معكوس الأعداد (21).
* جداول معكوس الأعداد: وكان الغرض منه التخلص من الكسور، بمعنى أن معكوسات، الأعداد ساعدتهم على أن يستبدلوا كل عملية تقسيم بعملية ضرب، فمثلا ثلث 60 هو 20، فقالوا أن معكوس 3 هو 20 وللقسمة على 3 كانت العملية تستبدل بالضرب ب 20(22)،
وشكلها الرمزي: ، وغالبا ما يحصلون على قيمة الأعداد من جداول مخصصة لهذا الغرض(23)، ومما زاد في سهولة هذه الطريقة هو اعتمادهم على النظام الستيني (24).
* جداول الجذور التربيعية: وكانوا يستخرجون الجذور التربيعية من جداول مربعات الأعداد ووجد العديد من هذه الجداول المنظمة بالشكل الآتي:
مربع1 =1
4 = مربع 2
9... الخ. = مربع 3
* جداول بالجذور التكعيبية: وقد وردت هذه الجداول على النحو الآتي:
1 = مكعب 1
8 = مكعب 2
27 ... الخ = مكعب 3
* جداول بالجذور التربيعية والتكعيبية معا ومنها:
2 = 12
4 = 22
8 = 32 (25)
2. المسائل الرياضية:
وكانت المسائل غالبا ما تطرح في إطار اقتصادي أو هندسي (ارث، ضريبة، تبادل تجاري، بناء أقنية أو مخازن، تقسيم الأراضي...) فكانت تحل بواسطة معادلات من الدرجة الثانية في أغلب الأحيان، وكان البابليون يتعاملون معها من خلال الجمل والكلمات دون استخدام الرموز وكان يتم الوصول إلى النتيجة عن طريق قائمة من القواعد والعمليات التي يجب تطبيقها وهي المراحل المختلفة لحل معادلة من الدرجة الثانية، كذلك عرف البابليون حل معادلتين بمجهولين وحل بعض المعادلات من الدرجة الثالثة، وكانت طريقة العرض أول الحل غالبا ما تكون هندسية الشكل(26)، والمثال التالي يوضح كيفية حل مسالة من الدرجة الثانية:
ربعت زيادة طول مستطيل على عرضه وطرحتها من المساحة فنتج 8.20 فإذا كان الطول
30 فما هو عرض المستطيل؟
ربع 30 فيكون الناتج 15.0 وأطرح 8.20 ينتج 6.40 نصفا لطول 30 فتحصل على 15 ربع تحصل على 3.45 أضف 3.45 إلى 6.40 فتحصل على 10.25 ، خذ الجذر التربيعي ل 10.25 فتحصل على 25 أطرح ال 15 من 25 فتحصل على 10 أطرح 10 من 30 فيكون 20 وهو مقدار عرض المستطيل.
ويمكن تحليل المسألة على النحو التالي:
إذا فرضنا أن طول المستطيل ط والعرض ع فيكون وضع المسالة بحسب النص:
.8.20= ط-ع-(ط-ع) 2
وط بحسب الفرضية = 30
ومن هاتين المسألتين نحصل على:
8.20= 30(30 ط-ع)-(ط-ع) 2
8.20= 30 (ط-ع) 2 - أي 15.0
وبجبر المعادلة أي نقل الحدود المتشابهة من طرف إلى طرف آخر بتغيير إشاراتها نحصل على:
(ط-ع) 2+30(ط-ع)= 15.0 - 8.20 =6.40
وهنا يدخل الرياضي القديم مبدأ المجهول المساعد فيفرض أن ط-ع مجهولا نفرضه س فيكون وضع المسالة::
س2+30 س = 6.40.(27)
وقد شغلت المسائل الهندسية حيزا كبيرا من المسائل الرياضية، ويبقى اللوح الرياضي الذي عثر عليه في تل حرمل خير دليل على ذلك، وهو عبارة عن لوح مستطيل صغير رسم في قسمه الأعلى مثلث قائم الزاوية وقد قسم إلى أربعة مثلثات صغيرة قوائم الزوايا أيضا بإقامة عمود من الزاوية القائمة في المثلث الكبير على الوتر وتكرار إقامة الأعمدة في المثلثات الصغيرة المقطوعة من المثلث الكبير، وقد نقشت أرقام مسمارية تبين أطوال أضلاع المثلث الكبير ومساحات المثلثات الصغيرة بأرقام ستينية، ونقش تحت الشكل نص القضية الخليط بين المصطلحات السومرية والبابلية ثم حلها المستند إلى نظرية فيثاغورس المتعلقة بالمثلث القائم الزاوية وكذا إلى نظرية إقليدس وخلاصتها: أنه إذا أقيم عمود من الزاوية القائمة في مثلث قائم الزاوية على وتره فإن المثلثين المحدثين على جانبي العمود متشابهان ويتشابه كل منهما مع المثلث الأصلي وينتج من هذا التناسب أن أضلاعها المتناظرة متناسبة...(28). (انظر الملحق رقم 08 ص 182).
لقد كان الجزء الأكبر من تلك النصوص الرياضية – الجداول والمسائل – عبارة عن جداول وتمارين أعدت للطلاب (29), وهو ما تدل عليه المقولة التالية " هل تعرف الضرب، ومعكوس الأعداد، والنسب الثابتة، وموازنة الحسابات أو الحسابات الإدارية، أو كيفية توزيع كل أنواع الجريات، أو قسمة الثروة، أو فرز حصص الحقول ؟"، وهذا يعني أن هذه النصوص كانت موجهة بالدرجة الأولى للتعليم الذي ارتبط بالدين والآلهة- خاصة مع الآلهة نيسابا-، ونقرأ في قصيدة مدح شولجي:" نيسابا، المرأة الجميلة، المرأة الحقة، الكاتبة السيدة التي تعرف كل شئ، دعتك تضع.. صحيحا على الترقيم، دعتك تأكد.. قلم الذهب، وعصا القياس المصنوعة من حجر اللازورد... (30).
____________
(1) نجيب ميخائيل إبراهيم، المرجع السابق، ص 227 .
(2) طه باقر، معابد العراق القديم، مجلة سومر، المجلد 03، ج 1+2 مديرية الآثار العامة، بغداد، 1947 ص 12.
(3) طه باقر، موجز في تاريخ العلوم والمعارف في الحضارات القديمة والحضارة العربية الإسلامية، جامعة بغداد، بغداد، 1980، ص 20.
(4) عامر الجميلي، المرجع السابق، ص 77 .
(5) خزعل الماجدي، (بخور الآلهة)، المرجع السابق، ص 191 .
(6) نجيب ميخائيل إبراهيم، المرجع السابق، ص ص 127-130.
(7) Edouard Dhorme, Op.Cit, P 54
(8) Marguerite Rutten, (Le Science des Chaldéens), Op.Cit, P 196
(9) خزعل الماجدي، (بخور الآلهة)، المرجع السابق، ص 198 .
(10) نفسه، ص 191 .
(11) موسى ديب الخوري، المرجع السابق، ص 121 .
(12) نفسه، ص 73 .
(13) فاروق ناصر الراوي وآخرون، المرجع السابق، ص 301.
(14) عمر فروخ، تاريخ العلوم عند العرب، دار العلم للملايين، بيروت، 1970، ص 20
(15) فاروق ناصر الراوي وآخرون، المرجع السابق، ص 301
(16) موسى ديب الخوري، المرجع السابق، ص 81.
للمزيد حول النظام الستيني أنظر: Marguerite Rutten, (Le Science des Chaldéens),
Op.Cit, PP 108- 110.
(17) طه باقر، (مقدمة في تاريخ الحضارات)، المرجع السابق، ص 334-335.
(18) فاروق ناصر الراوي وآخرون، المرجع السابق، ص 300 .
(19) طه باقر، (مقدمة في تاريخ الحضارات)، المرجع السابق، ص 336 .
(20) موسى ديب الخوري، المرجع السابق، ص 113-114.
(21) طه باقر، (موجز تاريخ العلوم)، المرجع السابق، ص 35.
(22) جورج سارتون، المرجع السابق، ص 167 .
(23) طه باقر، (موجز تاريخ العلوم)، المرجع السابق، ص 36 .
(24) جورج سارتون، المرجع السابق، ص 161 .
(25) موسى ديب الخوري، المرجع السابق، ص 114 .
(26) فاروق ناصر الراوي وآخرون، المرجع السابق، ص 309 .
(27) فاروق ناصر الراوي وآخرون، المرجع السابق، ص 311-312.
(28) فاضل عبد الواحد علي، عامر سليمان، المرجع السابق، ص 201.
(29) George roux, Op.Cit, P 407.)
(30) www. ancient iraq.net.22:30-10/09/2008
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|