أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-04-2015
1420
التاريخ: 27-11-2014
2446
التاريخ: 10-10-2014
1630
التاريخ: 10-10-2014
1441
|
بينا في الدرس السابق ظاهرة نشوء الاختلاف في القراءات وتعددها، ولأهمية هذا البحث أفرد المتعرضون للدراسات القرآنية مباحث عديدة من أجل معالجة هذه الظاهرة أو التسليم بها كلون من ألوان عذوبة النص القرآني وطراوته، وكيف كان رأيهم فإن هناك مجموعة من الأسباب والدوافع التي كانت وراء ظهور هذا التفاوت ذكرنا ثلاثة منها وإليك باقي الأسباب:
4- إسقاط الألفات: كان الخط العربي الكوفي منحدرا عن خط السريان و كانوا لا يكتبون الألف الممدودة في ثنايا الكلام، وقد كتبوا القرآن بالخط الكوفي على نفس المنهج. الأمر الذي أوقع الاشتباه في كثير من الكلمات. قرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: 9]، نظراً إلى أن يخادعون في صدر الآية قد كتب بلا ألف فزعموهما من باب واحد.
أضف إلى ذلك بعض الزيادات المخلة بالمقصود إذا لم يكن القارئ عارفا بأصل النص من سماع خارج، كما في قوله تعالى: { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ} [النمل: 21]. فزادوا ألفا أثناء كلمة واحدة فربما يحسب القارئ الجاهل بالواقع أنها لا النافية في حين أنها لام تأكيد والهمزة حرف المتكلم والألف زائدة.
5- تأثير اللهجة: لا شك أن كل أمة - وإن كانت ذات لغة واحدة - فإن لهجاتها تختلف حسب تعدد القبائل المتشعبة. وهكذا كانت القبائل العربية تختلف مع بعضها في اللهجة وفي التعبير والأداء. من ذلك اختلافهم في الحركات، مثل (نستعين)- بفتح النون و كسرها - قال الفراء:
هي مفتوحة في لغة قيس وأسد. وغيرهم يقولونها بكسر النون.(1)
واختلافهم في الحركة والسكون، مثل قولهم: ((معكم)) بفتح العين وسكونها. واختلافهم في الإعراب نحو (ما) النافية، فإنها غير عاملة عند تميم وعاملة عمل ليس عند الحجازيين. وغير ذلك من موارد الاختلاف .
6- تحكيم الرأي والاجتهاد: هذا أكبر العوامل تأثيرا في اختيارات القراء، كان لكل قارئ رأي يعتمده في القراءة التي يختارها - وكانوا أحيانا - مستبدين بآرائهم ولو خالفهم الجمهور أو أهل التحقيق. قرأ ابن كثير وأبو عمرو: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} [البقرة: 197] بالتنوين والرفع. وقرأ الباقون بالفتح من غير تنوین. قال مكي:
وجه القراءة الأولى: إن (لا) بمعني (ليس) والخبر محذوف. ووجه الثانية: أن (لا) نفي للجنس دلالة على النفي العام؛ لأن التي بمعنى ليس لا تنفي إلا واحدة والمقصود في الآية العموم.(2)
7- غلو في الأدب: من العوامل التي كانت تبعث على اختبار قراءة - ولو كانت شاذة خارجة على المشهور أو مخالفة لرسم الخط - هو غلو القارئ فيما اختص به من الأدب العربي معجباً بنفسه فيزعم الصحيح فيما رآه، وفقا للقواعد العربية التي تسلمها کلیات لا ينخر من بوجه. من ذلك ما نجده في أبي بكر العطار المقرئ النحوي (265-355). كان أعلم دهره بالنحو والقراءة ومن ثم لم يكن يتوجه بالمأثور من القراءات وكان يختار لنفسه قراءة يراها صحيحة ومناسبة في سياق معنى الآية في قوله تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} [يوسف: 80]. قرأ (نجباً)(3) جمع (نجيب). فكان مآل أمره أن شارت عليه ضجة الفقهاء وحاكمه الأمير، فلم يستطع الدفاع فأراد ضربه لكنه استسلم أخيرا فاستتيب .(4)
8- الشذوذ النفسي: وهو ما يرجع إلى علل روحية، يروم أصحابها الاشتهار بمخالفة المشهور، أو عقد نفسية تنفجر في وجه الأعراف التقليدية، فتتمثل في قالب الاختيارات الشاذة، كما ذكرنا في أبي بكر العطار .
9- عوامل أخرى: زعموها ذات صلة بتكيف قراءة القرآن أو اختيار قراءة غير قراءة الآخرين:
أ) زعم خطأ النسخة: زعم بعضهم في قوله تعالي: {وَقَضَى رَبُّكَ} [الإسراء: 23] أنها كانت ((َووَصى رَبُكَ)) فاستمد الكاتب مداد كثيرة فالتزقت الواو بالصاد.(5)
ب) تخليط التفسير بالنص: كأكثر القراءات المنسوبة إلى ابن مسعود واٌبي بن کعب وغيرهما، مما فيها زيادة - تفسيرية نحو قوله تعالي {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً (فأختلفوا) فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213]. هذه الزيادة ترفع إبهاما عن الآية: هل كانت بعثة الأنبياء سيباً للاختلاف أم كان العكس؟ وذيل الآية يعين هذا الأخير. وجاءت الزيادة توضح هذا الجانب أكثر وربما جاء متأخر فزعمها قراءة خاصة.
ج) أهداف سياسية: قرأ: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ – بالرفع - وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [التوبة: 100] - بإسقاط الواو - كان يعتقد اختصاص المهاجرين بالسابقية، وأن فضل الأنصار في متابعتهم، وبذلك صرح لمن أنكر عليه قراءته هذه.(6)
د) نظرات كلامية: قرأ بعض المعتزلة: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } [النساء: 164] بنصب لفظ الجلالة،(7) زاعماً أنه تعالى لا يتكلم على حقيقته.
هـ) عدم معرفة القارئ بقواعد اللغة والأدب: فربما يلحن في قراءة القرآن وبعد ذلك قراءة، نظرا لموقعه الاجتماعي المعروف، كقراءات منسوبة إلى أبي حنيفة - وهو مشهور باللحن في كلامه - يحكي عنه: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهُ - مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءَ} -بالنصب[فاطر: 28]. و تنسب إلى عمر بن عبد العزيز - أيضا (8).. وريما توجه بأن معنی الخشية - في هذه القراءة - هو التعظيم والتكريم. وهي محاولة لتوجيه قراءة شاذة(9).
والقراءات من هذا القبيل ساقطة رأساً. والمراد من القراءة في موضوع بحثنا هي التي تبتي على اجتهاد صاحبها، ولو عن خطأ في استنباطه يراه صحيحا في نظره.
الخلاصة
الأسباب الاُخرى التي ذكرت لتعدد القراءات هي:
أ) إسقاط الألفات.
ب) تأثر اللهجة.
ج)تحكيم الرأي والاجتهاد.
د) غلو في الأداب.
هـ) الشذوذ النفسي.
و) زعم خطأ النسخة.
ز) تخليط التفسير بالنص.
ح) أهداف سياسية.
ط) نظرات كلامية.
ي) عدم معرفة القارئ بقواعد اللغة والأدب.
_________
1- راجع كتاب سيبويه:2، 257.
2- الكشف عن وجوه القراءات السبع : 1، 285-268.
3- إعجاز القرآن ، الرافعي: 57.
4- النشر:1، 17.
5- الإتقان: 1، 180، الدر المنثور: 7، 170.
6- راجع: تفسير الطبري: 11، 7.
7- الإشارات، القسطلاني: 1، 66.
8- راجع : تفسير القرطبي: 14، 344.
9- راجع: البرهان: 1، 341.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|