أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-28
1229
التاريخ: 2023-07-27
1416
التاريخ: 16-10-2014
35089
التاريخ: 14-11-2020
2108
|
قلنا في الدروس السابقة أنه بعد وفاة النبي وبعد أن ردت المصاحف الذي جمعه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) فكر المسلمون بجمع القرآن، لكن يبدو أنه لم يجمع مرة واحدة ولم يتفق المسلمون علي مصحف واحد ، حتي كان المسلمون يقرؤون القرآن بقراءات متعددة حسب المصاحف الموجودة بایديهم، فرأی بعض المسلمين خطأ ذلك وضرورة جمع المصاحف في مصحف واحد، وفي هذا الدرس تحاول الترکیز على هذه الفكرة، ومنی نشأت وكيف؟
أول من فكر في جمع المصحف
إن أول من فكر في توحيد المصاحف هو حذيفة بن اليمان ،فأنه في سفره إلى غزو أرمينية - آذربیجان شاهد اختلاف الناس في القراءات، فلما رجع إلى الكوفة حلف ليأتين الخليفة وليأمرنه بجعلها قراءة واحدة، كما استشار هو من كان بالكوفة من صحابة الرسول (صلى الله عليه واله ) فوافقوه على ما عزمه (1)، سوی عبد الله مسعود، ثم سار إلى المدينة يستحث عثمان على إدراك أمة محمد (صلى الله عليه واله) قبل تفرقها فجمع عثمان الصحابة وأخبرهم الخبر، فأعظموه ورأوا جميعا ما رأي حذيفة.(2)
وهكذا الإمام آمير المؤمنین (عليه السلام) أبدی رأيه موافقا لهذا الأمر، قال (عليه السلام):
((فوالله ما فعل عثمان الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا استشارنا في أمر القراءات ...قلنا فماذا رأيت؟ قال: أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد فلا تكون فرقه ولا اختلاف، قلنا: فنعم ما رأیت)).(3)
وفي رواية أخرى قال:
((لو وليت في المصاحف ما ولی عثمان لفعلت كما فعل))(4).
وكان (عليه السلام)- بعد ما تولى الخلافة ، أحرص الناس على الالتزام بالمصحف المرسوم - حتى ولو كانت فيه أخطاء إملائية - حفظاً على كتاب الله من أن تمسه يد التحريف فيما بعد باسم الإصلاح، وهكذا سار على منهجه (عليه السلام) الائمة من ولده.
روي إنه قرأ رجل عند الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) حروفاً من القرآن ليس على ما يقرؤه الناس! فقال له الإمام (عليه السلام):
(مه مه! كُف عن هذه القراءة وأقرأ كما يقرأ الناس).
ومن ثم وقع اجماع أصحابنا الإمامية على أن ما بأيدينا هو قرآن كله (5)، لم تمسه يد تحریف آصلاً. وأن القراءة المشهورة هي القراءة الصحيحة التي تجوز القراءة بها في الصلاة و غيرها من أحكام أجروها على النص الموجود، واعتبروه القرآن الذي أوحي إلى النبي (صلى الله عليه واله) ولم يعتبروا شيئاً سواه.
وأما ابن مسعود فلا أظن مخالفته كانت جوهرية، وإنما أغضبه انتداب أشخاص غير أكفاء لهذا الأمر الخطير كان أمثاله جديرين له، كما يظهر من كلامه، حيث قال:
يا معشر المسلمين أاُعزل عن نسخ المصاحف ويتولاها رجل، والله لقد أسلمت وإنه لفي صلب رجل كافر – يريد زيد ابن ثابت.(6)
لجنة توحيد المصاحف
ندب عثمان أربعة للقيام بهذا الأمر، وهم: زيد بن ثابت ، وهو أنصاري وسعيد من العاص وعبيد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام و هم قرشيون-.(7) وكانت الرئاسة لزيد بن ثابت كما يظهر کلام ابن مسعود المتقدم أنفاً.
لكن هؤلاء الأربعة لم يستطيعوا القيام بصميم الأمر، ومن ثم استعانوا بجماعة آخرى مثل عبد الله بن عباس وأبي بن کعب وغيرهما. وفي هذه المرحلة كانت الرئاسة مع اُبي بن کعب فكان هو يملي الأخرون(8). وكان هذا في سنة خمس وعشرين في السنة الثالثة أو الثانية من خلافة عثمان، كما قال ابن حجر(9).
لقد أتخذت لجنة توحيد المصاحف في عملها ثلاث خطوات أساسية :
1- جمع المصاحف أو الصحف التي فيها قرآن من أطراف البلاد الإسلامية وإلحائها. فقد أرسل عثمان إلى كل أفق من يجمع المصاحف أو المحف التي فيها قرآن وأمر بها أن تحرق(10). فلم يبق مصحف إلا فعل به ذلك خلا مصحف ابن مسعود فامتنع أن يدفع مصحفه إلى عبد الله بن عامر، فأمر عثمان فجر برحله حتى کسر له ضلعان(11).
2- البحث عن النسخ الصحيحة لغرض النسخ عليها مصاحف متعددة وبثها بین المسلمين، ففي هذه المرحلة كان عثمان في بدء الأمر زعمها هينة، ومن ثم اختار لها جماعة غير أكفاء، ثم لجأ إلى جماعة آخرين وفيهم الأكفاء، مثل سيد القراء الصحابي الكبير اُبي بن كعب. وأرسل إلى الصحف التي جمع فيها القرآن أيام خلافة أبي بكر وهي كانت في بيت حفصة - للمقابلة عليها فأبت حفصة لأول أمرها أن تدفع إليه حتى عاهدها عثمان بردها فبعث بها إليه.(12)
3- مقابلة هذه المصاحف الموحدة لغرض التأكد من صحتها أولا وعدم وجود اختلاف بينها ثانية، ففي هذه المرحلة كان التساهل أوضح .
حدث ابن أبي داوود عن بعض أهل الشام، كان يقول:
مصحفنا ومصحف أهل البصرة أحفظ من مصحف أهل الكوفة؛ لأن عثمان لما كتب المصاحف بلغه قراءة أهل الكوفة على حرف عبد الله، فبعث إليهم بالمصحف قبل أن يعرض أي: قبل مقابلته على سائر النسخ و عرض مصحقنا ومصحف أهل البصرة قبل أن بعث بهما(13).
وروي أيضا: إنهم عندما فرغوا من نسخ المصاحف أتوا به إلى عثمان، فنظر فيه فقال: قد أحسنتم وأجملتم أرى فيه شيئا من اللحن لكن ستقيمه العرب بألسنتها، ثم قال: لو كان المملى من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا(14).
قلت: ألم يكن كتاب الله العزيز الحميد جدير بالاهتمام به ليكون خالية من كل خطأ أو لحن؟! ثم ما هذا التمني الكاذب، وفي استطاعته بدء الأمر أن يختار مملياً من هذيل وكة من ثقيف، وهو يعلم أن فيهم الجدارة والكفاءة.
وهذا التساهل أحد أسباب الاختلاف في القراءة فيما بعد كما سيأتي:
الخلاصة
1- أول من فكر في توحيد المصاحف هو حذيفة بن اليمان، عندما شاهد في سفره إلى غزو أرمينية آذربيجان اختلاف الناس في القراءات.
۲- وافق أكثر الصحابة ومنهم الإمام علي (عليه السلام) على توحيد المصاحف، وخالف في هذا الأمر ابن مسعود؛ لعدم اختيار الناس الأكفاء للقيام بهذه المهمة .
۳- انتدب الخليفة عثمان أربعة رجال لقيام بمهمة توحيد المصاحف، وهم: زيد بن ثابت، وسعيد بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام . 4- لقد مر توحيد المصاحف بخطوات ثلاث:
أ ) جمع المصاحف المنتشرة في الأقطار الإسلامية.
ب) البحث عن النسخ الصحيحة.
ج) مقابلة المصاحف الموحدة للتأكد من صحتها، وعدم اختلافها.
د) التساهل في أمر توحيد المصاحف جعل إمكانية حدوث الخطأ واللحن وارد جدا، وهو الأمر الذي اعترف به عثمان نفسه.
_____________
1- الكامل في التاريخ:3، 55.
2- المصدر: 3، 55.
3- المصاحف، السجستاني:22.
4- النشر: 1، 8، المصاحف السجستاني: 23.
5- راجع حديث طلحة مع الإمام عليه السلام . بحار الأنوار: 92، 41-42، الحديث 1.
6- فتح الباري: 9، 17.
7- صحيح البخاري: 6، 226.
8- المصاحف السجستاني: 30.
9- فتح الباري 9، 14 والترديد باعصار الأختلاف في أن يوم البيعة لعثمان في العشرة الأخيرة من ذي الحجه عام 23 أو العشر الاول من محرم عام 24 ، راجع: تاريخ الطبري: 3، 303.
10- صحيح البخاري: 6، 226.
11- تاريخ اليعقوبي : 2، 159-160.
12- المصاحف السجستاني: 9.
13- المصدر :35.
14- المصاحف، السجستاني : 34.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|