التبخر الزراعي Evapotranspiration (ET)

يشير مصطلح Evapotranspiration باللغة الإنجليزية إلى الجمع بين العمليتين المنفصلتين لتبخر المياه من ناحية من سطح التربة بالتبخر، ومن ناحية أخرى من النبات الماء عبر عملية النتح.

في اللغة العربية عندما نريد ترجمة أي مصطلح فهناك ثلاث طرق رئيسة وهي: الترجمة الحرفية، ترجمة المعنى، أو تعريب المصطلح بنفس طريقة نطقه.

عند تطبيق هذه القواعد على مصطلح (Evapotranspiration)، نجد أنه تمت ترجمة هذا المصطلح ترجمة حرفية وهي (البخر نتح) وفي بعض المصادر (التبخر النتحي) وأيضا (تبخر نتح)، إلا أن التركيبة اللغوية لهذه المصطلحات غير دقيقة إما من ناحية اللغة ومن ناحية المعنى.

المصطلح الأول (البخر نتح) نجد أن الكلمة الأولى البخر، كاسم معرف، تعني الرائحة غير الجميلة من الفم، حسب قاموس المعاني للغة العربية.

بالنسبة للمصطلح الثاني (التبخر النتحي) فهو لغويا غير دقيق إذ أنه ينسب التبخر إلى عملية النتح وحدها.

أما مصطلح (تبخر نتح) فيمكن قبوله كترجمة حرفية، إلا أنه لا يعطي المتلقي أي انطباع عما يمثله هذا المصطلح وما يعنيه.

الاستخدام الأصلي لهذا المصطلح هو الجمع بين التبخر Evaporation والنتح Transpiration حيث تم دمج الكلمتين في مصطلح واحد بغرض التسهيل وهو Evapotranspiration ، وعليه فإن الترجمة الحرفية الدقيقة تكون (عمليتي التبخر والنتح).

كما ذكرنا آنفا في أن المقصود من المصطلح هو الجمع بين عملية التبخر وعملية النتح، والتي تتم في سطح الأرض التي تحوي نبات بصور عامة، وعليه فإن ترجمة المعنى للمصطلح يمكن أن يعبر عنها بمصطلح (التبخر الزراعي)، بحيث يدل على عملية التبخر من الأراضي التي تحتوي على النبات، والذي يعطي معنى مباشر للعملية وبصورة مختصرة.

العوامل التي تؤثر على التبخر الزراعي

هناك الكثير من العوامل التي تؤثر على التبخر الزراعي وأبرزها عوامل الطقس، وخصائص المحصول، وأسلوب إدارة الري، بالإضافة إلى الجوانب البيئية.

عوامل الطقس Weather Parameters

عوامل الطقس الرئيسية التي تؤثر على التبخر هي الإشعاع ودرجة حرارة الهواء والرطوبة وسرعة الرياح.

يحتاج محصول معين مناخ مشمس وحار إلى كميات أكبر من المياه مقارنة بالمحصول نفسه الذي يزرع في مناخ غائم وبارد. ومع ذلك، هناك عوامل مناخية أخرى تؤثر على احتياجات المياه للمحاصيل، وهذه العوامل تشمل الرطوبة وسرعة الرياح. عندما تكون المنطقة جافة، فإن حاجة المحاصيل للمياه تكون أعلى مقارنة مع المنطقة رطبة، وفي المناطق ذات التيارات الهوائية العالية تستهلك المحاصيل كميات أكبر من المياه مقارنة بالمناطق الهادئة.

خصائص المحاصيل Crop Parameters

ينبغي مراعاة نوع المحاصيل ومرحلة نموها عند تقييم الفواقد المائية عبر عملية التبخر، خاصة بالنسبة للمحاصيل التي تزرع في الحقول الكبيرة. تنتج الاختلافات في مقدار التبخر عبر عملية النتح لعدة عوامل بالنسبة لنفس المحصول وتشمل: ارتفاع المحصول من الأرض، وخشونة السطح، ودرجة الانعكاس الإشعاعي، ومساحة الغطاء النباتي، وغيرها. يتم دراسة عوامل التبخر الخاصة بالمحاصيل التي تزرع في حقول كبيرة في ظل الظروف المثالية، مثل مياه التربة المثلى، والإدارة الحقلية الممتازة والظروف البيئية الملائمة، بحيث تحقق الإنتاج الأقصى في ظل الظروف المناخية المحددة.

إدارة الحقل والظروف البيئية Management and Environment

هناك عوامل أخرى ذات تأثير على عملية التبخر غير متعلقة بالطقس أو خصائص النبات، مثل ملوحة التربة وضعف خصوبة الأراضي والتطبيق المحدود للأسمدة ووجود تربة صلبة وظهور الأمراض والآفات. إن ضعف إدارة التربة قد يحد من نمو المحاصيل ويقلل من التبخر. كما أن محتوى التربة له تأثري مباشر على عمليتي التبخر والنتح.

عند تقييم معدل التبخر الزراعي، ينبغي الأخذ في الاعتبار الممارسات الإدارية التي تؤثر على العوامل المناخية ونمو المحاصيل مثل ممارسات تحضير الأراضي الزراعية، ونوع طريقة الري، واللتان تؤثران على خصائص المحاصيل ودرجة ترطيب التربة والجو المحيط.

عندما تختلف ظروف الحقل عن الشروط المثالية لنمو المحصول، تكون عوامل التصحيح مطلوبة لضبط احتياجات المحاصيل المائية. ويعرف هذا التعديل بالاحتياجات البيئية والإدارية ذات التأثير على عملية التبخر من المحاصيل.

التبخر الزراعي للمحصول (Crop Evapotranspiration (ETc

يتم تعريف التبخر الزراعي لمحصول معين على أنه (كمية المياه المتبخرة من محصول في ظل الظروف المثالية لنموه). يمكن تعريف هذه الظروف لمحصول على أنه خالي من الأمراض، وتربة مخصبة جيدا، ومزروع في مساحة كبيرة، وتحت ظروف مياه التربة مثالية، وفي ظل الظروف المناخية المحددة، ليحقق نموه التام وإنتاجه الكامل.

تتأثر عملية التبخر الزراعي للمحصول بخصائصه التركيبية، مثل مساحة الغطاء النباتي، مساحة الورقة وشكلها ولونها، ومرحلة النمو. من المهم معرفة أن معامل المحصول (ويعبر عنه بالاختصار (Kc)) يختلف للمحصول الواحد خلال مراحل نموه وتطوره المختلفة، وذلك لاختلاف الخصائص أعلاه، خاصة مساحة الغطاء النباتي.

كذلك يمكن ان نستنتج أن نفس المحصول، عندما يزرع في مناطق مناخية مختلفة، سيكون له احتياجات مائية مختلفة. على سبيل المثال، سيحتاج نوع معين من الذرة المزروعة في مناخ بارد إلى كمية أقل من المياه في مناخ اكثر سخونة.

على سبيل المثال، يحتاج العشب الذي يزرع في مناخ شبه جاف مع متوسط درجة حرارة 20 درجة مئوية إلى حوالي 6.5 مم من الماء يوميًا. يحتاج نفس المحصول في مناخ شبه رطب مع متوسط درجة حرارة 30 درجة مئوية إلى حوالى 7.5 مم من الماء يوميا.

لذلك من المفيد أن يكون هناك محصول معياري معين يشكل مرجعا لتحديد كمية المياه التي يحتاجها المحصول المحدد يوميًا في المناطق المناخية المختلفة.

متوسط الاحتياجات المائية اليومية لهذا المحصول المرجعي تعتمد على العوامل المناخية فقط من معدل هطول الأمطار ودرجات الحرارة اليومية.

المحصول المرجعي (Reference Crop)

المحصول المرجعي هو المحصول الذي يوفر شرط أن يكون سطح التبخر سطح رطب يغطي الأرض تماما، بحيث يكون التبخر الكلي للأرض الزراعية ناتجا عن عملية النتح فقط ولا تبخر من التربة، وعليه من أبرز مواصفات هذا المحصول أن يكون كثيفا ويغطي سطح الأرض تماما بحيث لا تظهر التربة ولا تتأثر بعملية التبخر، كما يجب أن يكون هذا المحصول مكتفي تماما من المياه، حتى لا تكون هناك فواقد للمياه يمتصها النبات للنمو. كما يشترط في هذا المحصول أن يكون طوله في مستوى واحد بحيث يكون هناك تجانس تام على سطح التبخر قدر الإمكان.

هناك نوعان أساسيان من المحاصيل المرجعية ولا يزالان قيد الاستخدام في جميع أنحاء العالم، وهما العشب (Grass) ، والبرسيم (Alfalfa) ، والتي تنطبق عليها المواصفات المذكورة أعلاه.

التبخر الزراعي للمحصول المرجعي

( Reference Crop Evapotranspiration (ETo

تم وضع مفهوم التبخر الزراعي المرجعي لدراسة مقدار التبخر من النبات بالأخذ في الاعتبار عوامل الطقس فقط، بشكل مستقل عن العوامل الأخرى مثل نوع المحصول ودرجة نموه، وممارسات الري، وطبيعة العمليات الزراعية. عبر دراسة وتحليل عوامل الطقس، تم تطوير مفهوم التبخر الزراعي المرجعي (ETo) ، وهذا المصطلح يعبر عن كمية المياه المتبخرة للغلاف الجوي من خلال حساب العوامل المناخية دون غيرها.

يبرز هذا المفهوم لتوضيح أن هناك مرجعية يمكن اعتمادها لعملية التبخر الزراعي، حيث أن السطح الذي يحدث منه التبخر يمثل حالة خاصة، من المفترض أن يكون فيها الماء متوفر بكثرة على ذلك السطح، هذا المقدار من التبخر في تلك الحالة يماثل في مقداره نفس كمية المياه التي تتبخر من المحصول المرجعي لنفس الظروف المناخية.

من خلال التعريف أعلاه، نجد أنه يمكن قياس مقدار التبخر الزراعي المرجعي، (يرمز له اختصارا (ETo)، إما عن طريق قياس التبخر مباشرة، عبر إناء قياس التبخر (Evaporation Pan) ، أو بعمل القياسات الحقلية لحساب استهلاك المحصول المرجعي، أو عبر المعادلات الوضعية.

أبرز ما يميز هذه المنهجية أنها تلغي الحاجة إلى تحديد مقدار التبخر الزراعي بصورة منفصلة لكل محصول وخلال كافة مراحل نمو. كما تتيح هذه الآلية إمكانية مقارنة تأثير العوامل المناخية على معدلات التبخر الزراعي بالنسبة للمناطق المختلفة.

مكونات عملية التبخر الزراعي للمحصول المرجعي.

خلاصة التبخر الزراعي

حساب كمية التبخر الزراعي بغرض توفير مياه الري يدخل فيه حساب العديد من العوامل.

أولا: يتم حساب مقدا ر التبخر الزراعي المرجعي (ETo)، والذي يأخذ في الاعتبار العوامل الجوية وبيانات الطقس فقط.

ثانيا: يتم حساب التبخر الزراعي للمحصول في ظل الظروف المثالية للنمو (ETc) ، والذي يأخذ في الاعتبار خصائص المحصول.

ثالثا: يتم حساب التبخر الزراعي للمحصول وفقا للظروف الواقعية (adj ETc)، وتأخذ في الاعتبار عوامل تصحيحية إذا كانت إدارة الحقل دون المستوى ، أو في حال وجود قيود بيئية تؤثر على نمو المحصول.

يوضح الشكل التالي المفاهيم المختلفة لعوامل التبخر الزراعي، وكيف تؤثر العوامل المختلفة في التبخر الزراعي للمحصول المرجعي (ETo)، والاختلاف بين تبخر المحصول في ظل ظروف قياسية (ETc) وظروف الإدارة والبيئة المختلفة (adj ETc).

العوامل المؤثرة علي عملية التبخر الزراعي.