مستويات الاستراتيجية Levels of strategy: ظهرت العديد من المسميات التي اقترنت بمصطلح الاستراتيجية والتي تنوعت حسب الدول فظهر مفهوم الاستراتيجية الكبرى (الشاملة) الذي أصبح متداولا منذ منتصف القرن الماضي والتي يعرفها (Liddell Hart) في كتابه (strate gy) على أنها سياسة الحرب والتي تهدف إلى تنظيم وإدارة موارد الأمة أو تحالف ما من أجل الوصول إلى هدف سياسي معين(1).

وظهر أيضا مفهوم الاستراتيجية القومية في الولايات المتحدة, والتي تنقسم إلى إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي واستراتيجية الأمن العسكري, والأولى تحمل نفس المفهوم السابق أما الثانية فتحمل المعنى التقليدي للاستراتيجية والذي يمثل جزءً أساسيا ومجالا أعلى من الفن العسكري فيشتمل على النظرية والتطبيق فيما يتعلق بتحضير القوات المسلحة أو بلد ما للحرب, وهي تخضع لقيادة عليا في صلة وثيقة مع الحكومة المركزية, وهذا المعنى مساوي للاستراتيجية العسكرية عند الدولة الروسية, أما الاستراتيجية العامة فهي مصطلح استخدمه الفرنسيون منذ خمسينيات القرن الماضي ويعنون به الفن الذي يجمع جميع الوسائل التي تستحوذ عليها السلطة السياسية من أجل الوصول إلى الأهداف التي وضعتها(2).

وعموما فقد ميز الباحثون بين مستويين من الاستراتيجية , يعرف الأول منهما بالاستراتيجية العليا أو الاستراتيجية القومية, وتعني الخطة الشاملة للدولة والتي يضعها المتخصصون في كافة الميادين العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإعلامية (3). بهدف إدارة الدولة وتحقيق أهدافها في الأمن والاستقرار من خلال الاستثمار الأمثل لمواردها الطبيعية والبشرية.

أما المستوى الثاني فهو المستوى التخصصي والذي تختص الاستراتيجية فيه بمجال معين كالاستراتيجية العسكرية والاستراتيجية السياسية والاستراتيجية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتي تؤلف بمجموعها المكونات الأساسية للاستراتيجية العليا (4). وبذلك فان الاستراتيجية العليا ما هي إلا نتاج لهذه الاستراتيجيات الفرعية العاملة بشكل متضامن لتحقيق الأهداف العليا للدولة.

وتجدر الإشارة هنا إلى إن الحدث الأهم والتغير الأبرز الذي طرأ عليها كعلم بعد الحرب العالمية الثانية , تمثل بالصعود القوي للولايات المتحدة الأمريكية كقوة عالمية كبرى وما تلا ذلك من تطور كبير في ميدان الفكر الاستراتيجي, أدى إلى بروز ما يعرف (بعالمية علم الاستراتيجية) بعد أن بدأت الجامعات الأمريكية بوضع البرامج البحثية التي تقرا وتحلل الفكر الاستراتيجي الأوربي , كما بدا العديد من الباحثين بدراسة التحولات والتغيرات في الحروب البرية والبحرية , لتبدأ بالظهور ملامح تيار جديد في العلوم الاستراتيجية أسس لما عرف فيما بعد الجيوستراتيجية(5).

_________

(1)  بهاء عدنان السعبري , مصدر سابق , ص71 – 72.

(2)  صلاح نيوف , مصدر سابق , ص21 -  22.

(3) محمد أزهر السماك , الجغرافية السياسية أسس وتطبيقات , دار الكتب للطباعة والنشر , الموصل ,1988 , ص377.

(4) صلاح حسن الشمري , مصدر سابق , ص17.

(5) صلاح نيوف , مصدر سابق , ص 58 .