لماذا نتوسّل بأهل البيت عليهم السلام؟ مع الاستشهاد بالقرآن الكريم ، والأحاديث الشريفة للشيعة والسنّة؟ |
12653
09:35 صباحاً
التاريخ: 3-10-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-10-2020
1430
التاريخ: 2-10-2020
1346
التاريخ: 2023-04-09
1632
التاريخ: 2023-03-28
1352
|
الجواب : قد خلق الله سبحانه العالم التكوينيّ على أساس الأسباب والمسبّبات ، فلكلّ ظاهرة في الكون سبب عادي يؤثّر فيها بإذنه سبحانه ، فالماء مثلاً يؤثّر على الزرع بصريح هذه الآية : { وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ} [البقرة: 22] .
والباء في الآية بمعنى السببية ، والضمير يرجع إلى الماء ، وهذا ليس بمعنى تفويض النظام لهذه الظواهر المادّية ، والقول بتأصّلها في التأثير ، واستقلالها في العمل ، بل الكلّ متدلٍّ بوجوده سبحانه ، قائم به ، تابع لمشيئته وإرادته وأمره.
هذا هو الذي نفهمه من الكون ، ويفهمه كلّ من أمعن النظر فيه ، فكما أنّ الحياة الجسمانية قائمة على أساس الأسباب والوسائل ، فهكذا نزول فيضه المعنوي سبحانه إلى العباد تابع لنظام خاصّ كشف عنه الوحي ، فهدايته سبحانه تصل إلى الإنسان عن طريق ملائكته ، وأنبيائه ورسله وكتبه ، فالله سبحانه هو الهادي : {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ } [الأحزاب: 4] .
والقرآن أيضاً هو الهادي : { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [الإسراء: 9] .
والنبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله أيضاً هو الهادي ، ولكن في ظلّ إرادة الله سبحانه : {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9].
فهداية الله تعالى تصل إلى الإنسان عن طريق الأسباب والوسائل التي جعلها الله سبحانه طريقاً لها. وإلى هذا الأصل القويم يشير الإمام الصادق عليه السلام في كلامه ، فيقول : ( أبى الله أن يجري الأشياء إلاّ بأسباب ، فجعل لكلّ شيء سبباً ، وجعل لكلّ سبب شرحاً ... ) (1).
فعلى ضوء هذا الأساس ، فالعالم المعنوي يكون على غرار العالم المادّي ، فللأسباب سيادة وتأثير بإذنه سبحانه ، وقد شاء الله أن يكون لها دور في كلتي النشأتين ، فلا غرور لمن يطلب رضا الله أن يتمسّك بالوسيلة ، قال الله سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [المائدة: 35].
فالله سبحانه حثّنا للتقرّب إليه على التمسّك بالوسائل وابتغائها ، والآية دعوة عامّة لا تختصّ بسبب دون سبب ، بل تأمر بالتمسّك بكلّ وسيلة توجب التقرّب إليه سبحانه.
وعندئذ يجب علينا التتبّع في الكتاب والسنّة ، حتّى نقف على الوسائل المقرّبة إليه سبحانه ، وهذا ممّا لا يعلم إلاّ من جانب الوحي ، والتنصيص عليه في الشريعة ، ولولا ورود النصّ لكان تسمية شيء بأنّه سبب للتقرّب بدعة في الدين ، لأنّه من قبيل إدخال ما ليس من الدين في الدين.
ونحن إذا رجعنا إلى الشريعة ، نقف على نوعين من الأسباب المقرّبة إلى الله سبحانه :
النوع الأوّل : الفرائض والنوافل التي ندب إليها الكتاب والسنّة ، ومنها : التقوى ، والجهاد الواردين في الآية ، وإليه يشير الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، ويقول : ( إنّ أفضل ما توسّل به المتوسّلون إلى الله سبحانه وتعالى ، الإيمان به وبرسوله ، والجهاد في سبيله ؛ فإنّه ذروة الإسلام ، وكلمة الإخلاص ؛ فإنّها الفطرة ، وإقامة الصلاة ؛ فإنّها الملّة ، وإيتاء الزكاة ؛ فإنّها فريضة واجبة ، وصوم شهر رمضان ؛ فإنّه جُنّة من العقاب ، وحجّ البيت واعتماره ؛ فإنّهما ينفيان الفقر ، ويرحضان الذنب ، وصلة الرحم ؛ فإنّها مثراة في المال ، ومنسأة في الأجل ، وصدقة السرّ ؛ فإنّها تكفّر الخطيئة ، وصدقة العلانية ؛ فإنّها تدفع ميتة السوء ، وصنائع المعروف ؛ فإنّها تقيّ مصارع الهوان ... ) (2).
غير أنّ مصاديق هذا النمط من الوسيلة لا تنحصر في ما جاء في الآية ، أو في تلك الخطبة ، بل هي من أبرزها.
النوع الثاني : وسائل ورد ذكرها في الكتاب والسنّة الكريمة ، وحثّ عليها الرسول صلى الله عليه وآله ، وتوسّل بها الصحابة والتابعون ، وكلّها توجب التقرّب إلى الله سبحانه.
ومن تلك الوسائل المقرّبة هم أئمّة أهل البيت عليهم السلام.
فقد ورد في بعض الروايات : أنّ المراد من الوسيلة في قوله تعالى : ( وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) هم أهل البيت عليهم السلام ، منها :
1 ـ قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( الأئمّة من ولد الحسين ، من أطاعهم فقد أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله ، هم العروة الوثقى ، وهم الوسيلة إلى الله تعالى ) (3).
2 ـ قال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى ( وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) : ( أنا وسيلته ) (4).
3 ـ ورد في زيارة الجامعة الكبيرة المروية عن الإمام الهادي عليه السلام : ( مستشفع إلى الله تعالى بكم ، ومتقرّب بكم إليه ، ومقدّمكم أمام طلبتي وحوائجي ، وإرادتي في كلّ أحوالي وأُموري ... ) (5).
4 ـ ورد في دعاء التوسّل عن الأئمّة عليهم السلام : ( يا سادتي ومواليَّ إنّي توجّهت بكم أئمّتي وعُدّتي ليوم فقري وحاجتي إلى الله ، وتوسّلت بكم إلى الله ، واستشفعت بكم إلى الله ... ) (6).
5 ـ ورد في دعاء الندبة : ( وجعلتهم الذريعة إليك ، والوسيلة إلى رضوانك ... ) (7).
هذا وكانت سيرة أصحاب أئمّة أهل البيت عليهم السلام يتوسّلون بدعائهم ، لأنّ التوسّل بدعاء الإمام ؛ لأجل أنّه دعاء روح طاهرة ، ونفس كريمة ، وشخصية مثالية ، كرّمها الله وعظّمها ، ورفع مقامها وذكرها ، وقال : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (8).
فهذا هو علي بن محمّد الحجّال ، كتب إلى الإمام الهادي عليه السلام ، وجاء في كتابه : وأصابتني علّة في رجلي ، لا أقدر على النهوض والقيام بما يجب ، فإن رأيت أن تدعو الله أن يكشف علّتي ، ويعينني على القيام بما يجب عليّ ، وأداء الأمانة في ذلك ... (9).
وذكر ابن حجر في كتابه ( الصواعق المحرقة ) توسّل الإمام الشافعيّ بآل البيت عليهم السلام :
آل النبيّ ذريعتي
وهم إليـه وسيلتي
أرجو بهـم أعـطى غداً
بيدي اليمين صحيفتي (10) .
وقال الشاعر الصاحب بن عبّاد في ذلك :
وإذا الرجال توسّلوا بوسيلة
فوسيلتي حبّي لآل محمّد
الله طهّرهم بفضل نبيّهم
وأبان شيعتهم بطيب المولد (11) .
ثمّ من المتّفق عليه جواز التوسّل بدعاء الرجل الصالح ، وبحقّه وحرمته ومنزلته ، فكيف بمن هم سادة وقدوة الصلحاء؟ ألا وهم أئمّة أهل البيت عليهم السلام.
وتأييداً لما قلنا ، صرّح الزرقانيّ في شرح المواهب بجواز بل استحباب التوسّل بالنبيّ صلى الله عليه وآله لزائره (12) وغيرهم.
____________
1 ـ الكافي 1 / 183.
2 ـ شرح نهج البلاغة 7 / 221.
3 ـ عيون أخبار الرضا 1 / 63 ، ينابيع المودّة 2 / 318 و 3 / 292.
4 ـ مناقب آل أبي طالب 2 / 273.
5 ـ عيون أخبار الرضا 1 / 308.
6 ـ بحار الأنوار 99 / 249.
7 ـ إقبال الأعمال 1 / 505.
8 ـ الأحزاب : 33.
9 ـ كشف الغمة 3 / 182.
10 ـ الصواعق المحرقة 2 / 524.
11 ـ مناقب آل أبي طالب 3 / 399.
12 ـ شرح المواهب اللدنية 8 / 317.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|